فتنات كف الغزال

"قُل لمن مست الأوجاع مهجتهُ يأوي إلى الله.. إن الله يؤويه"

لا تصالح! ولو قيل رأس برأسٍ أكلُّ الرؤوس سواءٌ؟

الدنيا ما بتستنى حدا" قيلت هذه الجملة أمامي مئات المرات، أثناء الأحاديث، في أوقات الحزن، في أوقات الخيبات، كأنها تناسب كل شيء يحدث رغمًا عنا، شاعت حتى ظنناها باتت تقليدية..(كلمة وتنقال) لكنني اليوم دون شعور أرددها دومًا، نكبر وتكبر معنا همومنا، ويصبح الطريق شاقًّا وعبوره أشبه بالمعجزة تمنيت أمنية منذ صغري، مذ كان مديري في الروضة يقول أنني عندما أكبر سأعتلي المنبر وألقي أدبًا، كانت فطرة، لم يكن ميولي أن أصبح طبيبة أو مهندسة أو صيدلانية، كنت دومًا أرى نفسي "مدرّسة لغة عربيّة، خرّيجة كلّية الآداب" وعلى بساطة حلمي، وعلى كثرة الذين حققوه رغمًا عنهم، لأن حلمهم في غير مكان، إلا أنني لم أحققه في الزمن المناسب للكثير من الأسباب، وكلما كنت أمشي نحوه خطوة، كان يركض أمامي أميالًا حاولت تحقيقه عندما كبرت، لكن "الدنيا ما بتستنى حدا"، اعترضني القدر في منتصف حُلمي، دهسه ومضى، اضطررت لمغادرة البلاد، لأن "الدنيا ما بتستنى حدا"، والأيادي التي نتنمناها، لا تطرق بابنا مرّتين، لكن قلبي دومًا يبكي أثناء فترة الامتحانات، وفي مواسم التخرج.. كتبت الكثير من النصوص، وألقيتها على المنابر كما توقع مدير الروضة، على أمل أن تنتظرني الدنيا لأكتب كثيرًا وأوزع أدبي على كل عين وأذن ألتقيهم، ما زلت أركض وراء أحلام جديدة، بلاد جديدة، كتاب فارغ يحتاج عنوانًا ليبدأ، بيت بارد ينتظر دخولي ليدفأ، بلاد بعيدة جدًا، لا أعرف إن كانت الدنيا فيها كما هي هنا، إن كانت "بتستنا حدا" أم لا! سأرحل وكلي أمل أن تنتظرني الدنيا لأحبّ كثيرًا، وأضحك من جديد في بداية السطر، وأنجب أطفالًا، وقصائد، وكتبًا وأفكار، يعيشون كثيرًا، ويحملون توقيعي في صفحاتهم الأخيرة، يحملون اسمي في هوياتهم، وأن تنتظرهم الدنيا ليحملوا سعيي وسعيهم، أحلامي وأحلامهم، وأن أعيش كثيرًا بعد أن أموت، على أياد صافحتها، في قلوب أحببتها، في أبناء عطفت عليهم، على كتب طبع اسمي على أغلفتها.. سأرحل وكلي أمل أن الدنيا التي "ما بتستنى حدا" ... تستنى اسمي! #فتنات_كف_الغزال 25/5/2024

أقرأ الفصل الأخير من روايتي المفضلة، وأذكر نفسي أن بعضًا مما نحب ينتهي... ولا بأس في هذا. آري إيستمان - ترجمة ضي رحمي

لا تكمن الحرّية في أن تخبر الناس أنّك حر، الحرّية تظهر في عينيك، في حديثك، على رأس لسانك، تظهر الحرّية في مجريات حياتك، في تصرّفاتك، عندما يكون الإنسان حرًّا، يقول ما يشاء، يتصرف كما يشاء، لا يوجد خيطّا معقودًا على لسانه، أو حبلًا يلتفّ على عنق خطواته.. صدّقني، أنت لا ترتدي الحرّية، الحرّية ترتديك، تعشعش فيك، يراها الناس كالعنوان على جبينك، لكنها حتمًا، لا تكمن في أن تقول أنك حُر! •فتنات كف الغزال| 26/5/2024