cookie

Мы используем файлы cookie для улучшения сервиса. Нажав кнопку «Принять все», вы соглашаетесь с использованием cookies.

avatar

المكتبة الاسلامية (السودان)

كتب... مقالات.. اقوال..حكم... لطلب كتاب ديني واسلامي راسلني هنا @Zoolbeshkhbet

Больше
Ирак202 830Язык не указанКатегория не указана
Рекламные посты
175
Подписчики
Нет данных24 часа
Нет данных7 дней
Нет данных30 дней

Загрузка данных...

Прирост подписчиков

Загрузка данных...

على منهاج النُّبُوَّة ٥٠ وأنتَ صحيحٌ شحيحٌ! جاء رجلٌ إلى النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم فقال: يا رسول الله، أيُّ الصَّدقة أعظمُ أجراً؟ فقال له: أن تتصدَّقَ وأنتَ صحيحٌ شحيحٌ، تخشى الفقرَ وتأملُ الغنى، ولا تُمْهِلْ حتى إذا بلغت الحُلقوم، قُلتَ: لفُلانٍ كذا، ولفُلانٍ كذا، وقد كان لفُلان! اِشبعوا من العباداتِ وأنتم في كاملِ الصحةِ والعافيةِ قبل أن يُحالَ بينكم وبينها! تلذَّذوا بالسجود وأنتم أقوياء، ضعوا جِباهكم الشابة على الأرضِ له، قبل أن يجلسَ أحدُكم على كرسيٍّ ولا يستطيع من السجود أكثر من أن يحني رأسه إلى الأمام قليلاً! صحيح أن السُّجودين يقبلهما الله، ولعلَّ ساجداً على كُرسيه، قد سجدَ قلبه وكل عضو فيه، ولكنَّ العبادة في حال القوة أحب إلى الله، فالمرض يكسرُ الإنسان، ويُقرِّبه إلى الله بالفطرة، أما القوي الذي يختار أن يسجد فكأنه جاء يقول لربه: سجدَ لكَ هذا الرأسُ على ما فيه من مشاغل، وخشعَ لك هذا القلبُ على ما فيه من أهواء! تلذَّذوا بالحج وأنتم أقوياء، طُوفوا على أقدامكم، واسعوا بين الصفا والمروة، واَسرِعوا الخُطى حيث أسرعتْ أمنا هاجر خُطاها، وارجموا بأيديكم، قبل أن يجلسَ أحدكم على كرسي مُدولب يُطاف به حول الكعبة، ويُسعى به بين الصفا والمروة، ويُوكِّل فلاناً وفلاناً ليرجُم مكانه! صحيحٌ أن اللهَ يقبلُ العبادةَ من العبد على حسب قُدرته، وربما طائفٌ على كرسي وكل أعضائه تطوف حُباً وخِشيةً، ولكن لذة العبادة عن قوة، وأن يُؤدِّيها المرءُ بنفسه لا يعدِلُها شيء! اِشبعوا من الصِّيام وأنتم أقوياء، قبل أن يُباغتَكُم العُمْر والضغط والسكري وقرحة المعدة فتدفعون الكفَّارات وتتمنَّون أن يرجعَ بكم العُمر لتصوموا حتى النوافل! صحيحٌ أن الله يقبل من المُسلم الكفارة رحمة منه، ولكن أن يُحال بين العبد والطاعة دون أن يشبعَ منها في شبابه وقوته شعورٌ مُوجعٌ جداً، مُخطئٌ من يعتقد أن المُسنَّ الثريَّ ارتاح واستراح والكفارة لا تُكلِّفه شيئاً، واللهِ إن في قلوب المُسلمين المرضى الذين حُرموا الصوم حرقة! تلذَّذوا بالصَّدقة وأنتم أقوياء، ألف راتب لو شئت أن تُنفقه لما كفاك، مُتطلبات الحياة كثيرة، وكمالياتها أكثر، وكل شيء يذهب وتبقى الصَّدقة، عوِّد نفسك أن تقتطعَ من راتبك ولو شيئاً يسيراً، وسمِّه مال الصدقة كما تقتطع من راتبك وتُسميه مال الكهرباء، ومال فاتورة الهاتف، ومال البقالة! لا تكن جامع مالٍ، يأخُذه الورثة بعدكَ وتُحاسب عليه وحدكَ! لا تنتظر لحظة العجز والنوم على فراش آخر العمر، حيث لم يعد المال يلزمك كثيراً ثم تقول اعطوا فُلاناً وفُلاناً، صحيحٌ أن الله يقبل الصَّدقة على أيِّ حال ولكن شتَّان بين من يتصدَّق رغم أنه يحتاج هذا المال لشيءٍ من الكماليات وبين من وصل إلى آخر العمر ثم استفاقَ على نفسه! أدهم شرقاوي / صحيفة الوطن القطرية
Показать все...
