آلاءَ||🇵🇸

لا أجد وصفًا دقيقًا لهذه المرحلة من الألم، مفردات اللغة نشأت طبيعية وثرية ملبيةً لحال أهلها، فبقيت العربية منذ خلقها واسعة يتباهى متحدثوها بغنى حصيلتها؛ حتى أتت غزة وحضرت مواجعنا؛ فبتّ لا أجد سوى الكلام وأنا بأصفادي، ولا أجد من الكلام ما يعبر عن حالي. ‏وبين هذا وذاك "مَكلَمة"؛ بينما يقدم الأبرار المحاصرون المرابطون في غزة الملحمة تلو الملحمة، يدفعون دماءهم وتنزف أعمارهم وتنهد بيوتهم وعيونهم، ويودعون فلذات أكبادهم ومهجات أفئدتهم بلا جثامين ولا نعوش، ويجوعون أسابيع وأشهر، ويفترشون الرمال ويغسلون بالرمال ويموتون في الرمال! ‏كل فقدٍ يعني اختفاء ركن كامل من الحياة، وقد تكون أنت الركن الذي كان يستند إلى هذه الحياة كلها، فمتى اختفت سقطت في هوة سحيقة لا قعر لها، تخيل أن تبقى في مرحلة السقوط هذه حتى ترتطم بقبرك؟! ‏أخبار وصور ومشاهد، ومقاطع نصر ومقاطع قهر، وخلاطٌ من المشاعر، ليست المتنوعة ولا المختلفة ولا المتناقضة، بل المتحاربة، المتصارعة، كلها متضادات شتان البون بينها، وكلها تهجم عليك كل دقيقة طيلة عام كامل، وذلك العام بحد ذاته عبارة عن دهر كامل، عن حقبة زمنية أسقطت ما قبلها وعسّرت ما بعدها! وأين أنا، عالق بالمنتصف، مكبل الأيدي، أكتب ولا أكتب، أتنفس وأختنق، وكل أملي وألمي أن ينكسر قلمي فأكف عن الثرثرة شريطة ألا أكون إلا معهم، في كل شعور، وأن أموت خمسة وثلاثين ألف موتة، وأن أُجرح ثمانية وثمانين ألف جرح، وأن أنزح مليون مرة، وأن أقاتل مئتين وسبعين يومًا، وأن أتنقل بين ألف نفق ونفق، فلا يعود لقلمي وظيفة إلا إشعال الحطب!

‏"رَحيمٌ ومَا يُدريك عَن سرِّ فَضلهِ كَريمُ العَطايا حِين يُعطي وَيمنعُ".

يأت بها الله ، يأت بها دائماً مثلما نُريد، بل وأحسن مما نريد ، يأتِ بها وإن تأخرت لسبب يعلمه ولا نعلمه، يأتي بها في الوقت المناسب تماما و بالطريقة التي اختارها لنا ولم تخطر لنا على البال، ولسوف يُعطينا ربنا ؛ فنرضى ونسعد ونطمئن .

لن أمَلّ من تلك الدعوة حتى أكتب -بإذن الله- في إحدى الأيام : "صباح الخير ..أخيرًا وبعد طول إنتظار وعناء وجدنا الوطن ! وآتى صباح اليوم ونحن آمنين في جواره".

هذه غزة.. وهؤلاء "إخوتها"

لا يهزم الوسواس إلا الإيمان، مهما بحثت عن طمأنينة لن تجدها سوى عند الله والتوكل عليه .

"‏لا تدفعني لأبقى مشعًا، لأكمِل وأستمر، قل لي، بأنه لا بأس في أن انطفأ، اختار ظلمتي، وسأحارب من أجلك، اعوامًا من العتمة ."

"توباتك المتكررة والتي لم تمل منها يوماً ،وذنوبك التي تستغفر منها وإن كثرت، ذلك ضمير أحياه الله في قلبك ليكون طريقك إلى الجنة ، لاتتجاهله."

‏"الحب ليس القيام بأشياء بطولية خارقة للعادة، إنما ممارسة الأشياء العادية بحنان"

"لا تسأليني فيكِ ما لا يُشرحُ!