عائِشة عبْد الحَمِيد.

لكنك تركت يدي في أكثر أوقاتي ألمًا، كيف آمنك على قلبي بعد ذلك؟ - عائشة عبد الحميد.

حبيبي الأعز. شعرت بأسنانٍ تخرج من قلبي ليلة البارحة وتمضغ الألم وتتجرعه، كيف أقول لقلبي أن يتوقف عن انتظار النهايات؟ ألّا يفتح الباب ويتركه مفتوحًا لأن هذا يسمح للخوف أن يأتيني كل ليلة بشكلٍ يرعبني، يجعلني أندثر أسفل الغطاء وأغمض عيني بقوة، ويجعلني أنتظر النهاية معه، وأنا أبغض الانتظار كما تعرف. يطلقون كلمة "بيت" على أي شيء يرتاح فيه الإنسان ويهرب إليه، يغمض عينيه فيه دون خوف، ولكن ماذا تقول عمن تبحث عن بيتٍ داخل البيت؟ عمن تريد الهرب منه؟ لا أعلم لي بيتًا، كل الأماكن غريبة عني، لا تشبهني في شيء، وكلما وقفت في مكانٍ ما بشعورٍ يشبه الراحة أراه وهو يُسلب مني، أنبش في يدي عن أي أثرٍ لكلمة تجعلني أعطي للحياة فرصة؛ لكنني لا أجد، أشعر أنها مثقوبة، وإلا لِمَ يقع منها كل شيء؟ عقلي الصغير يرعبني بأفكاره، إن تركت له نفسي سيهلكني، ذات مرة وقفت على طرف سطح بيتنا ونظرت إلى أسفل، فكرت أن أرقص آخر رقصة وأغني أغنية أحبها ثم أفتح ذراعيّ وأُرخي قدمي وأترك لجسدي حق التحرر، لكن صوت الأذان فجّر عقلي فعدت للوراء بسرعة وجلست أرضًا وصرخت بقوة حتى ظننت أن الطيور توقفت عن التحليق ونظرت لي. من يُمسك عقلي عن التفكير في كل شيء؟ ومن يبعده عني؟ ومن يجد لي بيتًا بأربع جدرانٍ أنت تعرفهم؟ ومن يضع يده على رأس امرأة مثلي لم يزورها النوم منذ أربع سنوات ويسمي الله عليها فتهدأ وتنام؟ - عائشة عبد الحميد.

المكان الذي كنت أجلس فيه مستريحًا امتلأ شوكًا. - عائشة عبد الحميد.

أين أذهب بقلبي الثقيل، والأصوات المرعبة داخل رأسي، والكلمات المحشورة في حلقي؟ أين أذهب من فكرة أن لا مكان لي، وأن الأرض بوسعها لا تسعني! - عائشة عبد الحميد.

إنسانة مسكينة :))

أردتُ أن تهدأ الحياة قليكالًا، تشيح ببصرها عن أي شيء أحبه ولا تأخذه مني، لا تنفخ فيه من قسوتها فيضيع أو يتغيّر، ولكن، كل شيء يتغيّر، ربما ليست الحياة السبب، أو لا أعرف. كل شيء يضيّع ويتغيّر، وأسأل نفسي كل ليلة، لِمَ أقف مكاني انتظر أن أجد ما ضاع؟ وأنا مقتنعة كل الاقتناع أن الذي يضيع لا يمكن إيجاده؟ ولِمَ لا أُخرج من رأسي فكرة إرجاع الذي تغيّر كما كان؟ أو أتوسل للحياة أن تعيد ما ضاع مني؟ - عائشة عبد الحميد.

أحب غيرتُك عليّا، وكونك لا تحب لرجلٍ اخر - مهما كان - أن يرى ما يحق لك وحدك أن تراه مني. لكنني أريدك أن تفهم شيئًا، أن المشاعر التي أكنها لك لا يمكن لشخصٍ اخر أن يشاركك فيها معي، كل شيء خاصٌ بك فهو لك وحدك، أنا، قلبي، حتى الكلمات حين تخرج لك تكون مختلفة، بمشاعر مختلفة عن أي أحد، لمسة اليد، النظرة، كل شيء. وحدك من يملك الحق في أشياء لم يراها أحد، وليست ملكًا لأحدٍ سواك، أشياء كُتبت لك وحدك، ومشاعر مغلقة بمفتاحٍ في يدك، حين تقترب في وقتٍ أسمح لك فيه أن تقترب، وستعرف حينها أنك الأول في كل شيء، وأول رجلٍ مد لي يديه فوضعتُ نفسي وقلبي ويداي بين يديه. - عائشة عبد الحميد.

وصدقت حينها أن الأذى يمكن أن يأتي من المكان الذي استبعدناه منه؛ وأن انتظارك لمعرفة أنك لا تهون يجعلك تبتلع جمرًا ولا تعود مشاعرك كما كانت ابدًا. - عائشة عبد الحميد.

لو حكى لي أحد أن الحياة ستضحك لي ضحكة مختلفة وتضع بين يدي شخصًا مختلفًا يشاركني كل شيء لم أكن لأصدق أبدًا. وضعتني الحياة أمام أبواب كثيرة، وكلما طرقت بابًا فيهم تؤلمني يدي إلا بابُك، كان دائمًا مفتوحًا لي على مصراعيه، تفتح ذراعيك فأضع نفسي بينهما، بكل التعب، بكل الحزن، وبكل الألم، ويتلاشوا جميعًا. تخيلت ذات يومٍ أن هناك أذنًا تسمعني؛ فسعدتُ، وتخيلت ذات يومٍ بيدٍ تأخذ بيدي كلما توقفت؛ فسعدتُ، وقلبًا يفهمني، يشبهني، ولسانًا ينطق بكل ما أود سماعه، ويدًا توضع على كتفي فيطير اليأس من فوقه، فسعدتُ وحمدت الله حين وجدت كل هذا فيك. ماذا أقول عنك؟ وكيف أصف حبنا؟ وكيف أرسم أمام الناس الأمان الذي أشعر به حين أراك؟ كيف أخبرك أنني سعيدة معك، خفيفة معك، أتحدث دون خوفٍ معك، وكيف أخبرك أن عائشة لم تجد الراحة التي يصحبها النعاس سوى معك؟ - عائشة عبد الحميد.

كلما قلتُ أنها المرة الأخيرة التي سأحب فيها يطعنني الخذلان بسكينًا في صدري مرة اخرى، إنني لا أتعلم من خطأي أبدًا، ولا أظل في مكاني بعيدًا ولا أقترب. - عائشة عبد الحميد.