cookie

Мы используем файлы cookie для улучшения сервиса. Нажав кнопку «Принять все», вы соглашаетесь с использованием cookies.

avatar

ابناء النور ربنا يسوع المسيح

قناة دينيه مسيحيه ارثوذكسيه تعليميه كتابيه طقسيه روحيه .

Больше
Рекламные посты
2 133
Подписчики
-124 часа
+37 дней
-630 дней
Время активного постинга

Загрузка данных...

Find out who reads your channel

This graph will show you who besides your subscribers reads your channel and learn about other sources of traffic.
Views Sources
Анализ публикаций
ПостыПросмотры
Поделились
Динамика просмотров
01
رؤية الله عند القديس انبا انطونيوس الكبير رؤية الله في الكتابات النسكية تكشف سيرة القديس انبا انطونيوس التي سجلها البابا اثناسيوس الرسولي عن طريقه النسكي انه لايحمل اتجاها تأمليا كأعظم من العمل،او حتي كغاية.لكن الطريق النسكي هو طريق الصلاة الدائمة والسهر مع ممارسة الحياة الفاضلة عمليا.هو طريق الجهاد من اجل عدم الفساد ،حيث يصارع الإنسان ضد قوات الظلمة من اجل تنفيذ وصايا الإنجيل،خاصة وصية محبة الله ومحبة القريب. وفي القوانين الرهبانية للقديس باسيليوس الكبير الحياة الرهبانية كصراع روحي من اجل عدم الفساد.يقدم لنا جماعة مسيحية مثالية،تنكر ذاتها في حياة الطاعة،لا مكان للمعرفة التأملية فيها. اعرف نفسك تعرف الله +من يعرف نفسه يعرف الله،ومن يعرف الله يعرف ايضا تدابيره التي يصنعها من اجل خلائقه. +من عرف نفسه عرف الله،ومن عرف الله يستحق ان يعبده بالحق. رؤية الله والقداسة +لاتعطوا نعاسا لأعينكم،ولا نوما لأجفانكم( مز١٣٢: ٤)، حتي تقدموا انفسكم ذبيحة لله في كل قداسة،لكي ماتروه.لأنه بدون قداسة لايستطيع احد ان يري الرب كما يقول الرسول( عب١٢: ١٤). +الذهن الذي يحيا في نفس نقية لله( منفذة للوصية)، يري بالحق الله غير المنظور ولاموصوف...يري الله الذي وحده طاهر بالنسبة للطاهرين. الرؤي السماوية والمناظر المخادعة يقدم لنا القديس انطونيوس الكبير تمييزا بين الرؤي السماوية والمناظر المخادعة،فالأولي حتي ان بدأت بخوف او اضطراب،لان الانسان لم يعتد رؤيتها ،لكنها تبعث سلاما حقيقيا في النفس،اما الأخري فتفقد النفس سلامها.الأولي تلهب القلب بالسمائيات،اما الثانية فتشعل الذهن وتربكه بالزمنيات،اذ يقول: +ظهور هذه الارواح ( الملائكة) هادئ وصامت،يخلق فرحا في النفس وشجاعة،لأن الرب فرحنا.الأفكار التي تخلقها هذه الظهورات تجعل النفس غير متزعزعة حتي تنيرها بهذا الفرح،فتعرف ماهي الارواح التي تظهر لها،اذ ان الشوق الإلهي وشوق الخيرات العتيدة يدخلان النفس ويتحدان بها. ان كان يوجد من يخاف من ظهور الأرواح الشريرة،فهذه الارواح ( الصالحة) تطرح عنه الخوف جانبا بالمحبة التي تظهرها كما فعل جبرائيل مع زكريا ( لو١: ٣)، وكما فعل الملاك الذي ظهر للنسوة عند قبر الرب( مت٢٨: ٥)، وعندما ظهر للرعاة قال لهم : لاتخافوا( لو٢: ١٠). ان خوف هؤلاء لم يكن نتيجة الخوف،بل نتيجة اليقين بظهور الملائكة الصالحين؛ هذا هو ظهور الملائكة القديسين. +اذا ما رأينا ارواحا واثارت اضطرابا وضربات خارجية وتخيلات دنيوية وتهديدا بالموت وكل ماذكرناه،فلنعرف ان هذا هو هجوم ارواح شريرة.
570Loading...
02
رأي التلاميذ كلمة الرب وسمعوه...هؤلاء الذين شاهدوا مجد الكلمة مع موسي وايليا ( مت١٦: ٣) رأوا الرب يسوع،اذ شاهدوه في مجده،اما الآخرون ( اليهود) فلم يروه،هؤلاء الذين عرفوه حسب الجسد،اذ اعطي للبصيرة الروحية،لا للعيون الجسدية،ان تري يسوع.لم يره اليهود مع انهم ابصروه( جسديا). اما ابراهيم فقد رآه كما هو مكتوب:" ابوكم ابراهيم تهلل بأن يري يومي،فرأي وفرح"( يو٨: ٥٦)، مع انه بالتأكيد لم يره حسب الجسد...غير ان اليهود لم يروه،اذ" اظلم قلبهم الغبي"( رو١: ٢١)... عندما نري الرب نري عمانوئيل،فندرك ان الله معنا ،اما من لايبصر الله معه،فإنه لايعرف بعد مولود العذراء. +لقد طوب الرب الكثيرين ،لكنه لم يعد بمعاينة الله سوي لأنقياء القلب...اننا لانعاين الله في مكان ما ،بل نعاينه في القلب النقي.لانبحث عنه بالعين الجسدية،فإنه لايحد بالنظر ،ولا بسمع الأذن ،ولايعرف بخطواته،وانما وهو غائب( بالجسد) نراه،وقد يكون موجودا ( بالجسد) ولانراه.لم يره جميع التلاميذ لذلك قال:" انا معكم زمانا هذه مدته ولم تعرفني يافيلبس؟"( يو١٤: ٩)، اما من استطاع ان يدرك ماهو العرض والطول والعمق والعلو ويعرف محبة المسيح الفائقة المعرفة( اف٣: ١٨-١٩).فإنه يري المسيح ،ويري الآب ايضا.لأننا" الآن لانعرف المسيح حسب الجسد"(١كو٥: ١٦) بل حسب الروح...فليترأف الله علينا ويرحمنا ويملأنا الي ملء الله حتي نستطيع ان نعاينه. +تحمل كافة هذه الامور في طياتها اسرارا ومعان صحيحة،فإنه حسب قدرتك يصغر الكلمة او يكبر بالنسبة لك،فإن لم تصعد الي القمة بحذر فائق لن تعلن لك" الحكمة"، ولاتنكشف امامك معرفة الاسرار،ولاتظهر لك امجاد كلمة الله وجماله،انما يظهر لك كلمة الله كما في الجسد لامنظر له ولا جمال( اش٥٣: ٢) يظهر لك كإنسان اضناه الألم،يحتمله لأجل ضعفنا.يظهر لك مثل كلمة غلفتها ملابس الحرف،ولاترقي الي قوة الروح. +من يرتفع فوق العالم ،فوق ازمنة الدهر،ويثبت في الاعالي يتطلع الي ثمار الابدية التي للقيامة العتيدة.اذن فلنتخطي اعمال الحياة حتي نستطيع ان نري الله وجها لوجه.
1160Loading...
03
رؤية الله عند القديس امبروسيوس +ماالذي يدهشنا ان كان لايري احد الله في هذا العالم اذ هو غير منظور ،فلايري مالم يكشف هو عن ذاته؟ انما في القيامة لايراه غير انقياء القلب ،لأن" طوبي للأنقياء القلب،لانهم يعاينون الله"( مت٥: ٨). لقد طوب الرب الكثيرين ،لكنه لم يعد بمعاينة الله الا لأنقياء القلب. +لانعاين الله في مكان ما،بل في القلب النقي ،لاتبحث عن الله بالعين الجسدية... بل من يستطيع ان يدرك ماهو العرض والطول والعمق والعلو ،ويعرف محبة المسيح الفائقة المعرفة( اف٤: ٢٠)، فبرأفة الله علينا ورحمته يبلغ بنا الي قياس قامة ملء المسيح حتي نستطيع ان نعاينه
1420Loading...
04
رؤية الله عند القديس امبروسيوس يري القديس امبروسيوس في صعود زكا قصير القامة شجرة الجميز لرؤية السيد المسيح اشارة الي ارتفاع المؤمن الذي يسبب الخطية صار قصير القامة محروما من رؤية السيد فوق حرف الناموس،فلم يعد تحت الناموس،بل مرتفعا بالروح فوق الناموس ليعاين بالنعمة السيد المسيح.وكأن صعود شجرة الجميز هو انطلاق من الفكر الحرفي في تفسير الكتاب المقدس الي التمتع بالفكر الروحي العميق خلال شجرة الصليب المقدسة. ويعلق القديس امبروسيوس علي دعوة الفريسيين " عميانا" موضحا انهم بلا عذر فقد رأوا السيد المسيح ،لكن حسب الجسد،ببصيرة روحية عمياء،اذ اظلم الرياء وحرفية العبادة قلوبهم،قائلا:[ لم يبصره اليهود مع انهم رأوه.] غير ان رجال الإيمان من اسلافهم لم يروا الرب بالجسد،لكنهم عاينوه روحيا،اذ لهم البصيرة المستنيرة،لهذا يقول الكتاب ان الشعب كان يري صوت الله( خر٢: ١٨). ويعلق القديس،قائلا : [ من الواضح ان الصوت يسمع ولايري،فما الصوت إلا موجات تسمعها الأذن،ولاتراها الأعين.هذه فكرة عميقة دفعت موسي ليؤكد ان الإنسان يري صوت الرب ،يراه داخل القلب حيث يشخص اليه بعينيه ( الداخليتين)... رآه ابراهيم كما هو مكتوب :" ابراهيم تهلل بأن يري يومي"( يو٨: ٥٦).. رأي الرب مع انه بالتأكيد لم ينظره بالجسد...الذين صرخوا: اصلبه،اصلبه،لم يروه،" لانهم لو عرفوا رب المجد لما صلبوه"(١كو٢: ٨).] وجاء تفسير القديس امبروسيوس( لو١: ١١) يحمل ذات الفكرتين ان الله وملائكته بظهرون حينما يريد الله،كعطية إلهية،وان القلب النقي يعاين الله،فمن كلماته: +اننا نري الرب عندما يريد ذلك،لكننا لانستطيع ان نراه بطبيعته كما هو...ظهر لإبراهيم لأنه اراد ذلك.لكن ان لم يرد الانسان ،فلايظهر له الرب.رأي القديس استفانوس السماوات مفتوحة،وابن الانسان قائما عن يمين الله،بينما كان الشعب يرجمه( اع٧: ٩)، ولم ينظر الشعب الله.ايضا ابصر اشعياء السيد رب الجنود ( اش٦: ١)، لكن احدا غيره لم يستطع ان ينظره.
1660Loading...
05
رؤية الله عند القديس كيرلس السكندري بلغ اللاهوت السكندري كماله في التعبير في القرن الخامس في فكر القديس كيرلس السكندري،مرتفعا بفكرة تحديد المؤمن ليصير علي صورة خالقه كهدف سام للخلائق،متحررا من كل اثر اوريجاني. يقدم القديس كيرلس لاهوتا حقيقيا ،لاهوت الثالوث القدوس حيث لايوجد مجال لإله الفلاسفة. حسب كلمات الرسول بطرس الطبيعة المخلوقة مدعوة لشركة الطبيعة الإلهية. اللوغوس هو وحده الابن بالطبيعة،لكن بالتجسد نصير ابناء بالشركة.فبالشركة مع الابن يضئ فينا جمال طبيعة الثالوث غير المدركة،كما يضئ النار في الحديد عندما يصير محمرا.نصير مثل الابن ،ابناء بالشركة،لشركة الطبيعة الإلهية،او اتحادنا مع الله في الروح القدس.يجعلنا الروح القدس علي شكل الابن ،كما صورة الآب. الروح القدس ليس فقط مصدرا للحياة الروحية،بل هو اساس المعرفة التي تجعلنا نشعر بهذه الحياة في النعمة. +رفع المسيح عينيه ليعلن ان الذين يحبونه يتأهلون للنظرة الإلهية.وكما قيل لإسرائيل في البركة:" يرفع الرب وجهه عليك ،ويمنحك سلاما"( عد٦: ٢٦). يقول القديس كيرلس الكبير: [اراد( زكا) ان يري يسوع،لذا تسلق شجرة جميز،هكذا نمت في داخله بذرة الخلاص.وقد رأي المسيح بعيني اللاهوت( ايمان زكا) ،وبرؤيته هذه نظره ايضا خلال عيني الناسوت،فبسط له لطفه وشجعه،قائلا له:" اسرع وانزل". طلب ان يراه،فعاقته الجموع،لكن لم تعقه الجموع مثلما عاقته خطاياه.لقد كان قصير القامة لا من جهة الجسد فحسب،وانما روحيا ايضا. لم يكن له طريق آخر ليراه سوي ان يصعد فوق الارض متسلقا شجرة جميز ،هذه التي كان المسيح مزمعا ان يمر بها. الآن تحمل هذه القصة في داخلها رمزا ،اذ لايمكن لإنسان ان يري المسيح ويؤمن به مالم يصعد شجرة الجميز ،بمعني اقماعه لأعضائه التي علي الارض،الزني والنجاسة الخ.] وهذا وقدم البابا غريغوريوس ( الكبير) تفسيرا مشابها لفكر القديس كيرلس الكبير في الفقرات الاخيرة السابقة اذ رأي في شجرة الجميز شجرة تحمل ثمرا ضعيف القيمة؛ بهذا لايقدر احد ان يعاين السيد المسيح مالم يرتفع بالإيمان فوق الامور الزمنية التافهة كشجرة جميز،يعلو عليها بتأمله في الإلهيات وتمتعه بالحكمة السماوية.
