محمود توفيق

لا نريد أن نغيظ أحدا أبدا، ولا نريد أن نرى الاعتراف في عين أحدا قد تعالى من قبل علينا، ولا نريد أن نقول لأحد ما هل رأيت كيف صرنا؟ فقط نريد أن نعمل الأشياء التي تجلو الكدر الطويل الذي بيننا وبين ذواتنا، نريد أن نصنع شيئا جميلا نعتذر به لأنفسنا ولمن راهنوا علينا عن كل تقصير قصرناه، وعن كل فرصة أضعناها، وعن كل صرخة تنبيه لم نسمعها، نريد أن نصالح المسكين فينا الذي ضيعناه.

ماذا فعلت بك المحاولات؟

من هو الإنسان الذي إذا أجبرتك الظروف على مرافقته ساعة من الزمن ستتنفس الصعداء فور أن تتفرقا ولا تتمنى لهذه الفرصة أن تتكرر؟ ما هي التركيبة التي تجعل الشخص ثقيلا هكذا في صحبته بالنسبة لك؟

ماذا يعني لك رُقي إنسان؟ من هو الراقي في نظرك؟ من الذي إذا رأيت فعلًا من جميل أفعاله أو طبعًا من طباعه، قلت في نفسك معجبًا: إنك بالحق إنسان راقٍ! ما هي السلوكيات المختلفة أو الآداب التي تجعلنا نؤمن برقي هذا أو ذاك؟

بالنسبة لامتلاك الإرادة فالناس عندي هم ثلاثة أنواع: الحماسي، وأقصد بتلك الحماسة التي فيه تلك الفورة الداخلية وتأجج المشاعر، كالذي يمكن أن يحدث بسبب أغنية وطنية أو خطابة حماسية، أنه الشخص الذي تحركه دفقة قوية من المشاعر العارمة. والمستميت، وهو الذي يمتلك إرادة صلبة عندما تسير الأمور بطريقة مريعة، فيظل حافظًا نفسه من الرغبة في الاستسلام، صابرًا، خافضًا متطلباته، منخفضًا للريح، قادرًا على البدء من الصفر مرة أخرى إذا لزم الأمر. وصاحب العزم، وهو الذي لو لم يسمع أي خطبة متحمسة، ولم تسر الأمور بشكل صعب، هو منتبه ويعمل الذي عليه كل يوم، وهو القادر على أن يغرس شجرة ليتمتع بثمرها بعد عشة أعوام، وهو الذي لا يترك نفسه تسمح له باللعب والتهريج وإضاعة أي فرصة. ولا يخفى أن النوعين الأول والثاني بهما منبع من منابع القوة، ولكن يبقى أن النجاح والتفوق وإثبات الوجود منتشرًا في النوع الثالث، وأغلب ما يحيط بنا من الناجحين الذين لم يصعدوا بضربة حظ أو بسبب الفهلوة، هم من النوع الثالث، أصحاب الإرادة القوية التي تسير فيهم كما تسير العصارة في النبات فيظل حيًا، وهو النوع الذي يحلو للكسالى مضيعي أوقاتهم أن يقولوا على الواحد من هذا النوع أنه صعب حتى مع نفسه. فإن كنت ترغب في أن تغير حياتك وأنت تعلم بأن بك قدرًا من الحماسة، وقدرًا من الاستماتة، فلابد أن تتشبه قدر استطاعتك بالنوع الثالث ولو كان هذا مكروهًا لديك، فالإنسان في الأساس لا يصل إلا بعد إن يُكرِه نفسه على ما لا تحب. أما إذا كنت تتعامل مع الدنيا كما لو أنها حفلة عيد ميلاد، وتصر في نفس الوقت على أن تصل إلى ما وصل إليه المثابرون، وتطلع على منصات التكريم مثلهم، فتمتع يا صديقي بحفلة عيد الميلاد وانتظر، انتظرْ طويلًا.

‏يكفيك من الناس من يعرفون قيمتك، من يشعرون أنهم سعداء بوجودك في حياتهم، من لا يوجد فيهم أي ذرة استهزاء بك حتى بعد أن عرفوا عيوبك، من يبدو من تعاملهم معك وكأنهم ينظرون إلى العرق الذي بذلته في رحلتك في الحياة.

‏اللهم احفظنا من كل إنسان يستطيع في البدء أن يخفي تلك الخرابة التي في داخله.

