لفتات اقتباسية|eqtepas")

إن المثقف المسلم لابد أن يستمد تصوراته ومفاهيمه ومنطلقاته من الدين والشريعة حتى يكون مثقفا مسلما، أما إذا هيمنت عليه عاطفة دينية صادقة مع مبادئ أجنبية غربية فهو ممن يصدق عليهم وصف أبي الأعلى المودودي:(القلوب مسلمة، ولكن الأذهان غير مسلمة). إصلاح الفقيه|(١٦٧)

لا أزالُ أردّد قول ابنُ تيميّة عن نفسه: "أنا لست بشيء، ولا لي شيء، ولا عندي شيء، ولا مني شيء! ثم يقول: والله ما زلت أجدّد إسلامي في كلّ وقت، وإلى الآن ما أسلمت إسلامًا جيدًا..!

من أعظم الفساد الذي دخل على حياة المسلمين في عصورهم الحديثة ما اجترحته يد المحتل الأوربي من جريمة إقصاء الشريعة عن الحكم والإدارة في بلدان المسلمين وإحلال القوانين الوضعية مكانها، ومن حل المؤسسات القديمة وإبطال الأوقاف أو تجميدها، ومن فرض الأنظمة الأوربية في السياسة والتعليم والقضاء والإدارة. لقد دمر المحتلون الغزاة البنية التحتية التي قامت عليها حضارة المسلمين ومعاشهم على نحو انتقلت فيه الحياة العامة من فوضى منظمة إلى تنظيم فوضوي لم يجن منه المسلمون إلا المزيد من الفساد والظلم والأمية والتبعية، وأصبحت أرضهم الثرية منجما للمحتل ينهب خيراتها ثم يجعل منها سوقا لمنتجاته، ويفرض عليها من قوانينه وأنظمته ما يكبلها عن الحركة ويعيقها عن النهوض، وإذا ما أرادت النهضة فإنه يلزمها بنموذجه في النهضة، وهو ذات النموذج الذي به تمكن من إعاقتها وأسرها. إصلاح الفقيه د. هيثم بن فهد الرومي|(٣٧)

«ما حملك على اللحاق بنا يا سراقة؟ قال: مئة ناقة رصدتها قريش لمن يأتي بك حيًا أو ميتًا..» على سنّة المصطفى وصاحبه، ثمّة نسبة تبدو ثابتة وستبقى.. كلّ اثنين من هذه الأمة ثالثهما سراقة، إلا أن المئة ناقة التي يرصدها العدو كمكافئة في رأس أحد الاثنين لم تحافظ على مقدارها، هي اليوم أهون من حِمل بعير.

🌷:)

مُلكه يا سيدي.

خلفية "من استطال.."

(أو أمضيَ حُقبًا) أحب نبي الله موسى، أحبه لأنه رجل الطريق والرحلة، قصص موسى عليه السلام كلها طريق وتيه وهروب ورحلة، بدءًا من هروبه من قومه ثم إلى الطور ثم إلى مَدين، ثم رحلة الخضر، ومعها الرحلة مع فتاة لما قال "لا أبرح حتى أبلغ مجمع البحرين أو أمضيَ حُقبًا"، تظهر بشريته، بيد محروقة واحتياج للسان آخر كي يفقهوا قوله، كل الطرق التي مشاها هي مسعى الإنسان الأزلي منذ آدم حتى الآن.. طريق محاولة فهم القدر مع الخضر، طريق الهروب إلى مدين، وطريق المُبتغى المنشود مع فتاة، قال في الطريق "أو أمضيَ حقبا" وحقبًا جمع حقبة زمنية، وهذا التعبير هو الأبلغ لشعور الرغبة لمن يريد أن يصل، أنه لو يسير الزمان كله لما يريد فلن يسأم، بزاده القليل وبرفيق واحد سيتخذ سبيله في البحر عجبًا، يسير موسى عليه السلام دائمًا ولا يصل، يُحبَط ويشد لحية أخيه، يتركه الخضر دون أن يصل إلى شيء، يرتد على آثاره مع الفتى، كل الطرق التي يمشيها تُخيُّبه، يُكمل في المسير ويلحقه فرعون إلى البحر بجنده، يستمر في الرحلة من طريق إلى طريق ليكوِّن صورة الإنسان والطريق الأزلية، سلام الله على نبيه موسى، سلام الله على نبي الطريق والتيه والرحلة.

