Mustafa rshed.

تخلق الشك. إن البناء الرصين يجمع ما بين الأصالة والتجديد، والكل يريد أن يغني كما يريد. ماذا لو كان الإطار هو الحل؟ ماذا لو لم يكن للوقت بقية سوى أن أتجمهر حوله لغة وإعلان الإعلان ومهاجمة الشعر من الباب العريض؟ من يفهم يسخر ومن لا يفهم يضحك. على كل حال، إن الرياح الصيفية جديرة بأن أفقد صوابي وأهلوس لحد انقطاع آخر أنفاسي. أن أرى نفسي أجن ولا أفعل شيئًا، أحملق في الفراغ ولا أفعل شيئًا، أهرب من الحلم. الصوت الناتج عن الكتابة أشبه بخربشات الملل على حائط التكرار الأبدي. أعشق الوعود الكاذبة لأنها لا تخدع، رمي العظام لكلاب لا ترفع رأسها للزمن مهما تنادي. من الخشب وفضة لن يستجيب لك سوى العدم، الترميز هو فعل شاعري. أني اليوم أرمز العدم وأمنح معاناتي ثقلي، وما كان لي غير أن أكتب. أكتب وأنا في العمل لكي تعطيني الخوارزمية حقي في الكتابة. اشترتني الأشياء، كلها قابلة للبيع، ولا شيء أقوى من النوم. الوقت لا يمضي والحال على حاله، المربع الذهبي ونجمة الذهبية وخالتي الذهبية، الكثير من الذهب. والجندي القديم قد مات وهو يرتعش من صوت ضربات النهر. النهر وحيله الملتوية، القدرة العالية على السقوط في رحم الأشياء وتبين الذات للذات، وما كان من فضل الله فلا يرد إلا بعد تقطيع الأوصال. ملاحظة مستنبطة من كتابتي: أني لا أجمع، أي تقطيعي ليس شاعريًا إلا إذا شئت أنت ذلك، وليس لدي غاية مما أكتب، ولا أحاول التواضع، ولا أشبه نفسي بالغيب، أني فقط أكتب. وما أدرى الفؤاد بما يجري، لقد تقدم الوقت. الحمد لله، لقد كان لي مملكة قبل ثوانٍ وآلت إلى العدم، لأني كتبت. الكتابة نوع يجمع ما بين الانتحار والمراوغة خلف شبابيك النساء. من أين يأتي الإلهام؟ لا أعلم إذا صح القول في الأساس أن هذا إلهام، وما كان يُرمى في الطريق أصبح هو الطريق.

كيف لمن يبكي على موت الأسماك أن يموت؟ الأمر لا يتوقف على الفقد. لشدة ما فقدت، نسيت العظام وهي تتكسر على حبل الدراجة، وانفجار الأرض، واحتراق الأذن من شرارة النار، وتآكل كل ما مدت يدي له. وأنفاسي تترجى أن تعيد أنفاسك. أن أبتسم بصحبتك، تركتني للوحدة، تركتني للهاجس أن أقطع الخشب في غابة لا بيت فيها. كان لنا منزل. كنتَ أنت تلعب وتضرب الجدران وكل عابر على سبيل القوة والعنفوان. كيف لك أن ترحل وأنت القوي القادر على حمل أنفاسي؟ دموعي أكثر من محبوسة، منطوية على جلدي الأسمر. لقد سقط شعري من بعدك. لقد سقطت من بعدك، الشعر والنثر بدورهما سقطا عليّ. إلا أني أمسك ذراع الزمن لكي أمضي إلى حلمي شاعرًا بأن أنعم بظهيرة هادئة، يوم هادئ، مساء هادئ. أن لا أقوس ظهري إلا للشعر. لقد كان لنا مرقص وفرح وبرهة لا تنتهي من اللعب. أحب اسمك، أفتقد لمعان عينيك، أفتقد أن أرمي عليك سخطي من العالم وترمي عليّ لامبالاتك وانتصاراتك العظيمة. أنا متخاذل لأني لم أشجع ما تحب، ولن أكتب لك اسمي على ظهر كل لوحة. شجرتك المكنونة وسمكتك في قلبي للأبد. كيف لمن يبكي على موت الأسماك أن يموت؟

