cookie

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربة التصفح الخاصة بك. بالنقر على "قبول الكل"، أنت توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط.

avatar

قناة القرآن والعربية وعلومهما

تعليم القرآن - وتدريس اللغة العربية - وعلوم الشريعة - للصغار والكبار والعرب والعجم- @Algebaly980bot

إظهار المزيد
مشاركات الإعلانات
378
المشتركون
+124 ساعات
+17 أيام
+330 أيام

جاري تحميل البيانات...

معدل نمو المشترك

جاري تحميل البيانات...

🎙️بعد قليل قراءة اضواء البيان، وتثبيت موعده ظهرا بتوقيت مصر ان شاء الله تعالى. والله الموفق
إظهار الكل...
▪️قال الحافظ بن رجب الحنبلي - رحمه الله تعالى - : ( إنّ المؤمن لا بد أن يفتن بشي من الفتن - المؤلمة الشاقة عليه ليمتحن إيمانه ، كما قال الله تعالى : ﴿أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ ✵ وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ﴾ ، ولكنَّ الله يلطف بعباده المؤمنين في هذه الفتن ، ويصبرهم عليها ، ويثيبهم فيها ، ولا يلقيهم في فتنة مهلكة مضلة تذهب بدينهم ؛ بل تمر عليهم الفتن وهم منها في عافية ! ) . 📚 (تفسير ابن رجب) (٢١٢/٢)
إظهار الكل...
(٥) فضل الرحمن في تدبر القرآن، ختام سورة العلق
إظهار الكل...
٥_فضل_الرحمن_في_تدبر_القرآن،_ختام_سورة_العلق.m4a30.24 MB
1
https://youtu.be/xLbFoMwSPaM?si=nHo5fxBxqqU4lWDf مفيد جدا للجميع ولله الحمد والشكر وبالله التوفيق
إظهار الكل...
🔲 (٥) فضلُ الرحمنِ في تدبرِ القرآنِ

🔻ختام تدبر سورة العلق، وفيه: 🔻أقسام الناس مع الهداية، وأفضلهم الذي يهتم بغيره. 🔻دلالة السياق في الترغيب والترهيب

وَ (عَتِيدٌ) فَعِيلٌ مِنْ عَتَدَ بِمَعْنَى هَيَّأَ، وَالتَّاءُ مُبَدَّلَةٌ مِنَ الدَّالِ الْأَوَّلِ إِذْ أَصْلُهُ عَدِيدٌ، أَيْ مُعَدٌّ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً [يُوسُف: 31] . وَعِنْدِي أَنَّ عَتِيدٌ هُنَا صِفَةٌ مُشَبَّهَةٌ مِنْ قَوْلِهِمْ (عَتُدَ) بِضَمِّ التَّاءِ إِذَا جَسُمَ وَضَخُمَ كِنَايَةً عَنْ كَوْنِهِ شَدِيدًا وَبِهَذَا يَحْصُلُ اخْتِلَافٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْلِهِ الْآتِي هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ [ق: 23] وَيَحْصُلُ مُحَسِّنُ الْجِنَاسِ التَّامِّ بَيْنَ الْكَلِمَتَيْنِ. وَقَدْ تَوَاطَأَ الْمُفَسِّرُونَ عَلَى تَفْسِيرِ التَّلَقِّي فِي قَوْلِهِ: الْمُتَلَقِّيانِ بِأَنَّهُ تَلَقِّي الْأَعْمَالِ لِأَجْلِ كَتْبِهَا فِي الصَّحَائِفِ لِإِحْضَارِهَا لِلْحِسَابِ وَكَانَ تَفْسِيرًا حَائِمًا حَوْلَ جَعْلِ الْمَفْعُولِ الْمَحْذُوفِ لِفِعْلٍ يَتَلَقَّى مَا دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ بَعْدَهُ مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ بِدَلَالَتِهِ الظَّاهِرَةِ أَوْ بِدَلَالَةِ الِاقْتِضَاءِ. فَالتَّقْدِيرُ عِنْدَهُمْ: إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَمَلَ الْإِنْسَانِ وَقَوْلَهُ، فَتَكُونُ هَذِهِ الْجُمْلَةُ عَلَى تَقْدِيرِهِمْ مُنْفَصِلَةً عَنْ جُمْلَةٍ وَجاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ [ق: 19] كَمَا سَنُبَيِّنُهُ. وَلِفَخْرِ الدِّينِ مَعْنًى دَقِيقٌ فَبَعْدَ أَنْ أَجْمَلَ تَفْسِيرَ الْآيَةِ بِمَا يُسَايِرُ تَفْسِيرَ الْجُمْهُورِ قَالَ: «وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ التَّلَقِّي الِاسْتِقْبَالُ، يُقَالُ: فُلَانٌ تَلَقَّى الرَّكْبَ، وَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ يَكُونُ مَعْنَاهُ: وَقْتَ مَا يَتَلَقَّاهُ الْمُتَلَقِّيَانِ يَكُونُ عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ قَعِيدٌ، فَالْمُتَلَقِّيَانِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ هُمَا الْمَلَكَانِ اللَّذَانِ يَأْخُذَانِ رُوحَهُ مِنْ مَلَكِ الْمَوْتِ أَحَدُهُمَا يَأْخُذُ أَرْوَاحَ الصَّالِحِينَ وَيَنْقُلُهَا إِلَى السُّرُورِ وَالْآخَرُ يَأْخُذُ أَرْوَاحَ الطَّالِحِينَ وَيَنْقُلُهَا إِلَى الْوَيْلِ وَالثُّبُورِ إِلَى يَوْمِ النُّشُورِ، أَيْ وَقْتِ تَلَقِّيهِمَا وَسُؤَالِهِمَا أَنَّهُ مِنْ أَيِ الْقَبِيلَيْنِ يَكُونُ عِنْدَ الرَّجُلِ قَعِيدٌ عَنِ الْيَمِينِ وَقَعِيدٌ عَنِ الشِّمَالِ مَلَكَانِ يَنْزِلَانِ، وَعِنْدَهُ مَلَكَانِ آخَرَانِ كَاتِبَانِ لِأَعْمَالِهِ، وَيُؤَيِّدُ مَا ذَكَرْنَاهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: سائِقٌ وَشَهِيدٌ [ق: 21] . فَالشَّهِيدُ هُوَ الْقَعِيدُ وَالسَّائِقُ هُوَ الْمُتَلَقِّي يَتَلَقَّى رُوحَهُ مِنْ مَلَكِ الْمَوْتِ فَيَسُوقُهُ إِلَى مَنْزِلِهِ وَقْتَ الْإِعَادَةِ، وَهَذَا أَعْرَفُ الْوَجْهَيْنِ وَأَقَرَبُهُمَا إِلَى الْفَهْمِ» اهـ. وَكَأَنَّهُ يَنْحُو بِهِ مَنْحَى قَوْلِهِ تَعَالَى: فَلَوْلا إِذا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ [الْوَاقِعَة: 83- 85] . وَلَا نُوقِفُ فِي سَدَادِ هَذَا التَّفْسِيرِ إِلَّا عَلَى ثُبُوتِ وُجُودِ مَلَكَيْنِ يَتَسَلَّمَانِ رُوحَ الْمَيِّتِ مِنْ يَدِ مَلَكِ الْمَوْتِ عِنْدَ قَبْضِهَا وَيَجْعَلَانِهَا فِي الْمَقَرِّ الْمُنَاسِبِ لِحَالِهَا. وَالْمَظْنُونُ بِفَخْرِ الدِّينِ أَنَّهُ اطَّلَعَ عَلَى ذَلِكَ، وَقَدْ يُؤَيِّدُهُ مَا ذَكَرَهُ الْقُرْطُبِيُّ فِي «التَّذْكِرَةِ» عَنْ «مُسْنَدِ الطَّيَالِسِيِّ» عَنِ الْبَرَاءِ. وَعَنْ كِتَابِ «النَّسَائِيِّ» عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا حُضِرَ الْمَيِّتُ الْمُؤْمِنُ أَتَتْهُ مَلَائِكَةُ الرَّحْمَةِ بِحَرِيرَةٍ بَيْضَاءَ يَقُولُونَ: اخْرُجِي رَاضِيَةً مَرْضِيًّا عَنْكِ إِلَى رَوْحٍ وَرَيْحَانٍ وَرَبٍّ رَاضٍ غَيْرِ غَضْبَانَ، فَإِذَا قَبَضَهُ الْملك لم يدعوها فِي يَدِهِ طَرْفَةً فَتَخْرُجُ كَأَطْيَبِ رِيحِ الْمِسْكِ فَتَعْرُجُ بِهَا الْمَلَائِكَةُ حَتَّى يَأْتُوا بِهِ بَابَ السَّمَاءِ» . وَسَاقَ الْحَدِيثَ إِلَّا أَنَّ فِي الْحَدِيثِ مَلَائِكَةً جَمْعًا وَفِي الْآيَةِ الْمُتَلَقِّيانِ تَثْنِيَةً. وَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ يَكُونُ مَفْعُولُ يَتَلَقَّى مَا دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ بَعْدَهُ وَجاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ. وَالتَّقْدِيرُ: إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ رُوحَ الْإِنْسَانِ. وَيَكُونُ التَّعْرِيفُ فِي قَوْلِهِ: عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمالِ عِوَضًا عَنِ الْمُضَافِ إِلَيْهِ أَيْ عَنْ يَمِينِهَا وَعَنْ شِمَالِهَا قَعِيدٌ، وَهُوَ عَلَى التَّوْزِيعِ، أَيْ عَنْ يَمِينِ أَحَدِهِمَا وَعَنْ شِمَالِ الْآخَرِ. وَيَكُونُ قَعِيدٌ مُسْتَعْمَلًا فِي مَعْنَى:
إظهار الكل...
