وَطَنّ | ❥

لطالما تم وصف من يملكون آراء خاصة ترفض تبرير الواقع بأنهم " يفتحون أبواب الجحيم "، الحقيقة لم يكن ذلك الجحيم إلا باب " التفكير ". ‏لقد دفع الكثير ممن كافحوا عن آرائهم حياتهم وتم نبذهم قبل أن ينصفهم تقاطع الزمن مع العقل ليخلدهم إلى الأبد.

من يملكون آراء خاصة تجاه الكثير من قضايا الواقع هم يسمحون للفكر بصيرورة التغير والجدل بين المتناقضات وذلك مقابل القوى التي تعتبر ثبات الواقع هي دلالة على صواب قواعده الفكرية وذلك ما يترك أصحاب الآراء الخاصة مع الواقع ومع الأكثرية.

أصعب مهمة تواجه الإنسان هي أن يكون له رأيه الخاص ! ‏إن صناعة رأي خاص ليست عملية اختيارية بقدر ماهي تقدم الوعي على الواقع الذي تحافظ عليه ثقافة الإنتماء. ‏يصعب على الإنسان الذي أكتسب المعرفة والثقافة تبرير الواقع بل يكون له رأي خاص و غالباً ما ينظر له كتمرد على القيم السائدة.

لا تحيا بالاستعارة بل بالانتماء، انتمي لكل ما يغذي إرادة الحياة. ‏من يعيشون جمال الفن والفكر وتحسس جمال الوجود هم يعيشون حيوات عديده، من يقاومون قسوة الحياة حيث يعيشون في حالة من النمو الدائم والشعور بالاكتفاء.

كل الذين نجوا من جحيم الحياة، نجوا لأنهم يؤمن بأن لحياتهم معنى يستمدون منه القدرة على المقاومة ‏إن معنى الحياة يشبه صورة الجمال، شذرات متناقضة تجمعها أطر الصورة الكلية للحياة. ‏الحياة لا تمضي بمرور الأيام من خلالنا بل عليها أن تمضي حامله شذرات المعاني القابعة داخل أنفسنا.

أبحث عن أولئك الذين يمنحون للحياة معنى، ذلك المعنى العصي على التعريف ولكنه يحرر الإنسان من قيود الزمن والأفكار إلى رحاب التنوع. ‏حينها سوف تجد ذلك العالم العظيم والجمال المدهش يولد من رحم التأمل، حينها سوف تعلم من هم الأموات ومنهم الأحياء و ليس هناك من حياد.

هناك قليل من البشر في هذا العالم، هم خليط من كل الأزمان، عاشوا جدليات الإغريق وعبروا سهول روسيا الباردة وشاركوا كانط أفكاره وجادلوا هيوم في السببية واقتحموا سجن الباستيل واحتفلوا بالثورة الفرنسية والشيوعية والوجودية، فقط كانت بالعقل والأرواح الخالية من الحزن.

إقترب من أولئك الذين يتحدثون عن الفن وعن الفلسفة، ومن يتجادلون عن الكون والفضاء وينظرون دائماً إلى السماء. ‏أنصت لمن يصفون لك قيعان النفس في أدب دوستويفسكي وأشعار محمد الماغوط، من يكتبون رسائل إلى كافكا وكامو وهم يعلمون إنها لن تصل، أولئك يحملون أرواح جميلة مثخنة بالحياة.

كنت أعرف منذ البداية أن كل حب كبير هو مشروع فراق ... • غسان كنفاني

أحيانًا أَكونُ مقتنعًا تمامًا أنني غير مؤهلٍ لأي علاقةٍ بشرية. • كافكا