اللهم ارزق كل مشتاق طفلًا، اللهم اجعل له بعد الأشواق والدعوات في جوف الليل زمنًا جميلًا يعود فيه من عمله ويفتح باب البيت، فيجد وليده يحبو إليه باسمًا متهللًا معبرًا عن حبه وشوقه، اللهم ارزق عبيدك رؤية الغمازتين في الوجه الرقيق، والضحكة الرائعة للوجه الرقيق، عاجلًا غير آجل يا رزاق يا واسع الرحمة.

اللهم رحمتك بعبادك العاطلين عن العمل، الذين يذوبون كل يوم وهم في انتظار فرصة ترد لهم اعتبارهم أمام أنفسهم وأمام أهلهم، الذين اشتاقوا لأن يعودوا كالآخرين من الأعمال متعبين، الذين اشتاقوا لأن يسمعوا من زوجاتهم طلبات البيت فيقدرون عليها ويعودون بها، الذين اشتاقوا لترتيب مواعيدهم كالآخرين لأنهم صاروا أخيرا مشغولين كما ينشغل الرجال بعد أن عانوا من طول الأوقات بلا جدوى.

اللهم اجز عنا خيرًا كل المحترمين الذين قابلناهم في حياتنا، كل الصادقين، كل الذين لم نكتشف أن بسمتهم مصطنعة، كل الذين لم يكونوا يحومون من أجل مصلحة وينوون أن يطيروا بعدها، كل الذين كانوا في حجم ثقتنا بهم واحترامنا لهم وحفاوتنا بهم، اللهم اجز عنا خيرًا كل الذين نبهونا إلى عثرة، أو أقامونا من وقعة، ثم لم يخرجوا للعالم متباهين بما فعلوا ومدَّعين للأستاذية. اللهم اجز عنا خيرًا كل الذين غاروا علينا ولم يقبلوا فينا أن نكون مجرد مادة للمشاهدة حينما نضل أو نسهو.

اللهم انصرهم على عدوك وعدوهم. اللهم اكتب الجوع على من ارتضى لهم الجوع. اللهم اكتب الذل على من لم يبال بأمرهم.

على أي شيء تتسابق مع البشر ولو بينك وبين نفسك؟ خذ الخبر اليقين: كل السباقات تنفضّ كل ما يُجرى إليه مع الآخرين زائل كل ما يُحرَز يبلى كل وصول يتم تجاوزه. إلا المسارعة في مرضاة الله إلا الفرار إلى الله إلا ما قال الرب عنه سبحانه : (وفي ذلك فليتنافس المتنافسون).

وأنت تفكر في أحلامك العظيمة، وآمالك الكبرى، من فضلك فكر ولو لدقيقة واحدة، في إخوانك الذين يحلمون فقط بصحن ممتلئ.

يارب؛ احفظ أبناءنا وبناتنا من الزيف والضلال والهوى وتلاعب البشر بالبشر، احفظهم من كل ما نعرف من الشر وما لا نعرف، ومن المحدثات، وباطل الأقاويل والأفكار، وكل ما هو آت مع الأيام من سيئ الظنون والمزاعم. اللهم اكرمنا بهذا فضلا منك ورحمة، فإنا نعرف أننا أقل صلاحا من أن يكون هذا جزاءنا، وأقل عملا من أن نأخذ هذا الأجر.

رزقك الطيب من الناس أن تحاط بمن يقدرون ما تستطيع القيام به، ولا يكلفونك فوق طاقتك. أن تحاط بمن لا يفقدونك ثقتك بنفسك عندما تحدث لك كبوة، ولا يحاسبونك كأنهم نسوا كل تاريخك. أن تحاط بمن يشعرونك بالأهمية، ولا يعبرون لك عن قدرتهم عن التنازل عنك في أي وقت.

تذكروا في دعائكم أجدادكم وجداتكم وأقاربكم الذين ماتوا منذ مدة، ولم يعد أحد يزور قبورهم، بل ولم يعد أحد يذكرهم، مقابل نظرة حانية نظرها الواحد منهم يومًا ما إليكم وأنتم تحبون على الأرض صغارًا مبتسمين. 💚

وبيننا ناس طالت همومهم كثيرا، حتى أنهم نسوا كيف كانوا يشعرون قبل هذا الهم، ونسوا كيف كانوا يضحكون من قلبهم، وناس كيف كانوا يقضون وقتا طيبا مع الآخرين بدون أن ينسكب فيهم من الداخل ذلك المر الذي يفسد الأوقات الطيبة ويفصل الإنسان عمن هم حوله، تذكروهم في دعائكم، تذكروهم بكل ما فيكم من حب ورحمة.

