قرأت كلاما على إحدى القنوات في التلجرام حول مشروعية المظاهرات في المحرر
ولي تعليق مختصر عليه :
ذكرت القناة أن المظاهرات جائزة بشرط ألا تؤدي إلى منكر أشد من المنكر المراد الإنكار عليه ، وحاول الكاتب الاستدلال على حصول المنكر الأشد منها ، بذكر أمثلة عن منكرات حدثت في المظاهرات .
وعليه أقول :
إن النظرة العامة للمظاهرات هي أنها تطالب بمطالب محقة ومشروعة وأنها سلمية غير تخريبية ، فلم يحصل تخريب للممتلكات العامة أو هجوم على مراكز الشرطة أو التعرض للجنود ، أو قطع للطرقات ، بل هي تظاهرات واعتصامات سلمية ثورية ، بخلاف التظاهرات التي تحدث في غير بلدان من تخريب الممتلكات وتكسير المحلات وحرق المؤسسات ، كـ لبنان وفرنسا والسودان ، بل وفي بعض المظاهرات في سوريا سنة 2011 ،
فالمتظاهرون في المحرر الآن أبدوا وعياً حقيقياً في سلميتهم ورقيهم في التظاهر ، وإن حدث بعض التجاوزات من البعض فالعقلاء القائمين على الحراك يوجهون الناس ويمنعونهم من التخريب والتجاوز ، وهذا من أكده لي- شخصياً- بعض القائمين على الحراك ،
و المشايخ -أيضا- يحاولون توجيه التظاهرات والحد من حصول أي فوضى أو فساد أمثال الشيخ عبد الرازق المهدي والشيخ أبو الحارث المصري والشيخ أبو الوليد الحنفي وغيرهم من أهل العلم والفضل والصلاح .
والناظر إلى المنكرات التي ذكرها الكاتب يرى أنها لا ترتقي لأن تكون منكرات أشد من المنكرات التي يطالب بها المتظاهرون ،
فالسب والشتم -مع حصوله بشكل قليل وفردي- لا شيء مقارنة بالمظالم والمنكرات التي يقوم بها القائمون ، فماذا عن إبعاد أهل العلم عن القرار والقيادة وتهميش دورهم ، وإقصائهم ؟
ماذا عن تعذيب الناس في السجون بشتى أنواع التعذيب، وبطرق لا تحدث إلا في سجون النصيرية والحكام الكفرة ؟!
ماذا عن ترك فريضة الأمر بالمعروف والنهي المنكر ؟
ماذا عن الانحرافات المنهجية والتراجعات الفكرية التي حدثت للجماعة ؟
ماذا عن السماح للمنظمات النسوية وتمكينها من نشر أفكارها وضلالتها بين نساء المجتمع ؟
وماذا عن الكثير الكثير من المظالم التي حدثت وتحدث في المحرر ، والجماعة وقيادتها كانت على علم بها و بأمرها ، وعلى الرغم من نصح أهل العلم المصلحين لهم وتحذيرهم وإرشادهم ، ولكنهم ضربوا بكلامهم عرض الحائط واستمروا في الظلم والفساد ، إلى أن وصلنا إلى ما وصلنا إليه الآن!
فكيف يجزم صاحب الكلام بأن التظاهرات أدت إلى منكر أشد من المنكرات الكبرى الحاصلة !؟
وذكر الكاتب أيضاً أن التظاهرات الجائزة هي التي تطالب بالمطالب المحقة كرفع الظلم وتحقيق العدل وإقامة الشورى الحقيقية وتفعيل دور أهل العلم ..
أما التي تطالب برحيل القائد فهي محرمة و خروج على الحاكم !!
والرد عليه من وجهان :
أولاً
التظاهرات السلمية ليست خروجا على الحاكم ، الخروج يكون بالسلاح والقتال ، فمن أين له أن التظاهرات السلمية خروجا على الحاكم.
ثانياً:
ما الفرق بين المطالبة بالمطالب التي ترونها أنها محقة ومشروعة وبين المطالبة برحيل من يقف في وجه تلك المطالب ، بل من يقف وراء الكثير من المظالم والمفاسد التي حدثت وتحدث للجهاد الشامي ،
فإما هو يعلم ما يحدث ويريد ذلك فيكون ظالم ومفسد ولا يؤتمن به على الجهاد وتحقيق مقاصده ، أو أنه لا يعلم ولا يريد ذلك فيكون أضعف من أن يقود المحرر فليأت من هو أقوى في القيادة وأقدر على تحقيق مقاصد الجهاد والشريعة.
وذكر الكاتب أيضا أن هناك كذب وتدليس من قبل المتظاهرين .
والرد عليه أن التظاهرات هي عبارة عن هتافات ومطالب؛ فلا يتصور الكذب فيها ، فالكذب يكون في الخبر لا في الطلب ،
فإن قيل أن الكذب يحدث فيما يتعلق بالمظاهرات من أخبار ، قلنا أن هذا لم يحدث وإن حدث فله حكم آخر غير حكم المظاهرات التي هي في الأصل مطالبات وإنكار منكرات
أخيراً
ليست الغاية بيان جواز المظاهرات أو حرمتها، بل الغاية الرد على النفسية التي تتعامل مع كهذا قضية ، وكيف أن نفوسهم تتقبل المظاهرات وتدعم مطالبها المشروعة ، أما إذا وصلت المطالب لرحيل الأمير؛ فتضيق صدورهم وتفقد عقولهم ، وتصير المظاهرات السلمية خروجا على الحاكم ويوصف المتظاهرون بـ أصحاب فوضى وأهل أهواء ، وشياطين !
ولا حول ولا قوة إلا بالله
t.me/abdmustafa4