على منهاج النُّبُوَّة ٤٩ جمرة من نار! رأى النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم خاتماً من ذهبٍ في يدِ رجُلٍ من الأنصار، فنزعَه من يده، ثم طرحه أرضاً وقال: "يعمدُ أحدكم إلى جمرةٍ من نارٍ فيجعلها في يده"! فقِيل للرجلِ بعد أن مضى النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: خُذْ خاتمكَ انتَفِعْ به! فقال: لا واللهِ لا آخذه أبداً وقد طرحه النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم! درسٌ عظيمٌ من دروسِ الدعوةِ إلى الله تعالى، يُقابله درسٌ عظيمٌ في الاتِّباع! قارِنوا بين موقف النبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم مع الأعرابي الذي جاء من الباديةِ وبَالَ في المسجد، فنهرَه الصحابة، فأمرَهم النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم أن يترفَّقوا به، ولا يرفعوا أصواتهم في وجهه، وبين موقفه من الأنصاري الذي اتَّخذ خاتماً من ذهب! إنَّ الفارق بين التصرُّفين ليس بسبب التفاوتِ بين الفعلين، ولا يُستنتج من الموقفين أنَّ التبوُّلَ في المسجد أمرٌ يسير، وأنَّ خاتمَ الذهب للرجال كبيرةٌ من الكبائر، وإن كان مُحرَّماً بلا خلاف! وإنما الفارق بسبب الشخص الذي ارتكبَ المُخالفة، فالأول أعرابيٌّ جاهلٌ، جاء من البادية لا يعلم من هذا الدين شيئاً، وتصرَّفَ بسبب عادته ومألوفه، أما الثاني فمن أهلِ المدينة، ومن الصحابة، وقد عَلِمَ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم أن الرِّفق بالأعرابي لحداثةِ إسلامِهِ أصلحُ لحالِه، وأن الحزم َمع الأنصاري لنيله شرف الصحبة، ومُعايشةِ أهل الإيمان أصلحُ لحالِه! صحيح أن الرفقَ مطلوب مع الجميع، وقد كان عليه السَّلام رفيقاً بأصحابه، ولكنها حادثة مُفردة، أراد فيها أن يُعلِّمنا أن العتب على قدر المحبة، واللوم على قدر الإيمان والسَّابقة، وأن الناس لا يُعالجون بدواء واحد! هذا درس الدعوة، أما درس الاتِّباع فهو امتناع الأنصاري عن أخذِ الخاتم وبيعه بعد أن طرحه النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم من يده، مع أن الحُرمة في لبس الخاتم وليس في بيعه، ولكنه كره لعظيم إيمانه أن يلتقطَ خاتمه وقد رماه النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم. يا لحُلو الاتباع، وجمال الانصياع والتسليم لأمر النُّبُوَّة! لقد كرهَ أن يأخذَ خاتماً ألقاه النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم مع أن أخذه حلال كما تقدَّم، فهل كرهنا نحن ما ألقاه النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم من أخلاق وتصرفات وهي حرام! لقد طرحَ الرِّبا أرضاً وهو حرام فهل تركناه، وقلنا سمعاً وطاعة فإن الحلال يُشبع وإن قلَّ، وإن الحرام لا يكفي وإن كثُر! لقد طرحَ قطعَ الرَّحم، فهل وصلْنَا أرحامنا، وتغاضينا مرةً وتجاهلنا مرةً كي يستمر الود، لأن هذا خُلق الأنبياء وقد "أسرَّها يوسف في نفسه ولم يُبدها لهم"! لقد طرحَ عقوق الآباء والأمهات، فهل بَرَرْناهم، وتذكَّرنا أن الوالد أوسط أبواب الجنة، وأن أحق الناس بحُسن الصحبة الأم، وقد قِيل للحسن البصري: أيختصم المرءُ مع أبويه؟ فقال: ولا مع أحذيتهما! لقد طرحَ الإساءة إلى الجار، فهل كُنَّا خير جيرانٍ لجيراننا وتذكَّرنا أنَّ جبريل عليه السلام ما زال يُوصي النبيَّ صلى الله عليه وسلم بالجار حتى ظنَّ أنه سيُورِّثه! ما سُمِيَ الإسلام إسلاماً إلا لأنه مشتقٌّ من الاستسلام لأمر الله وأمر رسوله، فهل قُلنا سمعنا وأطعنا؟! أدهم شرقاوي / صحيفة الوطن القطرية
Показать все...