1820Loading...
06
الاقتراب من المائدة المقدسة ورؤية الله +كأن الإنسان قد اخذ الي السماء عينها،يقف بجوار عرش المجد ،يطير مع الساروفيم ،يترنم بالتسبحة المقدسة. التجلي ورؤية الله في لحظات التجلي انطلق السيد المسيح بتلاميذه الثلاثة بطرس ويعقوب ويوحنا الي جبل تابور،ومن هناك عبر بهم فوق المكان والزمان.قدم لهم رحلة تعبر بهم فوق التاريخ،ليسطع بنور لاهوته الأزلي امامهم.لقد حجب عنهم قليلا ذلك الجسد الذي حجب مجد لاهوته،وتجلي امامهم،مظهرا لهم بهاء جمال مجده قدر مايحتملون.لقد تغيرت هيئته فصار يضئ كالشمس،وفي نفس الوقت قام بتغيير حواسهم حتي يمكنهم التمتع بهذه الرؤية.فإن كان السيد قد تجلي لكي يكشف جزئيا مجد بهائه ففي نفس الوقت دخل بتلاميذه كما الي الفردوس،واهبا اياهم القدرة علي معاينته. لرؤية الله فينا نحتاج لا الي تجلي السيد المسيح فينا ،فحسب ليعلن المجد الذي له والذي اخفاه عن اعيننا الضعيفة حتي لاتصاب بالأذي ،وانما نحتاج ايضا الي نعمة الله الفائقة ليتجلي داخلنا بالمجد الموهوب لنا خلال الشركة مع الله في ابنه بالروح القدس ،فتقدر عيوننا علي التطلع اليه.يمكننا القول اننا نصير نورا للعالم ونار حب لايخمد.بهذا ندرك قول الرسول:" لا احيا انا،بل المسيح يحيا في "( غل٢: ٢٠). يقول القديس غريغوريوس اللاهوتي: ان الألوهة التي تراءت للتلاميذ علي الجبل كانت نورا.ويقول القديس يوحنا الذهبي الفم:" تراءي الرب اكثر تألقا عندما ابدت الألوهة اشعتها". ويسميها القديس مقاريوس الكبير:" مجد الروح القدس".
1891Loading...
07
رؤية الله وادراكه عند القديس يوحنا الذهبي الفم ٧.يري ايضا ان معرفتنا للأمور الإلهية هنا محدودة وغاية في الضآلة،لكننا سنعرف الكثير في الحياة الابدية،معتمدا علي قول الرسول:" لأننا نعلم بعض العلم ...ولكن متي جاء الكامل ،فحينئذ يبطل ماهو بعض"(١كو١٣: ٩-١٠)... ويقارن الرسول المعرفة الحالية والمعرفة في الحياة الاخري بمعرفة الطفل ومعرفة الرجل الناضج،او التطلع في مرآة في لغز والنظر وجها لوجه(١كو١٢: ١١-١٢)، ومع هذا فإن المعرفة الكاملة التي في الحياة الاخري تقدم لنا قدر مانستطيع ان ندرك هناك. +ان كان ( الله) لايري،لكنه موجود وحاضر الآن،وسيظهر بعد ذلك.لهذا توجد حاجة الي الصبر ،فإنه لهذه الغاية قبلتم العجائب حتي تصيروا بها ثابتين. فيما يلي ترجمة للعظة الخامسة عشر علي انجيل القديس يوحنا التي تحمل ذات الافكار الواردة في مقالاته الاثني عشر عن عدم ادراك طبيعة الله: [ " الله لم يره احد قط"( يو١: ١٨). بماذا تجيب علي الصوت القدير لإشعياء القائل:رأيت الرب جالسا علي عرش عال ومرتفع"( اش٦: ١)؟ وعن يوحنا الذي يشعد له :" قال اشعياء هذا حين رأي مجده"( اش٦: ١). وماذا نجيب عن حزقيال القائل انه رآه ايضا جالسا فوق الشاروبيم( حز٢١: ١)؟ وماذا عن موسي نفسه القائل:" اكشف لي عن مجدك لكي اراك لأعرفك"( خر٣٣: ١٣ LXx)؟ وماذا عن دانيال القائل:" جلس القديم الايام"( دا ٧: ٩)؟ ويعقوب اخذ اسمه عنه نفس الأمر،فقد دعي" اسرائيل"، اذ تعني الكلمة " يري الله". اذن كيف يقول يوحنا:" الله لم يره احد قط"؟ هذه اعلانات ،كلها امثلة عن تنازله،وليست رؤي لجوهره بالكشف عنه.لانهم لو نظروا جوهره ذاته لما رأوه تحت اشكال مختلفة،اذ هو بسيط،بغير شكل ولا اعضاء ولا اساليب محددة.طبيعته لاتجلس ولاتقف ولاتمشي،فإن هذه الامور كلها تخص الاجساد،اما كيف هو... هو وحده الذي يعلم،هذا ما اعلنه بواسطة نبي قائلا:" كثرت الرؤي،وبيد الانبياء مثلت امثالا تشبيهات"( هو ١٢: ١٠)، بمعني : اني اتنازل ،ولست اظهر كما انا حقيقة. فإذ كان ظهور ابنه في الجسد قد اقترب،هيأهم منذ القديم لرؤية الله قدر ما يستطيعون.اما ماهو الله حقا،فإنه ليس فقط لايراه المؤمنون،بل ولايراه الملائكة ولا رؤساء الملائكة.اذ سألتهم تسمعهم لايجيبون بشئ عن جوهره،بل يرسلون:" المجد لله في الاعالي وعلي الارض السلام وبالناس المسرة"(لو٢: ١٤). ان اردت ان تعرف شيئا عن الشاروبيم والساروفيم اسمع التسبحة السرية التي تخص قداسته:" السماء والارض مملوءتان من مجده"( اش٦: ٣)، اذ يقول داود:" سبحوه ياكل جنوده"( مز١٤٨: ٢). ان سألتم عن القوات العلوية تجدون عملهم الوحيد هو تسبيح الله،لكن الابن وحده هو الذي يراه والروح القدس. كيف تقدر طبيعة مخلوقة ان تعاين الطبيعة غير المخلوقة؟ ان كنا لانقدر مطلقا ان نشاهد اية قوة روحية حتي المخلوقة مثل الملائكة،فكم بالأحري لانقدر ان نري الجوهر الروحي غير المخلوق، لذلك يقول بولس:" الذي لم يره احد من الناس،ولايقدر ان يراه"(١تي٦: ١٦). هل هذه الخاصية تخص الآب وحده دون الابن؟ حاشا لنا ان نفكر هكذا! انما تخص الابن ايضا .لكي تعرف هذا،اسمع بولس الذي يقول عنه ذات الامر:" صورة الله غير المنظور"( كو١: ١٥). فإن كان هو صورة غير المنظور يلزم ان يكون غير منظور ،وإلا فلايكون صورته. لاتتعجب من بولس حين يقول في موضع آخر:" الله ظهر في الجسد"(١تي٣: ١٦)، فقد تحقق الظهور خلال الجسد،لكن ليس ظهورا للجوهر. اضف الي هذا ان بولس يتحدث عنه كغير منظور ،ليس فقط بين البشر،بل وايضا بين القوات العلوية ،اذ بعد قوله" ظهر في الجسد" يقول "تراءي لملائكة". عندما لبس الجسد صار منظورا حتي بالنسبة للملائكة.اما قبلا فلم تره الملائكة،اذ جوهره غير منظور حتي بالنسبة لهم. ربما يسأل البعض:اذا كيف يقول المسيح:" لاتحتقروا احد هؤلاء الصغار،لاني اقول لكم ان ملائكتهم في السماوات كل حين ينظرون وجه ابي الذي في السماوات"( مت١٨: ١٠)؟ هل لله وجه؟ وهل يحد بالسماوات؟ ياله من جنون ان تزعم هذا. اذن ماهو معني هذه الكلمات؟ انها كقوله:" طوبي للأنقياء القلب ،لأنهم يعاينون الله"( مت٥: ١٨). انه يقصد الرؤية العقلية الممكنة لنا،حيث يكون لنا الله في فكرنا.هكذا ايضا بالنسبة للملائكة،فإننا نفهم انه بسبب نقاوة طبيعتهم الساهرة لايفعلون شيئا سوي ان يتصوروا الله علي الدوام امامهم. لهذا يقول المسيح" لا احد يعرف الآب الا الابن"( مت١١: ٢٧). ماذا اذن،هل جميعنا تجهل الآب؟ حاشا،لكن ليس احد يعرفه كمعرفة الابن له.كثيرون رأوه في شكل رؤي يسمح لهم بها،لكن ليس من يري جوهره.كثيرون منا يعرفون الله،اما جوهره فلا يعرفه احد،غير المولود منه.اذ يقصد بكلمة "يعرف" ان تكون له فكرة دقيقة وادراك كما للآب نحو الابن." كما ان الآب يعرفني ،انا اعرف الآب"( يو١٠: ١٥). لا حظ بأي كمال يتحدث الإنجيلي،فإنه اذ يقول:" الله لم يره احد قط"، لايكمل القول:" الابن الذي يري هو خبر" انما يتحدث عن الرؤية بأكثر من هذا يقول،" الذي هو في حضن الآب هو خبر".
1871Loading...
08
فمن يكون في الحضن تعني اكثر من الرؤية.فمن يري فقط لاتكون له معرفة دقيقة في كل شئ،اما الذي في الحضن ،فلن يجهل شيئا عنه... انه يشير الي الابن الحقيقي،الواحد،الذي له ثقة عظيمة نحو ابيه،والذي ليس بأقل منه.] +ماذا اذن؟ هل لله جسد؟ لايمكن! فإن الرؤية التي يتحدث عنها ليست بجهة من الجهات جسما،فالبصر هنا انما يريد به بصيرة العقل،وفي هذه الجهة بين السيد المسيح ان جوهره هو جوهر ابيه.هنا يعلن عن الشركة في ذات الجوهر". +" طوبي للأنقياء القلب،لأنهم يعاينون الله"( مت٥: ٨)... لايوجد شئ اعظم نحتاجه لكي نعاين الله مثل هذه الفضيلة الاخيرة.لهذا قال بولس:" اتبعوا السلام مع الجميع، والقداسة التي بدونها لن يري احد الرب"( عب١٢: ٤). يتحدث المسيح هنا عن معاينة عظيمة بمقدار ماهو ممكن للإنسان ان يحظي بها. +" فإننا ننظر الآن في مرآة،في لغز( مرآة غامقة) ،لكن حينئذ وجها لوجه"(١كو١٣: ١٢)... حتما ليس لله وجه،لكن بولس يستخدم هذه الصورة ليشير الي وضوح اعظم وفهم اعمق. اذ يجلس احد في ظلمة الليل لايجر وراء نور الشمس مادام لايستطيع ان يراه،ولكن اذ يحل الفجر ،ويبدأ بهاء الشمس ان يشرق عليه،فإنه سيتتبع نورها.
1891Loading...
