أسً.

بعد فترة تبدأ بتقبُّل هزائمك ‏برأس مرفوع وليس بحزن طفل ‏وتزرع حديقتك ‏بدل انتظار أحدهم ليهديك وردة ‏وتتعلم وتتعلم .. ‏مع كل وداعٍ تتعلم! ‏بورخيس

سعد فالح - أمنيات عارية اريد ان العب كالاطفال بالحصى وابني بيتًا يجمعني بكِ وحدك وقرب ينبوع الحياة نرتب ما تمكن من الأيام نرسيها كأعيادٍ وأفراح.. أريدُ أن أكون أبًا للطفولة التي بصوتِك .. وأحدثكِ عن قصص سوداء لم يعشها غيري، عن شعركِ الحريري المنسدل فوق سطح الايام الشائكة. وبصوت يخفق كالقلوب الضائعة أركض وأضحك وأبكي أريد أن اكون طفلًا لأبكي .. وأصيح : يا أمي، لا يعجبني البرتقال. أريد أن أكون طفلا لألعب بالحصى ... وأبني أوطانا من دون حروب وحروبا في ألعاب الفيديو للأطفال الذين قُتلوا وهم يلعبون .. أريد أن أكون طفلا لأحفظ صوت صرير الباب عندما تغلقه امي بهدوء وأنا نائم وأعزفه كلما قالوا : " موسيقى السلام " أريد مخالب كل الذئاب لأقشر البرتقال، وأدغدغ الحطب ليشتعل من كثرة الضحك .. أريد أن أكون طفلا لأصنع بابًا في بداية العالم يُصافح كلَّ من أتى ليقتل أو ليقطف الأزهار .. أريد وطنا لم أجده وبيتًا .. وطفولةً، ذهبت لتلعب بالحصى، وتركتني.

أنت لا تكرهني، أنت تكره الصّورة التي تكوّنها عنّي. لكن هذه الصّورة ليست أنا -وإنما هي أنت، متصوَّراً ومصوِّراً. فأنت تكره نفسك. أنت، بالأحرى، تكره نقصك الذي أفضحه. أدونيس / النظام والكلام ط: التكوين، ص: 132

لا أحد هنا غيري لا مكان لي إلا الغناء بصوت عالٍ : "يا صفحة اليوم تجددي فاليوم القادم سيطوينا". غصني يُغنّي وأنا البلبل القتيل، الريح عزف في رثاء كل البلابل، كانت عروق يدكِ، خريطة بيتي البعيد أنا تائه بكل هذا الكم من الأيدي التي تُشير نحوي : هذا هو القاتل والقتيل.. لمَن يعثر عليَّ .. لا بيت لي، عيناي بلون الوحشة، إسمي سعد فالح، لا شيء يشبهني، إلا أغنية وحيدة، نشترك في نفس الوحدة والنسيان

كان ليل عابر الظلام دامس الهوية سليل الموجعات .. مَن لاذ بالفرار ؟ صرختان. حين ودّعتُ حياتي، وأخذت تذكرةً عليها اسمي وحنجرتي و عشر اصابع وركبتُ في هذا القطار .. وصرخةً خبأتُها في جيب بنطالي العريض، مُحكم القضية، رافع الهوية ووقفتُ في سرب انتظار .. متى دوري يحين؟ أما زال في هذا العمر، عمرا للبقية؟ أما زال في هذا البعيد بُعدًا آخرًا؟ ضوءٌ في المدينة البعيدة كان، وأنا كنتُ الطريق، ليست هذه النهاية، ربما غدا ستتوقف مخافة الفرار. ومحطتي في الغار الصغير أشهى من نشوة أن تكون. سعد فالح 2023/11/16