على منهاج النُّبُوَّة ٤٨ حتى تلقوني على الحوض! ولَّى النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم رجلاً على بعض أمور المُسلمين، فقامَ رجلٌ من الأنصار فقال: يا رسول الله، ألا تستعملني كما استعملتَ فُلاناً. فقال له النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: إنكم ستلقون بعدي أثرةً، فاصبروا حتى تلقوني على الحوض! ومن لطيف ما قرأتُ، سارَ بشرُ الحافي في طريقٍ ومعه رجلٌ، فعطِشَ هذا الرجل، فقال لبشرٍ: دعنا نشربُ من هذا البئر! فقال له بشر: اِصبرْ حتى نصل إلى البئر الأخرى، فلما وصلا إليها، قال له مجدداً: اِصبرْ إلى البئر الأخرى، فما زال يُعلِّله ويُصبِّره حتى وصلا إلى حيث يُريدان، فقال له بشر: هكذا تنقطع الدنيا، بالصبر! أما بيت القصيد فهو: اصبروا حتى تلقوني على الحوض! ولعلَّ هذا أبلغ ما قيل في التَّثبيت في تاريخ البشرية، وما أحلاه من تصبير، وما أغلاه من تثبيت، فضعْها دوماً نُصب عينيك، تأمَّلْها كلما لاحتْ لك معصية، وتذكَّرْ أن الدنيا إنما تنقطع بالصبر، والأيام كلها ستنجلي بحلوها ومرها، ولا يبقى فيها إلا أجر الطاعة أو إثم المعصية! إذا ضاقتِ الحال الاقتصادية بك، وارتشى الناس من حولك، فاقبضْ أنتَ على جمرِ دينك، وتخيَّل النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم يقول لكَ: اصبرْ حتى تلقاني على الحوض! إذا نزلَ بكَ مرضٌ عُضالٌ، تذكَّرْ أن أنَّاتِ المريض مع الرضى بقدرِ الله تعدل تسبيح الذاكرين، وأنها مُجرد أيام ستمضي، وتخيَّل النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم يقول لك: اصبرْ حتى تلقاني على الحوض! إذا خُلِعَ الحجابُ من حولكِ، وكثُرَ التبرجُ طمعاً في العريس تارةً، وإظهار الجمال تارةً أخرى، فلا تفقدي إيمانك، العريسُ رزقٌ، وكل إنسان سيأخذُ رزقه رغماً عن هذا العالم، فتمسَّكي بحجابك، وتزيَّني بعفتكِ، وتخيَّلي النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم يقول لكِ: اصبري حتى تلقيني على الحوض! إذا ظلمكم الأقربون، وهجركم المُحبون، وقيل فيكم ما ليس فيكم، فتذكَّروا أن الناس قد قالوا عن النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم: كذاب، وساحر، ومجنون! فأين نحن منه كي نسلمَ من الناس، عزوا أنفسكم أنكم المظلومين لا الظالمين، والمُفترى عليهم لا المُفترين، وكلَّما ضاقتْ، تخيَّلوا النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم يقول لكم: اصبروا حتى تلقوني على الحوض! أدهم شرقاوي / صحيفة الوطن القطرية
Показать все...
على منهاج النُّبُوَّة ٤٧ إنكَ امرؤٌ فيكَ جاهلية! اختلفَ بلال بن أبي رباح وأبو ذرٍّ حول أمرٍ من أمور الدنيا، فغضب أبو ذرٍّ من بلال، وقال له: يا ابنَ السوداء! فجاء بلال إلى النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم وأخبره بما حدث بينه وبين صاحبه، فاستدعى النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم أبا ذرٍّ على جناح السُّرعة، وقال له: يا أبا ذر أعيَّرْتَه بأمه؟! إنكَ امرؤٌ فيكَ جاهلية! والمعنى أن تعيير الناس بأحسابهم وأنسابهم من أخلاق الجاهلية التي كانتْ مُتفشِّية في العرب، وبهذا المعنى تُقسم الجاهلية إلى قسمين: قسم زماني انتهى بمجيء الإسلام قسم سلوكي باقٍ في الناس حتى يرِث الله الأرض ومن عليها! والإنسان يكون على قرب من الجاهليين بمقدار ما فيه من أخلاقهم! السبب في أنَّ الناس أبيض وأسود وأحمر وأسمر وأصفر هو أصل الخلقة في أبينا آدم عليه السلام، فالله تعالى قد خلقه من قبضة تراب قبضها من شتى أنحاء الأرض، فجاء أبناؤه كَلَوْنِ تراب الأرض، مختلفٌ ألوانها، والذي يعتقد أنه أرقى من الآخرين لمجرد أن لون بشرته مختلف هو إنسان متخلِّفٌ من ناحية علمية، وفيه جاهلية من ناحية دينية! الذي يعملُ في مهنةٍ شريفة ليس بالضرورة شريفاً، والذي يعملُ في مهنة وضيعة ليس بالضرورة وضيعاً، بعض الأطباء لا يستحقون أن يكونوا بشراً أساساً، وبعضهم كأنهم ملائكة في صورة بشرية! وبعض أصحاب المهن كذابون غشاشون، وبعضهم عنده من الأخلاق والأمانة والصدق والوفاء أكثر مما عند أهل الطبقات المُخملية، وتصنيف الناس بحسب مِهنهم ورواتبهم عقلية جاهلية! حُبُّ الوطن شيء، والدفاع عن الأخطاء التي ترتكبها حكومة الوطن شيء آخر، الأول فطرة وإيمان، وقد كانتْ مكة أحب بقاع الأرض إلى النبي صلَّى الله عليه وسلَّم، وقال يوم غادرها والحزن يعتصره: واللهِ إنكِ لأحب البلاد إليَّ ولولا أنَّ قومكِ أخرجوني ما خرجتُ! أما الثانية فجاهلية عمياء، ودفاع عن الباطل، وقد قال الشاعر قُريط بن أُنيف يصفُ حالة التحزُّب الأعمى للقبيلة: لا يسألون أخاهم حين يندبهم في النائبات على ما قال برهاناً! نعم نحبُّ أهالينا، ونُساعدهم وننصرهم، ولكن عندما يكونون على حق، ولكن التحزُّب للقريب والصديق وهو ظالم، فهذا من أخلاق الجاهلية، وإن الإسلام جاء ليُعلِّمنا أن الحقَّ هو الذي يُنصر بغض النظر عن صاحبه، والباطل هو الذي يُعادى بغض النظر عن صاحبه، وقد أبدَلَنا الله خيراً من الجاهلية، هذا الدين الحنيف السمح، والعيب أن نُسلم ونتخلَّق بأخلاق الجاهلية! أدهم شرقاوي / صحيفة الوطن القطرية
Показать все...
