cookie

ما از کوکی‌ها برای بهبود تجربه مرور شما استفاده می‌کنیم. با کلیک کردن بر روی «پذیرش همه»، شما با استفاده از کوکی‌ها موافقت می‌کنید.

avatar

درر نبوية من حياة خير البرية ﷺ

أحاديث ودروس وعبر من السيرة النبوية

نمایش بیشتر
پست‌های تبلیغاتی
3 642
مشترکین
-224 ساعت
+27 روز
-830 روز
توزیع زمان ارسال

در حال بارگیری داده...

Find out who reads your channel

This graph will show you who besides your subscribers reads your channel and learn about other sources of traffic.
Views Sources
تجزیه و تحلیل انتشار
پست هابازدید ها
به اشتراک گذاشته شده
ديناميک بازديد ها
01
عن سفيان بن عبدالله الثقفي: قُلتُ: يا رَسولَ اللهِ، قُلْ لي في الإسْلامِ قَوْلًا لا أسْأَلُ عنْه أحَدًا بَعْدَكَ، وفي حَديثِ أبِي أُسامَةَ غَيْرَكَ، قالَ ﷺ: «قُلْ: آمَنْتُ باللَّهِ، ثم اسْتَقِمْ». [رواه مسلم] الشرح: الإيمانُ باللهِ إيمانًا صادقًا، والاستِقامةُ على شَرعِه قَدرَ الوُسعِ والطَّاقةِ: هما طَريقُ الفَلاحِ والنَّجاحِ في الدُّنيا والآخِرةِ، وقد كان الصَّحابةُ من أحرَصِ النَّاسِ على سُؤالِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عمَّا يَنفَعُهم في دُنياهم وآخِرتِهم. وفي هذا الحديثِ يَسألُ الصَّحابيُّ سُفيانُ بنُ عبدِ اللهِ الثَّقَفيُّ رَضيَ اللهُ عنه النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن عَمَلٍ يُنجيه ويَكفيه عن الأعمالِ الأُخرى، وأن يُعَلِّمه بقولٍ جامِعٍ وشامِلٍ في مَبادِئ الإسلامِ وغاياتِه، فيكون كَلامًا جامِعًا لأمرِ الإسلامِ، يَكمُلُ به دينُه ويُرشِدُه إلى الحقِّ، ويَكفيه عن غَيرِه منَ الأعمالِ، ويَكون سببًا في نَجاتِه منَ النَّارِ يَومَ القيامةِ. وقَولُه: «في الإسلامِ»، أي: فيما يَكمُلُ به الإسلامُ، ويُراعَى به حُقوقُه، ويُستَدَلُّ به على تَوابِعِه، أوِ المَعنَى: علِّمني قولًا جامِعًا لِمَعاني الإسلامِ. فقال له النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «قُلْ: آمَنْتُ باللهِ، ثُمَّ اسْتَقِمْ»، أي: قُل وأنتَ مُوقِنٌ بقَلبِكَ: آمنتُ باللهِ، ثُمَّ داوِم على هذا الإيمانِ وأنت مُستَقيمٌ على هَديه ومُقتَضاهُ، والاستِقامةُ جامِعَةٌ للإتيانِ بجَميعِ الأوامِرِ، والانتِهاءِ عن جَميعِ المَناهي، فالمُعوَّلُ عليه هو الثَّباتُ على الإيمانِ مع الاستِمرارِ على العَملِ الصَّالِحِ الذي يَهدي صاحِبَه إلى الطَّريقِ المُستَقيمِ، ومن بُشرَياتِ الاستِقامةِ ما جاء في قَولِ اللهِ تَعالَى: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ} [فصلت: 30]، وقال عزَّ وجلَّ: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الأحقاف: 13، 14]. - الدرر السنية.
670Loading...
02
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كانَ أخَوانِ على عَهْدِ النَّبيِّ ﷺ فَكانَ أحدُهُما يأتي النَّبيَّ ﷺ والآخرُ يحترِفُ، فشَكَى المُحتَرِفُ أخاهُ إلى النَّبيِّ ﷺ فقالَ: «لعلَّكَ ترزقُ بِهِ» [صحيح الترمذي] الشرح: طلَبُ العِلمِ، وكَفالةُ طالبِه مِن أسبابِ التَّوسِعةِ في الرِّزْقِ للشَّخصِ؛ فمَن سَعى وعَمِل واكتَسَب وتكَفَّل بطالبِ العلمِ، فلعلَّ اللهَ أن يُكافِئَه على ذلك، ويُوسِّعَ عليه في رِزقِه. وفي هذا الحَديثِ يَقولُ أنَسُ بنُ مالكٍ رَضِي اللهُ عَنه: كان أخَوانِ على عَهدِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، "فكان أحَدُهما"، أي: أحَدُ الأخَوَين، "يأتي النَّبيَّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم"، أي: يَحضُرُ إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، ويُلازِمُه ويَسمَعُ أحاديثَه ويتَعلَّمُ مِنه أمورَ الدِّينِ، "والآخَرُ يَحتَرِفُ"، أي: وكان الأخُ الآخَرُ يَعمَلُ ويتَكسَّبُ، ويَحترِفُ، أي: يَعمَلُ في حِرْفةٍ أو صَنعةٍ، وكان هذا العامِلُ المتكسِّبُ يتَحمَّلُ مَعيشةَ أخيه الآخَرِ ويوفِّرُ له الطَّعامَ والشَّرابَ، "فشَكا المحترِفُ أخاه إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم"، أي: فجاء الأخُ الَّذي يَعمَلُ ويتَكسَّبُ مِن حِرفتِه إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، وشَكا إليه أخاه أنَّه لا يُساعِدُه في حِرفَتِه ولا يَخرُجُ يتَكسَّبُ معه أسبابَ المعيشةِ والرِّزقِ، "فقال"، أي: قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم لهذا الأخِ الشَّاكي: "لعلَّك تُرزَقُ به"، أي: لعلَّ اللهَ جعَله سببًا في أن يَرزُقَك؛ لأنَّك تَكلَّفتَ عِبْءَ مَعيشتِه وطَعامِه وشَرابِه، فربَّما كان هو السَّببَ في رِزقِك ومَعيشَتِك، فلا تَمنُنْ عليه بعَمَلِك؛ ولا يَعني هذا الدَّعوةَ إلى التَّكاسُلِ والخُمولِ والتَّواكلِ، ولكنَّه تَعريفٌ بفَضلِ اللهِ على الخَلقِ كلِّهم، وبيانٌ أنَّه هو الرَّزَّاقُ وأنَّه هو الكافلُ لِمَن شاء بمَن شاء، فلا يَمنُنْ غنيٌّ على فقيرٍ بعَطاءٍ، ولا عائلٌ على مُعيلٍ بكَفالتِه، وقد وردَتْ نصوصٌ كثيرةٌ في الحثِّ على العمَلِ وطلَبِ التَّكسُّبِ وعدَمِ التَّواكُلِ، ومُراعاةِ حَقِّ اللهِ في الطَّاعةِ وحقِّ النَّفسِ بالتَّعفُّفِ وعدَمِ سُؤالِ النَّاسِ. وفي الحديثِ: الحثُّ على التَّكافُلِ بينَ النَّاسِ وتَحمُّلِ الإخوَةِ بعضِهم بعضًا. - الدرر السنية.
1210Loading...
