يوسف الدموكي

‏إن الجريمة التي يرتكبها الراحلون بحقنا.. هي أنهم يأخذوننا معهم، ويتركوننا من دونهم.

في الجنة لا كسور، ولا رضوض.. ‏في الجنة جبرٌ دون شرائح ولا مسامير.. ‏انتهى التكليف يا دكتور، واليوم تشريفٌ أبديّ. ‏وداعًا دكتورنا الشهيد عدنان البرش.

تذكرني السلطة الفلسطينية بمرحاض المسجد؛ كلاهما نجس في محيط طاهر.

هذه هي المقاومة، وخبارك بين اثنين؛ أن تفخرا أو أنت فخرا.

1 مايو.. المجد لعمال الأنفاق!

هذا المشهد من أمريكا، بلاد الحريات التي طالما تغنّى بها أربابها، وفُتن بها عبيدها، حتى طالنا الهمّ فظنناها قلعةً للديمقراطية ذات يوم، بعيدًا عن ممارساتها الإجرامية في بلادنا، لكن لا يصلح أن يكون ذلك بعيدًا أبدًا؛ فهي الأنساب الشرسة الشرهة نفسها، في بغداد وكابول وغزة، واليوم في نيويورك وواشنطن وولاياتها، تواجه أصوات الحق والحرية بأنجس مما يواجهنا به الطغاة العرب! ‏اليوم صرنا في حاجة إلى من ينادي بحرية الأمريكان أنفسهم! وحقوق الإنسان المهدورة في أمريكا نفسها! تلك "الفوقية الأخلاقية" أيضًا أسقطتها وعرّتها غزة، وطرحها السابع من أكتوبر أرضًا، بينما يُصعق الطلاب المعتمصون ويسحلون ويركلون ويضربون على أجسادهم ورؤوسهم لأنهم تلفظوا بلفظة تنتمي إلى العالم الآخر "غزة"! ‏الطوفان الجاري الهادر لن يتوقف هنا، تلك اللقطة فيصلية ومحورية في الحراك المناصر للقضية؛ وسيكون لها ما بعدها مما يقض مضاجع مصاصي الدماء في البيت الأسود، وقريبًا لن يكون العالم إلا غزة، بينما ما عداها هو العالم الآخر المتخلف البعيد!

فض اعتصام جامعة كولومبيا بذلك العنف الفاضح ليس نهاية أبدًا، وإنما منعطف غبي آخر تتخذه الحركة "الزيونية" وذيولها البائسة، البيت الأبيض سينهد فوق رؤوس مريديه ورواده، ونعمت شفيق، ذلك المنديل القذر في مرحاض إسرائيل، سيتبدل قريبًا، وإسرائيل ذلك المرحاض القذر نفسه في بنيان العالم سيذوق الويلات والله؛ ذلك العلوّ والفساد الذي وصل كل مكان بأيديهم لن يقف هنا، سيُسحقون سحقًا ولن يجدوا لهم بواكي في الجولة القادمة، جولة الزوال.

القدسُ ليست للزيارة حتى يردَّ الحرُّ ثارَه!

التأشيرة إلى القدس إما نزهة تطبيع، أو عملية فدائية، ليست العبرة بكيف ستذهب إلى هناك؛ وإنما بأي حال ستعود.

أرى غزة واقفةً في قاعة المحاضرة، فوق منصة عمرها أكبر من عمر إسرائيل بمائة عام، وبين جدرانٍ أحدث حجر فيها أقدم من أول وثيقة هوية لمستوطن إسرائيلي، تبدأ بالسلام وهي المبتلاة بالعدوان، وتصلي على النبيّ الذي علمها الرحمةَ والحميةَ معًا، وتنادي أحرار العالم بصوتها المبحوح، وبرئتين جريحتين تتنفسان بالكاد، وبلسانٍ أثقله ما رأته العينان من أهوال وويلات، تعلّمهم بكلمات دقيقة، وبحروف مختصرة، وبلدغات متعثرة، الدرسَ الذي لم تعلمه أبدًا إياه كلياتهم، ولم تضعه سلطات المناهج في هارفارد وكولومبيا ونورث ويسترن، ولم يبالِ به الأساتذة في دروسهم الطويلة؛ تعلمهم من جديد، أول حروف الأبجدية: ألِفٌ إنسان! -- من مقالٍ يُنشر اليوم بإذن الله.