تميّز المسلمين بالإسناد، لماذا لم يلجأ الغربيين لتدوين علم إسناد خاص بهم؟ تعالوا أقولكم في البداية إيه أهمية الإسناد ومحتاجينه في إيه.. (١) علشان أوْصَل لأي حقيقة علمية أو أبحث عنها، لازم أستخدم وسيلة صحيحة وتكون برضو علمية. ففكر المسلمين إزاي يعملوا منهج يساعد الباحث على الوصول للحقيقة! فقالو إحنا لو بصينا في الكلام هنلاقيه نوعين: إما إنه (خبر) يعني أحد ناقل لي كلام عن أحد آخر، أو (دعوى) يعني واحد بيقول كلام من عنده مش منقول من حد تاني. فالعلماء حطولنا قاعدة تضبط تفكيرنا مع أي كلام يوصلنا، وهي:(إن كنت ناقلا فالصّحة، وإن كنت مدّعيا فالدليل) يعني لو اللي بتقولهولي دا خبر، فنا محتاج أبحث في صحة كلامك، يعني لأي درجة كلامك دا صحيح.. ولو دي دعوى من عندك فـ هات دليل مناسب للدعوى أتأكد بيه إن كلامك صحيح، ودي نقطة تانية هنحتاج نعرف فيها إن الأدلة بتختلف باختلاف الدعوى، مش أي دليل هيبقى مناسب، ودي ممكن نوضحها في رسالة تانية.. (٢) فعلماء المسلمين مسابوناش لحد هنا سهّلوا علينا خطوة كمان علشان نتأكد من صحة (الأخبار)-دلوقت بنتكلم عن الخبر مش الدعوى- فقالوا علشان تبحث عن صحة الأخبار بسهولة هنجمعلك كل السير الذاتية بتاعت الناس اللي عايشين من أول عصر النبي لحد زمن العالم اللي كان بيكتب.. ودا اتسمّى بـ (علم التراجم والطبقات)،(علم الجرح والتعديل) أي حد قال قول أو نقل نقل أو حتى كان منشغل بالعلم بس اتعمل ليه سيرة ذاتية، ودا كان بيثير تعجب المستشرقين إن إزاي المسلمين ترجموا لنص مليون شخص ناقلين بس في جانب الحديث النبوي والآثار! ودا يعتبر نبذة عن علم الإسناد (٣) نرجع نروح للغربيين، ميعرفوش أبداً نقل الأخبار والتحقق منها، عندهم منهج أشبه بالتحليل النفسي، إنه محتاج دلوقت يتكلم مثلا عن تاريخ موضوع ما، فبيجمع كلام مشتت ويحبكه مع بعضه بحيث تكون رواية متناسقة ويصدقه إنه حقيقة، لكن هو يعتبر ظني بالنسبالنا علشان مطبقناش عليه القاعدة اللي نبهنا ليها العلماء. وظني يعني: ممكن يبقى صح وممكن يبقى غلط . (٤) نيجي بقا لإجابة سؤالنا، ليه معملوش زي المسلمين وجمعوا التراجم وعملوا علم إسناد؟ لإن دا محتاج صبر وطول بال، وعلشان يكون عندي صبر لازم يكون في هدف ودافع، وهدف المسلمين كان الحفاظ على السنة وحماية الدين، فتحملوا العناء حسبة لله تعالى فكان العائد معنوي.. لكن الشخص الغربي ميعرفش العائد المعنوي دا فلما بص للموضوع وجد إنه مفيش ثمرة مادية مقابل هذه المشقة. (٥) فمجهود العلماء المسلمين كان من أهدافه إنه يتم حفظ عقولنا من قبول الصحيح والخطأ بالبحث عنه، لكن بطريقة أو بأخرى اتقتل فينا مساحة السؤال وجعلوا عقلك كالنفايات تصدق أي شيء يتقال.. لازم تتحقق مين قال كدا وليه قال كدا ولو حد اللي قاله صادق ولا كذاب، دا في كل الأخبار والحقائق وخصوصا منها الأخبار اللي تمس دينك وما تعتقد. ونفس المنهج دا رب العزة سبحانه نبّهنا ليه:(يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا إِن جاءَكُم فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنوا). وبس كدا عزيزي القارئ، أحييك لو وصلت لنهاية الرسالة(: 🫡