03
عن أم سلمة أم المؤمنين رضي الله عنها: ما خرج النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم من بيتي قَطُّ إلا رفع طَرْفَه إلى السماءِ فقال: «اللهم أعوذُ بك أن أَضِلَّ أو أُضَلَّ أو أَزِلَّ أو أُزَلَّ أو أَظْلِمَ أو أُظْلَمَ أو أَجْهَلَ أو يُجْهَلَ عَلَيَّ» [صحيح أبي داود] الشرح: الدُّعاءُ الصَّادِقُ مِنَ القلبِ الخاشِعِ يُمَثِّلُ درجةً عاليةً مِن حُسْنِ التَّوكُّلِ على اللهِ تعالى، والالْتِجاءِ إليه، والإقرارِ بقُدْرتِهِ، وأنَّه هو النَّافِعُ والضَّارُّ، وقد كان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ دائمَ الدُّعاءِ للهِ في كُلِّ أحوالِهِ، ومِن هذه الأحوالِ عِندَ الخروجِ مِنَ البيتِ. وفي هذا الحديثِ تقولُ أُمُّ سَلَمةَ رَضِي اللهُ عنها زوجُ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "ما خَرَجَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِن بَيْتي قَطُّ إلَّا رَفَعَ طَرْفَه" ببَصَرِه وعينَيْه "إلى السَّماءِ"، والمعنى: أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كان بصورةٍ دائمةٍ إذا خرَجَ مِنَ البيتِ دعا اللهَ وقال: "اللهُمَّ أَعُوذُ بكَ"، فأَلْجَأُ إليكَ وأَسْتجيرُ بكَ مِن: "أنْ أَضِلَّ أو أُضَلَّ"؛ بأنْ أَقَعَ في الضَّلالِ بنَفْسي، أو أنْ أُضِلَّ غَيْري، "أو أَزِلَّ أو أُزَلَّ"، والزَّلَلُ هو الوقوعُ في المعصيةِ، والمعنى: أَجِرْني واحْمِني مِن أنْ أقَعَ في الذَّنبِ أو المعصيةِ بقَصْدٍ أو بِغيرِ قَصْدٍ مِنِّي، "أو أَظْلِمَ أو أُظْلَمَ"، أي: أَعوذُ بِكَ أنْ أَظْلِمَ أحدًا مِن خَلْقِك في أيِّ أَمْرٍ مِن الأمورِ، أو أنْ يَظْلِمَني أحدٌ؛ وهذا لسُوءِ عاقِبةِ الظُّلْمِ، "أو أَجْهَلَ أو يُجْهَلَ عَليَّ"، أي: أَعوذُ بِكَ مِن أنْ أَفْعَلَ فِعْلَ الجاهِلينَ مِن سُوءِ الخُلُقِ وإيذاءِ النَّاسِ، أو أنْ يَفْعَلَ أحدٌ بي هذا الفِعْلَ، ويحتملُ أنْ يكونَ المعنى: أَعوذُ بِكَ أنْ أجْهَلَ شيئًا مِن الأمورِ ولا أعْلَمَها، أو لا يُعلِّمَني إيَّاها أحدٌ. هذا، وبعضُ هذه الأدعيةِ في حَقِّ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِن بابِ التَّعليمِ لأُمَّتِه؛ لأنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ معصومٌ ممَّا يَستعيذُ منه فيها. وفي الحديثِ: الحَثُّ على الدُّعاءِ والْتِزامِه على كُلِّ حالٍ، والحثُّ على التوجُّهِ إلى اللهِ تعالى . - الدرر السنية.
1782Loading...
04
عن عبدالله بن عباس رضي الله عنه: أنَّ رَسولَ اللهِ ﷺ كانَ يقولُ: «اللَّهُمَّ لكَ أَسْلَمْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ، وإلَيْكَ أَنَبْتُ، وَبِكَ خَاصَمْتُ، اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بعِزَّتِكَ -لا إلَهَ إلَّا أَنْتَ- أَنْ تُضِلَّنِي، أَنْتَ الحَيُّ الَّذي لا يَمُوتُ، وَالْجِنُّ وَالإِنْسُ يَمُوتُونَ». [متفق عليه] الشرح: الدُّعاءُ هو العبادَةُ، وقد حثَّنا ربُّنا سُبحانَه على دَوامِ الدُّعاءِ، وقد كانَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ القدوةَ في تَطبيقِ ذلك وتَعليمِه لنا، فكان يَجتهِدُ في دُعائهِ للهِ عزَّ وجلَّ. وفي هذا الحديثِ يَرْوي عبدُ اللهِ بنُ عبَّاسٍ رَضيَ اللهُ عنهما أنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كانَ يقولُ في دُعائهِ: «اللهمَّ لكَ أسلمْتُ» والمُرادُ: الاستِسلامُ والانقيادُ للهِ والخضوعُ له، «وبكَ آمنتُ» والمُرادُ: التَّصديقُ والإقرارُ باللهِ تَعالَى واليقينُ بكلِّ ما أخبَرَ به وما أمَرَ بهِ وما نَهى عنه، «وعليكَ توكَّلتُ» أي: اعتَمَدْتُ عليكَ في جَميعِ أُموري لتُدبِّرَها؛ فإنِّي لا أملِكُ نفْعَها ولا ضَرَّها، «وإليكَ أنبْتُ»، والإنابةُ هي الطَّاعةُ والرُّجوعُ للهِ بالتَّوبةِ في ذلٍّ وضعْفٍ، «وبكَ خاصَمتُ»، أي: بعَونِكَ أحتَجُّ وأُدافِعُ وأُقاتِلُ كلَّ مَن يُعادِيكَ، «اللَّهمَّ إنِّي أَعوذُ» أي: ألْتَجِئُ وأعتَصِمُ، «بعزَّتِكَ -لا إلهَ إلَّا أَنتَ- أنْ تُضلَّني»، أي: أعوذُ بارتِفاع قَدرِكَ على سائرِ المَخلوقاتِ، وتفرُّدِكَ بالأُلوهيَّةِ ألَّا تَجعَلَ لأحدٍ عليَّ سَبيلًا فيكونَ سببًا في ضَلالِي، وابتِعادِي عن الطَّريقِ المُستَقيمِ، «أنتَ الحيُّ الَّذي لا يَموتُ»، وهذا تَنزيهٌ للهِ عزَّ وجلَّ عن المَوتِ والفَناءِ؛ لأنَّ الموتَ صِفَةُ نقْصٍ، وقولُه: «والجنُّ والإِنسُ يَموتونَ» تأكيدٌ منهُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ على أنَّ صفَةَ الحياةِ للهِ عزَّ وجلَّ وحدَه، حتَّى المَخلوقاتِ العاقلةِ لازِمٌ في حقِّها الموتُ، ولعلَّ سِرَّ إيرادِ هذا الثَّناءِ على اللهِ عزَّ وجلَّ مِن رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في نهايةِ هذا الدُّعاءِ: هو التَّأكيدُ على أنَّ اللهَ هو وَحْدَه الحيُّ الَّذي لا يموتُ، ومَن كان مُتَّصفًا بمثلِ هذا الكَمالِ من الدَّيمومةِ والحياةِ الكاملةِ: حَقيقٌ ألَّا يُدعَى غيرُه، وألَّا يُرجى سِواه. وفي الحَديثِ: إثباتُ صِفاتِ العزَّةِ، والوحدانيَّةِ، والأُلوهيَّةِ للهِ عزَّ وجلَّ، وأنَّه الحيُّ الَّذي لا يَموتُ. وفيه: مُواظَبتُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ على الذِّكرِ، والدُّعاءِ، والثَّناءِ على ربِّه، والاعترافِ له بحُقوقِه، والإقرارِ بصِدْقِ وَعْدِه ووَعيدِه. وفيه: تَقديمُ الثَّناءِ على المسألةِ عندَ كلِّ مَطلوبٍ. وفيه: الإيمانُ بصِفاتِ اللهِ الكاملةِ الَّتي لا يَستحِقُّها غيرُه. - الدرر السنية.
2840Loading...
05
عن ابن مسعود رضي الله عنه، أن رسول الله ﷺ كان يدعو: «اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُكَ الهُدَى وَالتُّقَى، وَالْعَفَافَ وَالْغِنَى» [رواه مسلم] الشرح: علَّمَنا النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في سُنَّتِه الكثيرَ مِن الأدعيةِ والأذكارِ الَّتي تَحفَظُ المُسلِمَ مِن الشُّرورِ وتَجلِبُ له الخيرَ والبركاتِ. وفي هذا حديثٌ يُخبِرُ عبدُ اللهِ بنُ مَسعودٍ رَضيَ اللهُ عنه أنَّه كان مِن دُعاءِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «اللَّهُمَّ إنِّي أَسألُكَ الهُدَى» مِن الهدايةِ، وهو الطَّريقُ المُستَقيمُ، «والتُّقى» وهو الخَوفُ منَ اللهِ، والحَذَرُ مِن مُخالَفَتِه، وأطلَقَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ الهُدى والتُّقى مِن دونِ تَقْيِيدٍ لَهُما لِيَتناوَلَ كُلَّ ما يَنْبَغِي أنْ يَهتَدِيَ إليه مِن أمْرِ المعاشِ والمعادِ، ومَكارمِ الأَخْلاقِ، وكُلَّ ما يَجِبُ أن يَتَّقيَ مِنه مِن الشِّركِ والمعاصِي، ورَذائلِ الأَخْلاقِ، «والعَفافَ» مِن العِفَّةِ، وهي الابتعادُ عن كُلِّ ما حَرَّمَ اللهُ عليه، «والغِنى» والمُرادُ به: الغِنَى عَنِ الخَلْقِ، فَالإنسانُ إذا وَفَّقَه اللهُ ومَنَّ عليه بِالاستغْنَاءِ عنِ الخَلْقِ، صار عَزيزَ النَّفْسِ غَيرَ ذَليلٍ؛ لأنَّ الحاجَةَ إلى الخَلْقِ ذُلٌّ ومَهانَةٌ، والحاجَةُ إلى اللهِ تَعالَى عِزٌّ وعِبَادَةٌ. وفي الحديثِ: أنَّ الَّذي يَملِكُ النَّفعَ والضَّرَّ والهِدايةَ لِلخَلْقِ هو اللَّهُ وَحْدَه، لا مَلَكٌ مُقَرَّبٌ ولا نَبيٌّ مُرْسَلٌ ولا غَيرُهُما. وفيه: شَرفُ هذه الخِصالِ -الهُدى والتُّقى والعفافُ والغِنى- والحثُّ على التَّخلُّقِ بها. - الدرر السنية.