قَعِيدَانِ فَإِنَّ فَعِيلًا بِمَعْنَى فَاعِلٍ قَدْ يُعَامَلُ مُعَامَلَةَ فَعِيلٍ بِمَعْنَى مفعول، كَقَوْل الأرزق بْنِ طَرَفَةَ: رَمَانِي بِأَمْرٍ كُنْتُ مِنْهُ وَوَالِدِي ... بَرِيئًا وَمِنْ أَجْلِ الطَّوِيِّ رَمَانِي وَالِاقْتِصَارُ عَلَى مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ حِينَئِذٍ ظَاهِرٌ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ لَا تَصْدُرُ مِنْهُ أَفْعَالٌ لِعَجْزِهِ فَلَا يَصْدُرُ مِنْهُ فِي الْغَالِبِ إِلَّا أَقْوَالٌ مِنْ تَضَجُّرٍ أَوْ أَنِينٍ أَوْ شَهَادَةٍ بِالتَّوْحِيدِ، أَوْ ضِدِّهَا، وَمِنْ ذَلِكَ الْوَصَايَا والإقرارات.
إظهار الكل...
وَجُمْلَةُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ مِنْ ضَمِيرِ وَنَعْلَمُ. وَالْمَقْصُودُ مِنْهَا تَأْكِيدُ عَامِلِهَا وَتَحْقِيقُ اسْتِمْرَارِ الْعِلْمِ بِبَاطِنِ الْإِنْسَانِ، وَمَعْنَى تُوَسْوِسُ تَتَكَلَّمُ كَلَامًا خَفِيًّا هَمْسًا. وَمَصْدَرُهُ الْوَسْوَاسُ وَالْوَسْوَسَةُ أُطْلِقَتْ هُنَا مَجَازًا عَلَى مَا يَجُولُ فِي النَّفْسِ مِنَ الْخَوَاطِرِ وَالتَّقْدِيرَاتِ وَالْعَزَائِمِ لِأَنَّ الْوَسْوَسَةَ أَقْرَبُ شَيْءٍ تُشَبَّهُ بِهِ تِلْكَ الْخَوَاطِرُ وَأَحْسَنُ مَا يُسْتَعَارُ لَهَا لِأَنَّهَا تَجْمَعُ مُخْتَلِفَ أَحْوَالِ مَا يَجُولُ فِي الْعَقْلِ مِنَ التَّقَادِيرِ وَمَا عَدَاهَا مِنْ نَحْوِ أَلْفَاظِ التَّوَهُّمِ وَالتَّفَكُّرِ إِنَّمَا يَدُلُّ عَلَى بَعْضِ أَحْوَالِ الْخَوَاطِرِ دُونَ بَعْضٍ. وَالْحَبْلُ: هُنَا وَاحِدُ حِبَالِ الْجِسْمِ. وَهِيَ الْعُرُوقُ الْغَلِيظَةُ الْمَعْرُوفَةُ فِي الطِّبِّ بِالشَّرَايِينِ، وَاحِدُهَا: شَرْيَانٌ بِفَتْحِ الشِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَتُكْسَرُ وَبِسُكُونِ الرَّاءِ وَتُعْرَفُ بِالْعُرُوقِ الضَّوَارِبِ وَمَنْبَتُهَا مِنَ التَّجْوِيفِ الْأَيْسَرِ مِنْ تَجْوِيفَيِ الْقَلْبِ. وَلِلشَّرَايِينِ عَمَلٌ كَثِيرٌ فِي حَيَاةِ الْجِسْمِ لِأَنَّهَا الَّتِي تُوصِلُ الدَّمَ مِنَ الْقَلْبِ إِلَى أَهَمِّ الْأَعْضَاءِ الرَّئِيسِيَّةِ مِثْلَ الرِّئَةِ وَالدِّمَاغِ وَالنُّخَاعِ وَالْكُلْيَتَيْنِ وَالْمَعِدَةِ وَالْأَمْعَاءِ. وَلِلشَّرَايِينِ أَسْمَاءٌ بِاعْتِبَارِ مَصَابِّهَا مِنَ الْأَعْضَاءِ الرَّئِيسِيَّةِ. وَالْوَرِيدُ: وَاحِدٌ مِنَ الشَّرَايِينِ وَهُوَ ثَانِي شَرْيَانَيْنِ يَخْرُجَانِ مِنَ التَّجْوِيفِ الْأَيْسَرِ مِنَ الْقَلْبِ. وَاسْمُهُ فِي علم الطّلب أَوُرْطِيٌّ وَيَتَشَعَّبُ إِلَى ثَلَاثِ شُعَبٍ ثَالِثَتُهُمَا تَنْقَسِمُ إِلَى قِسْمَيْنِ قِسْمٍ أَكْبَرَ وَقِسْمٍ أَصْغَر. وَهَذَا الْأَصْغَر يَخْرُجُ مِنْهُ شَرْيَانَانِ يُسَمَّيَانِ السُّبَاتِيَّ وَيَصْعَدَانِ يَمِينًا وَيَسَارًا مَعَ الْوَدَجَيْنِ، وَكُلُّ هَذِه الْأَقْسَام تسمى الْوَرِيدَ. وَفِي الْجَسَدِ وَرِيدَانِ وَهُمَا عِرْقَانِ يَكْتَنِفَانِ صَفْحَتَيِ الْعُنُقِ فِي مُقَدَّمِهِمَا مُتَّصِلَانِ بِالْوَتِينِ يَرِدَانِ مِنَ الرَّأْسِ إِلَيْهِ. وَقَدْ تَخْتَلِفُ أَسْمَاءُ أَجْزَائِهِ بِاخْتِلَافِ مَوَاقِعِهَا مِنَ الْجَسَدِ فَهُوَ فِي الْعُنُقِ يُسَمَّى الْوَرِيدَ، وَفِي الْقَلْبِ يُسَمَّى الْوَتِينَ، وَفِي الظَّهْرِ يُسَمَّى الْأَبْهَرَ، وَفِي الذِّرَاعِ وَالْفَخِذِ يُسَمُّونَهُ الْأَكْحَلَ وَالنَّسَا، وَفِي الْخِنْصَرِ يُدْعَى الْأَسْلَمَ. وَإِضَافَةُ حَبْلِ إِلَى الْوَرِيدِ بَيَانِيَّةٌ، أَيِ الْحَبَلُ الَّذِي هُوَ الْوَرِيدُ، فَإِنَّ إِضَافَةَ الْأَعَمِّ إِلَى الْأَخَصِّ إِذَا وَقَعَتْ فِي الْكَلَامِ كَانَتْ إِضَافَةً بَيَانِيَّةً كَقَوْلِهِمْ: شَجَرُ الْأَرَاكِ. إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ (17) مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ (18) وَالْقُرْبُ هُنَا كِنَايَةُ عَنْ إِحَاطَةِ الْعِلْمِ بِالْحَالِ لِأَنَّ الْقُرْبَ يَسْتَلْزِمُ الِاطِّلَاعَ، وَلَيْسَ هُوَ قُرْبًا بِالْمَكَانِ بِقَرِينَةِ الْمُشَاهَدَةِ فَآلَ الْكَلَامُ إِلَى التَّشْبِيهِ الْبَلِيغِ تَشْبِيهِ مَعْقُولٍ بِمَحْسُوسٍ، وَهَذَا مِنْ بِنَاءِ التَّشْبِيهِ عَلَى الْكِنَايَةِ بِمَنْزِلَةِ بِنَاءِ الْمَجَازِ عَلَى الْمَجَازِ. وَمِنْ لَطَائِفِ هَذَا التَّمْثِيلِ أَنَّ حَبْلَ الْوَرِيدِ مَعَ قُرْبِهِ لَا يَشْعُرُ الْإِنْسَانُ بِقُرْبِهِ لِخَفَائِهِ، وَكَذَلِكَ قُرْبُ اللَّهِ مِنَ الْإِنْسَانِ بِعِلْمِهِ قُرْبٌ لَا يَشْعُرُ بِهِ الْإِنْسَانُ فَلِذَلِكَ اخْتِيرَ تَمْثِيلُ هَذَا الْقُرْبِ بِقُرْبِ حَبْلِ الْوَرِيدِ. وَبِذَلِكَ فَاقَ هَذَا التَّشْبِيهُ لِحَالَةِ الْقُرْبِ كُلَّ تَشْبِيهٍ مِنْ نَوْعِهِ وَرَدَ فِي كَلَامِ الْبُلَغَاءِ. مِثْلَ قَوْلِهِمْ: هُوَ مِنْهُ مِقْعَدُ الْقَابِلَةِ وَمُعَقَّدَ الْإِزَارِ، وَقَوْلُ زُهَيْرٍ: فَهُنَّ وَوَادِي الرَّسِّ كَالْيَدِ لِلْفَمِ وَقَوْلُ حَنْظَلَةَ بْنِ سَيَّارٍ وَهُوَ حَنْظَلَةُ بْنُ ثَعْلَبَةَ بْنِ سَيَّارٍ الْعِجْلِيِّ مُخَضْرَمٌ: كُلُّ امْرِئٍ مُصْبِحٍ فِي إِهْلِهِ ... وَالْمَوْتُ أَدْنَى مِنْ شِرَاك نَعله [17، 18]
إظهار الكل...