على منهاج النُّبُوَّة ٤٦ لو رأيتني وأنا أستمعُ لقراءتك! كانتْ ليلة ظلماء، لا قمر في كبد السماء يُبدِّد شيئاً من عتمتها، ولم تكُن المُدن قد عرفتْ الإنارة بعد، ولكن قمراً من لحم ودم كان يَسيرُ في طُرقات المدينة، فسمعَ أبا موسى الأشعري يقرأ القرآن في داره، فأُعجبَ بصوته، فوقف يسمع تلاوته. فلما انتهى أبو موسى من التلاوة أكملَ طريقَه… وفي الصباح لَقِيَه، فقال له: يا أبا موسى لو رأيتني وأنا أستمعُ لقراءتك البارحة، لقد أُوتيتَ مزماراً من مزامير آل داود! فقال له أبو موسى: يا رسول الله، لو علمتُ بمكانك لحبَّرته لك تحبيراً! وقفَ يسمعُ القرآن وهو الذي تلقَّاه من جبريل مباشرة، فَحُفِرَ في قلبه كنقشٍ لا يُمحى ولا يزول، ثم في الصباح يُثني على أبي موسى، يُخبره عن عذوبة صوته، وعن أنه أوتيَ مزماراً من مزامير آل داود، داود عليه السلام تحديداً، ذاكَ الذي كان إذا سبَّح سبَّحتْ معه الجبال والطيور بأمر خالقها "يا جبال أوِّبي معه والطير"! الثناء على قدرات الآخرين من أدب الأنبياء، أما رأيتَ موسى عليه السلام من قبل قد قال: "وأخي هارون هو أفصحُ مني لساناً"! ونكران مزايا الآخرين، واعتبار الإنسان نفسه فلتة عصره، ووحيد زمانه هو خُلق إبليس، أما رأيتَ أنه قد قال من قبل "أنا خيرٌ منه"! إذا استمعتَ إلى مُحاضرةٍ وأعجبتكَ وأثَّرتْ فيك فمن النُبل لو أثنيتَ على المُحاضر، فالناس مهما بلغوا من التفوق والنجاح يُسعدهم أن يسمعوا كلام الثناء! إذا رأيتَ موظفاً عندك قد عملَ عملاً ناجحاً فأثنِ عليه، من العيبِ أن لا نرى إلا الأخطاء، فنكون كالذباب الذي لا يقعُ إلا على قذارة، وما أجمل أن نكون كالنحل لا يقفُ إلا على الزَّهر! إذا دُعيتَ إلى مأدُبة، ورأيتَ كل شيءٍ مُرتباً، ووجدتَ الطعام شهياً، فاشكُرْ صاحب البيت على حُسن ضيافته، وأخبره أن يشكر زوجته نيابةً عنكَ، فهي الجندي المجهول الذي لم تره ولكنك رأيتَ حُسن صنيعه! وأنبل من هذا كله أن تُثني على الذين يملكون مهارة من جنس مهارتك ونبوغك، فلو كنتَ كاتباً وقرأتَ كتاباً لغيرك أثنِ عليه! وإذا كنتَ موظفاً ناجحاً، ورأيتَ زميلاً لك قد أبدع في فكرةٍ أثنِ عليه، وشجِّعه، إن الأمم إنما تنهضُ بالتلاحم لا بالتناحر، ودع عنكَ أخلاق الضرائر التي تُريد كل واحدة منهنَّ أن تحظى بقلب زوجها، كُن شريكاً وداعماً ولا تكن ضُرَّة! إذا زرتِ جارةً لكِ وأعجبكِ ترتيبُ بيتها فامدحي في ترتيبها، وإذا أهدتْ إليكِ جارةٌ طبقاً من طعام ووجدتِه لذيذاً فأخبريها أنها طاهية ماهرة، جميعنا نحتاج أن نسمع كلام الثناء على الأشياء الجيدة التي نفعلها! وقمة النُبل أن نُثني على مزايا الأخرين في غيابهم، لماذا علينا دوماً أن ننتف ريش الغائبين، ونتحدث عن سلبياتهم، للناس مزايا أيضاً فلنتحدَّثْ عنها، وعندما تحدَّثَ موسى عليه السلام عن مزايا أخيه إنما تحدَّثَ بها مع الله وهو أعلم بهارون عليه السلام من موسى، فكيف بكَ إذ تتحدَّث عن صفات جميلة لشخص عند شخص لا يعرفه! أدهم شرقاوي / صحيفة الوطن القطرية
Показать все...