2640Loading...
06
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، عن النبي ﷺ، قال: «إنَّ الدُّنْيَا حُلْوَةٌ خَضِرَةٌ، وإنَّ اللَّهَ مُسْتَخْلِفُكُمْ فِيهَا، فَيَنْظُرُ كيفَ تَعْمَلُونَ، فَاتَّقُوا الدُّنْيَا وَاتَّقُوا النِّسَاءَ؛ فإنَّ أَوَّلَ فِتْنَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَانَتْ في النِّسَاءِ. وفي روايةٍ: لِيَنْظُرَ كيفَ تَعْمَلُونَ». [رواه مسلم] الشرح: جَعَلَ اللهُ الدُّنيا دارَ اختِبارٍ وابتِلاءٍ، والعاقِلُ مَن تَزوَّدَ منها لِآخِرَتِه، وقدْ أوْصى النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بحُسْنِ العَمَلِ فيها، والمُداومَةِ على تَقْوَى اللهِ بها، والحَذَرِ مِن زَخْرَفتِها وفِتنتِها. وفي هذا الحديثِ يقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «إنَّ الدُّنيا حُلوةٌ خَضرةٌ» فهي حُلوةٌ في المَذاقِ خَضْرةٌ في المَرْأَى، والشَّيءُ إذا كان خَضِرًا حُلوًا فإنَّ العَينَ تَطلُبُه أَوَّلًا، ثُمَّ تَطلُبُه النَّفسُ ثانيًا، وهذا إشارةٌ لِحُسنِها، وهو ما يَجعَلُ النُّفوسَ تَتُوقُ إليها وتَطلُبُها، فيَغْتَرُّ الإنسانُ بها ويَنْهَمِكُ فيها، وبين النَّبيّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ اللهَ سُبحانَه وتَعالَى مُستَخْلِفُنا في هذه الحياةِ الدُّنيا، فَيَنْظُرُ كيفَ نَعمَلُ، ومَعنى الاستِخلافِ هو أنَّ اللهَ عَزَّ وجَلَّ جَعَلَنا خُلَفاءَ القُرونِ الَّتي خَلَتْ قَبلَنا، أو يَخلُفُ بَعضُنا بَعضًا؛ لِيَنظُرَ كيف عَمِلنا وبِما أَوجَبَه علينا، فنَقومُ بطاعتِه، أمْ نَعصِيه؟ ولهذا قال: «فاتَّقُوا الدُّنيا»، أي: احْذَروا أنْ يَخدَعَكم مَتاعُ الدُّنيا وزِيتنُها، فتَحمِلَكم على تَركِ ما أَمرَكم اللهُ به، والوقوعِ فيما نَهاكُم عنه، كما قال تَعالَى: {فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ} [لقمان: 33]. ثمَّ أمَرَنا صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بالحَذَرِ مِن النِّساءِ، فقال: «وَاتَّقُوا النِّساءَ»، أي: احْذَروا النِّساءَ، ووَجْهُ الحذَرِ منهنَّ: أنَّ المرأةَ إذا كانت زَوجةً فإنَّها قدْ تُكلِّفُ الرَّجُلَ مِنَ النَّفقةِ ما لا يُطيقُ أحيانًا، فتَشغَلُه عَن طَلبِ أُمورِ الدِّينِ، وتَحمِلُه على التَّهالُكِ على طلَبِ الدُّنيا، وتكونُ فِتنتُهنَّ أحيانًا بإغراءِ الرِّجالِ وإمالتِهم عَنِ الحقِّ إذا خرَجْنَ واختَلَطْنَ بهم، خُصوصًا إذا كُنَّ سافراتٍ مُتبرِّجاتٍ، وهذا قدْ يُؤدِّي إلى الوقوعِ في الزِّنا بدَرجاتِه؛ فَينبغي للمؤمنِ الاعتصامُ باللهِ، والرَّغبةُ إليه في النَّجاةِ مِن فِتنتِهنَّ، والسَّلامةِ مِن شرِّهنَّ، وأخبَرَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ أَوَّلَ فِتنةِ بَني إسرائيلَ كانت في النِّساءِ، فافْتَتَنُوا في النِّساءِ، فَضَلُّوا وأَضَلُّوا، وإنَّما ذَكَر صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بما وَقَع فيه الأُمَمُ قَبْلنا للعِبرةِ والعِظةِ بما وَقَع لهم مِن العذابِ والعِقابِ مِن اللهِ عزَّ وجلَّ، وذِكرُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فِتنةَ النِّساءِ بعْدَ فِتنةِ الدُّنيا هو مِن بابِ ذِكرِ الخاصِّ بَعدَ العامِّ؛ لِزيادةِ التَّحذيرِ؛ إيذانًا بأنَّ الفِتنةَ بهِنَّ مِن أعظَمِ الفِتَنِ الدُّنيويَّةِ. وفي الحديثِ: الحثُّ على مُلازمَةِ التَّقوَى، وعَدمِ الانْشِغالِ بِظَواهرِ الدُّنيا وزِينَتِها. - الدرر السنية.
2740Loading...
07
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: «من حُسنِ إسلامِ المرءِ تركُه ما لا يَعنيهِ» [صحيح الترمذي] الشرح: كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم يَهتَمُّ اهتِمامًا بالِغًا بالأخْلاقِ، وكثيرًا ما كان يَحُثُّ على فَضائِلِ الأخْلاقِ ويَمدَحُها، ويُحذِّرُ مِن مَساوِئِ الأخْلاقِ ويَذُمُّها، وفي هذا الحَديثِ يقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "مِن حُسنِ إسلامِ المرْءِ تَرْكُه ما لا يَعنيهِ"، والمَقْصودُ أنَّ مِن كَمالِ مَحاسنِ إسْلامِ المُسلِمِ وتمامِ إيمانِهِ، ابتِعادُه عمَّا لا يَخُصُّه ولا يُهِمُّه وما لا يُفيدُهُ مِن الأقْوالِ والأفْعالِ، وعَدَمُ تدخُّلِه في شُؤونِ غَيرِهِ، وعدَمُ تَطفُّلِهِ على غَيرِهِ فيما لا يَنفَعُهُ ولا يُفيدُهُ، ويَدخُلُ أيضًا في عُمومِ المَعْنى: الابتِعادُ عمَّا لا يَعني ممَّا حرَّمَ اللهُ عزَّ وجلَّ وما كرِهَهُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، وكذلك ما لا يُحتاجُ إليه مِن فُضولِ المُباحاتِ مِن الكَلامِ والأفْعالِ والأحْوالِ؛ فممَّا لا يَعني الإنسان ليس محصورًا في الأمورِ الدُّنيويَّة؛ بل إنَّ ممَّا لا يَعنيه أيضًا ما هو متعلِّقٌ بأُمورٍ أُخرويةٍ كحقائقِ الغيبِ وتفاصيلِ الحِكَم في الخَلْقِ والأمْرِ، ومنها السؤالُ والبحثُ عن مسائِلَ مُقدَّرةٍ ومُفترَضةٍ لم تقَعْ، أو لا تكادُ تقَعُ، أو لا يُتصوَّرُ وقوعُها. وفي الحَديثِ: الحثُّ على الانشِغالِ بما يَنفَعُ ويُفيدُ في الدِّينِ والدُّنيا . - الدرر السنية.
2680Loading...
08
فَضْلُ الذِّكْر : ✨️ جاء عن أبي الدرداءِ رَضِيَ اللهُ عَنهُ عن رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ قال: " أَلا أُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرِ أَعْمَالِكُمْ، وَأَزْكَاهَا عِنْدَ مَلِيكِكُمْ، وَأَرْفَعِهَا فِي دَرَجَاتِكُمْ، وَخَيْرٌ لَكُمْ مِنْ إِنْفَاقِ الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ، وَخَيْرٌ لَكُمْ مِنْ أَنْ تَلْقَوْا عَدُوَّكُمْ فَتَضْرِبُوا أَعْنَاقَهُمْ وَيَضْرِبُوا أَعْنَاقَكُمْ؟ قَالُوا: بَلَى. قَالَ: ذِكْرُ اللهِ تَعَالَى ". رواه الإمام أحمدُ والترمذيُّ وابنُ ماجه، وصححه الألباني. 🌼
2981Loading...