09
رؤية الله وادراكه عند القديس يوحنا الذهبي الفم 6. اعلن القديس انه ليس طبيعة الله فقط غير مدركة،وانما حتي احكام عنايته بنا وتدابيره من نحونا فوق ادراكنا ،ففي حديثه عن مرض" العثرة" ،قاصدا تشكك الإنسان في عناية الله بسبب مايحل به من ضيقات ،يقول : [ماهي علة هذا الخطر العظيم : تجاهل عناية الله؟... تري من فاق بولس في حكمته؟ أخبرني ألم يكن اناء مختارا؟ الم يأخذ نعمة الروح الفائقة غير المنطوق بها؟ ألم يتكلم المسيح فيه؟ ألم يسمع ما لايحق لإنسان ان ينطق به؟ ألم يختطف الي الفردوس، وارتفع الي السماء الثالثة؟ ألم يجوب البحر والبر لكي يجذب الوثنيين الي المسيحية؟ ... ومع هذا كله، فإن هذا الرجل بعظمته وحكمته وقوته وامتلائه بالروح،اذ خصه الله بهذه الامتيازات، عندما يتطلع الي عناية الله، لا في كل جوانبها،بل في جانب واحد منها،تأخذه الرعدة منسحقا،ويتراجع سريعا خاضعا لله غير المدرك... اكتشف الرسول انه امام محيط واسع،واذ حاول فحص اعماق هذه العناية ارتجف متحققا استحالة تفسير عللها،وارتعب قدام عنايته اللانهائية غير المحدودة ولا موصوفة ولا مفحوصة ولا مدركة.تراجع في مهابة متعجبا ،وهو يقول:" يالعمق غني الله وحكمته وعلمه!"( رو١١: ٣٣). لقد اوضح بعد ذلك كيف تلامس مع اعماقها دون ان يفلح في استقصائها،قائلا: ماابعد احكامه عن الفحص،وطرقه عن الاستقصاء؟... انهي حديثه وقد امتلأ عجبا ورعدة بأنشودة شكر،قائلا: " لأن من عرف فكر الرب او من صار له مشيرا؟ او من سبق فأعطاه ،فيكافأ؟ لان منه وبه وله كل الاشياء. له المجد الي ابد الابد. آمين"]
2381Loading...
10
رؤية الله وادراكه عند القديس يوحنا الذهبي الفم ٥-يود القديس ان ينصب اهتمام المؤمن لا علي التعرف علي طبيعة الله،انما علي التمتع بوجوده معه،واعلان رائحة معرفته في حياته الروحية السماوية .[ اننا نعرف الله انه كائن ،اما طبيعته فلسنا نعرفها بعد.اننا نشبه مجمرة ملوكية،اينما وجدنا تنبعث فينا الرائحة السماوية،الرائحة الروحية الزكية.]
2481Loading...
11
رؤية الله وادراكه عند القديس يوحنا الذهبي الفم ٤.يعتبر القديس يوحنا الذهبي الفم البحث في جوهر الله خدعة شيطانية ،تفسد حياة الانسان الروحية ،وتحرمه من نعمة الله،اذ يقول :[هذا هو مكر الشيطان : انه يقود الذين يطيعونه الي خارج الحدود التي وضعها الله الي امور اعظم.ولكن بينما يغوينا بهذه الامنيات.اذ به يحرمنا من نعمة الله.ليس فقط لايعطينا شيئا اضافيا،بل ولايسمح لنا ان نعود الي حالنا السابق،حيث كنا في امان وضمان.انه يضللنا في كل الاتجاهات،ولايترك لنا اساسا ثابتا.هكذا سبب طرد الانسان الاول من الفردوس،اذ نفخه بتوقع معرفة اعظم،وكرامة اكبر،فكان ان حرم حتي مما كان فيه في ضمان.]
3002Loading...
12
رؤية الله وادراكه عند القديس يوحنا الذهبي الفم٣. ان كان الله بإرادته الطيبة يتنازل من اجل خليقته السماوية والارضية كمخلوقات ضعيفة لمعاينته قدر ماتستطيع اعينهم الضعيفة،فإن هذا الحنو بلغ كماله في تجسد الابن .الابن هو صورة الله الآب غير المنظور،وهو نفسه غير منظور،بتجسده صار منظورا،لا للناس بل وللملائكة ايضا،مفسرا ذلك بقول الرسول:" الله ظهر في الجسد ... تراءي لملائكة"(١تي٣: ١٦). قبل التجسد كانت الملائكة تراه في افكارها ،تتأمل بطبيعتها النقية الساهرة. هنا يحمل القديس جانبا سلوكيا وليس لاهوتيا ،اذ يقول ان الابن له وحده المعرفة الكاملة للجوهر الإلهي،بكونه مساويا للآب،في حضنه.اما اعلانه لنا فحمل تفسيرا او توضيحا او إخبارا عن طريق اعماله المملوءة حبا ومعجزاته وحياته وتعاليمه.لقد بقي الابن الغير منظور مختفيا في لاهوته،فإنه حتي في تجليه سمح بظهور النور بالقدر الذي يمكن لطبيعتنا القابلة للموت ان تقبله.انه مرة اخري يتجلي لنا ،لكن في صورة غامضة عن البركات المقبلة... في مرآة في لغز. لقد فسر القديس قول السيد :" من رآني فقد رآي الآب"( يو١٤: ٩) هكذا :[ هذا القول يعني : ليس ممكنا ان تراني ،ولا ان تري الآب.فقد قصد فيلبس معرفته للمسيح خلال النظر ،واذ ظن انه رأي المسيح ،اراد ان يري الآب علي نفس المستوي،لكن يسوع اوضح له انه في الواقع لم يره.]
3401Loading...
13
رؤية الله عند القديس يوحنا الذهبي الفم رؤية الله وادراكه منذ بداية العصور اثيرت بعض الاسئلة الخاصة برؤية الله وادراكه خاصة عند دراسة مقالات القديس يوحنا الذهبي الفم عن عدم ادراك طبيعة الله Incomprehensibilityوعظته الخامسة عشر علي انجيل القديس يوحنا . واجه القديس يوحنا الذهبي الفم اونوميوس القائل بأن الله يمكن التعرف عليه بالعقل وادراك جوهره بالذهن البشري.لذا اهتم بالرد علي اتباع اونوميوس في كثير من مقالاته وكتاباته. نستطيع ان نلخص آراءه في النقاط التالية: ١.رأي الانبياء الله ،لكنهم لم يروا جوهره،انما بدا لهم ذلك قدر مايستطيعون .وقد اعلن ذلك النبي" كثرت الرؤي وبيد الانبياء مثلت تشبيهات" ( هو١٢: ١٠)، كأن الله يقول:[ لا اعلن جوهري ذاته ،انما اتنازل ( في رؤي) بسبب ضعف هؤلاء الذين يرونني.] وماهو هذا التنازل؟ انه اعلان الله الذي يجعل نفسه منظورا:[ ليس كما هو ،بل بالقدر الذي به يقدر الناظر ان يري،اي حسب ضعف الناظرين في الرؤية.] يعلن القديس يوحنا ان كل هذه كانت امثلة عن تنازله وليست رؤية الجوهر ذاته. ٢.هذه الحقيقة لاتخص البشر وحدهم،انما تخص حتي الخليقة السماوية الروحية.هؤلاء يرون الله وجها لوجه،لكنهم ايضا- في رأي القديس- لايرون جوهره غير المدرك،بل يتمتعون حسب قدرة ادراكهم.انهم يغطون اعينهم بسبب عجزهم عن احتمال حتي هذا التنازل للإعلان عنه. يليق بنا ان نتشبه بالسمائيين،فهم ليس كأونوميوس يطلبون ان يتعرفوا علي جوهر الله،بل في غير انقطاع نمجده ونسجد له. +يصيح الساروفيم قا ئلين: قدوس ،قدوس،قدوس رب الصباؤوت...ان القوات العلوية يأخذ منها الرعب كل مأخذ بغير انقطاع،فهي تدير وجهها،وتبسط اجنحتها كحائط،يقيها من الاشعاع غير المحتمل الصادر من قبل الله،ومع ذلك فما تراه انما هو صورة مصغرة للحقيقة... بينما لايقوي الساروفيم حتي علي مشاهدة الله الذي لايتجلي لهم الا كتنازل منه حسب ضعفهم ،نري اناسا يتجاسرون متصورين في عقلهم الطبيعة عينها التي يعجز الساروفيم عن ادراكها.انهم يزعمون انهم قادرون علي التطلع اليها بوضوح وبغير حدود،ارتعدي ايتها السماوات واندهشي ايتها الارض. +حقا ان الله حتي بالنسبة لهذه الطغمات غير مدرك،ولايمكن الدنو منه.لهذا فهو يتنازل ليظهر بالطريقة التي وردت في الرؤيا.الله الذي لايحده مكان،ولايجلس علي عرش...من قبيل محبته لنا يظهر جالسا علي عرش،وتحيط به القوات السمائية. اذ ظهر علي العرش واحاطت به هذه القوات،لم تقدر هذه القوات علي معاينته،ولا احتملت التطلع الي بهاء نوره،فغطت اعينها بأجنحتها ،ولم يعد لها الا ان تسبح وترنم بتسابيح مملوءة مجدا ورعدة مقدسة،واناشيد تشهد لقداسة الجالس علي العرش.
3151Loading...
14
رؤية الله عند القديس كيرلس الأورشليمي اهتم القديس كيرلس الأورشليمي بالتأمل في الله السرائري،وقد تحدث عن رؤية الله بعبارات سلبية.الابن والروح القدس وحدهما لهما رؤية نقية لطبيعة الآب بكونهما شركاء مع الآب بالكامل في الطبيعة الإلهية وواحد معه في ذات الجوهر.الابن وحده يري الآب،والروح القدس يبحث الاعماق.الابن مع الروح القدس وبه يعلن اللاهوت للملائكة بالقدر الذي يتناسب مع درجاتهم وحسب قدرة كل واحد منهم. مع ان ملائكة الاطفال يتأملون علي الدوام وجه الآب،لكنهم لايرون الله كما هو،وانما بقدر مايمكنهم ان يدركوا ويأخذوا هذا بالنسبة للملائكة،فماذا يكون بالنسبة للبشر في ضعفهم؟ +رب قائل يعترض: ان كان جوهر اللاهوت لايقع تحت الحواس ،فلماذا نتحدث في هذه الامور؟ نعم،هل لاني لا استطيع ان اشرب النهر كله،يكون هذا سببا في ألا استقي منه باعتدال قدر مايناسبني؟! هل لأن عيني تعجزان عن استيعاب اشعة الشمس في كمالها،لا انظر اليها قدر مااحتاج؟! واذا دخلت حديقة عظيمة،ولم اقدر ان آكل كل ثمارها ،هل تريد مني ان اخرج منها جائعا؟! اذن لأسبح الله خالقنا وامجده،اذ وهبت لنا وصية إلهية تقول:" كل نسمة فلتسبح الرب"( مز٥: ٦). انني اسعي الآن لأقوم بتمجيده دون ان اصفه،عالما انه بالرغم من عجزي عن القيام بتمجيده حسبما يستحق،لكن حتي هذا السعي هو من الاعمال التقوية.ويشجع الرب يسوع ضعفي بقوله:" الله لم يره احد في اي زمان". +رب قائل يعترض: ماذا اذن ،ألم يكتب:" ان ملائكة الصغار كل حين ينظرون وجه ابي الذي في السماوات"( انظر مت٨: ١٠)؟ نعم لكن الملائكة تري الله ليس كما هو ،بل قدر ماتحتمل .اذ يقول يسوع المسيح:" ليس احد رأي الآب إلا الذي من الله ،هذا قد رأي الآب". فالملائكة تري الله قدر ماتحتمل، ورؤساء الملائكة يرون قدر مايحتملون،والعروش والسلاطين يرون اكثر من السابقين،لكنها لاتري كما يستحق الله. فالابن،مع الروح القدس،وحدهما يقدران ان ينظرا بحق كما هو،لأنه:" يفحص كل شئ حتي اعماق الله"(١كو٢: ١٠). هكذا الابن الوحيد مع الروح القدس يدركان الآب في كماله،إذ قيل:" لا احد يعرف الآب الا الابن ومن اراد الابن ان يعلن له"( مت١١: ٢٧). اذ يري الكل حسب احتماله،لذلك فهو يري الآب بكماله،معلنا الله" الآب"خلال الروح،اذ الابن مع الروح " واحد" مع الآب في اللاهوت. المولود يعرف الوالد،والوالد يعرف المولود. ان كان الملائكة جاهلين" بمعرفة الله في كماله"، فلايخجل احدكم من الاعتراف بجهله.حقا انني اتكلم الآن كما يتكلم اي انسان في مناسبة ما،اما كيفية الكلام فلست اعرفه.اذن كيف استطيع ان اخبركم عن واهب الكلام نفسه؟! واذ لا اقدر ان اخبركم عن سمات النفس المميزة لها،فكيف اصف واهب النفس؟! +نحن نؤمن بإله واحد،الآب غير المفحوص،غير المنطوق به،الذي" لم يره احد من الناس"، بل " الابن الوحيد هو خبر"( يو١: ٢٨)، لان" الذي من الله يري الآب"(١تي٦: ١٦)، هذا الذي تراه الملائكة علي الدوام في السماوات( مت١٨: ١٠) حسب درجة كل منهم.اما استنارة وجه الآب" في كماله" فستبقي في نقاوتها للابن مع الروح القدس. +يستحيل علينا ان نتطلع الي الله بأعين بشرية،لان غير الجسدي لايقع تحت الاعين الجسدية.وقد شهد الابن الوحيد ،ابن الله نفسه،قائلا :" الله لم يره احد في اي زمان". فإن فهم احد مما ورد في حزقيال انه رأي الله( حز٢٨: ١). فإنه ماذا يقول الكتاب المقدس؟ انه رأي " شبه مجد الله" ،وليس الرب ذاته كما هو في حقيقته،بل شبه مجده.فإن كانت رؤية شبه المجد تملأ الانبياء رعدة،فبالتأكيد ان حاول احد رؤية الله ذاته يموت،وذلك كالقول:" الانسان لايري وجهي ويعيش"( خر٣٣: ٢٠)" لايراني ويعيش". من اجل هذا فإن الله بحنو رحمته بسط السماوات امام لاهوته لكي لانهلك.لست اقول هذا من عندي،بل هو قول النبي:" ليتك تشق السماوات وتنزل،من حضرتك تتزلزل الجبال " وتذوب ( اش٦٤: ١). لماذا تتعجب من سقوط دانيال عند رؤيته شبه المجد،ان كان دانيال عند رؤيته جبرائيل، الذي هو ليس الا مجرد خادم الله،ارتعب للحال وسقط علي وجهه،ولم يجسر النبي ان يجيبه بالرغم من ان الملاك نفسه جاء علي شبه ابن بشر؟( راجع دا ١٠: ٩، ١٦، ١٨). ان كان ظهور جبرائيل ارعب الانبياء،فهل يري الانسان الله كما هو ولايموت؟!