على منهاج النُّبُوَّة ٤٥ أنا النبيُّ لا كَذِب! كانت غزوة حُنين علامةً فارقةً بين غزوات النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، فالمسيرُ قصير، والعدوُّ قليل عدداً وعِتاداً، فبدتْ يومذاك النتيجة مضمونة، والخصم لُقمة سائغة، والنصر مجرَّد وقت! كلُّ الأسباب مُهيَّأة إذن، حتى أن الصحابة يومها اغترُّوا فقالوا: لن نُهزم اليوم من قِلة! غير أن ربَّ الأسباب أرادَ أن يُربِّي هذه الأمة ويُعلِّمَها أن تأخذ بالأسباب لا أن تركن إليها! وأن النصر بيده سُبحانه لا بأيديهم التي تحمل السيوف وترمي الرِّماح! والتقى الجيشان، وهُزم المسلمون أول المعركة، وفرَّ كثيرٌ منهم، عندها اقتحمَ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم جيش المُشركين وهو على بغلته يقول: أنا النبيُّ لا كذب، أنا ابن عبد المطلب! ثم استفاقَ المُسلمون مما حلَّ بهم، أحاطوا بنبيِّهم، وأصلحوا النية مع ربهم، فكان النصر! مُقارنةٌ طفيفةٌ بين حُنين وبدر تُخبرك بسرِّ النَّصر! في بدر كانتْ موازين القوى تميل إلى قريش بشكل واضح، ولكن المسلمين علَّقوا الأمل بالله، والتجأوا إليه سبحانه، وموقفهم يومذاك يُلخِّصه حمزة بن عبد المطلب حين نظر إلى جيش قريش فقال: إن كل ما أمامي لا يُخيفني، هم أكثر منا عدداً ولكننا بالإيمان أكثر قوة! هذا الافتقار إلى الله، هذا التجرُّد من الأسباب والتعلُّق بربِّ الأسباب هو الذي جلبَ النصر، فربطَ الله على قلوبِهم، وأمدَّهم بالملائكة، جبريل شخصياً يمتطي صهوة حيزوم ويقود فرقة المدد الإلهي! أما في حُنين فاختلفتْ النظرة إلى المعركة، واستصغروا العدو واستكبروا أنفسهم، فخلَّا الله بينهم وبين عدوهم حتى كادت أن تحلَّ الكارثة، ولكنه لما حصل التأديب الرباني، وفهم المسلمون الدرس سريعاً، وتبرَّأوا من الأسباب وتعلَّقوا بربها، عاد المُسلمون سيرتهم الأولى أمام أعدائهم! ما يُقال في حق هذه الأمة يُقال في حق الأفراد أيضاً! ما اعتمدَ أحد على الله إلا هيَّأ له من الأسباب ما يُريه فيه ثمرة الاعتماد والتوكُّل عليه سبحانه، وما اعتمدَ أحد على الأسباب إلا أركنَه الله إليها! يُؤدِّب الله الإنسان مرتين: مرةً إذا أخذ بالأسباب ونسيَ أنها بيد الله، ومرةً إذا أهملَها نهائياً! ادرسوا، واجتهدوا، ولكن اعلموا أن النجاح بيدِ الله، لا تدخلوا إلى الامتحانات مُتَّكِلين على عقولكم وإنما على ربكم! تعالجوا، وابحثوا عن الدواء ولكن اعلموا أن الشفاء بيد الله، لا بيد الطبيب، وفي علبة الدواء! اعملوا، وتاجروا، ولكن اعلموا أن الرزق بيد الله، وأن العمل إنما هو باب ولكن الرازق في السماء! ما قالَ إنسان أنا، ومني، وعندي، ولي إلا أحياه الله حتى يرى ضعف أناه، وقِلة ما عنده، وعجز قدرته! وما قال إنسان أنا بالله، ومع الله، وإلى الله إلا أحياه الله حتى يرى أن من كان مع الله كان معه، فعلِّقوا قلوبكم بالله! أدهم شرقاوي / صحيفة الوطن القطرية
Показать все...