09
عن أبي ذر و معاذ بن جبل رضي الله عنهما عن النبي ﷺ قال: «اتق الله حيثما كنت، وأَتْبِع السيئةَ الحسنةَ تمحها، وخالقِ الناسَ بخلقٍ حسنٍ». [رواه الترمذي] - [حسن صحيح] الشرح: تقوى اللهِ سبحانَه وتعالى، ودَوامُ المراقبةِ، ومُعامَلةُ النَّاسِ بأخلاقٍ حسَنةٍ مِن عَلاماتِ الصَّلاحِ الَّتي يَنبَغي تَوافُرُها في المسلِمِ حتَّى يُحسِّنَ عمَلَه، ويكونَ أقرَبَ إلى الجنَّةِ. وفي هذا الحَديثِ يقولُ الرَّسولُ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "اتَّقِ اللهَ"، والتَّقوى هي الخوفُ مِن اللهِ ومُراقبتُه وأنْ تَجعَلَ بينَك وبينَ عَذابِ اللهِ وِقايةً، وتَكونُ بالإتيانِ بالواجباتِ، والامتِناعِ عَن المُحرَّماتِ "حيث ما كُنتَ"، أي: في كلِّ مكانٍ وجِهَةٍ، وفي سِرِّك وعَلانِيَتِك، وفي بَلائِك ورَخائِك، وفي كلِّ أحوالِك، "وأَتبِعِ السَّيِّئةَ الحسَنةَ تَمحُها"، أي: إن وقَعتَ في سيِّئةٍ، فافعَلْ وَراءَها حسَنةً مِن صلاةٍ وصَدقةٍ، وسائرِ ما يُوصَفُ بالحسَنةِ؛ فإنَّ ذلك يَرفَعُ، ويَمْحو تلك السَّيِّئةَ، "وخالِقِ النَّاسَ بخُلقٍ حسَنٍ"، أي: خالِطِ النَّاسَ بأخلاقٍ حسَنةٍ، فأحسِنْ مُعامَلاتِهم، مِن تَبسُّمٍ في وُجوهِهم، ورِفقٍ ولينٍ في التَّعامُلِ معَهم؛ فمَن فعَل ذلك حاز الدُّنيا والآخِرةَ. وفي الحديثِ: الأمرُ بتَقْوى اللهِ على كلِّ حالٍ. وفيه: أنَّ مُخالطةَ النَّاسِ لا تَعْني فِعْلَ المنهيَّاتِ معَهم. - الدرر السنية.
3760Loading...
10
عن أنس بن مالك رضي الله عنه: قال رسول الله ﷺ: (من صلَّى عليَّ صلاةً واحدةً صلَّى الله عليهِ عشرَ صلواتٍ، وحُطَّت عنهُ عَشرُ خطيئاتٍ، ورُفِعَت لَهُ عشرُ درجاتٍ) [صحيح النسائي] • لقدْ شَرَّفَ اللهُ عزَّ وجلَّ نَبيَّه مُحمدًا ﷺ وفَضَّلَه بفضائلَ عدَّةٍ؛ فمنها أنَّه جعَل لِمَن صلَّى عليه ثوابًا كبيرًا عظيمًا، كما يقولُ ﷺ في الحديثِ: "مَن صلَّى علَيَّ صلاةً واحدةً"، والصَّلاةُ هنا إمَّا أن تكونَ بمعنى الدُّعاءِ على أصلِ معناها اللُّغويِّ، أي: مَن دعا لي مرَّةً واحدةً، بأنْ قال: اللَّهمَّ صَلِّ على محمَّدٍ، أو ما في معناها، أو تكونَ الصَّلاةُ على النَّبيِّ ﷺ بمعنى طَلَبِ التَّعظيمِ له والتَّبجيلِ لجَنَابِه صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم مِن اللهِ، "صلَّى اللهُ عليه عَشْرَ صَلَواتٍ"، أي: ضاعَفَ اللهُ الجزاءَ للمُصلِّي على النَّبيِّ ﷺ عَشْرَ مرَّاتٍ، والصَّلاةُ مِن اللهِ على عِبادِه هي ثناؤه عليهم في الملأ الأعلى، وقيل: هي رحمتُه إيَّاهم، وأنَّه يَرحَمُهم رحمةً بعدَ رحمةٍ حتى تَبلُغَ رحمتُه ذلك العَددَ. وقيل: المرادُ بصلاتِه عليهم إقبالُه عليهم بعَطْفِه وإخراجُهم مِن ظُلمةٍ إلى رِفعةٍ ونُورٍ، كما قال سبحانَه: {هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ} [الأحزاب: 43]؛ فيَحتمِلُ أنْ يكونَ المعنى: أنَّ اللهَ يرحَمُه رحمةً مُضاعَفةً، فيُضاعِفُ أجْرَه، كقولِه تعالى: {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ} الآية [الأنعام: 160]، أو يَذكُرُ ربُّنا سُبحانَه وتعالى المُصلِّيَ على النَّبيِّ في الملأِ الأعلى؛ تَشريفًا له وتكريمًا على صلاتِه ودعائِه للنَّبيِّ ﷺ، ويكونُ هذا مِن بابِ قولِ اللهِ عزَّ وجلَّ في الحديثِ القُدسيِّ الذي أخرَجَه البخاريُّ، أنَّ اللهَ تعالى قال: "أنا عِندَ ظنِّ عَبْدي بي، وأنا مَعَه إذا ذَكَرني؛ فإنْ ذكَرَني في نَفْسِه، ذكَرْتُه في نفسي، وإنْ ذكَرني في ملأٍ، ذكَرْتُه في ملأٍ خَيرٍ منه"؛ فتكونُ بذلك صَلاةُ المُسلِمِ على النَّبيِّ ﷺ أفضَلَ مِن دُعائِه لنَفْسِه؛ لأنَّ اللهَ سيُصلِّي على عَبدِه ويَرحَمُه. "وحُطَّتْ عنه عَشْرُ خَطِيئاتٍ"، أي: وُضِعَتْ عنه وغُفِرَتْ، "ورُفِعَتْ له عَشْرُ درجاتٍ"، أي: عَلَتْ مَنزلتُه في الجنَّةِ عَشْرَ دَرجاتٍ، وقيل: في الدُّنيا بتَوفيقِه للطَّاعاتِ، وفي القِيامةِ بتثقيلِ الحسَناتِ، وفي الجنَّةِ بزِيادةِ الكراماتِ. وفي الحديثِ: إكرامُ اللهِ لنبيِّه ﷺ وإعلاؤُه لذِكْرِه. وفيه: الحثُّ على الإكثارِ مِن الصَّلاةِ على النبيِّ ﷺ. - الدرر السنية.
4180Loading...
11
عن أبي محمد الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما قال: حفظت من رسول الله ﷺ: (دع ما يَريبكَ إلى ما لا يَريبُكَ ، فإنَّ الصِّدقَ طُمأنينةٌ وإنَّ الكذبَ رِيبةٌ) [رواه الترمذي] - [حديث صحيح] الشرح: في هذا الحَديثِ يأمُرُ النبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم بالطُّمَأنينَةِ والوُضوحِ في الرُّؤيَةِ والابتعادِ عن كلِّ أمرٍ به شكٌّ واضحٌ؛ فيقولُ: "دَعْ ما يَريبُك إلى ما لا يَريبُك"، أي: اترُكْ واستَغْنِ عمَّا تَشُكُّ فيه مِن أمورٍ لم تَسكُنْ إليها نَفسُك إلى ما لا تَشُكُّ فيه، فتَطْمئِنَّ لها نَفسُك، وتَبعُدَ عن الشَّكِّ والوَساوسِ؛ فإنَّ الاحتِرازَ عن الشُّبهاتِ استِبْراءٌ للدِّينِ، والاعتدادَ بالوساوسِ إفسادٌ له؛ "فإنَّ الصِّدقَ طُمَأنينةٌ"، أي: إنَّ الصِّدقَ والخيرَ والحقَّ يَسكُنُ إليه القلبُ ويَرْتاحُ به، "وإنَّ الكَذِبَ رِيبةٌ"، أي: إنَّ غيرَ الحقِّ يَجعَلُ القلبَ مُضطرِبًا، غيرَ مطمئِنٍّ؛ نَتيجةَ الشَّكِّ الَّذي به، وفي هَذَا إشارةٌ إلى رُجوعِ المؤمنِ الصَّادقِ إلى قلبِه عندَ الاشتِباهِ؛ لأنَّ قلْبَ المؤمِنِ دليلٌ له إلى الخيرِ، ومُبعِدٌ له عَن الشَّرِّ. وفي الحديثِ: اعتبارُ النَّواحي القلبيَّةِ الصَّحيحةِ في الإقدامِ على الأمورِ مِن عدَمِها. - الدرر السنية.
3290Loading...
12
عن أبي هريرة رضي الله عنه: قال رسول الله ﷺ: (يُبصِرُ أحدُكم القَذاةَ في عَينِ أَخيه، و يَنْسَى الجِذْعَ أو الجِدْلَ في عَينِه مُعتَرِضًا) [السلسلة الصحيحة] " (يبصر أحدكم القذى في عين أخيه) في الإسلام، جمع قذاة، وهي ما يقع في العين والماء والشراب من نحو تراب وتبن ووسخ (وينسى الجذع) واحد جذوع النخل (في عينه) كأن الإنسان لنقصه وحب نفسه يتوفر على تدقيق النظر في عيب أخيه، فيدركه مع خفائه، فيعمى به عن عيب في نفسه ظاهر لا خفاء به، مثل ضرب لمن يرى الصغير من عيوب الناس ويعيرهم به، وفيه من العيوب ما نسبته إليه كنسبة الجذع إلى القذاة، وذلك من أقبح القبائح وأفضح الفضائح، فرحم الله من حفظ قلبه ولسانه، ولزم شأنه، وكف عن عرض أخيه، وأعرض عما لا يعنيه، فمن حفظ هذه الوصية دامت سلامته وقلت ندامته، فتسليم الأحوال لأهلها أسلم، والله أعلى وأعلم " ‏«أرى كلَّ إنسانٍ يرى عيبَ غيرِهِ ويَعمى عن العيبِ الذي هو فيهِ! وما خيرُ من تَخفَى عليه عيوبُهُ ويبدو له العيبُ الذي بأخيهِ»
3531Loading...
13
.               ✨️ بسم الله الرحمن الرحيم ✨️ #قراءة_القرآن فضلها عظيم، بها يحصل المسلم الحسنات، و ينال الأجر العظيم ، و تحقق الطمأنينة و السكينة . و في ذلك يقول النبي صلى الله عليه وسلم : " من قرأ حرفاً من كتاب الله فله به حسنة، و الحسنة بعشر أمثالها، لا أقول(الم) حرف، ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف " و بهذا نساعد بعضنا على التذكير و المداومة على القراءة و نيل الأجر إن شاء الله 💪🏻 سنبدأ معاً ورد يومي ١٠ صفحات يومياً، ٥ صباحاً و ٥ مساءً ، بإذن الله 🌷 نبدأ يومنا بالقرآن و نختمه بالقرآن 📖🍃 https://t.me/ttalaq
2731Loading...
عن سفيان بن عبدالله الثقفي: قُلتُ: يا رَسولَ اللهِ، قُلْ لي في الإسْلامِ قَوْلًا لا أسْأَلُ عنْه أحَدًا بَعْدَكَ، وفي حَديثِ أبِي أُسامَةَ غَيْرَكَ، قالَ ﷺ: «قُلْ: آمَنْتُ باللَّهِ، ثم اسْتَقِمْ». [رواه مسلم] الشرح: الإيمانُ باللهِ إيمانًا صادقًا، والاستِقامةُ على شَرعِه قَدرَ الوُسعِ والطَّاقةِ: هما طَريقُ الفَلاحِ والنَّجاحِ في الدُّنيا والآخِرةِ، وقد كان الصَّحابةُ من أحرَصِ النَّاسِ على سُؤالِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عمَّا يَنفَعُهم في دُنياهم وآخِرتِهم. وفي هذا الحديثِ يَسألُ الصَّحابيُّ سُفيانُ بنُ عبدِ اللهِ الثَّقَفيُّ رَضيَ اللهُ عنه النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن عَمَلٍ يُنجيه ويَكفيه عن الأعمالِ الأُخرى، وأن يُعَلِّمه بقولٍ جامِعٍ وشامِلٍ في مَبادِئ الإسلامِ وغاياتِه، فيكون كَلامًا جامِعًا لأمرِ الإسلامِ، يَكمُلُ به دينُه ويُرشِدُه إلى الحقِّ، ويَكفيه عن غَيرِه منَ الأعمالِ، ويَكون سببًا في نَجاتِه منَ النَّارِ يَومَ القيامةِ. وقَولُه: «في الإسلامِ»، أي: فيما يَكمُلُ به الإسلامُ، ويُراعَى به حُقوقُه، ويُستَدَلُّ به على تَوابِعِه، أوِ المَعنَى: علِّمني قولًا جامِعًا لِمَعاني الإسلامِ. فقال له النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «قُلْ: آمَنْتُ باللهِ، ثُمَّ اسْتَقِمْ»، أي: قُل وأنتَ مُوقِنٌ بقَلبِكَ: آمنتُ باللهِ، ثُمَّ داوِم على هذا الإيمانِ وأنت مُستَقيمٌ على هَديه ومُقتَضاهُ، والاستِقامةُ جامِعَةٌ للإتيانِ بجَميعِ الأوامِرِ، والانتِهاءِ عن جَميعِ المَناهي، فالمُعوَّلُ عليه هو الثَّباتُ على الإيمانِ مع الاستِمرارِ على العَملِ الصَّالِحِ الذي يَهدي صاحِبَه إلى الطَّريقِ المُستَقيمِ، ومن بُشرَياتِ الاستِقامةِ ما جاء في قَولِ اللهِ تَعالَى: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ} [فصلت: 30]، وقال عزَّ وجلَّ: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الأحقاف: 13، 14]. - الدرر السنية.
نمایش همه...
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كانَ أخَوانِ على عَهْدِ النَّبيِّ ﷺ فَكانَ أحدُهُما يأتي النَّبيَّ ﷺ والآخرُ يحترِفُ، فشَكَى المُحتَرِفُ أخاهُ إلى النَّبيِّ ﷺ فقالَ: «لعلَّكَ ترزقُ بِهِ» [صحيح الترمذي] الشرح: طلَبُ العِلمِ، وكَفالةُ طالبِه مِن أسبابِ التَّوسِعةِ في الرِّزْقِ للشَّخصِ؛ فمَن سَعى وعَمِل واكتَسَب وتكَفَّل بطالبِ العلمِ، فلعلَّ اللهَ أن يُكافِئَه على ذلك، ويُوسِّعَ عليه في رِزقِه. وفي هذا الحَديثِ يَقولُ أنَسُ بنُ مالكٍ رَضِي اللهُ عَنه: كان أخَوانِ على عَهدِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، "فكان أحَدُهما"، أي: أحَدُ الأخَوَين، "يأتي النَّبيَّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم"، أي: يَحضُرُ إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، ويُلازِمُه ويَسمَعُ أحاديثَه ويتَعلَّمُ مِنه أمورَ الدِّينِ، "والآخَرُ يَحتَرِفُ"، أي: وكان الأخُ الآخَرُ يَعمَلُ ويتَكسَّبُ، ويَحترِفُ، أي: يَعمَلُ في حِرْفةٍ أو صَنعةٍ، وكان هذا العامِلُ المتكسِّبُ يتَحمَّلُ مَعيشةَ أخيه الآخَرِ ويوفِّرُ له الطَّعامَ والشَّرابَ، "فشَكا المحترِفُ أخاه إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم"، أي: فجاء الأخُ الَّذي يَعمَلُ ويتَكسَّبُ مِن حِرفتِه إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، وشَكا إليه أخاه أنَّه لا يُساعِدُه في حِرفَتِه ولا يَخرُجُ يتَكسَّبُ معه أسبابَ المعيشةِ والرِّزقِ، "فقال"، أي: قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم لهذا الأخِ الشَّاكي: "لعلَّك تُرزَقُ به"، أي: لعلَّ اللهَ جعَله سببًا في أن يَرزُقَك؛ لأنَّك تَكلَّفتَ عِبْءَ مَعيشتِه وطَعامِه وشَرابِه، فربَّما كان هو السَّببَ في رِزقِك ومَعيشَتِك، فلا تَمنُنْ عليه بعَمَلِك؛ ولا يَعني هذا الدَّعوةَ إلى التَّكاسُلِ والخُمولِ والتَّواكلِ، ولكنَّه تَعريفٌ بفَضلِ اللهِ على الخَلقِ كلِّهم، وبيانٌ أنَّه هو الرَّزَّاقُ وأنَّه هو الكافلُ لِمَن شاء بمَن شاء، فلا يَمنُنْ غنيٌّ على فقيرٍ بعَطاءٍ، ولا عائلٌ على مُعيلٍ بكَفالتِه، وقد وردَتْ نصوصٌ كثيرةٌ في الحثِّ على العمَلِ وطلَبِ التَّكسُّبِ وعدَمِ التَّواكُلِ، ومُراعاةِ حَقِّ اللهِ في الطَّاعةِ وحقِّ النَّفسِ بالتَّعفُّفِ وعدَمِ سُؤالِ النَّاسِ. وفي الحديثِ: الحثُّ على التَّكافُلِ بينَ النَّاسِ وتَحمُّلِ الإخوَةِ بعضِهم بعضًا. - الدرر السنية.