كسر ظهري للغة، لغتي مستميتة، لا تنفع لغير الشعر، وصوتي لا يهدأ، لا ينفع لغير التجويد القديم. أن أرتل آيات الشعر والسحر في النفق القديم المفضي إلى العدم، والاحتفال بذات كل نفس هو ميلاد جديد لروح لا تكف عن الزمجرة، لا ترضى، لا تتفانى، لا تنضب، لا تؤيد العدم ولا تنبطح في سبيل التقدم الأحمق. أن أشتري الضلالة بالنار، وأن أشتري النور بالعفة، لا العفة تنفع معي ولا شراهة الشهوة. ما ينفع معي شيء سوى الغيب، أن أكسر ظهري للغة، أن يلمس الغيب المتين لمعرة النعمان والسماع الغيبي لرياض الصالح حسين، والقليل القليل من الماء المنسكب من تلال سليم بركات. شُلت يداه وقطعت وحبيبة أنسي الحاج والكتابة الخوارزمية التي تعيد نسج الشعر. وأنا أفعل مشكلة مع الخوارزمية، لا تعرف أين ترمي شاعر: في حضن فتاة جميلة أم في حضن العدم أم إلى الخواء المفعم بعدم الرضا. السيرة التي أطمح لها هي أن أكون في محل السجل القديم لإعداد الموتى. لن أفعل شيئاً سوى التبول على من يدعون الشاعرية، من يستغرق لديهم كتابة سطر ألف وأربعمائة سنة. أنا أكتب الديوان أثناء نومي في الحمام. من يجمح يظن أنه نجا من التكرار. تكراري عالٍ، لا يدخل في ألسنة البلهاء ولا ألسنة الشعراء. إلى أني إعلان قديم جداً. تبارك وجهي في كل صلاة لكي يسير الاصطفاء إلى منتهاه.

في هذا الصبح أنقذت العائلة من حشرة. الحياة الشاعرية تبدأ من الاعتداد بالذات وترك ما يترك للفراغ. الوحدة مصنع الشعر في عالم لا يتوقف عن الإعلان. إعلان أن السحر مصطلح قديم، والمنفعة هي الحل. من يحل أربطة الزمن سيعلم أن القبيلة ماتت والذات لم تعد في المعجم من المجمعات السكنية وتسكين البلهاء. اكتب وقتاً أثراً للشعر، لكي يكتمل القمر يجب أن يدور حول ذاته. من ينادي في الهاجس سيسمع العبقرية وهي تحتل الرأس القاتم الأسمر غير القادر على الانتحار، والحلم الذي لا ينكمش. أن يكون يوماً ما مفعماً بالشعر، إلا أن المحكات لا تنفع الشاعر ولا تؤيد طريق الحق. العمل الجاد يأتي من اكتمال الإفطار الصباحي بشكل أكثر حرارة، أكثر قذارة، أكثر عطشاً من اللازم. من يمشي على جثثه لن يصل لمقبرة، من يأتي في المعجم لن يذهب إلى قاموس. من لا يقرأ لا يرى. ما لا أكتب، أنا لا أكتب شيئاً، حتى ما يُدعى بسيرة غير مكتملة. ماذا يستفيد القوم من القائمة المزرية لأخطائك؟ من لا يفعل شيئاً ينجو، من يحصد الزهرة غير العطر، ومن النفايات تولد الزهور. كذلك هو النعيم. أنا أعاني مع النوع الأدبي الذي يلامس جلدي وينادي الفراق للفراغ. النعمة الحقيقية هي أني قادر على الكتابة أو الاستمناء العاطفي لقصائد لا يقرأها سلفادور دالي ولا أندريه بريتون ولا حشرات كافكا. في هذا الصبح أنقذت العائلة من حشرة ، أيقظني من النوم وجعلني أتعرض للأسى. أنا وحيد والعالم وحيد، ولغة وحيدة تصاحبني. رغبة الانتحار والجشع تنادي عليّ، متطلبات كثيرة، أولها أن لا أمد يدي أكثر من اللازم. وما ينفك الزمن من شيء إلى وينقلب على ذاته،.

