نِيـنٰ حَـمد

اعتَدتُ أن استَخدم المنطِق بحنيّة مُفرطه، أتذكّر.. عندمَا ضمّدتُ جرَاح أحدهِم كأنّي أمسَكته من مخَاوفه ورميتهُ بهَا عاليًا، أعلمُ أنَّني رمَيته بقوّه لَن يَعود منهَا كما كان، ولَكن لَن تعودَ معهُ المخاوف، سيفلُت منهَا وهو يَسقط سقُوطه المُخيب ولكن.. وهو حُر.

لِحكمة لَا أُدركها يُعافِيني الوَقت دائمًا، بينمَا أرى الجَميع مُنهمك ذَائح فِي فوَاصل الثوَاني.

اترُكهم وسيجدونَ مَن يُشبههم في الدّنيا كُثر، وأنتَ ستجِد نَفسك لأنك لَا تُشبه أحد، وهذَا أجمَل مَا قَد يَهبك بِه الله.

يُمكنك أن تعيش في الجَانب المُتعرّي الذي لا يَتظاهر بالقوّة، أَن تتبَاكى وتشتكي وتروِي قِصصك الحَزينَة البَائسة المُتحجره في صَدرك، أن تُنسِب وَضعك الدرَاسي المُتذبذب لوَضعك العائلِي الصّعب جدًا مثلًا، يُمكن أن تحكِي عن قميصك الذي لَا تستبدلهُ كثيرًا لأنك لَم تشتري قُمصانًا جديدَة مُنذ زَمن، يُمكن أن تتحدّث عن حبوب وَجهك وهرمُوناتك ومُتلازمَة النّقص في الفيتامينات الأسَاسية والثّانوية دونَ أن تَبحث لهَا عن حلُول وعِلاج لأنك فَقط تُريد "التّذمر منهَا" ولَيس "التّخلص منها"، بإختِصار يُمكننا جميعًا أن نَعيش دورَ الضّحية لأن الحيَاة قَاسمتنا ظروفًا لَا نتقبلهَا ومسؤليات لَم نطلبهَا، وبالتالي نحنُ ضحايَا بالفعل.. ولَكن كم منّا يَستطيع أَن يَقلب كل هذه المُعادلة لتصُب في صَالحه؟ من يُمكنه أن يتمتع بعقلية صُلبَه للحَد الذي يَجعله لَا يزهد في الدُّنيا رغمَ أنهَا تَقصد أن تُزهده فيها وتُحمله أكثر ممَا يُمكنه مُجاراته؟ دَعني أُجيبك بخَالص الأَسف أن هذه الفئة شَاذة بَسيطة تُعد 1% استثنَاء في هذَا العَالم لا تفهم أنّي أجعلهَا مُستحيله لكنهَا صَعبه ونحنُ نتجاهَل الصّعب ونختَار الطريق المُختصر، طرِيق "الضّحية" ولَكن في مستويَات مُتفاوته، ولا يُمكنك إنكار ذَلك لأنّي مثلك اعتَقدتُ انّي صُلبة بمَا يَكفي، لكنّني -وأنتَ- علميًا مَازلنَا تحتَ ظِل المُحاولة فِي تحقِيق ذَلك مع تفَاوت الرّغبات والقُدرات في تحقيقهَا، مَازلنَا في الطّريق ولَم نَصل إلى المُستوى المَطلوب بَعد، وحَقيقة الأمر أننَا نُحاول لنَكون نحنُ النّهاية نفسهَا فِي كتاب "لا يُمكنك إيذائي".

"لَست خير النّساء لكنني أخَاف الله، لَست أجمَل البنات لكنني جَميلة، لَست ذو حظٍّ عظيم ولكنني مؤمنَه بما يُقدمه الله لي، لَست الفتَاة الوَحيدة في هذه الدنيَا ولَكنني صَادقة"

لَا أعني تفصِيل التّفاصيل، ولَا أقصُد أن أضعَ الزوَائد معَ القَليل ولَكنّي كثيرٌ وأكثَر مما يَستحق البَعض، وهذَا أكثَر مُميزاتي عيُوبًا.

لستُ مُميزَه كثيرًا، إنهَا مُجرد وَحمه كبيرَه مرسُومه بدقّه على جسدي، معَ القَليل مِن التدرجَات في شَعري المُتناقض الذي يطوَل ويُطيل تَعبي معَه، رمشَ عينِي ينَام كجُفني ويَقف بَارزًا أحيانًا، أنَام كثيرًا ولَكن الذُبول في عينَاي خُلقت بِه هكذَا، أُفضل القهوَة وكُل مَا يتقمَّص لونهَا؛ كعينَاي مثلًا لطالمَا كُنت في عينِ نَفسي جَميلة بعيوبِي البَارزه، بجبينِي الوَاسع وابتسَامتي المَحدوده وهشَاشة بشرتِي، كلهَا كانَت جميلةً معِي حتى أصبحتُ أراهَا جميلةً في العَامة، الحَمدلله الذي يَزرعُ فينَا الرّضى فتجِد المَارةَ يبتسِمون للقبُول المُتناثر عَلى وَجهك..

أغلَقتُ باب غُرفتي عندمَا لَم يَسعني أَن أحكُم دموعي كي لَا يرَاها أحد، تحدّثت بصوتٍ واحد بينمَا هُناك ألف صوت بداخلِي يتبَاكى، تمسَّكتُ برغبَة وَاحدة بينمَا كل شَيء أقوى منّي وأحيانًا لَم أكن أُفلح في تحقيقهَا، سمَعت العِبر كثيرًا لكنهَا لَم تُقنعني إلا في مراتٍ معدوده، كسرتُ حوَاجز لَم أرى نَفسي يومًا أجتازُها، اخترتُ نَفسي كثيرًا فمَن ذا الذِي يُمكن أن يكونَ أغلى منها؟ ولَكن عذّبتُها من غلَاوتها الشديدَة، أنَا لازِلت أنضجُ ممَا أبديتهُ بكثِير ولَكن لا مَانع لِي أَن أرتدي قنَاع التّجربة الأولى بدُون أحكامٍ مُسبقه، حتى وأنا أعرفُ النّهايات من بدايتِها..

يقولونَ انّهم يأكلونَ الفراشات، لكن لم ينتبهوا أنهَا ستبَات في أمعَائهم جُثثًا.

حتى القهوَه التِي تُحبهَا، وتصنعهَا بحُب، وتشربهَا بحُب، وتتحدث عنهَا بحُب، وتشُم رائحتهَا بخَالص الحُب والمُتعه.. معَ الوَقت ستُرهق شهيّتك وتُشعرك بقبضَات وعصرَات في القَلب قد تَخنقك بحُزن.