نمایش همه...
عن أم سلمة أم المؤمنين رضي الله عنها: ما خرج النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم من بيتي قَطُّ إلا رفع طَرْفَه إلى السماءِ فقال: «اللهم أعوذُ بك أن أَضِلَّ أو أُضَلَّ أو أَزِلَّ أو أُزَلَّ أو أَظْلِمَ أو أُظْلَمَ أو أَجْهَلَ أو يُجْهَلَ عَلَيَّ» [صحيح أبي داود] الشرح: الدُّعاءُ الصَّادِقُ مِنَ القلبِ الخاشِعِ يُمَثِّلُ درجةً عاليةً مِن حُسْنِ التَّوكُّلِ على اللهِ تعالى، والالْتِجاءِ إليه، والإقرارِ بقُدْرتِهِ، وأنَّه هو النَّافِعُ والضَّارُّ، وقد كان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ دائمَ الدُّعاءِ للهِ في كُلِّ أحوالِهِ، ومِن هذه الأحوالِ عِندَ الخروجِ مِنَ البيتِ. وفي هذا الحديثِ تقولُ أُمُّ سَلَمةَ رَضِي اللهُ عنها زوجُ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "ما خَرَجَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِن بَيْتي قَطُّ إلَّا رَفَعَ طَرْفَه" ببَصَرِه وعينَيْه "إلى السَّماءِ"، والمعنى: أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كان بصورةٍ دائمةٍ إذا خرَجَ مِنَ البيتِ دعا اللهَ وقال: "اللهُمَّ أَعُوذُ بكَ"، فأَلْجَأُ إليكَ وأَسْتجيرُ بكَ مِن: "أنْ أَضِلَّ أو أُضَلَّ"؛ بأنْ أَقَعَ في الضَّلالِ بنَفْسي، أو أنْ أُضِلَّ غَيْري، "أو أَزِلَّ أو أُزَلَّ"، والزَّلَلُ هو الوقوعُ في المعصيةِ، والمعنى: أَجِرْني واحْمِني مِن أنْ أقَعَ في الذَّنبِ أو المعصيةِ بقَصْدٍ أو بِغيرِ قَصْدٍ مِنِّي، "أو أَظْلِمَ أو أُظْلَمَ"، أي: أَعوذُ بِكَ أنْ أَظْلِمَ أحدًا مِن خَلْقِك في أيِّ أَمْرٍ مِن الأمورِ، أو أنْ يَظْلِمَني أحدٌ؛ وهذا لسُوءِ عاقِبةِ الظُّلْمِ، "أو أَجْهَلَ أو يُجْهَلَ عَليَّ"، أي: أَعوذُ بِكَ مِن أنْ أَفْعَلَ فِعْلَ الجاهِلينَ مِن سُوءِ الخُلُقِ وإيذاءِ النَّاسِ، أو أنْ يَفْعَلَ أحدٌ بي هذا الفِعْلَ، ويحتملُ أنْ يكونَ المعنى: أَعوذُ بِكَ أنْ أجْهَلَ شيئًا مِن الأمورِ ولا أعْلَمَها، أو لا يُعلِّمَني إيَّاها أحدٌ. هذا، وبعضُ هذه الأدعيةِ في حَقِّ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِن بابِ التَّعليمِ لأُمَّتِه؛ لأنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ معصومٌ ممَّا يَستعيذُ منه فيها. وفي الحديثِ: الحَثُّ على الدُّعاءِ والْتِزامِه على كُلِّ حالٍ، والحثُّ على التوجُّهِ إلى اللهِ تعالى . - الدرر السنية.
نمایش همه...
عن عبدالله بن عباس رضي الله عنه: أنَّ رَسولَ اللهِ ﷺ كانَ يقولُ: «اللَّهُمَّ لكَ أَسْلَمْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ، وإلَيْكَ أَنَبْتُ، وَبِكَ خَاصَمْتُ، اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بعِزَّتِكَ -لا إلَهَ إلَّا أَنْتَ- أَنْ تُضِلَّنِي، أَنْتَ الحَيُّ الَّذي لا يَمُوتُ، وَالْجِنُّ وَالإِنْسُ يَمُوتُونَ». [متفق عليه] الشرح: الدُّعاءُ هو العبادَةُ، وقد حثَّنا ربُّنا سُبحانَه على دَوامِ الدُّعاءِ، وقد كانَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ القدوةَ في تَطبيقِ ذلك وتَعليمِه لنا، فكان يَجتهِدُ في دُعائهِ للهِ عزَّ وجلَّ. وفي هذا الحديثِ يَرْوي عبدُ اللهِ بنُ عبَّاسٍ رَضيَ اللهُ عنهما أنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كانَ يقولُ في دُعائهِ: «اللهمَّ لكَ أسلمْتُ» والمُرادُ: الاستِسلامُ والانقيادُ للهِ والخضوعُ له، «وبكَ آمنتُ» والمُرادُ: التَّصديقُ والإقرارُ باللهِ تَعالَى واليقينُ بكلِّ ما أخبَرَ به وما أمَرَ بهِ وما نَهى عنه، «وعليكَ توكَّلتُ» أي: اعتَمَدْتُ عليكَ في جَميعِ أُموري لتُدبِّرَها؛ فإنِّي لا أملِكُ نفْعَها ولا ضَرَّها، «وإليكَ أنبْتُ»، والإنابةُ هي الطَّاعةُ والرُّجوعُ للهِ بالتَّوبةِ في ذلٍّ وضعْفٍ، «وبكَ خاصَمتُ»، أي: بعَونِكَ أحتَجُّ وأُدافِعُ وأُقاتِلُ كلَّ مَن يُعادِيكَ، «اللَّهمَّ إنِّي أَعوذُ» أي: ألْتَجِئُ وأعتَصِمُ، «بعزَّتِكَ -لا إلهَ إلَّا أَنتَ- أنْ تُضلَّني»، أي: أعوذُ بارتِفاع قَدرِكَ على سائرِ المَخلوقاتِ، وتفرُّدِكَ بالأُلوهيَّةِ ألَّا تَجعَلَ لأحدٍ عليَّ سَبيلًا فيكونَ سببًا في ضَلالِي، وابتِعادِي عن الطَّريقِ المُستَقيمِ، «أنتَ الحيُّ الَّذي لا يَموتُ»، وهذا تَنزيهٌ للهِ عزَّ وجلَّ عن المَوتِ والفَناءِ؛ لأنَّ الموتَ صِفَةُ نقْصٍ، وقولُه: «والجنُّ والإِنسُ يَموتونَ» تأكيدٌ منهُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ على أنَّ صفَةَ الحياةِ للهِ عزَّ وجلَّ وحدَه، حتَّى المَخلوقاتِ العاقلةِ لازِمٌ في حقِّها الموتُ، ولعلَّ سِرَّ إيرادِ هذا الثَّناءِ على اللهِ عزَّ وجلَّ مِن رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في نهايةِ هذا الدُّعاءِ: هو التَّأكيدُ على أنَّ اللهَ هو وَحْدَه الحيُّ الَّذي لا يموتُ، ومَن كان مُتَّصفًا بمثلِ هذا الكَمالِ من الدَّيمومةِ والحياةِ الكاملةِ: حَقيقٌ ألَّا يُدعَى غيرُه، وألَّا يُرجى سِواه. وفي الحَديثِ: إثباتُ صِفاتِ العزَّةِ، والوحدانيَّةِ، والأُلوهيَّةِ للهِ عزَّ وجلَّ، وأنَّه الحيُّ الَّذي لا يَموتُ. وفيه: مُواظَبتُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ على الذِّكرِ، والدُّعاءِ، والثَّناءِ على ربِّه، والاعترافِ له بحُقوقِه، والإقرارِ بصِدْقِ وَعْدِه ووَعيدِه. وفيه: تَقديمُ الثَّناءِ على المسألةِ عندَ كلِّ مَطلوبٍ. وفيه: الإيمانُ بصِفاتِ اللهِ الكاملةِ الَّتي لا يَستحِقُّها غيرُه. - الدرر السنية.
نمایش همه...
