كُنّاشة الشامِيّ | 📖

كيف سيلقى ربه من كان سببًا في إغلاق هذه المحاكم ليحل مكانه دستور البشر ؟

قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى عَلَيهِ وسَلَّم: «حَقُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ خَمْسٌ: رَدُّ السَّلَامِ، وَعِيَادَةُ الْمَرِيضِ، وَاتِّبَاعُ الْجَنَائِزِ، وَإِجَابَةُ الدَّعْوَةِ، وَتَشْمِيتُ الْعَاطِسِ». 📜 | متفقٌ عليه | البخاري | ١١٨٣

تفيد من يشعر بمرض قلبه.

يسأل عن ذنوب الخلوات. الجواب: بِسْمِ اللّٰهِ والحمد لله أما بعد: فذنوب الخلوات مصيبة عظيمة، وخطب جلل، وأمر خطير يجب الخلاص منه، لأنها تدل على ضعف تعظيم الرب في القلب، والقلب الذي يخلو من تعظيم الرب قلب مريض وعليل، فلا بد من الشفاء حالًا، أخي الحبيب إنّ من تيسير الله لك أن جعلك تسأل لتجد شفاءً فاسمع رحمك الله، لا بد لك من التوبة فكل مرة تواقِعُ الذنب، مهما كثرت ذنوبك، لو وصلت إلى عنان السماء تبْ واستغفر، فإنك ما دمت في ذنب وتوبة يرجى لك الشفاء، قال سبحانه: ﴿وَتوبوا إِلَى اللَّهِ جَميعًا أَيُّهَ المُؤمِنونَ لَعَلَّكُم تُفلِحونَ﴾ ، وعليك يا أخي أن تبتعد عن الخلوات، لا تخلُ بنفسك، لا تقل: سأخلو وأجاهد. فإن الشيطان إذا تمكن من قلبك وانخلعت عنك العصمة صعب عليك ترك الذنب، وأكلك الهوى أكلًا، فلا بد أن تبتعد عن الخلوات فهذا أول سبب للبعد عن معاصي الخلوات، وإن حصل هذا وحاربك الشيطان بكل جنده، و أَجْلَبَ عَليك بِخَيْلِهِ وَرَجِلِهِ، فاطرح نفسك ذليلًا بين يدي الله، وتذلل، واسأله بقوته وضعفك، وبحلمه وبعلمه وبظلمك وجهلك، فقل: يارب أنا الفقير وأنت الغني نجني من هذه المعصية، يارب لا تخلع عني عصمتك، يا رب لا تكلني إلى نفسي فأهلك، أسألك بأني أشهد أنك أنت الله الذي لا إله إلا أنت الأحد الصمد، الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوًا أحد أن تعصمني من هذه المعصية وتطرد الشيطان عني. وهنا أبشر بكل خير فإنك سألت الله باسمه الأعظم الذي إذا سُئِل به أعطى وإذا دعي به أجاب، ولا بدّ لك أن تقبل على القرآن وتدبره فإنك تجده فيه شفائك إِن شاءَ الله، وأكثر من الذكر والتبرؤ من الحول والقوة، والتزم بأذكار اليوم والليلة، وقل بعد صلاة الفجر: لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، فإن النبي صلى الله عليهِ وسلَّمَ قَالَ: «مَنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، فِي يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ كَانَتْ لَهُ عَدْلَ عَشْرِ رِقَابٍ وَكُتِبَتْ لَهُ مِائَةُ حَسَنَةٍ وَمُحِيَتْ عَنْهُ مِائَةُ سَيِّئَةٍ وَكَانَتْ لَهُ حِرْزًا مِنَ الشَّيْطَانِ يَوْمَهُ ذَلِكَ حَتَّى يُمْسِيَ وَلَمْ يَأْتِ أَحَدٌ بِأَفْضَلَ مِمَّا جَاءَ بِهِ إِلَّا أَحَدٌ عَمِلَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ». وذِكرُ الله والإقبَالُ عَليه وَالإنَابةُ إِليه وَالفَزعُ إِلى الصَّلاة = كَم قَد شُفِيَ بِهم مِن عَليلٍ، وَكَم قَد عُوفِيَ بِهم مِن مَرِيض. واعلم أنك إذا عصيت = عصيتَ عظيم قادر، لو شاء الله لخسف بك الأرض وانتزع منك الروح وأنت تبارزه بالخلوات، واعلم أنه أيضًا مَا خَلَّى اللَّهُ بَيْنَكَ وَبَيْنَ الذَّنْبِ إِلَّا بَعْدَ أَنْ خَذَلَكَ، وَخَلَّى بَيْنَكَ وَبَيْنَ نَفْسِكَ، وَلَوْ عَصَمَكَ وَوَفَّقَكَ لَمَا وَجَدَ الذَّنْبُ إِلَيْكَ سَبِيلًا، والحمد لله ولا حول ولا قوة إلا بالله. #شفاء_العي

سئلت سؤالين: الأول: كيف نحافظ على حياة القلب وتحبب إليه الطاعات وينتقل من ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة. الثاني: بما تنصح شخص حالته الايمانية باتت محزنًا! أصبح لا يقرأ الأذكار وقليل من القرآن، وصلاته ليست كسابق عهدها ولا يدعو الله إلا قليلًا. فالأول يسأل عن حياة القلب، والثاني يسأل عن مرض القلب، والإجابة واحدة: بسم الله والحمد لله أما بعد: فإن خراب القلب من النقم العظيمة التي تحل بالعبد، فتبعده عن كل خير، وتقربه من كل شر، وما يموت القلب إلا بالمعاصي، فإن ارتكاب المعصية ثم إتباعها بمعصية سبب لموت القلب، وموت القلب هو خلوه من الخير، والقلب الميت خالٍ من الإيمان والخير، وهو مظلم موحِش، اتخده الشيطان بيتًا ووطنًا، وإني أحسبك والله حسيبك لست من هذا النوع، فما دفعك لهذا السؤال إلا أثر خيرٍ في قلبِك، أخي الآيب: إن الذنوب لا بد من تركها كي يحيا قلبَك، لا بدّ لك من توبة وراء توبة، في كل يوم تبْ إلى الله، وبعد كل ذنب تبْ، وادعُ ربَّك في كل سجدة وفي كل يوم أنْ يملأ قلبك إيمانًا ويقينًا ويرجعه لك بعد فقده، ولْيكن لسان حالك: كَانَ لِي قَلبٌ أعِيش بهِ ضاعَ مِنِّي فِي تقلبهِ ربِّ فَارددهُ عليَّ فقَد ضَاق صَدرِي فِي تَطَلبهِ ولا بد لك أن تخلي قلبك من المعاصي حتى يكون فيه التعظيم والمحبّة، فلا يمكن للقلب أن يجتمع فيه ضدّان، وكان سفيان الثوري يقول: بلغني أنه يأتي على الناس زمان تمتليء قلوبهم في ذلك الزمان من حب الدنيا فلا تدخله الخشية، وأنت تعرف ذلك إذا ملأت جرابًا من شيء حتى يمتلىء فأردت أن تدخل فيه غيره لم تجد لذلك من خلاء. وقال إبراهيم الخوّاص: دواء القلب خمسة أشياء: قراءة القرآن بالتدبر، وخلاء البطن، وقيام الليل، والتضرع عند السحر، ومجالسة الصالحين. وقد سئل شيخ الإسلام عن هذا الداء فأجاب: دواؤه الالتجاء إلى الله تعالى، ودوام التضرُّع إلى الله سبحانه، والدعاء بأن يتعلم الأدعية المأثورة، ويتوخَّى الدعاء في مظان الإجابة؛ مثل آخر الليل، وأوقات الأذان والإقامة، وفي سجوده، وفي أدبار الصلوات. ويضم إلى ذلك الاستغفار؛ فإنه من استغفر الله ثم تاب إليه متَّعه متاعًا حسنًا إلى أجلٍ مسمّى. وليتخذ وِرْدًا من الأذكار طَرَفَي النهار ووقت النوم، وليصبر على ما يعرض له من الموانع والصوارف، فإنه لا يلبث أن يؤيّده الله بروح منه، ويكتب الإيمان في قلبه. وليحرص على إكمال الفرائض من الصلوات الخمس بباطنه وظاهره، فإنها عمود الدين. ولتكن هِجِّيراه: «لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم»، فإنه بها يُحْمَل الأثقال، ويُكابد الأهوال، ويُنال رفيع الأحوال. ولا يسأم من الدعاء والطلب، فإن العبد يُستجاب له ما لم يَعجَل فيقول: قد دعوتُ فلم يستجَبْ لي. وليعلم أن النصرَ مع الصبر، وأنَّ الفَرَج مع الكرب، وأن مع العُسر يسرًا، ولم ينل أحد شيئًا من جسيم الخير -نبيٌّ فمَن دونه- إلا بالصبر. فعليك أخي بالتضرع عند السحر، وسؤال الله باسمه الأعظم في صلاتك، ولا يخدعُنَّك الشيطان في أنك ميت القلب، فهو يسعى لحزنك، ورميك في اليأس، فاحذر منه وأحسن الظن بربك، قال ابن قيم الجوزية: وفي تأثير قوله: «يا حي يا قيوم، برحمتك أستغيث» في دفع هذا الداء -يعني مرض القلب- مناسبة بديعة، فإن صفة الحياة متضمنة لجميع صفات الكمال، مستلزمة لها؛ وصفة القيومية متضمنة لجميع صفات الأفعال. ولهذا كان اسم الله الأعظم الذي إذا دعي به أجاب، وإذا سئل به أعطى هو اسم «الحي القيوم». والحمد لله، أسأل الله أن يهب لنا من لدنه رحمة يحيي بها قلوبنا. آمين.