وَاللَّفْظُ: النُّطْقُ بِكَلِمَةٍ دَالَّةٍ عَلَى مَعْنًى وَلَوْ جُزْءِ مَعْنًى، بِخِلَافِ الْقَوْلِ فَهُوَ الْكَلَامُ الْمُفِيدُ مَعْنًى. ومِنْ زَائِدَةٌ فِي مَفْعُولِ الْفِعْلِ الْمَنْفِيِّ لِلتَّنْصِيصِ عَلَى الِاسْتِغْرَاقِ. وَالِاسْتِثْنَاءُ فِي قَوْلِهِ: إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ اسْتِثْنَاءٌ مِنْ أَحْوَالٍ عَامَّةٍ، أَيْ مَا يَقُولُ قَوْلًا فِي حَالَةٍ إِلَّا فِي حَالَةِ وُجُودِ رَقِيبٍ عَتِيدٍ لَدَيْهِ. وَالْأَظْهَرُ أَنَّ هَذَا الْعُمُومَ مُرَادٌ بِهِ الْخُصُوصُ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ: إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ لِأَنَّ الْمُرَاقَبَةَ هُنَا تَتَعَلَّقُ بِمَا فِي الْأَقْوَالِ مِنْ خَيْرٍ أَوْ شَرٍّ لِيَكُونَ عَلَيْهِ الْجَزَاءُ فَلَا يَكْتُبُ الْحَفَظَةُ إِلَّا مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ صَلَاحُ الْإِنْسَانِ أَوْ فَسَادُهُ إِذْ لَا حِكْمَةَ فِي كِتَابَةِ ذَلِكَ وَإِنَّمَا يَكْتُبُ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ الْجَزَاءُ وَكَذَلِكَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَعِكْرِمَةُ. وَقَالَ الْحَسَنُ: يَكْتُبَانِ كُلَّ مَا صَدَرَ مِنَ الْعَبْدِ، قَالَ مُجَاهِدٌ وَأَبُو الْجَوْزَاءِ: حَتَّى أَنِينَهُ فِي مَرَضِهِ. وَرُوِيَ مِثْلُهُ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ. وَإِنَّمَا خُصَّ الْقَوْلُ بِالذِّكْرِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ ابْتِدَاءً مِنْ هَذَا التَّحْذِيرِ الْمُشْرِكُونَ وَإِنَّمَا كَانُوا يُؤَاخَذُونَ بِأَقْوَالِهِمُ الدَّالَّةِ عَلَى الشِّرْكِ أَوْ عَلَى تَكْذِيب النبيء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ أَذَاهُ وَلَا يُؤَاخَذُونَ عَلَى أَعْمَالِهِمْ إِذْ لَيْسُوا مُكَلَّفِينَ بِالْأَعْمَالِ فِي حَالِ إِشْرَاكِهِمْ. وَأَمَّا الْأَعْمَالُ الَّتِي هِيَ مِنْ أَثَرِ الشِّرْكِ كَالتَّطْوَافِ بِالصَّنَمِ، أَوْ مِنْ أَثَرِ أَذَى النَّبِيءِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ كَإِلْقَاءِ سَلَا الْجُذُورِ عَلَيْهِ فِي صَلَاتِهِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ، فَهُمْ مُؤَاخَذُونَ بِهِ فِي ضِمْنِ أَقْوَالِهِمْ عَلَى أَنَّ تِلْكَ الْأَفْعَالَ لَا تَخْلُو مِنْ مُصَاحَبَةِ أَقْوَالٍ مُؤَاخَذٍ عَلَيْهَا بِمِقْدَارِ مَا صَاحَبَهَا. وَلِأَنَّ مِنَ الْأَقْوَالِ السَّيِّئَةِ مَا لَهُ أَثَرٌ شَدِيدٌ فِي الْإِضْلَالِ كَالدُّعَاءِ إِلَى عِبَادَةِ الْأَصْنَامِ، وَنَهْيِ النَّاسِ عَنِ اتِّبَاعِ الْحَقِّ، وَتَرْوِيجِ الْبَاطِلِ بِإِلْقَاءِ الشُّبَهِ، وَتَغْرِيرِ الْأَغْرَارِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَقَدْ قَالَ النبيء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ إِلَّا حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ» ، عَلَى أَنَّهُ مِنَ الْمَعْلُومِ بِدَلَالَةِ الِاقْتِضَاءِ أَنَّ الْمُؤَاخَذَةَ عَلَى الْأَعْمَالِ أَوْلَى مِنَ الْمُؤَاخَذَةِ عَلَى الْأَقْوَالِ وَتِلْكَ الدَّلَالَةُ كَافِيَةٌ فِي تَذْكِيرِ الْمُؤْمِنِينَ. وَجُمْلَةُ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ، وَضَمِيرُ لَدَيْهِ عَائِدٌ إِلَى الْإِنْسانَ [ق: 16] ، وَالْمَعْنَى: لَدَى لَفْظِهِ بِقَوْلِهِ. إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ (17) مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ (18)
إظهار الكل...
وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ (16) [سُورَة ق (50) : آيَة 16] وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ (16) هَذَا تَفْصِيلٌ لِبَعْضِ الْخَلْقِ الْأَوَّلِ بِذِكْرِ خَلْقِ الْإِنْسَانِ وَهُوَ أَهَمُّ فِي هَذَا الْمَقَامِ لِلتَّنْبِيهِ عَلَى أَنَّهُ الْمُرَادُ مِنَ الْخَلْقِ الْأَوَّلِ وَلِيُبْنَى عَلَيْهِ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ الَّذِي هُوَ تَتْمِيمٌ لِإِحَاطَةِ صِفَةِ الْعِلْمِ فِي قَوْلِهِ: قَدْ عَلِمْنا مَا تَنْقُصُ الْأَرْضُ مِنْهُمْ [ق: 4] ولينتقل مِنْهُ الْإِنْذَارُ بِإِحْصَاءِ أَعْمَالِ النَّاسِ عَلَيْهَا وَهُوَ مَا اسْتَرْسَلَ فِي وَصْفِهِ مِنْ قَوْلِهِ: إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيانِ [ق: 17] إِلَخْ. وَوَصَفَ الْبَعْثَ وَصْفَ الْجَزَاءِ مِنْ قَوْلِهِ: وَنُفِخَ فِي الصُّورِ إِلَى قَوْلِهِ: وَلَدَيْنا مَزِيدٌ [ق: 20- 35] . وَتَأْكِيدُ هَذَا الْخَبَرِ بِاللَّامِ وَ (قَدْ) مُرَاعًى فِيهِ الْمُتَعَاطِفَاتُ وَهِيَ نَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ لِأَنَّهُمْ وَإِنْ كَانُوا يَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ خَلَقَ النَّاسَ فَإِنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ عَالِمٌ بِأَحْوَالِهِمْ. والْإِنْسانَ يَعُمُّ جَمِيعَ النَّاسِ وَلَكِنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُمْ أَوَّلًا الْمُشْرِكُونَ لِأَنَّهُمُ الْمَسُوقُ إِلَيْهِمْ هَذَا الْخَبَرُ، وَهُوَ تَعْرِيضٌ بِالْإِنْذَارِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ بَعْدَهُ ذلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ [ق: 19] وَقَوْلُهُ: لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا [ق: 