عن ابن مسعود رضي الله عنه، أن رسول الله ﷺ كان يدعو: «اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُكَ الهُدَى وَالتُّقَى، وَالْعَفَافَ وَالْغِنَى» [رواه مسلم] الشرح: علَّمَنا النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في سُنَّتِه الكثيرَ مِن الأدعيةِ والأذكارِ الَّتي تَحفَظُ المُسلِمَ مِن الشُّرورِ وتَجلِبُ له الخيرَ والبركاتِ. وفي هذا حديثٌ يُخبِرُ عبدُ اللهِ بنُ مَسعودٍ رَضيَ اللهُ عنه أنَّه كان مِن دُعاءِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «اللَّهُمَّ إنِّي أَسألُكَ الهُدَى» مِن الهدايةِ، وهو الطَّريقُ المُستَقيمُ، «والتُّقى» وهو الخَوفُ منَ اللهِ، والحَذَرُ مِن مُخالَفَتِه، وأطلَقَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ الهُدى والتُّقى مِن دونِ تَقْيِيدٍ لَهُما لِيَتناوَلَ كُلَّ ما يَنْبَغِي أنْ يَهتَدِيَ إليه مِن أمْرِ المعاشِ والمعادِ، ومَكارمِ الأَخْلاقِ، وكُلَّ ما يَجِبُ أن يَتَّقيَ مِنه مِن الشِّركِ والمعاصِي، ورَذائلِ الأَخْلاقِ، «والعَفافَ» مِن العِفَّةِ، وهي الابتعادُ عن كُلِّ ما حَرَّمَ اللهُ عليه، «والغِنى» والمُرادُ به: الغِنَى عَنِ الخَلْقِ، فَالإنسانُ إذا وَفَّقَه اللهُ ومَنَّ عليه بِالاستغْنَاءِ عنِ الخَلْقِ، صار عَزيزَ النَّفْسِ غَيرَ ذَليلٍ؛ لأنَّ الحاجَةَ إلى الخَلْقِ ذُلٌّ ومَهانَةٌ، والحاجَةُ إلى اللهِ تَعالَى عِزٌّ وعِبَادَةٌ. وفي الحديثِ: أنَّ الَّذي يَملِكُ النَّفعَ والضَّرَّ والهِدايةَ لِلخَلْقِ هو اللَّهُ وَحْدَه، لا مَلَكٌ مُقَرَّبٌ ولا نَبيٌّ مُرْسَلٌ ولا غَيرُهُما. وفيه: شَرفُ هذه الخِصالِ -الهُدى والتُّقى والعفافُ والغِنى- والحثُّ على التَّخلُّقِ بها. - الدرر السنية.
نمایش همه...
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، عن النبي ﷺ، قال: «إنَّ الدُّنْيَا حُلْوَةٌ خَضِرَةٌ، وإنَّ اللَّهَ مُسْتَخْلِفُكُمْ فِيهَا، فَيَنْظُرُ كيفَ تَعْمَلُونَ، فَاتَّقُوا الدُّنْيَا وَاتَّقُوا النِّسَاءَ؛ فإنَّ أَوَّلَ فِتْنَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَانَتْ في النِّسَاءِ. وفي روايةٍ: لِيَنْظُرَ كيفَ تَعْمَلُونَ». [رواه مسلم] الشرح: جَعَلَ اللهُ الدُّنيا دارَ اختِبارٍ وابتِلاءٍ، والعاقِلُ مَن تَزوَّدَ منها لِآخِرَتِه، وقدْ أوْصى النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بحُسْنِ العَمَلِ فيها، والمُداومَةِ على تَقْوَى اللهِ بها، والحَذَرِ مِن زَخْرَفتِها وفِتنتِها. وفي هذا الحديثِ يقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «إنَّ الدُّنيا حُلوةٌ خَضرةٌ» فهي حُلوةٌ في المَذاقِ خَضْرةٌ في المَرْأَى، والشَّيءُ إذا كان خَضِرًا حُلوًا فإنَّ العَينَ تَطلُبُه أَوَّلًا، ثُمَّ تَطلُبُه النَّفسُ ثانيًا، وهذا إشارةٌ لِحُسنِها، وهو ما يَجعَلُ النُّفوسَ تَتُوقُ إليها وتَطلُبُها، فيَغْتَرُّ الإنسانُ بها ويَنْهَمِكُ فيها، وبين النَّبيّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ اللهَ سُبحانَه وتَعالَى مُستَخْلِفُنا في هذه الحياةِ الدُّنيا، فَيَنْظُرُ كيفَ نَعمَلُ، ومَعنى الاستِخلافِ هو أنَّ اللهَ عَزَّ وجَلَّ جَعَلَنا خُلَفاءَ القُرونِ الَّتي خَلَتْ قَبلَنا، أو يَخلُفُ بَعضُنا بَعضًا؛ لِيَنظُرَ كيف عَمِلنا وبِما أَوجَبَه علينا، فنَقومُ بطاعتِه، أمْ نَعصِيه؟ ولهذا قال: «فاتَّقُوا الدُّنيا»، أي: احْذَروا أنْ يَخدَعَكم مَتاعُ الدُّنيا وزِيتنُها، فتَحمِلَكم على تَركِ ما أَمرَكم اللهُ به، والوقوعِ فيما نَهاكُم عنه، كما قال تَعالَى: {فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ} [لقمان: 33]. ثمَّ أمَرَنا صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بالحَذَرِ مِن النِّساءِ، فقال: «وَاتَّقُوا النِّساءَ»، أي: احْذَروا النِّساءَ، ووَجْهُ الحذَرِ منهنَّ: أنَّ المرأةَ إذا كانت زَوجةً فإنَّها قدْ تُكلِّفُ الرَّجُلَ مِنَ النَّفقةِ ما لا يُطيقُ أحيانًا، فتَشغَلُه عَن طَلبِ أُمورِ الدِّينِ، وتَحمِلُه على التَّهالُكِ على طلَبِ الدُّنيا، وتكونُ فِتنتُهنَّ أحيانًا بإغراءِ الرِّجالِ وإمالتِهم عَنِ الحقِّ إذا خرَجْنَ واختَلَطْنَ بهم، خُصوصًا إذا كُنَّ سافراتٍ مُتبرِّجاتٍ، وهذا قدْ يُؤدِّي إلى الوقوعِ في الزِّنا بدَرجاتِه؛ فَينبغي للمؤمنِ الاعتصامُ باللهِ، والرَّغبةُ إليه في النَّجاةِ مِن فِتنتِهنَّ، والسَّلامةِ مِن شرِّهنَّ، وأخبَرَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ أَوَّلَ فِتنةِ بَني إسرائيلَ كانت في النِّساءِ، فافْتَتَنُوا في النِّساءِ، فَضَلُّوا وأَضَلُّوا، وإنَّما ذَكَر صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بما وَقَع فيه الأُمَمُ قَبْلنا للعِبرةِ والعِظةِ بما وَقَع لهم مِن العذابِ والعِقابِ مِن اللهِ عزَّ وجلَّ، وذِكرُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فِتنةَ النِّساءِ بعْدَ فِتنةِ الدُّنيا هو مِن بابِ ذِكرِ الخاصِّ بَعدَ العامِّ؛ لِزيادةِ التَّحذيرِ؛ إيذانًا بأنَّ الفِتنةَ بهِنَّ مِن أعظَمِ الفِتَنِ الدُّنيويَّةِ. وفي الحديثِ: الحثُّ على مُلازمَةِ التَّقوَى، وعَدمِ الانْشِغالِ بِظَواهرِ الدُّنيا وزِينَتِها. - الدرر السنية.
نمایش همه...
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: «من حُسنِ إسلامِ المرءِ تركُه ما لا يَعنيهِ» [صحيح الترمذي] الشرح: كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم يَهتَمُّ اهتِمامًا بالِغًا بالأخْلاقِ، وكثيرًا ما كان يَحُثُّ على فَضائِلِ الأخْلاقِ ويَمدَحُها، ويُحذِّرُ مِن مَساوِئِ الأخْلاقِ ويَذُمُّها، وفي هذا الحَديثِ يقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "مِن حُسنِ إسلامِ المرْءِ تَرْكُه ما لا يَعنيهِ"، والمَقْصودُ أنَّ مِن كَمالِ مَحاسنِ إسْلامِ المُسلِمِ وتمامِ إيمانِهِ، ابتِعادُه عمَّا لا يَخُصُّه ولا يُهِمُّه وما لا يُفيدُهُ مِن الأقْوالِ والأفْعالِ، وعَدَمُ تدخُّلِه في شُؤونِ غَيرِهِ، وعدَمُ تَطفُّلِهِ على غَيرِهِ فيما لا يَنفَعُهُ ولا يُفيدُهُ، ويَدخُلُ أيضًا في عُمومِ المَعْنى: الابتِعادُ عمَّا لا يَعني ممَّا حرَّمَ اللهُ عزَّ وجلَّ وما كرِهَهُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، وكذلك ما لا يُحتاجُ إليه مِن فُضولِ المُباحاتِ مِن الكَلامِ والأفْعالِ والأحْوالِ؛ فممَّا لا يَعني الإنسان ليس محصورًا في الأمورِ الدُّنيويَّة؛ بل إنَّ ممَّا لا يَعنيه أيضًا ما هو متعلِّقٌ بأُمورٍ أُخرويةٍ كحقائقِ الغيبِ وتفاصيلِ الحِكَم في الخَلْقِ والأمْرِ، ومنها السؤالُ والبحثُ عن مسائِلَ مُقدَّرةٍ ومُفترَضةٍ لم تقَعْ، أو لا تكادُ تقَعُ، أو لا يُتصوَّرُ وقوعُها. وفي الحَديثِ: الحثُّ على الانشِغالِ بما يَنفَعُ ويُفيدُ في الدِّينِ والدُّنيا . - الدرر السنية.
