اللهم صلِّ وسلم وبارك على النبي سيدنا ومولانا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
﷽
رسالة إلى معالي وزير الأوقاف:
قد تأخرتْ كتابتي لهذا المنشور؛ لبغضي للكتابة على الفيس بوك الذي توقفت عنه منذ نحو ثمانية أشهر إلا كتابات نادرة.
ولكن لكون الصوت هنا أسمع، فسأكتب ما أريد هنا.
والحامل على الكتابة قول النبي ﷺ: الدين النصيحة لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم.
١- لا أدري هل تولي هذا المنصب مما يهنأ عليه الإنسان أوْ لا، ولكوني لا أريد أن أكتب شيئا أراه في صحيفتي مما يسوء عند لقاء الله: فلن أبدأ بالتهنئة، كما جرت العادة، وأظن فضيلة الدكتور معالي الوزير سيعذرني في ذلك، فأنا والله أحب له الخير والتوفيق في منصبه لكني أدرك عظم المسؤولية وثقل الحمل، وإنما سأبدأ بالدعاء: فأسأل الله العظيم بمنه وكرمه وأسمائه وصفاته أن يعين عبده أسامة السيد ويسدده ويقيمه فيما يرضيه ويصرف عنه الشر وأهله ويجري الخير على يديه والحق على قلبه ولسانه ويهيئ له البطانة الصالحة ويصرف عنه بطانة السوء ويجعل له لسان صدق في الآخرين؛ إنه سبحانه جواد كريم بر رؤوف رحيم. آمين.
٢- لا يشك أحد أن هذا المنصب صعب ثقيل ومسؤوليته من أعظم المسؤوليات، وأن تمام المطلوب فيه تنوء بحمله الجبال، لكن بعضه مستطاع، والميسور لا يسقط بالمعسور، وما دام في الإمكان إصلاح بعض الأمور فهو متعين، ومعالي الوزير أهل لذلك إن شاء الله.
لذا فلن أكثر التنظير بذكر مطالب مستحيلة عادة، أو تشق مشقة تقرب من المحال ويذهب بها جهد المرء ويستفرغ وسعه فلا يعود يقدر على ما هو أيسر.
ولا شك أن الوزارة ليست منبتة عن بقية الوزارات، فإصلاحها وحدها لا يتم على الوجه دون إصلاح عام في بقية مفاصل الدولة وأجهزتها، والله المستعان.
٣- كما أن ما أكتبه هنا ليس تنظيرا على معالي الوزير، وأنا أعرفه جيدا، وأعرف أن لديه من العقل والموهبة والذكاء والهمة وإرادة النجاح وإدراك المسؤولية والخطط في القيام بها ما يرجى له به الخير الكثير بعون الله ومدده سبحانه، فما أكتبه هو للحديث الشريف الذي بدأت به، وللتعاون على البر والتقوى.
٤- من أعظم المطالب: السعي في إعادة دور المسجد وربط الأمة به، في تحفيظ القرآن الكريم وإقرائه وإقراء السنة المشرفة ونشر حلق العلم وإحياء الدروس العلمية المنهجية والوعظية ونشر منهج الأزهر وإحياء التراث، وتحبيب الناشئة والشباب من البنين والبنات في بيوت الله، وربطهم بها بفعاليات متنوعة تناسب حالهم وما جد في جيلهم من تطورات.
٥- ومن المطالب العظمى: قيام حملات دعوية تنشر العلم والخير وتعلم الناس فروض الأعيان وأسس دينهم والأخلاق والآداب وتجيب عن الشبهات وتشارك الناس همومهم؛ خارج المساجد، في القرى والنجوع والأماكن البعيدة عن العلم وغير ذلك، مما كان يقوم به بعض الناس بجهد ذاتي، أو تقوم به تيارات فيها من الفساد ما فيها، وكان السؤال دائما: متى يقوم الأزهر والأوقاف بهذا الدور؟!
وأظن أن الفرصة مواتية في ذلك تحت قيادة معالي الوزير وفقه الله.
٦- ومنها: تحسين حالة الأئمة ماديا ومعنويا بما يغنيهم ويكفيهم ويفرغهم للقيام بدورهم المطلوب، وتأهيلهم علميا وفكريا وأخلاقيا بالدورات والندوات المكثفة ليحسنوا أداء وظيفتهم، ولا شك أن وضع غالب الأئمة في ذلك ليس جيدا، وكثير منهم ليس لديه الوقت للتعلم ولا للقراءة ولا للتثقيف، وكثير منهم لا يحسن أداء الصلاة وقراءة القرآن ولا يقوم بأركان خطبة الجمعة، وكثير منهم لا يحسن النطق والقراءة والأداء والإلقاء، وغير ذلك مما لا يخفى على عارف بالحال.
وكذلك وضع المؤذنين وعمال المساجد، والتركيز على انتقاء الأصوات الحسنة للأذان والإمامة مع توفر بقية المطلوب فيهم.
٧- ومنها: جلب الكفاءات والمواهب وتوظيفها فيما تحسنه، سواء في المساجد أو غيرها مما يتبع الوزارة، وتكون صلة المميزين منهم بالوزير مباشرة أو من يثق به.
٨- ومنها السعي بقدر المستطاع في المساجد الجديدة أن يكون بيت الإمام ملحقا بها أو قريبا منها.
٩- ومنها: الرقابة على الأئمة والخطباء والمؤذنين -بعد القيام بكفايتهم-: في حضورهم والتزامهم بأداء مهامهم ومظهرهم وعلاقتهم بالناس.
١٠- ومنها: حماية الأئمة والخطباء من تسلط بعض رواد المساجد وجيرانها وبعض المفتشين وغيرهم ممن يكيدون لهم أو يقومون بالوشايات والفتن.
١١- ومنها: السيطرة -بقدر المستطاع- على منابع الفساد المالي والعلمي والإداري في الوزارة وما يتبعها، فهذه وحدها كفيلة بالقضاء على كل جهد إصلاحي وإرادة للإصلاح، وقد تشوه صورة المصلح وتسيء إليه.
١٢- ومنها: السعي في تنفيذ شروط الواقفين ورد الحقوق الشرعية إليهم، والتفصيل في ذلك كثير، وهو من أصعب الأمور وأشقها.