وقد جرت عادة الله التي لا تبدَّل وسنته التي لا تحوَّل: أن يُلبِس المخلصَ، من المهابة والنور والمحبة في قلوب الخلق وإقبال قلوبهم إليه ما هو بحسب إخلاصه ونيته ومعاملته لربه؛ ويُلبِس المرائي اللابسَ ثوبَي الزور من المقت والمهانة والبغضة ما هو اللائق به. فالمخلص له المهابة والمحبة، وللآخر المقت والبغضاء. 📖 | إعلام الموقعين | ابْنُ قيِّمِ الجَوْزِيَّة

فَالتَّوْبَةُ الْمَقْبُولَةُ الصَّحِيحَةُ لَهَا عَلَامَاتٌ: مِنْهَا: أَنْ يَكُونَ بَعْدَ التَّوْبَةِ خَيْرًا مِمَّا كَانَ قَبْلَهَا. وَمِنْهَا: أَنَّهُ لَا يَزَالُ الْخَوْفُ مُصَاحِبًا لَهُ لَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ طَرْفَةَ عَيْنٍ، فَخَوْفُهُ مُسْتَمِرٌّ إِلَى أَنْ يَسْمَعَ قَوْلَ الرُّسُلِ لِقَبْضِ رُوحِهِ ﴿أَنْ لَا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ﴾ فَهُنَاكَ يَزُولُ الْخَوْفُ. وَمِنْهَا: انْخِلَاعُ قَلْبِهِ، وَتَقَطُّعُهُ نَدَمًا وَخَوْفًا، وَهَذَا عَلَى قَدْرِ عِظَمِ الْجِنَايَةِ وَصِغَرِهَا، وَهَذَا تَأْوِيلُ ابْنِ عُيَيْنَةَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿لَا يَزَالُ بُنْيَانُهُمُ الَّذِي بَنَوْا رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ إِلَّا أَنْ تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ﴾. قَالَ: تَقَطُّعُهَا بِالتَّوْبَةِ، وَلَا رَيْبَ أَنَّ الْخَوْفَ الشَّدِيدَ مِنَ الْعُقُوبَةِ الْعَظِيمَةِ يُوجِبُ انْصِدَاعَ الْقَلْبِ وَانْخِلَاعَهُ، وَهَذَا هُوَ تَقَطُّعُهُ، وَهَذَا حَقِيقَةُ التَّوْبَةِ، لِأَنَّهُ يَتَقَطَّعُ قَلْبُهُ حَسْرَةً عَلَى مَا فَرَطَ مِنْهُ، وَخَوْفًا مِنْ سُوءِ عَاقِبَتِهِ، فَمَنْ لَمْ يَتَقَطَّعْ قَلْبُهُ فِي الدُّنْيَا عَلَى مَا فَرَّطَ حَسْرَةً وَخَوْفًا، تَقَطَّعَ فِي الْآخِرَةِ إِذَا حَقَّتِ الْحَقَائِقُ، وَعَايَنَ ثَوَابَ الْمُطِيعِينَ، وَعِقَابَ الْعَاصِينَ، فَلَا بُدَّ مِنْ تَقَطُّعِ الْقَلْبِ إِمَّا فِي الدُّنْيَا وَإِمَّا فِي الْآخِرَةِ. وَمِنْ مُوجِبَاتِ التَّوْبَةِ الصَّحِيحَةِ أَيْضًا: كَسْرَةٌ خَاصَّةٌ تَحْصُلُ لِلْقَلْبِ لَا يُشْبِهُهَا شَيْءٌ، وَلَا تَكُونُ لِغَيْرِ الْمُذْنِبِ، لَا تَحْصُلُ بِجُوعٍ، وَلَا رِيَاضَةٍ، وَلَا حُبٍّ مُجَرَّدٍ، وَإِنَّمَا هِيَ أَمَرٌّ وَرَاءَ هَذَا كُلِّهِ، تَكْسِرُ الْقَلْبَ بَيْنَ يَدَيِ الرَّبِّ كَسْرَةً تَامَّةً، قَدْ أَحَاطَتْ بِهِ مِنْ جَمِيعِ جِهَاتِهِ، وَأَلْقَتْهُ بَيْنَ يَدَيْ رَبِّهِ طَرِيحًا ذَلِيلًا خَاشِعًا، كَحَالِ عَبْدٍ جَانٍ آبِقٍ مِنْ سَيِّدِهِ، فَأُخِذَ فَأُحْضِرَ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَلَمْ يَجِدْ مَنْ يُنْجِيهِ مِنْ سَطْوَتِهِ، وَلَمْ يَجِدْ مِنْهُ بُدًّا وَلَا عَنْهُ غَنَاءً، وَلَا مِنْهُ مَهْرَبًا، وَعَلِمَ أَنَّ حَيَاتَهُ وَسَعَادَتَهُ وَفَلَاحَهُ وَنَجَاحَهُ فِي رِضَاهُ عَنْهُ، وَقَدْ عَلِمَ إِحَاطَةَ سَيِّدِهِ بِتَفَاصِيلِ جِنَايَاتِهِ، هَذَا مَعَ حُبِّهِ لِسَيِّدِهِ، وَشِدَّةِ حَاجَتِهِ إِلَيْهِ، وَعِلْمِهِ بِضَعْفِهِ وَعَجْزِهِ وَقُوَّةِ سَيِّدِهِ، وَذُلِّهِ وَعِزِّ سَيِّدِهِ. 📖 | مدارج السالكين | ابْنُ قيِّمِ الجَوْزِيَّة

مثال على الخطأ.