💬 قطع الطريق على أحد المسلمين وضربه بالسكين ومحاولة قتله وتكسير سيارته؛ أشبه ما يكون بالحرابة، بل هو صورةٌ منها، لا يختلف عن صورة المحتطبِ لأموال المسلمين بعد تكفيرهم؛ فلا فرقَ مؤثر بين من يوقف سيارة في الطريق ليسرقها بدعوى ردةِ مَن فيها واستحلال ماله، وبين مَن يوقف سيارة لطعنِ من فيها وتكسيرها بدعوى أن مَن فيها مفسد؛ فكلاهما إفسادٌ في الأرض وحرابة.
وهذه الصورة من الجرائم: لا يجوز العفو عنها، ولا إسقاطها، ولا إخراج المجرم فاعلها دون إقامة الحد عليه واستيفاء الحق منه؛ لأنها حق لله تعالى لا للعبد.
وتعريف الحَرابة عند جمهور الفقهاء هي: «قطع الطريق عند أكثر الفقهاء، وهي البروز لأخذ مال،
أو لقتل، أو لإرعاب على سبيل المجاهرة مكابرة، اعتمادا على القوة مع البعد عن الغوث» [الموسوعة الفقهية الكويتية: 17/ 153].
🚩 والحرابة من الكبائر، وهي من الحدود باتفاق الفقهاء، وسمى القرآن مرتكبيها: محاربين لله ورسوله، وساعين في الأرض بالفساد، وغلظ عقوبتها أشد التغليظ؛ قال سبحانه: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَْرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الأَْرْضِ}.
🗣 وما جرى في حادثة إيقافِ أحد المتظاهرين "شريف أبي عبد الهادي" ومحاولة قتلهم بالسكين؛ قد جمعت شروط الحرابة كافة عند الجمهور، وهي:
أ - الالتزام (أي الإسلام أو عقد الذمة).
ب - التكليف (المحارِب بالغ عاقل).
ج - وجود السلاح معهم (والسكين والحجارة سلاح باتفاق الفقهاء).
د - البعد عن العمران (وذهب المالكية والشافعية وهو رأي أبي يوسف من الحنفية وكثير من أصحاب أحمد إلى أنه لا يشترط البعد عن العمران وإنما يشترط فقد الغوث؛ كما هو حاصلٌ في حالة الضرب التي جرت في مكان بعيد عن المدينة، فلا يقف أحد عادة لإغاثة الملهوف خوفًا من وقوع شر عليه)، واستدل الجمهور بعموم آية المحاربة، ولأن ذلك إذا وُجد في العمران والأمصار والقرى كان أعظم خوفا وأكثر ضررا، فكان أولى بحد الحرابة.
هـ - الذكورة.
و- المجاهرة
🔽 واتفقوا أن الردء (المعين للمحارب ولكنه لم يباشر الحرابة بنفسه) عليه عقوبة؛ لكن اختلفوا هل هي نفس عقوبة الحرابة أم التعزير فقط.. فيها خلاف.
🍂 وهل يجوز للسلطة أن تُخرج المحارِب قبل عقوبته بدعوى أنه لم يدعِ عليه المضروب المعتدى عليه؟!
جاء في «الموسوعة الفقهية الكويتية» (17/ 158):
«
لا خلاف بين الفقهاء في أن عقوبة المحارب حد من حدود الله لا تقبل الإسقاط ولا العفو ما لم يتوبوا قبل القدرة عليهم».
فإخراجه حرام وإثم، وهو فعلٌ باطل ومن الحيف والظلم وعدم إقامة الشرع والعدل؛ فإنَّ هذا حق لله، وحتى لو أسقط المدعى عليه حقه فلا يسقط؛ لأنها ليست مشاجرة شخصية، بل كان مبنى ذلك على الخلاف السياسي الذي هو إرعابٌ للناس وبث للخوف فيهم، استقواء بالسلطة على خصومها.
✉️ وهل تجوز الكفالة الحضورية في هذا الأمر؟
إذا ثبت الحد على شخصِ، فإنه لا يجوز لأحد أن يضمن من وجب عليه الحد، بحيث أنه لو تعذَّر إقامة الحد عليه فإن الحد يُقام على الكفيل؛ لأن العقوبة في الحد لا تنتقل، والكفالة الحضورية شرطها قَبول الطرف الآخر الذي له الحق.
قال ابن المنذر: "أجمعوا على أنه لا يجوز الكفالة في الحدود".
وقال القرطبي: "الحمالة في الحدود ونحوها -بمعنى إحضار المضمون فقط- جائزة مع التراضي، غير لازمة إذا أبى الطالب، وأما الحمالة في مثل هذا على أن يلزم الحميل ما كان يلزم المضمون من عقوبة، فلا يجوز إجماعًا".
📣 فاعدلوا واستقيموا يرحمكم الله.. يستقم لكم الناس، على ما قال علي لعمر رضي الله عنهما: "عففت فعفوا.. ولو رتعت لرتعوا"، وهكذا نقول لرؤوس الناس: "اعدلوا يعدل الناس.. وعفوا يعفوا.. والظلم مرده عليكم وإليكم".
#الزبير_الغزي
https://t.me/+8kYIRWj4zm81MTM0