على منهاج النُّبُوَّة ٤٤ فاعملْ من وراء البحار! جاء أعرابيٌّ إلى النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم يسأله عن الهجرة، فقال له: ويحكَ إنَّ شأن الهجرة لشديد، فهل لكَ من إبل؟ فقال الأعرابي: نعم فقال النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: فهل تُؤدِّي زكاتها؟ قال: نعم فقال له: فهل تمنحُ منها شيئاً؟ يريدُ أن يقول له فهل تتصدَّق بالقليل بعد إخراج الزكاة فقال: نعم فقال له: فاعملْ من وراءِ البحار، فإنَّ الله لن يَترِكَ من عملكَ شيئاً! علَّقَ الإمامُ النووي على هذا الحديث بقوله: المُراد بالهجرة التي سأل عنها الأعرابي هي مُلازمة المدينة مع النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم وتركِ أهله ووطنه، ولأنه يعلمُ حنين الأعراب إلى أوطانهم، خافَ عليه أن لا يقوى عليها، ولا يقوم بحقوقها! الفكرة أنَّ الإنسان يستطيعُ أن يكونَ مُهاجراً مع النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم وهو في بيته، فليس المهمُ أين يسكنُ المرء، ولا مع مَنْ، المهمُ ماذا يفعلُ، وكيف يتعبَّدُ، وكيف هو قلبُه، ما نَفَعَ ابنُ سلولٍ إقامتَه في المدينةِ وصلاتَه الفجر في المسجدِ خلف النبي صلَّى الله عليه وسلَّم، وما ضرَّ عجائز الجزيرة اللواتي سمعنَ به، وآمنَّ برسالته، ولم يَرَيْنَهُ، اللهم إلا أنَّ رؤيته كنزٌ من كنوز الدنيا! لا تُعلِّقْ صلاحكَ وفسادكَ على المكانِ الذي تعيشُ فيه، صحيحٌ أن البيئة مهمة، وأنها إما تُشجِّعُ على الطاعة أو تحثُّ على المعصية، ولكن الأجر على قدرِ المُجاهدة! جاءَ زمانٌ على هذا الكوكب لم يكن أحدٌ يعبدُ الله فيه إلا إبراهيم عليه السلام! ومن حاشية فرعون وقصره جاء رجل يكتم إيمانه ويُدافع عن موسى عليه السلام! ولا تُعلِّق فسادكَ وصلاحكَ على الأشخاص الذين تعيشُ معهم، كان فرعونُ يقول: "أنا ربكم الأعلى"! وفي الغرفةِ المُجاورةِ كانتْ زوجته آسيا بنت مزاحم تسجدُ وتقولُ: "سبحان ربي الأعلى"! فمهما بلغَ زوجكِ من المعصية ما هو إلا نقطة في بحر فرعون فلا تتحجَّجي! صحيح أن الزوج الصالح يُعين على الطاعة ولكن من قال أن الزوج العاصي سبب لتعصي أنتِ! في بيتِ شيخِ المُرسلين نوح عليه السَّلام كان هناك زوجة كافرة! وفي بيتِ لوطٍ عليه السَّلام كان هناك زوجة كافرة أيضاً، وما شغلهما هذا عن العبادة الذاتية، بل عن عبادة النبوة والتبليغ وهي أعظم وأشقُّ وظيفة في التاريخ! ومهما بلغَتْ زوجتك من سوء الخُلُق والمعصية فلن تبلُغ مقدار زوجتي نوح ولوطٍ عليهما السَّلام، فليسَ بعد الكُفر ذنب، فلا تتذرَّع! صحيح أن الزوجة الصالحة تُعين على الطاعة ولكن من قال أن تقصيرها يُبيحُ تقصيركَ! نقطة أخيرة: في كلِّ عائلةٍ هناك الصالح والطالح: كان لآسيا زوج طاغية، وكان لنوحٍ ولوطٍ عليهما السلام زوجات كافرات، وكان لإبراهيم عليه السلام أب مشرك، وكان للنبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم عمٌّ اسمه أبو لهبٍ ذمَّه اللهُ سُبحانه في القرآن الكريم، فلا تُعيِّر أحداً بقرابتِه! أدهم شرقاوي / صحيفة الوطن القطرية
Показать все...
على منهاج النُّبُوَّة ٤٣ هذه صفات المُؤمنين حقاً! وأخيراً فُتحتْ مكة، واستردَّتْ هويتها التي خلقها الله لأجلها، قِبلة التوحيد، ومهوى قلوب المؤمنين! لقد تخلَّصتْ من رجس الشِّرك الذي غزاها ذات جاهلية، ثم إنّ َالوقت قد حان لتطهيرِ جزيرة العرب كلها! يستدعي النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم الأسد الهصور عليَّ بن أبي طالب، ويُرسله على رأس سرية لهدم "الفُلْس" الصنم الذي تعبده قبيلة طيء… ولأنَّ علياً لا يبرح حتى يبلغ، أتمَّ المهمة بنجاحٍ، حطَّم الصنم، وعاد بالأسرى إلى المدينة، فوضعهم النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم قرب المسجد حتى ينظر في أمرهم… وفي اليوم التالي وبينما النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم يهمُّ بدخول المسجد، إذ وقفتْ امرأةٌ وقالت له: يا محمد، إن رأيتَ أن تُخلي عني فلا تُشمِّتْ بي أحياء العرب، فقد هلكَ الوالد، وغابَ الوافد، فامنُنْ عليَّ منَّ الله عليكَ، فإن أبي كان سيِّد قومه، يفُكُّ العاني، ويعفو عن الجاني، ويحفظُ الجار، ويحمي الذِّمار، ويُفرج عن المكروب، ويُطعم الطعام، ويُفشي السلام، ويحملُ الكَلَّ، ويُعين على نوائب الدَّهر، وما أتاه أحدٌ بحاجةٍ فردَّه خائباً، أنا سَفَّانة بنت حاتم الطائي! فقال لها النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: هذه صفاتُ المؤمنين حقاً، ولو كان