2892Loading...
15
انني املأ قلبي بأعمال الجسد،واشغل بها ذهني،واجعلها محور حديثي،اما انت ياالهي،فتحيا في النفس غير المحسوسة،الخالدة! انت تملك في السماء،وانا ازحف علي الارض! انت تعشق الاعالي،وانا اطلب السفليات! انت تشغلك السماويات،وانا غارق في الارضيات! تري، متي تتقابل مثل هذه الميول المتعارضة؟!
3040Loading...
16
مناجاة لرؤية الله +الهي... ليتني اعرفك،يامن انت تعرفني،ليتني اعرفك ياقوة نفسي! اكشف لي عن ذاتك ،يامن تعزي نفسي!... ليتني اعاينك،ياضياء عينيي!... اسرع يابهجة نفسي،لأتأمل فيك ياسرور قلبي!... الهمني حبك،فأنت هو حياتي!... اشرق علي،ففيك يكمن فرحي الحقيقي.فيك عذوبة راحتي.فيك حياتي .فيك كمال مجدي!... ليتني اجدك،ياشهوة قلبي!... ليتني اقتنيك،ياحبيبي!... لاتترك احضاني،ايها العريس السماوي،فعند حلولك ينتاب كياني كله- داخلي وخارجي - نشوة فائقة علوية!... هبني ذاتك،ايها الملكوت الابدي،حتي اتمتع بك ايها الحياة المبارك.ياتهليل نفسي غير المدرك!... " احبك يارب ياقوتي؛ الرب صخرتي وحصني ومنقذي"( مز١٨: ١). نعم.اعني كي احبك،فأنت هو الهي.انت حامي .انت حصني المنيع.انت رجائي العذب في وسط ضيقاتي... لألتصق بك،فأنت هو الخير وحده،وبدونك ليس للخير وجود ! لتكن انت كل سعادتي،ياكلي الصلاح!... افتح اعماق اذني،فأسمعك ايها الكلمة الإلهي،يامن يخترق نفسي كسيف ذي حدين!... آه ! ياإلهي ! أرعد من سمائك بصوتك القوي( مز١١: ١٣)! ليزأر البحر وكل امواجه،لتتزلزل الارض،وليرتعب كل ماعليها.انزل عليهما بالصواعق،فيتبددكل شك فيهما.وفي النهاية اكشف لأذني اعماق المياه واسس المسكونة( مز١٨: ١٥). ايها النور غير المنظور ،هب لي عينين تستطيعان معاينتك! يارائحة الحياة الإلهي ،هب لي حاسة جديدة للشم ،تجذبني نحو رائحة اطيابك الزكية!... ربي...نق في حاسة التذوق حتي تقدر ان تتذوقك،وتتعرف عليك ،وتكتشف غني لذتك المدخرة لكل من يرتشف رحيق محبتك!... هب لي قلبا لاينبض الا بحبك، ونفسا تعشقك،وروحا امينا لذكرك،وفكرا يدرك غور اسرارك،وعقلا يستريح فيك ويتحد بحكمتك المحيية دائما،ويعرف كيف يحبك بتقوي،ايها الحب المذخر فيك كل حكمة! ايها الحياة ،لمجدك يحيا كل مخلوق.لقد وهبتني الحياة ،وفيك حياتي.بك احيا ،وبدونك اموت!... بك اقوم،وبدونك اهلك!... بك امتلئ فرحا ،وبدونك اهلك حزنا!... انت هو الحياة، مصدر الحياة، ليس شئ يوازي وداعتك وجمالك!... اتوسل اليك: اخبرني اين انت؟ اين القاك،فأختفي فيك بالكلية ، ولا اوجد الا فيك! آه، اسرع واجعل من نفسي مسكنا لك، ومن قلبي مستقرا... تعال... فإني مريض حبا. بعدي عنك هو موت لي، وذكرك يحيي نفسي!... رائحتك تعيد لي قوتي، وذكرك يخفف آلامي،ظهورك شبع لي!( مز١٠: ١٧) ياحياة نفسي... قلبي يجري وراءك،ويذوب عند تذكر خيراتك. متي يحين رحيلي الي ملكوتك؟! متي احظي بمعاينة جمالك،ايها الحياة ،سعادة قلبي! لماذا تحجب وجهك عني ،يامن انت وحدك سعادة نفسي الوحيدة؟! اين تختفي يارب الجمال ،يانهاية كل طموحي. رائحتك التي اتنسمها تسكرني بالحياة والدهش، هذا بالرغم من انني لم ارك بعد، لانه مكتوب: لايراني انسان ويعيش( خر٣٣). حسنا، لو عملت بهذا التحذير فلن اراك. لكن، لأموت ياربي وارك. لأراك، ياربي قبل ان اموت،فعندما اريد ان احيا، اريد ان اموت." لي اشتهاء ان انطلق واكون مع المسيح"( في١: ٢٣)! انني اشتهي الموت لكي اراك. انني لا اريد العيش بعد لكي احيا بك! الهي يسوع ... استلم حياتي ، فأنت حياتي! اجذب قلبي، فأنت هو فرحي! ايها الغذاء الدسم ، كن انت شبعي!... ايها القائد الإلهي، قوني! ايها النور الحقيقي الذي يضئ عيني ، انر لي!... ايها اللحن العذب، اطرب كل نفسي!... ايها الرائحة السماوي، انعشني بك!... ياكلمة الله ثبتي فيك. فرح نفس عبدك...ادخل الي نفسي،ايها الفرح الحقيقي،حتي تبتهج بك! ادخل اليها ايها العذوبة اللانهائية،حتي تتمتع بالعذوبة الحقيقية،افض عليها شعاعك ايها النور الابدي،حتي تعرفك وتدركك وتحبك! فلماذا لاتحبك،بل هي فاترة من جهتك لعدم معرفتها اياك؟! وعدم معرفتها ناجم عن عجزها عن ادراكك.وعجزها هذا علته عدم تقبلها نورك،اذ" النور يضئ في الظلمة،والظلمة لم تدركه"(١يو١: ٥). ايها النور الذي يضئ النفس،ايها الحق البهي،ايها البهاء الحقيقي الاستضاءة،يامن تضئ لكل انسان آت الي العالم.اتيت الي العالم ،والعالم لم يحبك!... إلهي... بدد الظلمة الكثيفة التي تخيم علي نفسي،حتي تراك عند ادراكها اياك.وتعرفك عند تقبلها لك،وتحبك عند معرفتها لك.ان كل من يعرفك يحبك!ينسي نفسه! يحبك اكثر من ذاته! يترك نفسه وينجذب اليك،لينهل لذته في الاتحاد بك! سيدي...ان كنت لم احبك كما ينبغي ،فذلك لأنني لم اعرفك بعد جيدا.فقلة معرفتي جعلت حبي لك فاترا،وفرحي الذي اتمتع به ضعيفا! ويحي ! فبعبوديتي للمغريات الخارجية ،انشغل عنك ايها السعادة الكامنة في داخلي،واحرم منك،واذهب لكي ارتبط برباطات دنسة مع اباطيل هذا العالم! هوذا في بؤسي،القلب الذي لك وحدك ان تمتلكه بكل عواطفه واحاسيسه وتضحياته،قد وهبته انا للأمور الباطلة،فصرت باطلا بحبي الباطل! لهذا لم تعد بعد انت فرحي،بل تركتك واندفعت اجري وراء محبة العالم الخارجي! مع انك لاترتاح الا في اعماق نفسي! انني اريد التلذذ باعمال الجسد،وانت تود الابتهاج بروحي!
3340Loading...
17
رؤية الله عند القديس اغسطينوس رؤية الله بالعقول النقية في رسالة للقديس اغسطينوس الي سيدة شريفة تدعيItalica يعزيها في نياحة زوجها كتب: +اي لسان يقدر ان يصف طبيعة ذاك النور وعظمته ، الذي به كل هذه الامور المختفية في قلوب البشر سوف تعلن؟ من يقدر بإمكانياتنا الضعيفة حتي ان يقترب اليه. بالحق هذا النور هو الله نفسه.فإن الله نور ،وليس فيه ظلمة البتة(١يو١: ٥)، ولكن هو نور العقول النقية،وليس نور تلك الأعين الجسدية.وعندئذ سيكون العقل قادرا ان يراه،هذا لايقدر عليه الآن... فإنه لايمكن رؤيته بواسطة بشر خلال عضو جسماني،الذي به يري البشر الاشياء الجسمانية. لو انه غير ممكن البلوغ اليه بأذهان القديسين ايضا،ماكان يمكن القول :" اقتربوا اليه واستنيروا". وان كان غير المنظور لعقول القديسين ماكان قد قيل:" لاننا سنراه كما هو"(١يو٣: ٢). سنراه حسب القياس الذي فيه نكون مثله ،فإنه الآن القياس الذي به لانراه ،هو حسب عدم كوننا مثله. سنراه بواسطة كوننا نصير مثله.لكن من الذي في تيه يؤكد بأننا سواء هنا او فيما بعد سنكون مثل الله في اجسادنا؟الشبه الذي يتحدث عنه خاص بالإنسان الداخلي ،" الذي يتجدد للمعرفة حسب صورة خالقه "( كو٣: ١٠). كلما صرنا بالأكثر مثله،نتقدم بالأكثر في المعرفة وفي الحب.فإنه" ان كان انساننا الخارجي يفني،فالداخل يتجدد يوما فيوما"(٢كو٤: ١٦).
3801Loading...
18
رؤية الله عند القديس اغسطينوس رؤية الرب في هيكله +من الصعب ان تري المسيح في الجمع،لذلك تلزم الوحدة لأذهاننا .فبالتأمل في عزلة يمكن رؤية الله.الجمع فيه صخب،والرؤية تتطلب سرية... لاتبحث عن المسيح في جمع،انه ليس كواحد من الجمع،انه يسمو علي كل الجمع...حقا رأي الرب في الجمع،انما عرفه في الهيكل .جاء الرجل الي الرب،رآه في الهيكل ،رآه في الموضع المكرس المقدس( راجع قصة المولود اعمي- يوحنا٩). دعوة لرؤية الله +اتوسل اليكم ان تحبوا معي بالإيمان ان تجروا معي. لنشتاق الي مدينتنا الجميلة. لنتأوه من اجل بيتنا السماوي. لنشعر بالحق اننا نحن هنا غرباء. ماذا سنري عندئذ؟ لندع الانجيل يخبرنا:" في البدء كان الكلمة،والكلمة كان عند الله،وكان الكلمة الله". انكم ستأتون الي الينبوع،الذي قد امطر عليكم بندي خفيف من عنده. عوض شعاع النور الذي ارسل اليكم بطرق منحدرة ومنعطفة في قلب ظلمتكم،سترون النور ذاته في كل نقاوته وبهائه. سترون وتختبرون هذا النور الذي يتطهرون به الآن. يقول يوحنا نفسه:" ايها الاحباء،الآن نحن اولاد الله،ولم يظهر بعد ماذا سنكون.ولكن نعلم انه اذا اظهر نكون مثله،لاننا سنراه كما هو"(١يو٣: ٢). اشعر ان ارواحكم ترتفع معي الي السماوات العليا،لكن الجسد الفاسد يثقل النفس،وهذه الخيمة الارضية تثقل العقل في تفكيره. قد اقتربت ان اترك هذا الكتاب وانتم تذهبون كل واحد الي عمله. حسن لنا ان نشترك معا في النور العام،وحسن ان نتمتع معا.وان نبتهج معا.عندما نرحل عن بعضنا البعض ليتنا لانرحل عنه.
