فوائد

مثلاً وباستقصاء عام سريع عند قراءتك للمعالم هنالك حاجة لبعض المؤلفات الأخرى.. ‏في باب المعلوم عد للمباحث المشرقية والملخص. ‏في إثبات العلم بالصانع = المسائل الخمسون ولباب الإشارات. ‏في النبوات = التفسير الكبير. تجد كثيرا من أصول تلك المسائل في هذه الكتب إن تعلقت بالأبواب المذكورة، بتقرير أضبط.. هذا إن وددت أن تبين كلام الرازي من الرازي نفسه، ولم ترد أن تبينها من الخونجي أو ابن التلمساني.. علما بأن تقريراته في الكتب المذكورة فيما يتعلق بهذه الأبواب بقي جزء منها إلى زمن تأليف المعالم ولم تتغير كبعض المسائل والآراء الأخرى.

اشتراط دور النشر لمحقق معتبر أثناء طباعة مؤلفات الفخر الرازي أمر بالغ الضرورة.. هنا مثلا قد يقع القارئ في إيهام بادئ هذه المسألة، إلا أن الرازي في [الأربعين] قيد هذا الحكم باعتبارات عدة، وقال إن الكلام على إطلاقه لا يجوز، فهنالك قرائن خاصة بالدلائل النقلية ترفعها إلى مرتبة اليقين. وكما في [المحصل]، فتلك الدلائل مشهورة عند الإمام، وهي أمور عرف وجودها بالمتواترات، وهي بهذا الاعتبار تنفي وقوع أي احتمال، فتكون الدلائل السمعية المقرونة بتلك القرائن الثابتة بالأخبار المتواترة مفيدة لليقين. تحقيق مؤلفات الرازي ليس كأي تحقيق، يلزم من المحقق أن يكون متتبعا لكتب الإمام، لأن كثيرا من الأبواب تستدعي إيضاح موقف الإمام منها بإفاضة في بعض الأحيان، كالرجوع إلى [الإشارة] في مبحث النظر عند قراءة [المعالم] على سبيل المثال، وهكذا بشكل ثنائي بين كل مؤلف وآخر بحسب الباب، فهنالك ما تجده مجملا في مؤلف فتحتاج إلى آخر لبيانه على نحو المراد.

تتبع أثر التاريخ في المذاهب الكلامية مهم للإمساك بخيط الصيرورة، وبدون ذلك يصبح المذهب مجردا بغير انتظام بالنسبة للمهتم بالنشوء التاريخي، وسيلقى القارئ نفسه أمام أحداث منفلتة، لهذا فإن كل مؤرخ قبل أن يطرح سردية المذهب، يحدد لحظة البدء ويعيّن زمن ومكان الوقوع، ولو على سبيل التقريب.

"القرآن لم يُفهم أبدا من العرب والمسلمين." ‏— محمد أركون، [دراسات استشراقية، العدد الأول]. ‏ أستغرب من أخذ كثير من الأقوال على محمل الجد باعتبار قائلها شخصية أكاديمية/علمية، والعبارة السابقة من تلك التي يجب أن تسخر من قائلها وتضحك عليه ثم تطوي صفحتها.

"لعل أبا المعالي لا يخالف في شيء من هذه الحقائق، وإنما يريد الإشارة إلى معنى آخر." — المازري متحدثا عن مسألة الاسترسال عند الجويني، في كتاب [إيضاح المحصول من برهان الأصول]، وهو بذلك يبقي الباب مفتوحا لإعادة فهم كلام إمام الحرمين.

في زمن كثر فيه تنامي الظواهر الإنسانية وتسارع تغيرها، بات من الضروري الاطلاع على كتاب [الإنسان والحضارة] للمسيري رحمه الله، هذا الكتاب أشبه بدليل لكيفية الوقوف على الظواهر وتحليلها بدرجة تمكننا من إدراك واقع تلك الظواهر وإلى أي حد هي مركبة، بعيدا عن تصورها بطريقة اختزالية معاصرة. يشخص المسيري في كتابه فكرة التصور الاختزالي المعاصر، ذلك الذي يرى بأن التاريخ حتمي الحركة، ويدعو إلى نبذه عن طريق عدة نماذج تفسيرية للتفكير، من ضمنها القدرة على تفكيك العلاقات الارتباطية بين الأفكار ذات الأسس الفلسفية، والتي أثرت في بعضها حتى أنتجت أفكارا تدميرية سحقت الإنسان. كما يدعو المسيري إلى التخلي عن النماذج الحسية في التفسير لكونها فقيرة في إمدادنا بحقيقة الظواهر، وتطبيقا لكلامه يطرح شواهد تاريخية كثيرة تؤكد على أن عددا كبيرا من حركات المقاومة في التاريخ، كانت منطلقاتها إدراكات نظرية كلية وليست حسية تتعلق بالظلم أو الاستبداد اللحظي.

"العقل الديني يجب أن يقود الإنسان للإلحاد، فالإنسان هو الإله الحقيقي الوحيد." — لودفيغ فيورباخ ولعل أفضل من علق على هذه العبارة بقدر رفيع من البلاغة واصفا مآلاتها، المؤرخ جيمس كولنز قائلا: "تصور فيورباخ للعلاقة بين الإنسان والدين أشبه بعملية جراحية مستحيلة لاستئصال فكرة الإله من العقل البشري."

"اخترع أرسطو فكرة اللانهاية بالقوة في مقابل اللانهاية بالفعل، لينسجم مع فكرته المسبقة لمحدودية العالم." — رودي روكر، رياضي أمريكي

أقول: هذا مما يجب التنبيه عليه لمن لم يتنبه، خصوصا من قرأ الشرح وتشوش في بعض المواضع، فظن أن القاضي يرد على نفسه في جملة من المسائل، والإشكال يعود للطبعتين السيئتين لشرح الأصول الخمسة، والطريف أن إحداها تدعي أنها مصححة ومنقحة والمقابلة بين كثير من النصوص والمخطوط أشد البعد عن التطابق.

تصحيح نسبة كتاب تعليق شرح الأصول الخمسة إلى إمام الزيدية مانكديم القزويني، وغلط نسبته إلى شيخ المعتزلة القاضي عبد الجبار. من كتابي: مصادر علم الكلام الزيدي.