Peter clemenza ( مسافر )

بعض المشاهد من غزة ويا أسفى على خزي وعار ما نحن فيه.. -شيخ كبير يمشي بين الجثث: قصفونا واحنا بنصلي، الله أكبر. -طفل يمسك رأس أبيه الشهيد: يابا، مين هايصحيني على صلاة الفجر يابا؟ -أم تحفر بين الرمال بحثا عن قبر ابنها: يا صلاح.. ابني دفنتو بإيدي هون؟! لولولوي(تزغرد)، لقيت قبرك يا صلاح، لاقيت قبرك يا حبيبي ياما. -أخ يمسك بإحدى يداه رأس أخوه وهو يلفظ انفاسه الأخيرة وبيده الأخرى يمسك الجوال يكلم أبوه: يابا هاي محمد بيسمعمك، السماعة بودانه، ودعه يابا.

"كل ما تلمسه الأيدي صار مغشوشا: السكر، والطائرات، والنعال، والمربى، والصور؛ كل ما يقرأ، ويبتلع، ويستحلب، ويقرظ، ويعلن، ويرفض، ويحرم، كل هذا لم يعد إلا أشباحا حاقدة وزيفا وتهريجا. الخونة أنفسهم باتوا مزيفين". سيلين/ رحلة إلى آخر الليل

‏فكّرتْ، هذا هو الحبّ. أليس كذلك؟ أي حينما تلحظ غياب شخصٍ ما، وتكره هذا الغياب أكثر من أيّ شيءٍ آخر؟ تكره غيابه حتّى أكثر من حبّكَ لحضوره؟ كل الأشياء مُضاءة، جوناثان فوير ، ترجمة كريم محمد

نجَوتُ بِجُرْحٍ فوق الحاجب الأيسر.. في صيف ١٩٩٦ كنتُ وابن عمي نلعبُ فوق سريرٍ خشبيّ. طفلان في الرابعة: خرجا من حيّز الحبو ولم يدخلا زمان الركض.. يقبضان على أيدي بعضهما، ويدوران بخِفَّةٍ وسرعةٍ وغياب، لكنَّ أحدهما أفلَتَ يدَ الآخر.. فجأةً..! طِحتُ بجسدي الضئيل، ووقعتُ على حدِّ البرميل المجاور للسرير، وفار الدمُ من الشَّجِّ الذي -سيكون- فوق الحاجب الأيسر. في أعجوبةٍ طبية -أُفَضِّل الاحتفاظ بتفاصيلها خشية الحسبة- جرى إنقاذي بثلاث غُرَز في الحاجب. ثلاث غُرَز لم تترك إلا أثرًا يُلمَح بالكاد.. الأثر الذي يُحرّكني كلما انعكَسَت صفحةُ وجهي على مرآة الوجهِ الذي أمامي.. يزعَقُ الشَّجُّ: انتبه يا محمد؛ هذا سيُفلِتُ يدك. يبكي الشَّجُّ: هذا واهِنٌ يا محمد؛ شُدَّ على يده. يغضب الشَّجُّ: هذا مُحتاجٌ يا محمد؛ دُسَّ في يده شيئًا يا رجل! مرَّت ثمانٍ وعشرون سنة على هذا الشَّجّ، وهو يُدير خلالها الدَّفَّة: كِدتُ في مطلع حياتي أموت نازفًا، أو على الأقل أعيش بعاهةٍ أبديةٍ بسببه، غير أني نجوتُ به من مآزق أشد لؤمًا وضراوة. أعرف أن التعبير الدنقليَّ الشهير سيقفز إلى ذهنِ قارئٍ ما: "رفسةٌ من فَرَس، تركت في جبيني شجًّا، وعلّمتْ القلبَ أن يحترس". لكن، مالي ولأمل؟! أنا لم ترفسني دابّة، -ربما سأتورط مع الدوابّ لاحقاً- أنا طفلٌ ضحيةُ لحظةِ مسالمةٍ طفلٌ متورطٌ في الريبة أمام كل مصافحة لا يأمن لأيّ تشبُّث، ويتوجس من كل دعوةٍ للَّعِب. شَجُّ فوق الحاجب الأيسر، أنجزوا خياطته بلا بِنْج ولا صرخة، يبقى شاهدًا على حلول اللطف ساعةَ نفاد الحيلة. أُفَكِّرُ.. مَن الذي قال "العينُ عليها حارس"؟ - مَن الحارس؟ ملاكٌ بستمائة جناح؟ إله؟ خفقةٌ في قلب أم تحت التراب؟! - ومَن يحرسُ العميان؟ قَدَر؟ مصير؟ جدار؟ - ومَن يُضَلِّلُ المُبصرين؟ جشع؟ حماسة؟ ندّاهةٌ في الظلام؟ أتوقف أمام أفعال (نظرت - أبصرت - رأيت - عاينت - شاهدت - أمعنت - .....) ثمة فوارق.. فوارق ليست هيّنة! شَجُّ فوق الحاجب الأيسر.. علَّمني قراءة الطالع في الجروح، والأمارات في الوجوه. محمد المتيم