3613Loading...
19
رؤية الله عند القديس اغسطينوس رؤية الآب بواسطة الكلمة +اذن مانحن نوضحه ايها المحبوبون،الأمر الذي نسأله ،كيف يري الكلمة؟ كيف يري الآب بواسطة الكلمة؟ وماهو الذي يراه الكلمة؟ لست اتجاسر هكذا ولا اتهور فأعدكم انني اشرح هذا لنفسي او لكم.انني اقدر قياسكم واعرف قياسي... لقد عني بذلك ألا نفهم بأن الآب يفعل بعض الاعمال التي يراها الابن،والابن يفعل اعمالا اخري بعد ان يري مافاعله الآب.وانما كلا من الآب والابن يفعلان ذات الاعمال...فإن كان الابن يفعل ذات اعمال الآب،وان كان الآب يفعل مايفعله الابن،فالآب لايفعل شيئاوالابن شيئا آخر،انما اعمال الآب والابن هي واحدة بعينها... اقدم لكم مثالا اظن انه ليس بصعب عليكم ،عندما نكتب خطابات تشكل اولا بقلوبنا وبعد ذلك بأيدينا... يقوم القلب واليد بعمل الخطابات.اتظنون ان القلب يشكل خطابات والايدي خطابات اخري؟ ذات الخطابات يفعلها القلب عقليا،وتشكلها اليد ماديا. انظروا كيف ان ذات الامور تتم ولكن ليس بنفس الطريقة .لذلك لم يكن كافيا للرب ان يقول:" مهما عمل الآب فهذا يعمله الابن ايضا"، لكن كان لازما ان يضيف:" وبنفس الكيفية"... ان كان يفعل هذه الامور بذات الكيفية ،اذن فليتيقظوا،وليتحطم اليهود،وليؤمن المسيحي،وليقتنع المبتدع،فإن الابن مساو للآب. +لقد اوضح هو نفسه ايضا هذا واظهر لنا المعني الذي يقصده بقوله:" فكل من سمع من الآب وتعلم يقبل الي "، اضاف للفور مايمكننا ان نفهمه :" ليس ان احدا رأي الآب الا الذي من الله ، هذا قد رأي الآب". ماهذا الذي يقوله؟ انا اري الآب،وانتم لاترونه ،ومع هذا فأنتم لاتأتون الي ما لم يجتذبكم الآب.وماهو اجتذاب الآب لكم سوي انكم تتعلمون من الآب؟ وماذا تتعلمون من الآب الا ان تسمعوا عنه؟ ماذا تسمعون عنه الا ان تسمعوا كلمة الآب،اي تسمعون مني؟ في هذه الحالة عندما اقول:" كل من سمع من الآب وتعلم" يلزمكم ان تقولوا داخل انفسكم : لكننا لم نر الآب قط،فكيف نسمع منه؟ اسمعوا مني،فإنه " ليس ان احدا رأي الآب الا الذي من الله، هذا قد رأي الآب". انا اعرف الآب،انا من الآب ،ولكن بكوني الكلمة التي منه،ليس الكلمة التي تعطي صوتا وتعبر، بل الكلمة الذي يبقي مع المتكلم ويجتذب السامع.
4341Loading...
20
اذ نعيش هكذا نتمم ناموس الله( مت٢٢: ٣٧- ٣٩)... بينما نحن هنا في المدينة الارضية ،نعيش حسب الحقائق البسيطة الابدية الصادقة من المدينة السماوية... قدر ماتستطيع اعن كل احد. +لسنا في حاجة ان نصعد الي السماء ،ولا ان نهبط الي اعماق الارض،لنجد ذلك الذي معنا،فإننا فقط لنحبه ونشتاق ان نكون معه. لايحتاج احد الي القول :" وماذا احب؟" احب اخاك،فتحب الحب ذاته،ستعرف الحب الذي به تعيش افضل من اخيك الذي تحبه.يمكنك معرفة الله افضل من الأخ،لأنه افضل في الحضرة،واكثر عمقا،واكثر تأكيدا. احمل الحب الذي هو الله الي قلبك،وبالحب احتضنه.انه ذات الحب الذي به يجتمع عبيد الله معا : الملائكة ،والناس،يتحدون معا في طاعة له. من يمتلئ حبا يمتلئ بالله! يقول القديس يوحنا:" من لايحب اخاه الذي يراه لايقدر ان يحب الله الذي لايراه ". لماذا هذا؟ ان لم يحب اخاه يسلك في الظلمة،ولايقدر ان يري النور .يري اخاه فقط برؤية بشرية خارجية،فلايقدر ان يري الله الذي هو نفسه الحب الذي ينقصه .فالله واخونا يحبان بذات الحب،لان الله حب.
4270Loading...
21
رؤية الله عند القديس اغسطينوس بالحب نتمتع برؤية الله لايمكن التعرف علي حقيقة الحب مالم ندرك حركة الحب الازلية بين الثالوث القدوس.بدون الإيمان بالثالوث القدوس،يقف الانسان في جمود ،متسائلا:ان كان الله حب ،فمن كان يحب في الأزل؟ هل كانت لديه طاقة حب بالقوة دون الفعل؟ هل كان محتاجا الي خليقة سماوية او ارضية ليحبها.يقول السيد المسيح ،الآب يحب الابن( يو١٤: ٣١) وهو يدعو الابن بالحبيب الذي به يسر( مت٣: ١٧؛١٧: ٥). كما يقول الابن عن نفسه انه يحب الآب( يو١٤: ٣١). فمن اراد ان يري الله ،فليتعرف علي سر الحب الازلي. +سر الثالوث المسيحي هو سر الحب الإلهي.ان كنت تري الحب،تري الثالوث. في السماء نراه وجها لوجه +في الوقت الحاضر نحن محددون بالحواس الجسدية والتفكير العقلي.لكننا اذ نجاهد لنكون انقياء وقديسين في انساننا الداخلي ،نمتلئ برؤية الله غير الموصوفة،هذه التي يوما ما تملأنا بالكامل في تلك اللحظة التي فيها نصير كملائكة الله. +في العالم العتيد سيري كل ابناء الله وبناته الله ،هؤلاء الذين نقوا قلوبهم ( مت٢٥: ٣٤). ارادته ان يعلن ذاته - كما هو - للكل،ولايوجد شئ يعوق رؤيتنا.وكما يقول القديس امبروسيوس :ليس لدي احد قدرة ان يري الله كما هو بالحقيقة.لكن توجد حالات تجعل الله يكشف شيئا عن ذاته للبشر،خاصة لبعض الاشخاص،وذلك بسبب الظروف التي وجدوا فيها، فيتأهل الانسان لرؤية الله الواضحة بسبب الظروف المحيطةبه.عندئذ يعلن الله عن نفسه،وهذا من فعل النعمة تماما.ومع هذا يوجد امر آخر هنا،وهو اننا احيانا لانتأهل لرؤية الله في ظروف صعبة ،لاننا لم نزرع النعمة في انساننا الداخلي.لم نطلب الله لكي ننمو في النعمة. +يليق بنا ان نتذكر كم هي عظمة ذاك الانسان القائل:" لاننا نعلم بعض العلم ،ونتنبأ بعض التنبؤ حتي يأتي الكامل". فإنه حتي الآن توجد رؤية الملائكة القديسين الذين يدعون ملائكتنا،لاننا نحن اذ خلصنا من سلطان الظلمة ،وتقبلنا غيرة الروح انتقلنا الي ملكوت المسيح وبدأنا فعلا ننتمي الي الملائكة الذين نشترك معهم في التمتع برؤية مدينة الله المقدسة والمبهجة. +حيث يبدأ هذا الإيمان العامل بالمحبة يخترق النفس،فإنها تميل خلال قوة الصلاح الحيوية ان تتغير في البصيرة،حتي ان ماهو مقدس وكامل في القلب يقتبس ومضات من هذا الجمال غير المعبر عنه الذي في كمال رؤيته نجد سعادتنا العظمي... نبدأ بالإيمان ونكمل بالعيان. رؤية الله مكافأة لإيماننا العامل بالحب +هذه الرؤية محفوظة كمكافأة لإيماننا،يقول عنها الرسول يوحنا:"اذا اظهر نكون مثله ،لاننا سنراه كما هو"( ١يو٣: ٢). نفهم" وجه" الله اعلانه،ليس جزء من الجسد مشابها للذي في اجسادنا وندعوه بهذا الاسم. +متي يمكنك القول:" هذا هو الله"؛ فإنه حتي حينئذ ( في الدهر الآتي) عندما تراه،ما تراه لايمكن وصفه.هكذا يقول الرسول انه" اختطف الي السماء الثالثة،وسمع كلمات لاينطق بها". ان كانت الكلمات لاينطق بها ،فماذا يكون هو نفسه،ذاك الذي كلماته هكذا؟ لذلك عندما تفكر في الله،ربما تثور فيك شكل بشري بطريقة ضخمة للغاية وعجيبة،تضعها امام عيني ذهنك كأمر عظيم وضخم ومتسع للغاية. +تعبير الرسول " وجها لوجه" لايلزمنا ان نعتقد اننا سنري الله بوجه جسدي،فيه عينا الجسد،اذ سنراه بدون توقف في الروح.لو لم يشر الرسول الي الوجه في الانسان الداخل ماكان يقول :" ونحن جميعا ناظرين مجد الرب بوجه مكشوف كما في مرآة،نتغير الي تلك الصورة عينها من مجد الي مجد كما في الرب". فإننا بالإيمان نقترب الي الله،والإيمان هو عمل الروح لا الجسد. +يراه البشر قدر مايموتون عن هذا العالم،وقدر مايعيشون له لايرونه.وبالرغم من ان هذا النور يبدأ يظهر بوضوح ،ليس فقط بأكثر امكانية لرؤيته بل وباكثر بهجة،الا انه يري كما في مرآة غامقة( لغز). فنقول اننا نراه،لاننا نسلك بالايمان لا بالعيان،بينما نحن نجول في هذا العالم كغرباء حتي وان كانت محادثتنا في السماء(١كو١٣: ١٢؛ ٢كو٥: ٧)، في هذه المرحلة يغسل الانسان عيني عواطفه ،ليري انه لم يضع قريبه امامه...لانه بالحق لم يحبه بعد كنفسه. +اننا الان نحن رحل.اننا بعيدون عن الهنا الي حين،ولكننا مربوطون بمدينته السماوية الابدية ( رؤ٢١)، نسلك بنوع من الايمان الذي يمسك بالرؤية الداخلية، كما سنكون عليه عند ظهوره(١يو٣: ٢)، وان كنا لانستطيع بالأعين البشرية معاينة هدف ايماننا. ميل انفسنا الطبيعية هو ان نطلب السلام ،ولكن يجب ان يكون سلاما من نوع حسب تدبير الله وسلطانه،وإلا فلاوجود للسلام نهائيا.اي نوع آخر من السلام نطلب... سيسقط اخيرا بكوننا رحل،اي قابلون للموت،نطلب مسكننا الابدي مع الله الخالد.اننا نبلغ العبور الي الابدية،ونجلب نفوسنا تحت تدبير الله،ونعيش في طاعة لنواميسه الابدية التي تضبط كل الاشياء ولاتتغير. الله الذي نفكر فيه في كل الاوقات كسيد لنا،يعلمنا حقيقيتين اساسيتين عن طريق السلام الابدي الذي يعبر الي حياتنا: محبة الله اولا ؛ ومحبة القريب كمحبة الانسان لنفسه.
3890Loading...
