غُرَباء.

هذه ليلةٌ ونيسة.. الهموم باتت أكبر من أن توصف والذنوب صارت تتحدف علينا من مكر الشيطان وأعداء الله وقد ربطت الهموم والذنوب ألسنتنا عن الدعاء، وجوارحنا عن العبادة فمن رحمة الله أن شرع لنا عبادة الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمرنا بها وكتب أجرها، وأحسن إلينا إذ أن من تبعات الإكثار منها المستحب ليلتنا وغدا حب النبي صلى الله عليه وسلم وإيجاب الحشر معه، واللحاق به في الآخرة بأبي وأمي هو صلى الله عليه وسلم فهذه أدواؤنا، وجراحنا وهذا دواؤنا فالعاقل من أخذ الدواء بما أنه وافق علاج الداء اللهم صلِ وسلم على نبينا محمد ملء الأرض والسماء.

صَلَّىٰ عليكَ اللّه يا خيرَ الوَرَىٰ قَد صارَ حُبكَ في شرايني دَمَا 🤍"

السماء قريبة.. قريبة من قلبه كثيرًا، ينظر إليها ويشعر إنه يلامسها، ينظر لسعتها مقارنة بضيق نفسه فيجد الراحة ها هنا.. يتذكر أن "الله أكبر" من كل ما يخاف من كل ما يعيش من كل ما أصاب قلبه، الله أكبر!! يتأدب بها كثيرًا وكأنها السر الذي يهدئ فوضى عالمه، يهرب إليها ليذكر نفسه أن كل ما أصابك هو صغير، قد لا يُرى، ف الله أكبر! يحب السماء ويحب من يذكره بالنظر إليها، ويحب من يشبهه بها..

قيام الليل يوجب نعيم الجنة مما لم يطّلع عليه العباد في الدنيا، في الصحيح عن النبي -ﷺ- قال: «قال الله: أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر. ثم قرأ النبي ﷺ: ﴿تَتَجافى جُنوبُهُم عَنِ المَضاجِع يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ ۝فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾» قال ابن القيّم -رحمه الله-: تأمّل كيف قابل ما أخفوه من قيام الليل بالجزاء الذي أخفاه لهم مما لا تعلمه نفس، وكيف قابل قلقهم وخوفهم واضطرابهم على مضاجعهم حين يقوموا إلى صلاة الليل بقرة الأعين في الجنة.

فليست هذهِ الدُنيا بِشَيءٍ تَسوؤُكَ حُقبَةً وتَسُرُّ وقتا -الإلبيري