كان جرير أحسن الناس تشبيبًا بالحسناوات روىٰ ابن قتيبة في الشعر والشعراء أن الأصمعي قال: "سمعتُ الحيَّ يتحدثون عن جريرٍ أنه قال: لولا ما شغلني من هذه الكلاب لشببتُ تشبيبًا تحنُّ منه العجـوز إلىٰ شبابها حنين الناقةِ إلىٰ سقبها" *يقصد بالكلاب الفرزدق والأخطل

في البدء كان كلُّ شيء حيًّا... • بول أوستر | تقرير من الداخل

الصُّوْرَةُ الْخَفِيَّةُ لِتَشْنِّجَاتِ أُمِّ كلثوم

التذكّر: هو المشي وحيدًا إلى الوراء، في مجرى نهرٍ جفّ. - ‏أوسيب ماندلشتام

مِن نَجَاة الطَّرِيق أَكْتُب، والمُنْدَفِع يَنْدَفِع مِن الفِرَاش إِلَى العَظْمَة الأَخِيرَة فِي أَنْفَاق بَغْدَاد. مِن ذَلِكَ القَبَس المُعْتِم لِتَارِيخ المُتَطَفِّلِين تُولَد حَشَرَة، وَمِن الحَشَرَة تُولَد أَلْف حَشَرَة، وَنَبِيّ زَائِد يَصْطَفِي مَمْلَكَة الشِّعْر وَالنَّدَم وَالصَّلَع المُبَارَك وَالشَّيْب الَّذِي يَنْخَر الرُّوح. مَنْ يَنْضُج يَبْتَكِر، وَمَنْ يَمُوت يَنْتَفِض، وَمَنْ لَا يَقْرَأ مَا أَكْتُب فَهُوَ عَلَى مَا يُرَام. مَنْ تَجُرّه الشَّاعِرِيَّة أَوِ الخَوَازِمِيَّة، وَتَحْيَا الأُمَّة الإِسْلَامِيَّة. وَمِن مَنْطِق الطَّيْر أَمُدّ عَيْنِي المُتَخَسَّة بِجُثَث وَأَمْوَات لَا يَنْتَهُون فِي النَّسْل المُبَاشِر لِتِلْكَ اللُّعْبَة القَدِيمَة. أَنْ نَرْمِي الأَحْذِيَة وَرَصَاص بَيْن جِلْد الأُذُن السَّمْرَاء، مِن ذَلِكَ الحِقْد دَفَنِي وَالنَّظْرَة المُحَرَّمَة، نَمُوت فِي الطَّابِق الأَعْلَى حَيْث دُعَاء لَا يُجْدِي نَفْعًا، وَلُغَة مُشَفَّرَة وَرَفْ سَاق العَجُوز وَاحْتِرَاق الشَّعْر عَلَى نَار بَارِدَة لَا تَسْلَع سِوَى الهَدَايَا. أَنْ أَنْتَحِر فِي كُلّ نَص لِكَيْ أَمُدّ الحِبَال إِلَى آخِر كَلِمَات لُغَة. أُودِّع الكَلِمَات كُلّ يَوْم، أَتَّخِذ مَعْبَد الأَجْيَال الصَّمْت فِي حَضْرَة رُمَّان، وَتَرْك الفَعَلَة يَفْعَلُون، وَالكَذِبَة تَجُرّ أَلْف حِمَار. وَالنِّهَايَة لَيْسَت بَعِيدَة، الطَّرِيق لَا يَكْتُب لِي المَوْت رَغْم النُّعَاس الطَّوِيل.