22
+اذا تصورنا الله روحا علي الأقل دون ان نتصوره جسديا - هذا الموضوع الذي سبق معالجته بتوسع بالأمس،ان كنت قد نجحت في ازالة تلك الصورة البشرية من قلوبكم كما من هيكل الله،اذا كان الرسول يعبر عن مضايقته من هؤلاء الذين" بينما هم يزعمون انهم حكماء ،صاروا جهلاء،ابدلوا مجد الله الذي لايفني بشبه صورة الانسان الذي يفني"( رو١: ٢٢-٢٣). ان كان هذا قد دخل الي اعماق افكاركم،وامتلك قلوبكم الداخلية،ان كنتم تنفرون من هذا الكفر،وتحفظون لله هيكله نقيا،ان كنتم تريدونه يأتي،ويجعل له مسكنا فيكم،" تفطنوا في الرب بفطنة صالحة،واطلبوه ببساطة قلب"( حك١:١). +عملنا كله ايها الاخوة في هذه الحياة هو شفاء عين القلب التي بها يري الله.من اجل هذا الهدف نمارس الاسرار المقدسة،وبهذا الهدف نكرز بكلمة الله؛ ولهذه الغاية تقدم النصائح الاخلاقية للكنيسة،هذه التي تنتمي الي تصحيح الاخلاقيات،وضبط للشهوات الجسدية،وجحد العالم لا بالكلام فقط،وانما بتغيير الحياة.الي هذا الهدف توجه كل غاية الكتب الإلهية المقدسة،حتي يتطهر الإنسان الداخلي من كل مايعوقنا عن رؤية الله. +من يرغب في ان يحب الله ،ويحذر من ان يخطئ في حقه،عليه ان ينقي نيته المستقيمة التي لقلبه من كل ثنائية.بهذا الطريق يفكر في الرب صالحا،ويطلبه ببساطة قلب( راجع حك١:١). +حيث توجد خداعات كثيرة هكذا واخطاء للأشرار والفاسدين المتذمرين علي الحكمة،فكم نحتاج الي عين طاهرة بسيطة لكي تجد طريق الحكمة؟ ان تهرب من كل هذه ،انما هو ان تبلغ الي الضمان الكامل للسلام،والي سكني الحكمة غير المتغيرة. +يحوي القلب العيون التي تنظر الله...انها تستنير الآن بالإيمان،الامر الذي يناسب ضعفها.اما فيما بعد،فتستنير برؤية الله،اذ تكون قوية." فإذا ...ونحن مستوطنون في الجسد فنحن متغربون عن الرب،لاننا بالإيمان نسلك لا بالعيان"(١كو٥: ٦-٧). +" طوبي للانقياء القلب لانهم يعاينون الله"( مت٥: ٨)... كما يعلم القديس امبروسيوس ،فإنه حتي في القيامة لايري الكل الله،انما انقياء القلب.وكما يقول يسوع المسيح ربنا:" طوبي للأنقياء القلب لانهم يعاينون الله"( مت٥: ٨). هذا يعني ان البعض لن يروا الله.نحن نعلم ان غير المستحقين سوف لايروه.وكما قال ربنا:" كل الذين في القبور يسمعون صوته ويخرجون"، لكنه هنا يضع تمييزا." الذين صنعوا الصالحات يقومون للحياة،واما الذين صنعوا الشر فيقومون للدينونة"( يو٥: ٢٨-٢٩). بدون شك لن يسمح للشيطان وملائكته برؤية الله نهائيا ،لانهم ليسوا انقياء القلب.يلزمنا ان نفهم بوضوح ماقد ورد في سفر ايوب ،حيث يصف الملائكة قادمين في حضرة الله،وقد جاء الشيطان معهم.لسنا نعتقد بأن الشيطان رأي الله.لقد جاءوا في حضرة الله،لكنه لم يأت الي حضرتهم ،هنا التمييز ،عندما نري شيئا يأتي الي حضرتنا... لقد جاءت الملائكة والشيطان ووقفوا امام الرب،لكن الرب لم يكن امامهم .لايريد الاشرار ان يروا ،وبالحق لايقدرون ان يروا الله.لذلك ما اخبركم به الآن فهو عن فهم عميق ،ومهم لنا جميعا .بالحقيقة يوجد اناس لايريدون بالحق ان يروه.وكما يحذرنا القديس امبروسيوس :" الانسان الذي لايريد ان يري الله لن يراه .فإن الله لايري في اي موضع ،وانما في القلب النقي. في هذا القول يطلب منا امبروسيوس محب الله الحقيقي ان نأخذ حذرنا .فإن لم تكرس نفسك لنوع من العمل الروحي الذي ينقي القلب علي الدوام،اي تتحرر من الفكر العالمي والإغراءات التي تسبب ظلمة روحية وتثير الشهوات الجسدية ،فإنك بالحقيقة لاتريد ان تري الله.
3960Loading...
23
رؤية الله عند القديس اغسطينوس بالقلب النقي نتمتع برؤية الله كثيرا ماهاجم القديس اغسطينوس- ككثير من آباء الكنيسة- بدعة" تصور شكل الله الإنساني"Anthropomorphism,حيث يتخيل البسطاء الله بأعضاء جسدية ضخمة.لذا كثيرا مااكد القديس اغسطينوس اننا نري الله بالبصيرة الداخلية،اي بالقلب النقي،فهو لايري بالعينين الجسديتين اللتين تعاينا المحسوسات. نقاوة القلب هو الطريق للتمتع برؤية الله لإدراك مدي خطورة بعض البسطاء الذين سقطوا في هذه البدعة،نذكر ماحدث مع البابا ثيؤفيلس السكندري. سقط بعض البسطاء من الرهبان في بدعة التجسيم او" تصور شكل الله الإنسانيAnthropomorphism" او خلع الشكل الإنساني علي اللاهوت ،وقد جذبوا وراءهم كثيرين.وحدث نزاع بين الاوريجانيين واصحاب بدعة الانثروبومورفيسم حول السؤال: هل الله له اعضاء جسدية؟ وفي عام ٣٩٩م جاءت الرسالة الفصحية التي يحدد فيها البابا ثيؤفيلس ال٢٣ موعد عيد القيامة تلمح بطريق غير مباشر انه لايليق بنا ان نفكر في الله بطريقة جسمانية مادية،اذ هو غريب عن الشكل البشري.وقد روي القديس يوحنا كاسيان في كتابه " المناظرات" اثر هذه الرسالة علي جماعة الرهبان،فقد رفضت المجامع قراءتها،ماعدا القديس بفنوتيوس الذي كان ابا لمنطقة شيهيت العليا،فقد تلاها في مجمعه. للأسف تزعم الناسك البسيط صرابيون حركة مقاومة ضد هذه الرسالة الفصحية ،وقد انضم اليه حشود من الرهبان بسبب بساطته ونسكه. ومما يحزن قلب الانسان،ان جماعات الرهبان التي خرجت الي البرية تتفرغ للصلاة والجهاد من اجل محبة الله والناس،قد اخذتهم الغيرة والحماس فتركوا الإسقيط وخرجوا حشدا غفيرا الي الإسكندرية،حيث احاطوا بالبطريركية يصيحون ويتوعدون مهددين بقتل الكافر ثيؤفيلس! هذا ماسجله لنا بعض المؤرخين القدامي. ربما لا اكون مبالغا ان قلت ان كثيرين منهم- في بساطة- خرجوا وراء قلة يثقون فيهم ثقة عمياء،خرجوا وهم لايعلمون ماذا جاء في الرسالة الفصحية،او ربما شرحها لهم القادة بطريقة مثيرة.لكن هذا لايبرر موقفهم الثوري الذي لايحمل ترويا ولا روحانية! اما البابا ثيؤفيلس الذي عشق الجلوس مع الآباء الرهبان،كلما ضاقت نفسه نزل الي البرية ينعم ببركة الوجود بين رهبان قديسين،بل وكثيرا ماكان يستشيرهم وينتفع بهم،فقد ادرك خطورة الموقف.فإن كثيرين منهم بسطاء وعباد روحيين،لكن يسهل قيادتهم،بل يبذلون كل حياتهم من اجل طاعة مرشديهم الروحيين،مملوءين غيرة وحبا لله.راي ان الوقت ليس مناسبا للجدال والنقاش،بل اراد كسب صداقتهم حتي يعالج الامر بهدوء وسكينة.بحكمة التقي بهم قائلا بلطف:" اذ اراكم انظر وجه الله". لم يتحدث في خبث لكن بحكمة،فإنه يري الله في داخلهم كأولاد لله.اما هم فحسبوه يؤمن بوجود " وجه جسماني لله" .فسروا قوله تفسيرا حرفيا كعادتهم.وفعلا خفت حدة غضبهم ،واجابوه :" ان كنت تقول حقا بوجود ملامح الله مثلنا فاحرم كتب اوريجين،فقد استخرج البعض منها ادلة تخالف قولنا.وان لم تفعل ذلك،فتوقع منا معاملتك ككافر عدو الله.احابهم ثيؤفيلس :" اني مهتم بهذا الامر،ومستعد ان اجيب طلباتكم ،لاتغضبوا علي.فإني لست موافقا علي اعمال اوريجين،والوم من يقتنيها". من كلمات القديس اغسطينوس في هجومه علي بدعة " تصور شكل الله الإنساني"Anthropomorphism،كتب: +عملنا جميعه في هذه الحياة ايها الاخوة ان تشفي عينا القلب اللتان بهما نعاين الله! هذا هو غاية احتفالنا بالاسرار المقدسة،وهدف البشارة بكلام الله! +يالغباوة الباحثين عن الله بهذه العيون الخارجية ،اذ لايري الله الا بالقلب،وذلك كما هو مكتوب في موضع آخر" التمسوه بقلب سليم ( بسيط)"( حك١:١)، لانه ماهو القلب النقي سوي القلب السليم والبسيط.وكما ان هذا النور لايري الا بعيون نقية،هكذا لايري الله مالم يكن ذاك الذي يراه ( اي القلب) نقيا. +لاتستسلموا للتفكير بأنكم سترون لله وجها جسديا ،لئلا بتفكيركم هذا تهيئون اعينكم الجسدية لرؤيته ،فتبحثون عن وجه مادي لله...تنبهوا من هو هذا الذي تقولون له بإخلاص:" لك قال قلبي...وجهك يارب اطلب"... فلتبحثوا عنه بقلوبكم. يتحدث الكتاب المقدس عن وجه الله وذراعه ويديه وقدميه وكرسيه وموطئ قدميه...ولكن لاتظنوا انه يقصد بها اعضاء بشرية.فإن اردتم ان تكونوا هيكل الله،فلتكسروا تمثال البهتان هذا ( اي تصور الله بصورة مجسمة بشرية)! ان يد الله يقصد بها قوته،ووجهه يقصد به معرفته،وقدميه هما حلوله،وكرسيه هو انتم ان اردتم...نعم،لانه ماهو كرسي الله سوي الموضع الذي يسكنه؟ واين يسكن الله الا في هيكله؟ " لان هيكل الله مقدس الذي انتم هو"(١كو٣: ١٧). اسهروا اذن لاستقبال الله! " الله روح،والذين يسجدون له فبالروح والحق ينبغي ان يسجدوا"( يو٤: ٢٤).ليدخل تابوت العهد قلوبكم ،وليسقطوا داجون ان اردتم (١صم٥: ٣).
3390Loading...
