الصفحة الرسمية للشيخ أبي بصير الطرطوسي

[ وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ ]الحاقة:12. أُذُنٌ حَافِظَةٌ فَاهِمَةٌ؛ تَفهَمُ مُرَادَ اللهِ، ومُرَادَ رسُولِه مِن كَلامِهمَا.

[ اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللهِ ]التوبة:31. قَلَّدُوهُم في التَّحلِيلِ والتَّحرِيمِ، والتَّحْسِينِ، والتَّقْبِيحِ .. وتَركُوا مُتَابَعَةَ الشَّرْعِ المنَزَّلِ .. فاتخذُوهُم بذلك أَرْبَاباً مِن دُونِ الله!

الحاكم العلماني الديكتاتوري المستبد، ما دام يمارس استبداده وظلمه ضد شعب مسلم، وضد قِيَمه، ودينه .. فديكتاتوريته مرحب بها في المجتمع الدولي الذي يَتَدثَّر بثوبِ الحريَّة والتَّحضُّر ...؟!

إرهاب تهمة معاداة " الساميّة "؛ لم يدع الصهاينة اليهود المحتلون لأرض فلسطين جريمة إلا وارتكبوها .. فتراهم بتفننون في جرائمهم، ومجازرهم بحق الفلسطينيين .. ومع ذلك كثير من الأطراف والجهات تخشى أن تشير إلى جرائمهم، ومجازرهم بأي عبارة نقد حتى لا يُرمَون بمعاداة السامية .. فتهمة معاداة السامية مسلطة على رقاب كل من ينكر على الصهاينة اليهود جرائمهم، أو يفكر بنقدهم؟!!

[ فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ ]هود:112. في هذا الأمْرِ الإلهي نَهيٌ عن التَّقلِيدِ، وأَمْرٌ بالمتَابَعَةِ على بَصيرَةٍ وبينَةٍ، وتحرِّي العِلمَ مِن مَصدَرِه، ومِن مِشْكَاتِه؛ قالَ اللهُ، قالَ رسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم .. والعَالِمُ الربَّاني يَنحصِرُ دَورَهُ في كيفيَّة وصْلِ الناسِ بأمْرِ اللهِ، ورسُولِه، وتَعريفِهِم به .. إذْ لا يَليقُ به أن يحمِلَهم على تَقلِيدِه!

[ فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ ]هود:112. هذا هو عَمَلُك، وهذا هو المطلُوبُ مِنك، وهذا هو حَدُّك؛ أن تَستقيمَ على أمْرِ اللهِ، وأمْرِ رسُولِه، كما أمَرَكَ اللهُ، وأمرَكَ رسولُه صلى الله عليه وسلم .. ومَا ورَاءَ ذلك، ومَا سيترتَّبُ، ويَنتجُ عن ذلك فهو ليسَ عمَلُك، وليسَ مِن شَأنِك، ولَسْتَ مَسْؤولَاً عنه .. ولَا يَنبغي أن تَستَشْوِفَه .. إنما هو من عمَلِ اللهِ تعالى .. قالَ أحَدُ الصَّالحِين:" كُن طَالِبَ الاستِقامَةِ لَا طَالِبَ الكرَامَةِ؛ فإنَّ نفْسَكَ مُتحركَةٌ في طَلَبِ الكرَامَةِ، ورَبُّكَ يَطلُبُ مِنك الاستِقَامَةَ ".

[ وَلَوْ عَلِمَ اللّهُ فِيهِمْ خَيْراً لَّأسْمَعَهُمْ ]الأنفال:23. لأفْهَمَهُم، وأسمَعَهُم السَّمَاعَ الذي يُؤدِّي بهم إلى الفَهْمِ، والاعتقَادِ، والانقيَادِ .. وإلَّا فهم يَسمعون السَّماعَ الآلِي الذِّهني؛ الذي يُمكِّنهم مِن مَعرِفَةِ مَعنَى الخِطَابِ، ودَلالاتِه اللَّغَويَّةِ، ولكن لَمَّا لم يَنتَفعُوا بسَمْعِهم، ولَا بما سَمعُوا؛ فكانُوا هم والذين لا يَسمَعُون سَوَاء!

[ أَوَ مَن كَانَ مَيْتاً ]؛ بالكُفْرِ؛ فضَلَّ الغَايَةَ مِن وجُودِه، لَا يَهتَدِي إلى حَقٍّ، ولَا إلى باطِلٍ؛ الحقُّ يَراهُ بَاطِلاً، والبَاطِلُ يَراهُ حَقَّاً، فكَانَ ـ جِيفَةً تمشِي على الأرْضِ ـ هو والأموَاتِ سَواء، [ فَأَحْيَيْنَاهُ ]الأنعام:122. فَأَحْيَيْنَاهُ ـ بعدَ أن كانَ ميتَاً بالكُفْرِ ـ بالإسْلامِ، ومعَ الإسْلامِ، ومِن أجْلِ الإسْلامِ .. فأَبْصَرَ، وأدْرَكَ الغَايَةَ مِن وجُودِه، وأدْرَكَ الوسَائلَ التي تُعينُه على تحقِيقِ تِلك الغَايَة.

[ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ ]القصص:77. يُرادُ بالفسَادِ معنيان: فسَادٌ في الصُّورَةِ، والبيئة، وفسَادٌ في المعنَى؛ الذي يَشملُ الفسَادَ في القِيَم، والمبادِئ، والأخلاقِ، والسُّلُوك .. فكِلَا المعنيَين للفسَادِ لا يحبُّهما الله تعالى، والنَّهي يَشملهما معَاً .. وأَوْلَى النَّاسِ بالاستخلافِ في الأرضِ هم الذين يجتنبون الفسادَ بنوعَيه الآنِفَي الذِّكْر، وأكثرهم حرصَاً على جمَالِ الأرضِ، وعلى إعمارِهَا بالجمَالِ؛ جمَالُ الصُّورَةِ، والمعَانِي معَاً .. فاللهُ تعالى جميلٌ، يُحِبُّ الجمالَ، وقد خَلَقَ الأرضَ جميلةً، واستخلَفَ الإنسانَ فيها ليزيدَها جمَالاً، ويَعمرها بالجمَالِ.

[ وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ ]الأنفال:60. المسلمُون بينَ خِيَارَين، وموقعَين لا ثالِثَ لهما: موَاقِعُ الجهادِ والرِّبَاطِ في سَبيلِ اللهِ، والدفاعِ عن الأوطَانِ، والحقُوقِ، والحرمَاتِ .. ومَوقعُ وخَيارُ الإعدَادِ؛ إعدَاد القوَّةِ بكل مفرَدَاتِها، وما يَدخلُ في معَانِيها .. وليسَ وراءَ هذين الخيارَين سوَى الوِزْرِ، والذُّلِّ، والخزْي، والفرارِ من الواجِبِ؛ واجِب الجهادِ، والإعدَادِ .. أعجَبُ لأمَّةٍ، دِينُها يقَول لها:[ وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ ]، تَستَوردُ أسلحتَها وقوَّتَها مِن أعدَائِها .. من أمَّةٍ يَقُولُ لها دِينُها:" مَن صَفَعَكَ على خَدِّكَ الأيمَن فأَدِرْ له خَدَّكَ الأيْسَر "؟!!