بـحـر

@YNXBOT - 15:51, 15.6 MB

اخلع كفيكَ فذا وطنٌ فيهِ العباس

اني وين داخل وما ادري بروحي

بالعصر الحديث، وية انتشار الكاميرات بكل مكان وبدقة عالية جدًا، صرت مو بس تكدر تصور كل لحظة من لحظات حياتك، بل وحتى أن تشاركها وية العالم كله. هالشي خلق نوع جديد من الاستعراض هو الاستعراض بلحظات حياتنا ومدى استمتاعنا بالحياة ومدى شدّة تجاربنا. الناس ما صاروا يبحثون عن تجارب حياة جديدة، بل عن تجارب حياة قابلة للمشاركة وية باقي الناس ونيل إعجابهم. مدى استمتاعنا بكعدة الحديقة صار يُقاس بجمال الصور اللي ناخذها بهاي الكعدة. المطاعم والأماكن الخدمية مثلًا تعلمت استغلال هالشي: المطعم صار ما يبيعلك فقط وجبات طعام، بل يبيعلك "تجربة جديدة" تتمثل بديكور وطريقة تقديم وتجربة جديدة ومختلفة وغريبة. المطعم صار استديو تصوير بقدر ما هو مطعم.

بالاقتصاد أكو مفهوم الإستهلاك من أجل الاستعراض اللي هو لما الناس يشترون بضائع وسلع غالية بشكل أساسي حتى يبينون قدراتهم المالية وثرائهم مثل لما يشترون ساعات ذهبية أو تحف وأعمال فنية غالية (بدون أنْ يكونون مهتمين بالفن والتحف بالضرورة). الفكرة هي أنّ الساعة بسعر 10$ والساعة بسعر 10,000$ ثنينهن يؤدن نفس الوظيفة (معرفة الوقت) لكن الفرق هو أنّ الساعة الثانية إلها وظيفة ثانية مهمة: إظهار أنّك غني. وهذا هو الإستعراض عن طريق الإستهلاك—بالتحديد، عن طريق إستهلاك سلع غالية جدًا.

لما تم اختراع الكاميرا قبل أكثر من 150 سنة، البشر تمكنوا من إيقاف الزمن ولو للحظة واحدة بشكل صورة تبقى ثابتة مهما تغيّر الزمن. لهذا جانت الصور تعتبر ممتلكات ثمينة هدفها الإحتفاظ بلحظات مهمة من حياة الإنسان وسرقتها من بين أصابع النسيان للرجوع إليها لاحقًا.

مكانتنا لم تعد تُقاس بمقدار ما نملك أو بمقدار ما نُساهم به، بل بمقدار ما نختبره ونصوّره ونشاركه مع العالم. رياضاتنا يجب أنْ تكون خطرة، أذواقنا غريبة، علاقاتنا مفعمةٌ بالنشوة، والمخدرات يجب أنْ تمنحنا الوحي. إنّ فكرة الشدّة والكثافة في تجاربنا؛ أنّ نصل إلى حدود الممكن، قد صارت طريقةً أُخرى لنملأ الفراغ الذي تركه زوال فكرة الرب، فصرنا نحاول أنْ نثبت لأنفسنا أننا أحياءُ حقًا.