رؤية الله عند القديس انبا انطونيوس الكبير رؤية الله في الكتابات النسكية تكشف سيرة القديس انبا انطونيوس التي سجلها البابا اثناسيوس الرسولي عن طريقه النسكي انه لايحمل اتجاها تأمليا كأعظم من العمل،او حتي كغاية.لكن الطريق النسكي هو طريق الصلاة الدائمة والسهر مع ممارسة الحياة الفاضلة عمليا.هو طريق الجهاد من اجل عدم الفساد ،حيث يصارع الإنسان ضد قوات الظلمة من اجل تنفيذ وصايا الإنجيل،خاصة وصية محبة الله ومحبة القريب. وفي القوانين الرهبانية للقديس باسيليوس الكبير الحياة الرهبانية كصراع روحي من اجل عدم الفساد.يقدم لنا جماعة مسيحية مثالية،تنكر ذاتها في حياة الطاعة،لا مكان للمعرفة التأملية فيها. اعرف نفسك تعرف الله +من يعرف نفسه يعرف الله،ومن يعرف الله يعرف ايضا تدابيره التي يصنعها من اجل خلائقه. +من عرف نفسه عرف الله،ومن عرف الله يستحق ان يعبده بالحق. رؤية الله والقداسة +لاتعطوا نعاسا لأعينكم،ولا نوما لأجفانكم( مز١٣٢: ٤)، حتي تقدموا انفسكم ذبيحة لله في كل قداسة،لكي ماتروه.لأنه بدون قداسة لايستطيع احد ان يري الرب كما يقول الرسول( عب١٢: ١٤). +الذهن الذي يحيا في نفس نقية لله( منفذة للوصية)، يري بالحق الله غير المنظور ولاموصوف...يري الله الذي وحده طاهر بالنسبة للطاهرين. الرؤي السماوية والمناظر المخادعة يقدم لنا القديس انطونيوس الكبير تمييزا بين الرؤي السماوية والمناظر المخادعة،فالأولي حتي ان بدأت بخوف او اضطراب،لان الانسان لم يعتد رؤيتها ،لكنها تبعث سلاما حقيقيا في النفس،اما الأخري فتفقد النفس سلامها.الأولي تلهب القلب بالسمائيات،اما الثانية فتشعل الذهن وتربكه بالزمنيات،اذ يقول: +ظهور هذه الارواح ( الملائكة) هادئ وصامت،يخلق فرحا في النفس وشجاعة،لأن الرب فرحنا.الأفكار التي تخلقها هذه الظهورات تجعل النفس غير متزعزعة حتي تنيرها بهذا الفرح،فتعرف ماهي الارواح التي تظهر لها،اذ ان الشوق الإلهي وشوق الخيرات العتيدة يدخلان النفس ويتحدان بها. ان كان يوجد من يخاف من ظهور الأرواح الشريرة،فهذه الارواح ( الصالحة) تطرح عنه الخوف جانبا بالمحبة التي تظهرها كما فعل جبرائيل مع زكريا ( لو١: ٣)، وكما فعل الملاك الذي ظهر للنسوة عند قبر الرب( مت٢٨: ٥)، وعندما ظهر للرعاة قال لهم : لاتخافوا( لو٢: ١٠). ان خوف هؤلاء لم يكن نتيجة الخوف،بل نتيجة اليقين بظهور الملائكة الصالحين؛ هذا هو ظهور الملائكة القديسين. +اذا ما رأينا ارواحا واثارت اضطرابا وضربات خارجية وتخيلات دنيوية وتهديدا بالموت وكل ماذكرناه،فلنعرف ان هذا هو هجوم ارواح شريرة.
Показать все...
رأي التلاميذ كلمة الرب وسمعوه...هؤلاء الذين شاهدوا مجد الكلمة مع موسي وايليا ( مت١٦: ٣) رأوا الرب يسوع،اذ شاهدوه في مجده،اما الآخرون ( اليهود) فلم يروه،هؤلاء الذين عرفوه حسب الجسد،اذ اعطي للبصيرة الروحية،لا للعيون الجسدية،ان تري يسوع.لم يره اليهود مع انهم ابصروه( جسديا). اما ابراهيم فقد رآه كما هو مكتوب:" ابوكم ابراهيم تهلل بأن يري يومي،فرأي وفرح"( يو٨: ٥٦)، مع انه بالتأكيد لم يره حسب الجسد...غير ان اليهود لم يروه،اذ" اظلم قلبهم الغبي"( رو١: ٢١)... عندما نري الرب نري عمانوئيل،فندرك ان الله معنا ،اما من لايبصر الله معه،فإنه لايعرف بعد مولود العذراء. +لقد طوب الرب الكثيرين ،لكنه لم يعد بمعاينة الله سوي لأنقياء القلب...اننا لانعاين الله في مكان ما ،بل نعاينه في القلب النقي.لانبحث عنه بالعين الجسدية،فإنه لايحد بالنظر ،ولا بسمع الأذن ،ولايعرف بخطواته،وانما وهو غائب( بالجسد) نراه،وقد يكون موجودا ( بالجسد) ولانراه.لم يره جميع التلاميذ لذلك قال:" انا معكم زمانا هذه مدته ولم تعرفني يافيلبس؟"( يو١٤: ٩)، اما من استطاع ان يدرك ماهو العرض والطول والعمق والعلو ويعرف محبة المسيح الفائقة المعرفة( اف٣: ١٨-١٩).فإنه يري المسيح ،ويري الآب ايضا.لأننا" الآن لانعرف المسيح حسب الجسد"(١كو٥: ١٦) بل حسب الروح...فليترأف الله علينا ويرحمنا ويملأنا الي ملء الله حتي نستطيع ان نعاينه. +تحمل كافة هذه الامور في طياتها اسرارا ومعان صحيحة،فإنه حسب قدرتك يصغر الكلمة او يكبر بالنسبة لك،فإن لم تصعد الي القمة بحذر فائق لن تعلن لك" الحكمة"، ولاتنكشف امامك معرفة الاسرار،ولاتظهر لك امجاد كلمة الله وجماله،انما يظهر لك كلمة الله كما في الجسد لامنظر له ولا جمال( اش٥٣: ٢) يظهر لك كإنسان اضناه الألم،يحتمله لأجل ضعفنا.يظهر لك مثل كلمة غلفتها ملابس الحرف،ولاترقي الي قوة الروح. +من يرتفع فوق العالم ،فوق ازمنة الدهر،ويثبت في الاعالي يتطلع الي ثمار الابدية التي للقيامة العتيدة.اذن فلنتخطي اعمال الحياة حتي نستطيع ان نري الله وجها لوجه.
Показать все...
👍 2 1
رؤية الله عند القديس امبروسيوس +ماالذي يدهشنا ان كان لايري احد الله في هذا العالم اذ هو غير منظور ،فلايري مالم يكشف هو عن ذاته؟ انما في القيامة لايراه غير انقياء القلب ،لأن" طوبي للأنقياء القلب،لانهم يعاينون الله"( مت٥: ٨). لقد طوب الرب الكثيرين ،لكنه لم يعد بمعاينة الله الا لأنقياء القلب. +لانعاين الله في مكان ما،بل في القلب النقي ،لاتبحث عن الله بالعين الجسدية... بل من يستطيع ان يدرك ماهو العرض والطول والعمق والعلو ،ويعرف محبة المسيح الفائقة المعرفة( اف٤: ٢٠)، فبرأفة الله علينا ورحمته يبلغ بنا الي قياس قامة ملء المسيح حتي نستطيع ان نعاينه
Показать все...
2
رؤية الله عند القديس امبروسيوس يري القديس امبروسيوس في صعود زكا قصير القامة شجرة الجميز لرؤية السيد المسيح اشارة الي ارتفاع المؤمن الذي يسبب الخطية صار قصير القامة محروما من رؤية السيد فوق حرف الناموس،فلم يعد تحت الناموس،بل مرتفعا بالروح فوق الناموس ليعاين بالنعمة السيد المسيح.وكأن صعود شجرة الجميز هو انطلاق من الفكر الحرفي في تفسير الكتاب المقدس الي التمتع بالفكر الروحي العميق خلال شجرة الصليب المقدسة. ويعلق القديس امبروسيوس علي دعوة الفريسيين " عميانا" موضحا انهم بلا عذر فقد رأوا السيد المسيح ،لكن حسب الجسد،ببصيرة روحية عمياء،اذ اظلم الرياء وحرفية العبادة قلوبهم،قائلا:[ لم يبصره اليهود مع انهم رأوه.] غير ان رجال الإيمان من اسلافهم لم يروا الرب بالجسد،لكنهم عاينوه روحيا،اذ لهم البصيرة المستنيرة،لهذا يقول الكتاب ان الشعب كان يري صوت الله( خر٢: ١٨). ويعلق القديس،قائلا : [ من الواضح ان الصوت يسمع ولايري،فما الصوت إلا موجات تسمعها الأذن،ولاتراها الأعين.هذه فكرة عميقة دفعت موسي ليؤكد ان الإنسان يري صوت الرب ،يراه داخل القلب حيث يشخص اليه بعينيه ( الداخليتين)... رآه ابراهيم كما هو مكتوب :" ابراهيم تهلل بأن يري يومي"( يو٨: ٥٦).. رأي الرب مع انه بالتأكيد لم ينظره بالجسد...الذين صرخوا: اصلبه،اصلبه،لم يروه،" لانهم لو عرفوا رب المجد لما صلبوه"(١كو٢: ٨).] وجاء تفسير القديس امبروسيوس( لو١: ١١) يحمل ذات الفكرتين ان الله وملائكته بظهرون حينما يريد الله،كعطية إلهية،وان القلب النقي يعاين الله،فمن كلماته: +اننا نري الرب عندما يريد ذلك،لكننا لانستطيع ان نراه بطبيعته كما هو...ظهر لإبراهيم لأنه اراد ذلك.لكن ان لم يرد الانسان ،فلايظهر له الرب.رأي القديس استفانوس السماوات مفتوحة،وابن الانسان قائما عن يمين الله،بينما كان الشعب يرجمه( اع٧: ٩)، ولم ينظر الشعب الله.ايضا ابصر اشعياء السيد رب الجنود ( اش٦: ١)، لكن احدا غيره لم يستطع ان ينظره.
Показать все...
2
رؤية الله عند القديس كيرلس السكندري بلغ اللاهوت السكندري كماله في التعبير في القرن الخامس في فكر القديس كيرلس السكندري،مرتفعا بفكرة تحديد المؤمن ليصير علي صورة خالقه كهدف سام للخلائق،متحررا من كل اثر اوريجاني. يقدم القديس كيرلس لاهوتا حقيقيا ،لاهوت الثالوث القدوس حيث لايوجد مجال لإله الفلاسفة. حسب كلمات الرسول بطرس الطبيعة المخلوقة مدعوة لشركة الطبيعة الإلهية. اللوغوس هو وحده الابن بالطبيعة،لكن بالتجسد نصير ابناء بالشركة.فبالشركة مع الابن يضئ فينا جمال طبيعة الثالوث غير المدركة،كما يضئ النار في الحديد عندما يصير محمرا.نصير مثل الابن ،ابناء بالشركة،لشركة الطبيعة الإلهية،او اتحادنا مع الله في الروح القدس.يجعلنا الروح القدس علي شكل الابن ،كما صورة الآب. الروح القدس ليس فقط مصدرا للحياة الروحية،بل هو اساس المعرفة التي تجعلنا نشعر بهذه الحياة في النعمة. +رفع المسيح عينيه ليعلن ان الذين يحبونه يتأهلون للنظرة الإلهية.وكما قيل لإسرائيل في البركة:" يرفع الرب وجهه عليك ،ويمنحك سلاما"( عد٦: ٢٦). يقول القديس كيرلس الكبير: [اراد( زكا) ان يري يسوع،لذا تسلق شجرة جميز،هكذا نمت في داخله بذرة الخلاص.وقد رأي المسيح بعيني اللاهوت( ايمان زكا) ،وبرؤيته هذه نظره ايضا خلال عيني الناسوت،فبسط له لطفه وشجعه،قائلا له:" اسرع وانزل". طلب ان يراه،فعاقته الجموع،لكن لم تعقه الجموع مثلما عاقته خطاياه.لقد كان قصير القامة لا من جهة الجسد فحسب،وانما روحيا ايضا. لم يكن له طريق آخر ليراه سوي ان يصعد فوق الارض متسلقا شجرة جميز ،هذه التي كان المسيح مزمعا ان يمر بها. الآن تحمل هذه القصة في داخلها رمزا ،اذ لايمكن لإنسان ان يري المسيح ويؤمن به مالم يصعد شجرة الجميز ،بمعني اقماعه لأعضائه التي علي الارض،الزني والنجاسة الخ.] وهذا وقدم البابا غريغوريوس ( الكبير) تفسيرا مشابها لفكر القديس كيرلس الكبير في الفقرات الاخيرة السابقة اذ رأي في شجرة الجميز شجرة تحمل ثمرا ضعيف القيمة؛ بهذا لايقدر احد ان يعاين السيد المسيح مالم يرتفع بالإيمان فوق الامور الزمنية التافهة كشجرة جميز،يعلو عليها بتأمله في الإلهيات وتمتعه بالحكمة السماوية.
Показать все...
