بسم الله الرحمن الرحيم
[ قبل أن نكتب أو نتكلم ]
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى" حديث متفق عليه بدأ به البخاري صحيحه واستفتح به النووي الرياض والأربعين, ومشى على هذا كثير من أهل العلم .وهو من الأحاديث التي عليها مدار الإسلام لا ينبغي لكاتب ولا لمتكلم أن يغفل عنه خاصة أولئك الذين يتكلمون بالقرآن والسنة, ويكتبون الآية والحديث ,كما ينبغي لكل كاتب ومتكلم أن لا يأمن على نفسه من الرياء والسمعة ,قال ابن أبي مليكة: "أدركت ثلاثين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ،كلهم يخاف النفاق على نفسه، ما منهم أحد يقول: إنه على إيمان جبريل وميكائيل". وقال الحسن: "ما خافه إلا مؤمن، ولا أَمِنَهُ إلا منافق"[أخرجهما البخاري في صحيحه ]وليست العبرة أن نكتب حتى يسيل الكتاب حبرا وتمتلأ الدفاتر نثرا وشعرا.
١/- العبرة بالحق الذي يراد به وجه الله ,قال الربيع بن خيثم: ( كلُّ مالا يُراد به وجه الله يضمحلُّ). سير أعلام النبلاء ٤/ ٢٥٩.
قال الحسن البصري : رحم اللّه عبدا وقف عند همّه، فإن كان للّه مضى، وإن كان لغيره تأخّر. (إغاثة اللهفان لابن القيم ٣٩٢).
٢/-العبرة بالحق الذي يحصل به النفع لعباد الله ,ولا ينفع الكلام الا اذَا خرج من القلب , كما قال عمر بن ذَرٍّ لأبيه: يا أبتِ، ما لَكَ إذا تكلمت أبكيتَ الناس وإذا تكلّمَ غيرُك لم يُبكهم؟ فقال: يا بني، ليست النائحة الثكلى مثل النائحة المستأجرَة.
-وقد سئل حمدون القصار: ما بال كلام السلف أنفع من كلامنا؟ فقال: لأنهم تكلموا لعز الإسلام،ونجاةالنفوس، ورضا الرحمن،ونحن نتكلم لعز النفوس،وطلب الدنيا،ورضا الخلق . صفة الصفوة ٤/ ١٢٢.
- روى ابن أبي الدنيا عن معقل بن عبيد الله الجزري قال : كانت العلماء إذا التقوا تواصوا بهذه الكلمات ، وإذا غابوا كتب بها بعضهم إلى بعض أنه : من أصلح سريرته أصلح الله علانيته ، ومن أصلح ما بينه وبين الله كفاه الله ما بينه وبين الناس ، ومن اهتم بأمر آخرته كفاه الله أمر دنياه .
قال بعض السلف: "ربما أحدِّث بحديث ولي فيه نية، فإذا أتيت على بعضه تغيرت نيتي؛ فإِذَا الحديث الواحد يحتاج إلى نيات".
٣/-العبرة بالحق الذي تجاهد نفسك للعمل به ,قال إبراهيم التيمي : "ما عرضت قولي على عملي إلا خشيت أن أكون مكذباً".
-روى مسلم في صحيحه عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ « يُؤْتَى بِالرَّجُلِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيُلْقَى فِى النَّارِ فَتَنْدَلِقُ أَقْتَابُ بَطْنِهِ فَيَدُورُ بِهَا كَمَا يَدُورُ الْحِمَارُ بِالرَّحَى فَيَجْتَمِعُ إِلَيْهِ أَهْلُ النَّارِ فَيَقُولُونَ يَا فُلاَنُ مَا لَكَ أَلَمْ تَكُنْ تَأْمُرُ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ فَيَقُولُ بَلَى قَدْ كُنْتُ آمُرُ بِالْمَعْرُوفِ وَلاَ آتِيهِ وَأَنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ وَآتِيهِ .
- عن أنس رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " رأيت ليلة أسري بي رجالا تقرض شفاههم بمقاريض من نار ، فقلت : من هؤلاء يا جبريل ؟ فقال : الخطباء من أمتك ، يأمرون الناس بالبر و ينسون أنفسهم ، و هم يتلون الكتاب ، أفلا يعقلون ؟! " .
أخرجه أحمد وأورده الألباني في "السلسلة الصحيحة" ١ / ٥٢٢ .
٤/-العبرة بالحق الذي لا يشوبه حظٌّ من حظوظ الدنيا كطلب المنزلة عند الوجهاء والأعيان والسلاطين, العبرة بما يرضي الله ولو سخط من سخط من المخلوقين. عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من أرضى الله بسخط الناس كفاه الله ومن أسخط الله برضا الناس وكٌَله الله إلى الناس"أخرجه ابن حبان في صحيحه وأورده الألباني في "السلسلة الصحيحة"١١ -١٨
- وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : تَعِسَ عَبْدُ الدِّينَارِ وَالدِّرْهَمِ وَالْقَطِيفَةِ وَالْخَمِيصَةِ إِنْ أُعْطِيَ رَضِيَ وَإِنْ لَمْ يُعْطَ لَمْ يَرْضَ. أخرجه البخاري
-وكَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ : " اللَّهُمَّ اجْعَلْ عَمَلِي كُلَّهُ صَالِحًا , وَاجْعَلْهُ لِوَجْهِك خَالِصًا , وَلَا تَجْعَلْ لِأَحَدٍ فِيهِ شَيْئًا ".ذكره ابن تيمية في مواضع من كتبه.
٥/- العبرة بالصدق مع الله :
قَالَ أَيُّوْبُ: مَا صَدَقَ عَبْدٌ قَطُّ، فَأَحَبَّ الشُّهرَةَ. سير أعلام النبلاء ٤/ ٢٥٩.
- ذُكر في ترجمة الشَّيْخِ محمد الأمين الشنقيطي أنه أَلَّفَ قَبْلَ الْبُلُوغِ نَظْمًا فِي أَنْسَابِ الْعَرَبِ ، يَقُولُ فِي أَوَّلِهِ :
سَمَّيْتُهُ بِخَالِصِ الْجُمَانِ
فِي ذِكْرِ أَنْسَابِ بَنِي عَدْنَانَ
وَبَعْدَ الْبُلُوغِ دَفَنَهُ قَالَ لِأَنَّهُ كَانَ عَلَى نِيَّةِ التَّفَوُّقِ عَلَى الْأَقْرَانِ.
وهذا من توفيق الله للعلماء العاملين يحاسبون أنفسهم على أعمال عملوها
وهم غلمان لم يناهزوا الإحت