نمایش همه...
Repost from N/a
فَضْلُ الذِّكْر : ✨️ جاء عن أبي الدرداءِ رَضِيَ اللهُ عَنهُ عن رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ قال: " أَلا أُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرِ أَعْمَالِكُمْ، وَأَزْكَاهَا عِنْدَ مَلِيكِكُمْ، وَأَرْفَعِهَا فِي دَرَجَاتِكُمْ، وَخَيْرٌ لَكُمْ مِنْ إِنْفَاقِ الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ، وَخَيْرٌ لَكُمْ مِنْ أَنْ تَلْقَوْا عَدُوَّكُمْ فَتَضْرِبُوا أَعْنَاقَهُمْ وَيَضْرِبُوا أَعْنَاقَكُمْ؟ قَالُوا: بَلَى. قَالَ: ذِكْرُ اللهِ تَعَالَى ". رواه الإمام أحمدُ والترمذيُّ وابنُ ماجه، وصححه الألباني. 🌼
نمایش همه...
عن أبي ذر و معاذ بن جبل رضي الله عنهما عن النبي ﷺ قال: «اتق الله حيثما كنت، وأَتْبِع السيئةَ الحسنةَ تمحها، وخالقِ الناسَ بخلقٍ حسنٍ». [رواه الترمذي] - [حسن صحيح] الشرح: تقوى اللهِ سبحانَه وتعالى، ودَوامُ المراقبةِ، ومُعامَلةُ النَّاسِ بأخلاقٍ حسَنةٍ مِن عَلاماتِ الصَّلاحِ الَّتي يَنبَغي تَوافُرُها في المسلِمِ حتَّى يُحسِّنَ عمَلَه، ويكونَ أقرَبَ إلى الجنَّةِ. وفي هذا الحَديثِ يقولُ الرَّسولُ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "اتَّقِ اللهَ"، والتَّقوى هي الخوفُ مِن اللهِ ومُراقبتُه وأنْ تَجعَلَ بينَك وبينَ عَذابِ اللهِ وِقايةً، وتَكونُ بالإتيانِ بالواجباتِ، والامتِناعِ عَن المُحرَّماتِ "حيث ما كُنتَ"، أي: في كلِّ مكانٍ وجِهَةٍ، وفي سِرِّك وعَلانِيَتِك، وفي بَلائِك ورَخائِك، وفي كلِّ أحوالِك، "وأَتبِعِ السَّيِّئةَ الحسَنةَ تَمحُها"، أي: إن وقَعتَ في سيِّئةٍ، فافعَلْ وَراءَها حسَنةً مِن صلاةٍ وصَدقةٍ، وسائرِ ما يُوصَفُ بالحسَنةِ؛ فإنَّ ذلك يَرفَعُ، ويَمْحو تلك السَّيِّئةَ، "وخالِقِ النَّاسَ بخُلقٍ حسَنٍ"، أي: خالِطِ النَّاسَ بأخلاقٍ حسَنةٍ، فأحسِنْ مُعامَلاتِهم، مِن تَبسُّمٍ في وُجوهِهم، ورِفقٍ ولينٍ في التَّعامُلِ معَهم؛ فمَن فعَل ذلك حاز الدُّنيا والآخِرةَ. وفي الحديثِ: الأمرُ بتَقْوى اللهِ على كلِّ حالٍ. وفيه: أنَّ مُخالطةَ النَّاسِ لا تَعْني فِعْلَ المنهيَّاتِ معَهم. - الدرر السنية.
نمایش همه...
عن أنس بن مالك رضي الله عنه: قال رسول الله ﷺ: (من صلَّى عليَّ صلاةً واحدةً صلَّى الله عليهِ عشرَ صلواتٍ، وحُطَّت عنهُ عَشرُ خطيئاتٍ، ورُفِعَت لَهُ عشرُ درجاتٍ) [صحيح النسائي] • لقدْ شَرَّفَ اللهُ عزَّ وجلَّ نَبيَّه مُحمدًا ﷺ وفَضَّلَه بفضائلَ عدَّةٍ؛ فمنها أنَّه جعَل لِمَن صلَّى عليه ثوابًا كبيرًا عظيمًا، كما يقولُ ﷺ في الحديثِ: "مَن صلَّى علَيَّ صلاةً واحدةً"، والصَّلاةُ هنا إمَّا أن تكونَ بمعنى الدُّعاءِ على أصلِ معناها اللُّغويِّ، أي: مَن دعا لي مرَّةً واحدةً، بأنْ قال: اللَّهمَّ صَلِّ على محمَّدٍ، أو ما في معناها، أو تكونَ الصَّلاةُ على النَّبيِّ ﷺ بمعنى طَلَبِ التَّعظيمِ له والتَّبجيلِ لجَنَابِه صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم مِن اللهِ، "صلَّى اللهُ عليه عَشْرَ صَلَواتٍ"، أي: ضاعَفَ اللهُ الجزاءَ للمُصلِّي على النَّبيِّ ﷺ عَشْرَ مرَّاتٍ، والصَّلاةُ مِن اللهِ على عِبادِه هي ثناؤه عليهم في الملأ الأعلى، وقيل: هي رحمتُه إيَّاهم، وأنَّه يَرحَمُهم رحمةً بعدَ رحمةٍ حتى تَبلُغَ رحمتُه ذلك العَددَ. وقيل: المرادُ بصلاتِه عليهم إقبالُه عليهم بعَطْفِه وإخراجُهم مِن ظُلمةٍ إلى رِفعةٍ ونُورٍ، كما قال سبحانَه: {هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ} [الأحزاب: 43]؛ فيَحتمِلُ أنْ يكونَ المعنى: أنَّ اللهَ يرحَمُه رحمةً مُضاعَفةً، فيُضاعِفُ أجْرَه، كقولِه تعالى: {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ} الآية [الأنعام: 160]، أو يَذكُرُ ربُّنا سُبحانَه وتعالى المُصلِّيَ على النَّبيِّ في الملأِ الأعلى؛ تَشريفًا له وتكريمًا على صلاتِه ودعائِه للنَّبيِّ ﷺ، ويكونُ هذا مِن بابِ قولِ اللهِ عزَّ وجلَّ في الحديثِ القُدسيِّ الذي أخرَجَه البخاريُّ، أنَّ اللهَ تعالى قال: "أنا عِندَ ظنِّ عَبْدي بي، وأنا مَعَه إذا ذَكَرني؛ فإنْ ذكَرَني في نَفْسِه، ذكَرْتُه في نفسي، وإنْ ذكَرني في ملأٍ، ذكَرْتُه في ملأٍ خَيرٍ منه"؛ فتكونُ بذلك صَلاةُ المُسلِمِ على النَّبيِّ ﷺ أفضَلَ مِن دُعائِه لنَفْسِه؛ لأنَّ اللهَ سيُصلِّي على عَبدِه ويَرحَمُه. "وحُطَّتْ عنه عَشْرُ خَطِيئاتٍ"، أي: وُضِعَتْ عنه وغُفِرَتْ، "ورُفِعَتْ له عَشْرُ درجاتٍ"، أي: عَلَتْ مَنزلتُه في الجنَّةِ عَشْرَ دَرجاتٍ، وقيل: في الدُّنيا بتَوفيقِه للطَّاعاتِ، وفي القِيامةِ بتثقيلِ الحسَناتِ، وفي الجنَّةِ بزِيادةِ الكراماتِ. وفي الحديثِ: إكرامُ اللهِ لنبيِّه ﷺ وإعلاؤُه لذِكْرِه. وفيه: الحثُّ على الإكثارِ مِن الصَّلاةِ على النبيِّ ﷺ. - الدرر السنية.
نمایش همه...