3👍 1
الاقتراب من المائدة المقدسة ورؤية الله +كأن الإنسان قد اخذ الي السماء عينها،يقف بجوار عرش المجد ،يطير مع الساروفيم ،يترنم بالتسبحة المقدسة. التجلي ورؤية الله في لحظات التجلي انطلق السيد المسيح بتلاميذه الثلاثة بطرس ويعقوب ويوحنا الي جبل تابور،ومن هناك عبر بهم فوق المكان والزمان.قدم لهم رحلة تعبر بهم فوق التاريخ،ليسطع بنور لاهوته الأزلي امامهم.لقد حجب عنهم قليلا ذلك الجسد الذي حجب مجد لاهوته،وتجلي امامهم،مظهرا لهم بهاء جمال مجده قدر مايحتملون.لقد تغيرت هيئته فصار يضئ كالشمس،وفي نفس الوقت قام بتغيير حواسهم حتي يمكنهم التمتع بهذه الرؤية.فإن كان السيد قد تجلي لكي يكشف جزئيا مجد بهائه ففي نفس الوقت دخل بتلاميذه كما الي الفردوس،واهبا اياهم القدرة علي معاينته. لرؤية الله فينا نحتاج لا الي تجلي السيد المسيح فينا ،فحسب ليعلن المجد الذي له والذي اخفاه عن اعيننا الضعيفة حتي لاتصاب بالأذي ،وانما نحتاج ايضا الي نعمة الله الفائقة ليتجلي داخلنا بالمجد الموهوب لنا خلال الشركة مع الله في ابنه بالروح القدس ،فتقدر عيوننا علي التطلع اليه.يمكننا القول اننا نصير نورا للعالم ونار حب لايخمد.بهذا ندرك قول الرسول:" لا احيا انا،بل المسيح يحيا في "( غل٢: ٢٠). يقول القديس غريغوريوس اللاهوتي: ان الألوهة التي تراءت للتلاميذ علي الجبل كانت نورا.ويقول القديس يوحنا الذهبي الفم:" تراءي الرب اكثر تألقا عندما ابدت الألوهة اشعتها". ويسميها القديس مقاريوس الكبير:" مجد الروح القدس".
Показать все...
2
رؤية الله وادراكه عند القديس يوحنا الذهبي الفم ٧.يري ايضا ان معرفتنا للأمور الإلهية هنا محدودة وغاية في الضآلة،لكننا سنعرف الكثير في الحياة الابدية،معتمدا علي قول الرسول:" لأننا نعلم بعض العلم ...ولكن متي جاء الكامل ،فحينئذ يبطل ماهو بعض"(١كو١٣: ٩-١٠)... ويقارن الرسول المعرفة الحالية والمعرفة في الحياة الاخري بمعرفة الطفل ومعرفة الرجل الناضج،او التطلع في مرآة في لغز والنظر وجها لوجه(١كو١٢: ١١-١٢)، ومع هذا فإن المعرفة الكاملة التي في الحياة الاخري تقدم لنا قدر مانستطيع ان ندرك هناك. +ان كان ( الله) لايري،لكنه موجود وحاضر الآن،وسيظهر بعد ذلك.لهذا توجد حاجة الي الصبر ،فإنه لهذه الغاية قبلتم العجائب حتي تصيروا بها ثابتين. فيما يلي ترجمة للعظة الخامسة عشر علي انجيل القديس يوحنا التي تحمل ذات الافكار الواردة في مقالاته الاثني عشر عن عدم ادراك طبيعة الله: [ " الله لم يره احد قط"( يو١: ١٨). بماذا تجيب علي الصوت القدير لإشعياء القائل:رأيت الرب جالسا علي عرش عال ومرتفع"( اش٦: ١)؟ وعن يوحنا الذي يشعد له :" قال اشعياء هذا حين رأي مجده"( اش٦: ١). وماذا نجيب عن حزقيال القائل انه رآه ايضا جالسا فوق الشاروبيم( حز٢١: ١)؟ وماذا عن موسي نفسه القائل:" اكشف لي عن مجدك لكي اراك لأعرفك"( خر٣٣: ١٣ LXx)؟ وماذا عن دانيال القائل:" جلس القديم الايام"( دا ٧: ٩)؟ ويعقوب اخذ اسمه عنه نفس الأمر،فقد دعي" اسرائيل"، اذ تعني الكلمة " يري الله". اذن كيف يقول يوحنا:" الله لم يره احد قط"؟ هذه اعلانات ،كلها امثلة عن تنازله،وليست رؤي لجوهره بالكشف عنه.لانهم لو نظروا جوهره ذاته لما رأوه تحت اشكال مختلفة،اذ هو بسيط،بغير شكل ولا اعضاء ولا اساليب محددة.طبيعته لاتجلس ولاتقف ولاتمشي،فإن هذه الامور كلها تخص الاجساد،اما كيف هو... هو وحده الذي يعلم،هذا ما اعلنه بواسطة نبي قائلا:" كثرت الرؤي،وبيد الانبياء مثلت امثالا تشبيهات"( هو ١٢: ١٠)، بمعني : اني اتنازل ،ولست اظهر كما انا حقيقة. فإذ كان ظهور ابنه في الجسد قد اقترب،هيأهم منذ القديم لرؤية الله قدر ما يستطيعون.اما ماهو الله حقا،فإنه ليس فقط لايراه المؤمنون،بل ولايراه الملائكة ولا رؤساء الملائكة.اذ سألتهم تسمعهم لايجيبون بشئ عن جوهره،بل يرسلون:" المجد لله في الاعالي وعلي الارض السلام وبالناس المسرة"(لو٢: ١٤). ان اردت ان تعرف شيئا عن الشاروبيم والساروفيم اسمع التسبحة السرية التي تخص قداسته:" السماء والارض مملوءتان من مجده"( اش٦: ٣)، اذ يقول داود:" سبحوه ياكل جنوده"( مز١٤٨: ٢). ان سألتم عن القوات العلوية تجدون عملهم الوحيد هو تسبيح الله،لكن الابن وحده هو الذي يراه والروح القدس. كيف تقدر طبيعة مخلوقة ان تعاين الطبيعة غير المخلوقة؟ ان كنا لانقدر مطلقا ان نشاهد اية قوة روحية حتي المخلوقة مثل الملائكة،فكم بالأحري لانقدر ان نري الجوهر الروحي غير المخلوق، لذلك يقول بولس:" الذي لم يره احد من الناس،ولايقدر ان يراه"(١تي٦: ١٦). هل هذه الخاصية تخص الآب وحده دون الابن؟ حاشا لنا ان نفكر هكذا! انما تخص الابن ايضا .لكي تعرف هذا،اسمع بولس الذي يقول عنه ذات الامر:" صورة الله غير المنظور"( كو١: ١٥). فإن كان هو صورة غير المنظور يلزم ان يكون غير منظور ،وإلا فلايكون صورته. لاتتعجب من بولس حين يقول في موضع آخر:" الله ظهر في الجسد"(١تي٣: ١٦)، فقد تحقق الظهور خلال الجسد،لكن ليس ظهورا للجوهر. اضف الي هذا ان بولس يتحدث عنه كغير منظور ،ليس فقط بين البشر،بل وايضا بين القوات العلوية ،اذ بعد قوله" ظهر في الجسد" يقول "تراءي لملائكة". عندما لبس الجسد صار منظورا حتي بالنسبة للملائكة.اما قبلا فلم تره الملائكة،اذ جوهره غير منظور حتي بالنسبة لهم. ربما يسأل البعض:اذا كيف يقول المسيح:" لاتحتقروا احد هؤلاء الصغار،لاني اقول لكم ان ملائكتهم في السماوات كل حين ينظرون وجه ابي الذي في السماوات"( مت١٨: ١٠)؟ هل لله وجه؟ وهل يحد بالسماوات؟ ياله من جنون ان تزعم هذا. اذن ماهو معني هذه الكلمات؟ انها كقوله:" طوبي للأنقياء القلب ،لأنهم يعاينون الله"( مت٥: ١٨). انه يقصد الرؤية العقلية الممكنة لنا،حيث يكون لنا الله في فكرنا.هكذا ايضا بالنسبة للملائكة،فإننا نفهم انه بسبب نقاوة طبيعتهم الساهرة لايفعلون شيئا سوي ان يتصوروا الله علي الدوام امامهم. لهذا يقول المسيح" لا احد يعرف الآب الا الابن"( مت١١: ٢٧). ماذا اذن،هل جميعنا تجهل الآب؟ حاشا،لكن ليس احد يعرفه كمعرفة الابن له.كثيرون رأوه في شكل رؤي يسمح لهم بها،لكن ليس من يري جوهره.كثيرون منا يعرفون الله،اما جوهره فلا يعرفه احد،غير المولود منه.اذ يقصد بكلمة "يعرف" ان تكون له فكرة دقيقة وادراك كما للآب نحو الابن." كما ان الآب يعرفني ،انا اعرف الآب"( يو١٠: ١٥). لا حظ بأي كمال يتحدث الإنجيلي،فإنه اذ يقول:" الله لم يره احد قط"، لايكمل القول:" الابن الذي يري هو خبر" انما يتحدث عن الرؤية بأكثر من هذا يقول،" الذي هو في حضن الآب هو خبر".
Показать все...
فمن يكون في الحضن تعني اكثر من الرؤية.فمن يري فقط لاتكون له معرفة دقيقة في كل شئ،اما الذي في الحضن ،فلن يجهل شيئا عنه... انه يشير الي الابن الحقيقي،الواحد،الذي له ثقة عظيمة نحو ابيه،والذي ليس بأقل منه.] +ماذا اذن؟ هل لله جسد؟ لايمكن! فإن الرؤية التي يتحدث عنها ليست بجهة من الجهات جسما،فالبصر هنا انما يريد به بصيرة العقل،وفي هذه الجهة بين السيد المسيح ان جوهره هو جوهر ابيه.هنا يعلن عن الشركة في ذات الجوهر". +" طوبي للأنقياء القلب،لأنهم يعاينون الله"( مت٥: ٨)... لايوجد شئ اعظم نحتاجه لكي نعاين الله مثل هذه الفضيلة الاخيرة.لهذا قال بولس:" اتبعوا السلام مع الجميع، والقداسة التي بدونها لن يري احد الرب"( عب١٢: ٤). يتحدث المسيح هنا عن معاينة عظيمة بمقدار ماهو ممكن للإنسان ان يحظي بها. +" فإننا ننظر الآن في مرآة،في لغز( مرآة غامقة) ،لكن حينئذ وجها لوجه"(١كو١٣: ١٢)... حتما ليس لله وجه،لكن بولس يستخدم هذه الصورة ليشير الي وضوح اعظم وفهم اعمق. اذ يجلس احد في ظلمة الليل لايجر وراء نور الشمس مادام لايستطيع ان يراه،ولكن اذ يحل الفجر ،ويبدأ بهاء الشمس ان يشرق عليه،فإنه سيتتبع نورها.
Показать все...
1
رؤية الله وادراكه عند القديس يوحنا الذهبي الفم 6. اعلن القديس انه ليس طبيعة الله فقط غير مدركة،وانما حتي احكام عنايته بنا وتدابيره من نحونا فوق ادراكنا ،ففي حديثه عن مرض" العثرة" ،قاصدا تشكك الإنسان في عناية الله بسبب مايحل به من ضيقات ،يقول : [ماهي علة هذا الخطر العظيم : تجاهل عناية الله؟... تري من فاق بولس في حكمته؟ أخبرني ألم يكن اناء مختارا؟ الم يأخذ نعمة الروح الفائقة غير المنطوق بها؟ ألم يتكلم المسيح فيه؟ ألم يسمع ما لايحق لإنسان ان ينطق به؟ ألم يختطف الي الفردوس، وارتفع الي السماء الثالثة؟ ألم يجوب البحر والبر لكي يجذب الوثنيين الي المسيحية؟ ... ومع هذا كله، فإن هذا الرجل بعظمته وحكمته وقوته وامتلائه بالروح،اذ خصه الله بهذه الامتيازات، عندما يتطلع الي عناية الله، لا في كل جوانبها،بل في جانب واحد منها،تأخذه الرعدة منسحقا،ويتراجع سريعا خاضعا لله غير المدرك... اكتشف الرسول انه امام محيط واسع،واذ حاول فحص اعماق هذه العناية ارتجف متحققا استحالة تفسير عللها،وارتعب قدام عنايته اللانهائية غير المحدودة ولا موصوفة ولا مفحوصة ولا مدركة.تراجع في مهابة متعجبا ،وهو يقول:" يالعمق غني الله وحكمته وعلمه!"( رو١١: ٣٣). لقد اوضح بعد ذلك كيف تلامس مع اعماقها دون ان يفلح في استقصائها،قائلا: ماابعد احكامه عن الفحص،وطرقه عن الاستقصاء؟... انهي حديثه وقد امتلأ عجبا ورعدة بأنشودة شكر،قائلا: " لأن من عرف فكر الرب او من صار له مشيرا؟ او من سبق فأعطاه ،فيكافأ؟ لان منه وبه وله كل الاشياء. له المجد الي ابد الابد. آمين"]
Показать все...
3👍 1
رؤية الله وادراكه عند القديس يوحنا الذهبي الفم ٥-يود القديس ان ينصب اهتمام المؤمن لا علي التعرف علي طبيعة الله،انما علي التمتع بوجوده معه،واعلان رائحة معرفته في حياته الروحية السماوية .[ اننا نعرف الله انه كائن ،اما طبيعته فلسنا نعرفها بعد.اننا نشبه مجمرة ملوكية،اينما وجدنا تنبعث فينا الرائحة السماوية،الرائحة الروحية الزكية.]
Показать все...
4