أبوكِ مسلماً لترحَّمنا عليه! ثم قال للصحابة: خلُّوا عنها فإنَّ أباها كان يدعو إلى مكارم الأخلاق! هذه صفات المؤمنين حقاً! هنا مربط الفرس، ومَطِيَّة الكلام! دِينُك الحقيقي ليس في مسجدك، ولا على سجادة صلاتك، دينك الحقيقي أمانتك في متجرك، ووظيفتك! دِينُك الحقيقي في تواضعك بل ذُلِّكَ أمام أبويك، في إحسانِك مع إخوتك وأخواتك، في الصبر على زوجتك، في رحمة أولادك! دِينُك الحقيقي كيف أنتَ مع جيرانك! دِينُك الحقيقي حين يُجمع مالٌ لمريضٍ وأنتَ قادر على المُساعدة، فتعطي أو تبخل! دِينُك الحقيقي حين يخوض الناس في أعراض الناس أمامك، فتمشي معهم، أو تُمسك عليكَ لسانك وتحفظ للغائبين غيبتهم! دِينُك الحقيقي حين تصِلُ إلى مسامعك ذنوب فلانٍ وفلانة، فتستر ولا تخوض في أعراض الناس، أو تفضح! دِينُك الحقيقي حين يُلقى إليكَ بالسِّرِ، فتحفظ أو تُفشي! إن التوحيد والصلاة والصيام وسائر العبادات هي حقُّ الله على العبد، وهي نصف الدِّين، أما نصفه الآخر فكيفَ أنتَ مع الناس، وإنَّ التديُّن الذي لا ينعكس على السلوك هو تديُّن أجوف! وإن الإيمان الذي لا يجعلك رقيقاً وكريماً ومأمون الجانب هو إيمان ناقص! صحيح أن الأخلاق كلها لا تشفعُ للمرءِ إن ماتَ على الكُفر، ولكن الإيمان الذي ليس فيه أخلاق هو إيمان أعرج، وما أجمل مقولة ابن القيم: إنَّ الدِّين كله خُلق، فمن فاقكَ في الخُلق، فقد فاقكَ في الدِّين! أدهم شرقاوي / صحيفة الوطن القطرية
Показать все...
على منهاج النُّبُوَّة ٤٢ لو كان المُطْعِمُ بن عَدِيٍّ حياً! يا ليوم الطائف ما أقساه، حملَ الجنة يومذاك وذهبَ بها إلى هناك أَنْ آمنوا وادخلوها، ولكن ابن عبد ياليل سيد القوم قال له: أما وجدَ اللهُ غيركَ ليُرسله؟! ثم أطلقَ وراءه الغُلمان والسُّفهاء ليرجموه بالحجارة! كُذِّب بدعوته، وأُوذِيَ بجسده، وسالَ الدمُ الشريف، وما أجرأ الناس على الله، وما أحلمَ الله على الناس! ولأنَّ المصائب لا تأتي فُرادى، ولأنَّ أشدَّ الناس ابتلاءً الأنبياء، وهو سيدهم، كان على موعد مع ابتلاءٍ جديد حتى قبل أن تلتئم الجراح في قدميه، أما عن جرح قلبه فكان ما زال ينزُّ حين قررتْ قُريش أن تمنعه من دخول مكة، وهكذا صار بين نارين لا الغريب قبِلَ منه دعوته، ولا القريب قبلَ عودته! فكان لا بُدَّ له أن يبحث عمَّن يُجيره ويحميه ويُدخله تحت كنفه إلى مكة، فذهب إلى المطعم بن عديٍّ، وقبلَ أن يُجيره، وباتَ عنده تلكَ الليلة، ثم لما كان الصباح، خرجَ المطعم وبنوه مُتقلِّدي السيوف، حتى أتوا الكعبة، وقال للنبي صلَّى الله عليه وسلَّم: طُفْ بالبيت ما شئت! فجاء أبو سُفيان فقال للمطعم: أمُجيرٌ أنتَ أم تابعٌ له؟ فقال: بل مُجير فقال أبو سُفيان: قبلنا جواركَ، وخلَّينا بين محمد وما هو فيه! ثم مكثَ أياماً في مكة، وأُذِنَ له بالهجرة، ودار الزمان قليلاً، ماتَ في دورته المِطْعَم بن عديٍّ، ثم كانتْ غزوة بدر التي انتهتْ بالنصر، ولما جِيء بأسرى قُريش إلى النبي صلَّى الله عليه وسلَّم قال: لو كان المُطْعِمُ بن عديٍّ حيَّاً وكلَّمني في هؤلاء النتنى لتركتهم له! رغمَ أن هؤلاء أسرى حرب، ولو أن أحداً استطاع أن يقتله ما تردَّد ثانية، ولكنه حَفِظ َللمطعم بن عديٍّ معروفه معه، ولم ينسه، وأخبرهم أنه لو كان حياً وشَفِعَ فيهم ما ردَّ طلبه، ولأطلقهم له عرفاناً بمعروفه الذي صنعه معه! النُّبلاء لا ينسون مواقف الآخرين المشرِّفة معهم حتى ولو كانوا من غير مِلةٍ وعلى غير دين! فهل حفظنا للناس معروفهم، وتحيَّنَّا الفُرص لنرد إليهم هذا الجميل عملاً بهَدْيِه وسُنَّته، أم أخذنا ومضينا؟! العبدُ تُقيده السلاسل، أما الحُرُّ فيُقيده المعروف! فكُنْ حراً ولا تنسَ معروفاً أُسديَ إليكَ، صحيح أن الذي فعلَ المعروف هو في الغالب لا ينتظر سداداً، ولكن من العار أن تنسى أنتَ! تقدَّم رجل لخطبة امرأةٍ، فقال له أبوها ما زوجتكَ إياها عن زُهد فيها، ولا عن ثُقلٍ في الإنفاق عليها، ولكنها سُنة الله في الناس، ما استطعتَ أن تُحضره من مهر وبيت وجهاز أحضره، وما قصَّرتَ به أنا أدفعه! وتمَّ الزواج، ويقول الزوج بعدها: نحن معاً منذ عشرين عاماً ما أغضبتُها يوماً، وحتى حين كانت تُشاجرني كنتُ أتذكرُ معروف أبيها معي، فأُراضيها ولو كانتْ هي المُخطئة! إنَّ المعروف لا يضيع، وإن ضاعَ عند الناس فلن يضيع عند الله، فاصنعْ المعروف صنع من لا ينتظر السداد، ولكن إن أسدى إليك أحدٌ معروفاً فاعتبره دَيْناً وابقَ طوال العمر مُتحيِّناً اللحظة التي تُتاح لك فيها سداده فهذا خُلق الأنبياء! أدهم شرقاوي / صحيفة الوطن القطرية
Показать все...
