إنسَان

ورفيقًا آمنًا لطيفًا هيّنًا يا الله، نستأنس به من وحشة الأيّام، ونتلطّف به من قسوة الأنامِ، يأتينا كاستجابة دعوة مخبّأة في الغيب، يطمئننا بلا شكٍّ ولا رَيب، ينظر إليه قلبنا بعد ألف خسارةٍ وقد انتصر، تخبرنا روحنا أن تالله من صَبر ظفر.

أشعر بالأسف تجاه التضحيات الصغيرة التي قُدِّمت لمنع حدوث أمرٍ عظيم، لكنّه حدث.

‏الإنسان العاقِل يعفّ نفسه دائمًا عن أشباه العلاقات.

‏في لحظة ما سيتطلّب الأمر أن ترفع أسوارك في وجه التطفّل، وتُغلق منافذك أمام التدخّل، وتُعمل النظر في كلّ ما يقتحمك بالفرض وهو شأنك الخالص.. ترفض هيمنة الآخر ولو تلبّست أردية النصح، وتعرف أين تقف بالأمور قبل مصادرة حقّك؛ وكما تُقبِل بأقصاك حين ترتاح، تُغادر بِكلِّك حين تزدحم.

‏ستتذكّر كلّ هذا لاحقًا، لن يُنهيك كما اعتقدت، وسيبدو كلّ ما مررتَ به منطقيًّا في مشقّته ويُسْره.. قد تراه بعين الممتنّ، أو تحكيه بغضب الناقم، لكنّك ستدرك يومًا أنّ الحزن ضروريّ كما الفرح، وأنّك تُخيّر في أمورك وتُسيّر، والراحة في الأخذ بأبسط احتمال، وإعطاء كلّ يوم حقّه.

الحبّ أن نجد الأمان ألّا يضيع العمر في القضبان ألّا تمزّقنا الحياة بخوفها أن يشعر الإنسان بالإنسان!

💌 كان الروائي الأمريكي «ناثانيال هوثورن» يحب العزلة، فكتب إلى زوجته البعيدة في عام 1844 يقول: إن الوحدة أمر جميل، ما عدا وقت الأكل! إذ أكد في يومياته أنه خَجِل من أنه يأكل وحيدًا! فعندها يصبح تناول الطعام أشبه بإشباع غريزة حيوانية. واضاف: أن تناوله الوجبات وحده أكثر ما في تجربته حُزنًا..

__

__