وهو الأب الذي يرثى لحال إبنته حفصة ويريد أن يزوجها بعد وفاة زوجها فيعرضها على أبو بكر فيسكت، فيعرضها على عثمان فيسكت، فلا يرده سيدنا محمد بل يقول له: ستتزوج حفصة خيرًا من عثمان ويتزوج عثمان خيرًا منها. وموقفه حينما علم بموت الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام. وماكان منه عندما رأى إبل سمان لإبنه في السوق.. ورده على رجل رفض زواج إبنته من شاب فقير... إلخ من سيرة ومواقف عمر بن الخطاب رضي الله عنه. عبد الغني محمد

قد اتممت بحمد اللـه قراءة سيرة عمر بن الخطاب ، وكنت كلما عرض لي موقف من سيرته راق لي وضعته في الهامش ، وبعد الانتهاء وجدت أني قد وضعت الكتاب كله في الهوامش . في قصة عمر مع متمم بن نويرة الذي قتل خالد بن الوليد أخاه مالكًا في حروب الردة ، فقد كان مقتله موضع جدال بين عمر وخالد ، فقال بعض الصحابة : إن مالكًا قد عاد للإسلام وفهم خالد أنه ثابت على ردته ، وكان عمر بن الخطاب قد فقد أخاه زيدًا في هذه الحروب وعاد ابنه سالما فبكى أخاه أحـر البكاء ، ثم جاء متمم شقيق مالك إلى المدينة يطلب دية أخيه فلقيه عمر مواسيًا معزيًا وسأله ما بلغ بك من الوجد على أخيك ؟ فأجابه . فسأله عمر أن ينشـده ما قال في رثائه : فأنشـده أبياتًا حزينة لم يتمالك عمر نفسه معها وطفـرت الدموع من عينيه. ثم قال مستعبرُا هكذا يكون الحزن على الشقيق . أو عندما يأتيه رجل يقول له ياعمر أريـد أن أطلق امرأتي . فيسأله ولما . يقول : لم اعد أحبها يا أمير المؤمنين ، فيقول له عمر ويحك يارجل أو كل البيوت تبنى على الحب ، فأين الرعاية؟ وأين التذمم ؟ إنما أخذتها بحق الله ترعاه وتحميها . أو عندما يأتيه قاتل أخيه زيدًا وقد عصم دمه بدخوله الإسلام ، وقد جاء يطلب من أمير المؤمنين عمر العطايا . فيقول له عمر ءأنت قاتل أخي زيد . فيقول الرجل نعم . فيقول له عمر : أغرب عن وجهي والله لا أحبك حتـى تحب الأرض الدم . فيسأله قاتل أخيه : أيمنعني هذا حقا هو لي أو يطولني بشرًا لا استحقه . قال عمر : لا والله ما يمنعك هذا حق هو لك الأمر مبنيًا على العدل ولو كنت لا أحبك ، فيرد : إذن فلا أبالي ...إنما يبكي على الحب النساء ! ثم يمضي الرجل امنا على نفسه وماله وعندما يسمع رضيعًا يبكي فيسأل أمـه أن تسكته رحمة به ( أي بالرضيع ) فأجابته بالدعـاء على عمر لأنه لايجعل للأطفال نصيبًا في عطاء بيت المال الا من سن الفطـام ولهذا فهي تحاول ارغام طفلها على الفطـام قبل موعده .. فيندب حظـه ويبكي قائلا: ليت أمي لم تلدني ..كم قتلت من أطفال المسلمين ياعمر ؟ ويهرول لمن ينادي في النـاس وفي الأمصـار لاترغموا أطفالكم على الفطـام قد جعلنا لكل مولود في الاسلام عطاء . أو عندما يسأل امرأة عما تطبخ في قدرها لأطفالها فتجيبه ماء اسكتهم به حتى يناموا ، وتحتج إلى اللـه بأن عمر قد غفل عنهم .. فيذهب ليأتي لها بالطعام يحمله على ظهره ويطبخ لها حتى تطعم أطفالها ويطمئن عليها ويجعل لها من بيت مال المسلمين عطاء . أو يعزل خالد بن الوليد من قيادة الجيـش خوفًا من أن يفتتن الناس به ، ويخرج للناس بعد أن كثر فيهم السؤال عن عزل خالد ويشرح لهم الأمر بلامواربة ولا تدليس . ويعزله مرة آخرى من إمارة الشام لأشياء راها عليه ، ثم يموت خالد بن الوليد ويجعل الوصية على ماله وعياله لعمر .. فيبكي مع من بكين من النساء على موته ويقول : على مثله تبكي البواكي فقد كان أبو بكر اعلم مني بالرجال ، ثم يستمع إلى مقالة ابن عم خالد العنيقة ضـده وهو يخطب الناس فلا يثور ولا يأمر بحبسه أو ترحيله أو قتله ولا يجعل أحدًا يتعرض له بسوء . وانما يقول له هادئًا : أنت قريب القرابة حديث السن مغضب في ابن عمك . أو في موقفه مع العباس عم الرسول عندما جاء معه آبا سفيان فتعرض له عمر بالقول فغضب العباس من عمر، وقال له: أولو كان من قومك ءأكنت أوحشت له القول هكذا . فقال له عمر: والله لإسلامك يوم أسلمت كان أحب إلي من إسلام الخطاب – يعني والده – لو أسلم؛ لأن إسلامك كان أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من إسلام الخطاب أبي . ولما طلب منه بعض الناس أن يطلب من القوم الا يغالوا في مهور بناتهم عند الزواج قام فخطب القوم : أيها الناس ما إكثاركم في صداق النساء فمن زاد على أربع مائة درهم أخذنا الزيادة لبيت مال المسلمين ، فقامت امراة فاعترضته قائلة :يا أمير المؤمنين نهيتَ الناس أن يزيدوا في مهر النساء على أربع مائة درهم ؟ قال : نعم ، فقالت : أما سمعت ما أنزل الله في القرآن ؟ قال : وأي ذلك ؟ فقالت : وآتيتُم إحداهنَّ قنطاراً .فقال : اللهم غفرًا ، كل الناس أفقه من عمر . أصابت امرأة وأخطأ عمر . وقد مرض يومًا، فوصفوا له العسل كدواء، وكان بيت المال به عسلًا، جاء من بعض البلاد المفتوحة، فلم يتداو عمر بالعسل كما نصحه الأطباء، حتى جمع الناس وصعد المنبر واستاذن الناس: إن أذنتم لي، وإلا فهو علي حرم. فبكى الناس إشفاقًا عليه، وأذنوا له جميعًا، ومضى بعضهم يقول لبعض: لله درك يا عمر، لقد أتعبت الخلفاء بعدك. وعندما كان يخطب في الناس يوما فشرد بعيدًا عن موضوع الخطبة وظل يقول الم تكن تدعى عميرًا فسماك رسول الله عمر، الم تكن ترعى إبل الخطاب وكان فظًا غليظ القلب، وكنت.. وكنت.. حتى سأله أصحابه مابالك ياأمير المؤمنين قد شردت بعيدًا مابك، فقال: أعجبتني نفسي للحظة أحببت أن أذكرها بما كانت فيه من الجاهلية والكفر.