المرأة الودود عندي هي التي لا يفسدها حب زوجها لها وعنايته بها، ولا يفقد الرجل رونقه في نظرها من إقباله عليها واهتمامه بها، وغير الودود لا تكرم رجلا تيقنت من حبه، بل تبادله بالحب إرهاقا. #خير_متاع_الدنيا #بيت_طيب

اللهم لا تكتب علينا يوما يضرب الناس فيه كفا بكف من فتنة وقعنا فيها، وخراب حل بأنفسنا، ورأي ضللنا به، وتبدلات يحزن منها الحبيب ويسخر منها المبغض، اللهم لا تجعل آخر القول منا هوى وآخر أعمالنا فسادا.

ومهما جرت الدنيا رخاء للعبد، وانصلحت أحواله، وتيسرت له الطرق، وسعت إليه المكاسب، فإنه يشعر في قرارة نفسه بأن أمره فيه شيء من عدم الانضباط، وأن مشاعره بها شبه من مشاعر المغلوبين، وأنه يجد فيه ضيقا لا يعرف له سببا، وكل هذا لأن القلب لا يركز إلا بأن يكون حب الله هو أكبر حب فيه بلا منازع. ومهما بدا العبد للناس رصينا عاقلا، ومهما غابت عن حياته تلك الأخطاء التي تجلب الندم، وتلك الكبوات التي تجلب الغم والألم، فإنه يشعر في قرارة نفسه بأن به لمسة من الطيش، ولفحة من الجهل والاضطراب والرعونة، وكل هذا لأن القلب لا تتملك منه الحكمة، ولا يكون وفيا كامل الوفاء لصاحبه، إلا بأن يكون الخوف من الله هو أكبر خوف فيه بلا منازع وإن العبد قد يجرب الندم على الحب لأي مخلوق، وقد يجرب الخزي من الخوف من أي مخلوق، أما حب الله والخوف منه، فهما النجاة والكرامة، وهما دواء القلب وطبه.

ونحن يا رب إن لم تيسر لنا معرفة الطريق، إن لم تكشف لنا الفج الذي علينا أن نسلكه، ضيعتنا آمالنا العريضة وغرورنا الكاذب ونداءات الضالين المضللين.

صار هناك حاجز نفسي بيني وبين تفاصيل الدنيا منذ أن ذاق أحبابنا الموت جوعا، بل صار هذا الحاجز حتى بيني وبين نفسي.

كيف يهنأ لنا العيش وهناك طفل محاصر في غزة يحلم في اليقظة بأنه مع أمه في قلب السوق وهي تفاصل في سعر الفاكهة وهو يقلب بصره وحاسة شمه بين الأنواع، كيف يهنأ لنا العيش وهناك طفلة من غزة صار كل ما تتمناه من الدنيا رغيفًا ساخنًا يعلوه الصهد وقد خرج للتو من المخبز؟

لولا الله ما قمنا مرة ثانية

هذا الخجل الذي تراه في عيني لا علاقة له بك من قريب أو بعيد، إنه خجل من جوع الفلسطينين. إن كان حالك مثل حالي فاكتب إنك: تشعر بالخجل من جوع الفلسطينيين

التواضع شيء، والانكماش شيء آخر، الانكماش هو أن تتشكك بإصرار في جدارتك وقدرتك على النفع، أن تتراجع شهيتك لتعلم الجديد واكتشاف الجديد، أن تكون ضعيفًا في المطالبة بما تستحق، أن ترجو أن يعذرك الناس أكثر مما ترجو أن يقدروك، الانكماش ليس فضيلة، ولو سميته بين وبين نفسك تواضعًا فإنه لن يصير التواضع المحمود. آمن بنفسك، وقدّرها

