خواطري

"قمّةُ المروءةِ أنْ ترحمَ نفسَك عندَ الخطأ، وتدرِك بأنّك إنسانٌ خَطَّاء لا يملك عصمةً ولا معجزةً، ومِن الظُلْم أن تعنِّفَ هذه النفس بالتوبيخِ، لأنّ التوبيخَ يُسبِّب الهروبَ، وحين تهرب من مواجهةِ نفسِك فإنّ صِلتَك بها تضطرِب، فكيفَ يعيش إنسان يشعر بالغربةِ والخوفِ من مواجهةِ نفسِه؟"

حينما أنوي الرحيل، حتمًا لن تجدني أحدثك هنا، لأن شأن الرحيل مهيب، سيشغلني عن العالمين، فخذ من حبري هنا ما يظلك من جحيم السبهللة .. ويوقظ جذوة العزة التي يمتلكها كل مسلم، ابتداء من مسماه إلى رضاه بهذا الدين دينًا خالصًا لله جل وعلا يدين به ما دامت روحه بين جنبيه .. لكن غيبها ما ابتلي به كل مسلم .. إني ابتليت بأربع ما سلطوا إلا لشقوتي وبلائي ، إبليس ونفسي والدنيا والهوى .. ؟! فما أن يقذف الله في حرف أحدهم أنوار الهدايات ويعقد في قلبك إلهام التوفيق، حتمًا ستشعر بتلك الأنوار تأخذك إلى وظيفة الحياة التي لا تنتهي حتى تغرغر ، ألا وهي التوبة .. فخذ ما يعينك في سيرك إلى الله جل وعلا، وذر الذي لا يسمن ولا يغني من جوع ، فكلنا هذا الذي يؤخذ منه ويرد إلا سيد ولد آدم صلى الله عليه وسلم..

عاهدت الله أن تكون جميع شعائره حاضرة ببن عيني، وأن أفقه العبودية بمعناها الواسع الشامل، وأني أخذ بالكتاب كله، لذا أنا أكتب عن الحب في الله وعن الإخاء .. وسأبقى هكذا ما حييت .. لأني ما زلت أرجو من الحي الذي لا يموت أن أكون سببًا في إحياء هذه الشعيرة .. التي منها تنطلق قوة الإسلام .. وفيها الجبر والعوض الحسن، وفيها أغلى وأعز المحاسن، وعليها يقام دليل الرحمة ودليل العزة ودليل الحمية والإباء ومكارم الإخلاق .. فإذا لم أكتب أنا؟! بقلمي بقلبي بروحي فمن سيكتب؟!

من عظيم ما يسكن روحي، حواصل الطير، لقد أمسى هاجسها رجاء، بل دعاء حاضرًا، بل طريقًا أتلمسه في كل لحظة وثانية، بل جنة أسكنها في الدنيا فرارًا من كل أذى في محطات البلاء والاختبار والامتحان، بل روحًا من روحي، وفكرة متوقدة لا تنطفئ لذا أنا أسكن حيث العبودية الحقّة، أينما يكون وريد العزة الإيمانية، حملني قلبي إليها ولو لم تحملني أقدامي، ولو كنت بلا أجنحة، لكني أحلق بروحي لا بجسدي، وأهاجر بقلبي تحت العرش، فمتى يؤذن لأسير الأرض أن يطلق عنان في سفره؟!

أنا ما خشيتُ من الفراق لأننا ‏بالرُوحِ لا بالعينِ مُتصلانِ ‏والطيفُ منك يزورني وأزورهُ ‏فأنا وأنت معًا بكل مكانِ.

سَل في الظَلامِ أَخاكَ البَدرَ عَن سَهَري تَدري النُجومُ كَما يَدري الوَرى خَبري