على منهاج النُّبُوَّة ٤١ أفلا كُنتم آذنتموني؟! كان على عهدِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم امرأةٌ سوداء تُنظِّفُ المسجد… ثم ماتتْ، فكأنهم استصغروا أمرها فدفنوها ولم يُخبروا النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم بأمرِها! ثم إنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم فقدَها، فسأل عنها، فقالوا: ماتت يا رسول الله! فقال: "أفلا كنتم آذنتموني، دُلوني على قبرها"! فدَلُّوه، فصلَّى عليها، ثم قال: "إنَّ هذه القُبور مملوءة ظُلمة على أهلها، وإنَّ الله عزّ وجل يُنوِّرها بصلاتي عليهم"! مما ٱبتُلينا به في هذه الأيام أنه إذا ماتَ لأحد الأثرياء والمُتنفِّذين وأصحاب المناصب قريب جاءَ الجميعُ إلى عزائه، وإذا ماتَ الإنسان البسيط كان الذين يمشون في جنازته يُعدُّون على الأصابع! أصبحَ الموتُ طقساً من طقوس الانتفاع! يُروى أنه ماتتْ خادمة كبير القضاة، فجاء التجار والأعيان ووجهاء البلد يُعزُّونه بها… وعندما ماتَ كبيرُ القُضاة لم يمشِ في جنازتِه من هؤلاء أحد، فقد كانوا يُباركون لكبيرِ القُضاةِ الجديدِ منصبه! الحُبُّ في هذا الدين عبادة، ومكانةُ الأشخاص في قلبكَ يجب أن تكون بحسب قُربهم من الله وبُعدهم عنه، لا بحسب ثرائهم ومناصبهم، فالمرأة التي كانت تُنظِّف المسجد لم يرفعْ قدرها عند النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم غير عملها الصَّالح في خدمةِ دين الله، علينا أن نتوقَّف عن الاعتقادِ أنَّ قيمة الإنسان بما يملك، إنما المرءُ بقلبه، ما أدراك أنَّ هذا المُسِنُّ الذي يأتي لصلاةِ الفجرِ يتَّكِئُ على عكازه هو عند الله خير من أثرياء الدنيا كلهم، وأنه بطل وقوي، أقوى كثيراً من الشُّبانِ الذين يرفعون الأثقال في النوادي، ولا يستطيع أحدهم أن يرفعَ لحافه إذا ما نادى المُنادي: الصلاةُ خيرٌ من النوم! من قالَ لكَ أنَّ الوزير أحبُّ إلى الله من كنَّاس الطريق! وأنَّ المُمثلة الثرية والحَسناء أقرب إلى الله من عجوز تثني ركبتيها على سجادتها، ولسانها لا يكفّ عن ترداد: اللهم حُسن الخاتمة! إنَّ قيمة الناس عندنا يجب أن تكون بمقدارِ صلاحِهم وخدمتِهم لدينِ الله، الثريُّ الصالحُ خيرٌ من الفقيرِ العاصي، والفقيرُ الصالحُ خيرٌ من الثريِّ العاصي! ربحَ بيعُ صُهيبٍ لأنه تركَ مالَه لله! وارتفعَ شأنُ بلال لأنه ردَّد تحت الصخرة أحدٌ أحد! و"سلمان منا آل البيت" لأنه طافَ الدنيا بحثاً عن الحق! لا تزهدوا بالبُسطاء والمساكين، فواللهِ إن الله يرضى عنكَ بالصَّدقةِ على فقيرٍ أكثر ممَّا يرضى بالهدية للغنيِّ، ويُحبَّك لزيارةِ المسكينِ المريض فارغ اليدين، أكثر ممَّا يُحبك لزيارةِ المُتنفِّذِ وصاحبِ المنصبِ وبيدك باقة ورد أو علبة حلوى! أدهم شرقاوي / صحيفة الوطن القطرية
Показать все...
Выберите другой тариф

Ваш текущий тарифный план позволяет посмотреть аналитику только 5 каналов. Чтобы получить больше, выберите другой план.