المرأة الصالحة لا تحاكم رجلها عاطفيًا بمقاييس ملوك الغزل في المسلسلات ومقاطع التيك توك ومقاطع اليوتيوب، هي لا تحكم عليه بأنه بخيل عاطفيًا لأنه لم ينزل على ركبته كشباب الجامعات، ولم يصنع بالضرورة قلبًا باستخدام أصابع كفيه، ولا أي شيء من جملة ما يتم تسويقه كتعبير عن الحب، ولا حتى تقارنه بزوج إحدى صاحباتها المغرم بأساليب التعبير التي تعجب النساء. إنها تشاهد كغيرها طرق الأزواج والزوجات الحديثة في التعبير عن المودة والألفة، في الواقع وعبر الشاشات، ولكن ليس كل ما تشاهده يثير إعجابها وغيرتها ويجعلها تشعر بأن شيئًا ما ينقصها، وهي تعرف جيدًا وبحكم حصانتها وعقلها الراجح أن هناك فرقًا كبيرًا بين رجل طيب وقور يلزق خده بخد زوجته مودةً ورحمة وإحسانًا ورضا بصنيعها معه، بعيدًا عن العالم، بينهما وبين العالم كله وحتى أقرب الناس ستور الحشمة واللطف المرخاة، وبين رجل يلزق خده بخد زوجته في مقاطع التيك توك؛ وهو فارق شاسع. أن المرأة الصالحة العاقلة الرزينة تعرف ذلك الفارق الكبير بين صورة الإحسان المطوية عن العالمين التي لم يفقد الرجل فيها غيرته ولم تفقد المرأة فيها حياءها، وبين تلك الصورة التي يتمتع فيها الزوجان بجرأة وجهر الباعة الذين يعرضون بضاعتهم على الأرصفة.

ليست المسألة مسألة نجاحات عظيمة كي يكون الشخص رائعًا مثيرًا للإعجاب، يكفيه احترامه لنفسه، واعتماده عليها، وتماسكه أمام الآخرين، وابتعاده كل البعد عن الدناءة، وأن يكون ذا وجه واحد، وأن يكون في خلواته وانفراده شديد الشبه بالصورة الرصينة التي يبدو عليها للناس.

اللهم انتقم منهم، عدد ما زحف الناس كي يسحبوا المصابين على الأسفلت، عدد الأفواه التي كانت الدماء تندلق منها، عدد ما شمت الأمهات أبناءهن الشهداء بعد أن ماتوا في عرض الطريق، اللهم انتقم.

ونسأل الله أن نتقبل العيش بدون الأشياء التي لم يكتبها لنا، وأن نرى الأمر سهلاً جداً ولطيفًا، وأن يصرف نظرنا عنها بوداعة، وأن نحب كل الأشياء التي أبقاها لنا، وأن نشفى من كل الكدمات التي تركتها فينا الأحلام التي لم تتحقق، كل الكدمات.

إن الحياة التي فاتتنا هي حياة الأبطال, حياة الذين يرتدون ثيابهم ويخرجون كي يسوؤوا وجوه أعدائهم, لا حياة الذين يخرجون بحثا عن ٱخر المطاعم الجديدة, إننا صغار داخل معاطفنا الثقيلة, صغار بأحلام صغيرة.

كان يقلب طاولة الطعام في بيت والدته ثم فوجئ بأن زوجته لا تتحمل هذا الطبع البالغ الصعوبة، فيقول أمي كانت تتحملني وتعرف طبعي وتعرف كيف تنتظر عاصفتي حتى تهدأ كانت تحطم الأكواب في بيت والدتها إذا تعرضت لضغط، ثم فوجئت بأن زوجها يرسلها إلى بيت أهلها، فتقول له عندما يعود للصلح: أمي هي وحدها في هذا العالم القاسي التي استوعبتني، وأنت للأسف لم تستطع أن تكون مثلها إلى متى يبحث بعض المتزوجين عن بطل وهمي يحمله على ظهره للأبد؟! إذا كنت قد اخترت أن تتزوج في يوم ما فهذا يعني أنك مستعد لأن تبذل ما عندك في سبيل علاقة متوازنة، لا أن تكون بلاءً من بلاءات الدنيا لمن كُتب عليه ان يكون شريكك في الحياة نصف الجهد الذي تبذلونه في المطالبات والشكوى ابذلوه في إصلاح عيوبكم العريقة. #بيت_طيب

من الأسلم للإنسان أن يقسم الناس عندما يتعرف عليهم إلى أسوياء وغير أسوياء، بدلًا من تقسيمهم إلى جذابين وغير جذابين، لأن بعض غير الأسوياء شديدو الجاذبية، وقد يحتاج إلى وقت طويل كي يقف على حقيقة أن كل ما في الأمر أنه تعلَّق بإنسان غير سوي، بصرف النظر عن ميزة الجاذبية التي عطلت قدرته على التمييز وتلاعبت به وبعواطفه.

لا الاسترخاء يليق بهذا الجيل، بينما إخوانهم يُحصدون بالذخائر في مصائد الليل والنهار، ولا يليق بهم التغافل ولا التلهي بينما إخوانهم لا يجدون المستشفى يركضون إليه بجراحهم، ولا الأهداف الكروية هي التي تستحق أن يرتفع صياحنا بها في الآفاق بينما الأطفال يموتون بين أيدي أمهاتهم، ولا المشروبات الغازية التي بدأ الناس يرجعون إليها هي مما يستحق أن يشكي الإنسان ضعفه تجاهه. هذه الدماء غالية، وهذه القضية من أسمى ما يمكن حمل همه، وهذه الأيام شاهدة لنا أو علينا.

لا شيء يستحق أن يلهينا عن ضحايانا، عن العطشى، عمن لا يجدون مأوى، عن لحم إخواننا المقصوف. لا شيء حتى همومنا وأحلامنا لا تستحق. سنمضي ونحن نتعثر في خزينا من أنفسنا، سنمضي ونحن نحمل شعورًا حقيقيًا بعجزنا عن أن نكون في مستوى الحدث.

كتاب #بيت_طيب أجمل انتصار أرغب فيه من كتابي الجديد: بيت طيب، هو ليس الأرقام البيعية، أجمل انتصار هو أن يقرأه إنسان ما رجلًا كان أو امرأة، يقرأه بتمعن، ويقول لنفسه بارتياح: يبدو أنني وجدت ما أبحث عنه، وعرفت الآن كيف يمكن لي أن أغير هذا المنزل الذي أعيش فيه، فيتحول إلى سكن حقيقي، بتلك المشاعر التي تليق بكلمة سكن. هذا الكتاب يغلب عليه أنه موجه للمرأة، ويوضح لها ما يمكن أن تفعله في حياة الرجل، وكيف أن ما يبدو على وجه بعض الرجال من راحة واسترخاء في الملامح هو من صناعة أنثى عرفت كيف تتعامل مع زوجها، وكيف أن ما يبدو على وجه بعض الرجال من حيرة وانقباض وترقُّب في الملامح هو من صناعة أنثى تؤذي زوجها ولو لم تكن تكرهه ولو لم تكن تتعمد ذلك. والكتاب رغم أنه موجه للمرأة إلا أنه لا يترك الرجل وشأنه ويوصيه وصايا عظيمة، حتى لا ينكر جهد امرأة تحاول قدر جهدها أن ترضيه، حتى لا يكون في بيته امرأته جديرة بأن يقال عنها أنها من خير متاع الدنيا، ولكنه لم يقدر نعمة الله عليه. أنا أشعر بالحياء من أن أقول عنه إنه كتاب مهم وهو كتابي الذي كتبته، ولكن أقولها بوحي من شعوري بالمسئولية، هو كتاب يعطي للمرأة المفتاح الأعظم للتعامل مع الرجل، ولن أسميه هنا في هذه السطور، ولكنه موجود في الكتاب باسمه، وأغلب صفحات الكتاب هي في إلقاء الضوء على هذا المفتاح وكيفية استعماله. أقدم هذا المفتاح من أجل كل اللواتي تعبت أيديهن في الطرق على الجدار ولم يُفتَح لهن.

نريد فرحةً بريئة لا حاجة لنا أبدًا لتصويرها، فرحة تهبط على القلب مثل الرحمة، مثلما يهبط النور في المغارات على الهاربين، مثلما يهبط الطير كي يلقط الـحَب من كفوف السائحين.

وهل هناك متعة يجربها البشر الآن أجمل من تلك التي يشعر بها رجل وجد هدفه أمامه، ووضع عليه مثلثه الأحمر ثم أتلف منظره؟!

مما يجب أن تهتم به كثيرًا جدًا في هذه الدنيا، وأن تصر على ألا تخرج منها إلا وهو علامة شريفة من علامات ذاتك، هو أن تكون قويًا، قويًا لدرجة أن تتحمل الرفض الذي لا نقاش فيه، لدرجة أن تتحمل أن يتهرب منك الذي كان قد وعدك بأطيب الوعود، لدرجة أن تتحمل أن يكور أحدهم العواطف الجميلة التي تكنها تجاهه ويلقيها في وجهك.