22] وَقَوْلُهُ: ذلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ [ق: 20] . وَالْبَاءُ فِي قَوْلِهِ بِهِ زَائِدَةٌ لِتَأْكِيدِ اللُّصُوقِ، وَالضَّمِيرُ عَائِدُ الصِّلَةِ كَأَنَّهُ قِيلَ: مَا تَتَكَلَّمُهُ نَفْسُهُ عَلَى طَريقَة وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ [الْمَائِدَة: 6] . وَفَائِدَةُ الْإِخْبَارِ بِأَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُ كُلِّ إِنْسَانٍ التَّنْبِيهُ عَلَى سِعَةِ عِلْمِ اللَّهِ تَعَالَى بِأَحْوَالِهِمْ كُلِّهَا فَإِذَا كَانَ يَعْلَمُ حَدِيثَ النَّفْسِ فَلَا عَجَبَ أَنْ يَعْلَمَ مَا تَنْقُصُ الْأَرْضُ مِنْهُمْ. وَالْإِخْبَارُ عَنْ فِعْلِ الْخَلْقِ بِصِيغَةِ الْمُضِيِّ ظَاهِرٌ، وَأَمَّا الْإِخْبَارُ عَنْ عِلْمِ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ النَّفْسُ بِصِيغَةِ الْمُضَارِعِ فَلِلدَّلَالَةِ عَلَى أَنَّ تَعَلُّقَ عِلْمِهِ تَعَالَى بِالْوَسْوَسَةِ مُتَجَدِّدٌ غَيْرُ مُنْقَضٍ وَلَا مَحْدُودٍ لِإِثْبَاتِ عُمُومِ عِلْمِ اللَّهِ تَعَالَى، وَالْكِنَايَةُ عَنِ التَّحْذِيرِ مِنْ إِضْمَارِ مَا لَا يُرْضِي اللَّهَ. وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ (16)
إظهار الكل...
[سُورَة ق (50) : الْآيَات 17 إِلَى 18] إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمالِ قَعِيدٌ (17) مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ (18) يَتَعَلَّقُ إِذْ بقوله أَقْرَبُ [ق: 16] لِأَنَّ اسْمَ التَّفْضِيلِ يَعْمَلُ فِي الظَّرْفِ وَإِنْ كَانَ لَا يَعْمَلُ فِي الْفَاعِلِ وَلَا فِي الْمَفْعُولِ بِهِ وَاللُّغَةُ تَتَوَسَّعُ فِي الظُّرُوفِ وَالْمَجْرُورَاتِ مَا لَا تَتَوَسَّعُ فِي غَيْرِهَا، وَهَذِهِ قَاعِدَةٌ مَشْهُورَةٌ ثَابِتَةٌ وَالْكَلَامُ تَخَلُّصٌ لِلْمَوْعِظَةِ وَالتَّهْدِيدِ بِالْجَزَاءِ يَوْمَ الْبَعْثِ وَالْجَزَاءِ مِنْ إِحْصَاءِ الْأَعْمَالِ خَيْرِهَا وَشَرِّهَا الْمَعْلُومَةِ مِنْ آيَاتٍ كَثِيرَةٍ فِي الْقُرْآنِ. وَهَذَا التَّخَلُّصُ بِكَلِمَةِ إِذْ الدَّالَّةِ عَلَى الزَّمَانِ مِنْ أَلْطَفِ التَّخَلُّصِ. وَتَعْرِيفُ الْمُتَلَقِّيانِ تَعْرِيفُ الْعَهْدِ إِذَا كَانَتِ الْآيَةُ نَزَلَتْ بعد آيَات ذكر فِيهَا الْحَفَظَةُ، أَوْ تَعْرِيفُ الْجِنْسِ، وَالتَّثْنِيَةُ فِيهَا لِلْإِشَارَةِ إِلَى أَنَّ هَذَا الْجِنْسَ مُقَسَّمٌ اثْنَيْنِ اثْنَيْنِ. وَالتَّلَقِّي: أَخْذُ الشَّيْءِ مِنْ يَدِ مُعْطِيهِ. اسْتُعِيرَ لِتَسْجِيلِ الْأَقْوَالِ وَالْأَعْمَالِ حِينَ صُدُورِهَا مِنَ النَّاسِ. إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ (17) مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ (18) وَحُذِفَ مَفْعُولُ يَتَلَقَّى لِدَلَالَةِ قَوْلِهِ: مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ. وَالتَّقْدِير: إِذْ تُحْصَى أَقْوَالُهُمْ وَأَعْمَالُهُمْ. فَيُؤْخَذُ مِنَ الْآيَةِ أَنَّ لِكُلِّ إِنْسَانٍ مَلَكَيْنِ يُحْصِيَانِ أَعْمَالَهُ وَأَنَّ أَحَدَهُمَا يَكُونُ مِنْ جِهَةِ يَمِينِهِ وَالْآخَرُ مِنْ جِهَةِ شِمَالِهِ. وَوَرْدَ فِي السُّنَّةِ بِأَسَانِيدَ مَقْبُولَةٍ: أَنَّ الَّذِي يكون عَن الْيَمِينِ يَكْتُبُ الْحَسَنَاتِ وَالَّذِي عَنِ الشِّمَالِ يَكْتُبُ السَّيِّئَاتِ وَوَرَدَ أَنَّهُمَا يُلَازِمَانِ الْإِنْسَانَ مِنْ وَقْتِ تَكْلِيفِهِ إِلَى أَنْ يَمُوتَ. وَقَوْلُهُ: عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمالِ قَعِيدٌ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قَعِيدٌ بَدَلًا مِنَ الْمُتَلَقِّيانِ بَدَلَ بَعْضٍ، وعَنِ الْيَمِينِ مُتَعَلِّقٌ بِ قَعِيدٌ، وَقُدِّمَ عَلَى مُتَعَلِّقِهِ لِلِاهْتِمَامِ بِمَا دَلَّ عَلَيْهِ مِنَ الْإِحَاطَةِ بِجَانِبَيْهِ وَلِلرِّعَايَةِ عَلَى الْفَاصِلَةِ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ عَنِ الْيَمِينِ خَبَرًا مُقَدَّمًا، وقَعِيدٌ مُبْتَدَأً وَتَكُونُ الْجُمْلَةُ بَيَانًا لِجُمْلَةِ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيانِ. وَعُطِفَ قَوْلُهُ: وَعَنِ الشِّمالِ عَلَى جُمْلَةِ يَتَلَقَّى وَلَيْسَ عَطْفًا عَلَى قَوْلِهِ: عَنِ الْيَمِينِ لِأَنَّهُ لَيْسَ الْمَعْنَى عَلَى أَنَّ الْقَعِيدَ قَعِيدٌ فِي الْجِهَتَيْنِ، بَلْ كُلٌّ مِنَ الْجِهَتَيْنِ قَعِيدٌ مُسْتَقِلٌّ بِهَا. وَالتَّقْدِيرُ: عَنِ الْيَمِينِ قَعِيدٌ، وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ آخَرُ. وَالتَّعْرِيفُ فِي الْيَمِينِ والشِّمالِ تَعْرِيفُ الْعَهْدِ أَوِ اللَّامُ عِوَضٌ عَنِ الْمُضَافِ إِلَيْهِ، أَيْ عَنْ يَمِينِ الْإِنْسَانِ وَعَنْ شِمَالِهِ. وَالْقَعِيدُ: الْمُقَاعِدُ مِثْلُ الْجَلِيسِ لِلْمُجَالِسِ، وَالْأَكِيلِ لِلْمُؤَاكِلِ، وَالشَّرِيبِ لِلْمُشَارِبِ، وَالْخَلِيطُ لِلْمُخَالِطِ. وَالْغَالِبُ فِي فَعِيلٍ أَنْ يَكُونَ إِمَّا بِمَعْنَى فَاعِلٍ، وَإِمَّا بِمَعْنَى مَفْعُولٍ، فَلَمَّا كَانَ فِي الْمُفَاعَلَةِ مَعْنَى الْفَاعِلِ وَالْمَفْعُولِ مَعًا، جَازَ مَجِيءُ فَعِيلٍ مِنْهُ بِأَحَدِ الِاعْتِبَارَيْنِ تَعْوِيلًا عَلَى الْقَرِينَةِ، وَلِذَلِكَ قَالُوا لِامْرَأَةِ الرَّجُلِ قَعِيدَتُهُ. وَالْقَعِيدُ مُسْتَعَارٌ لِلْمُلَازِمِ الَّذِي لَا يَنْفَكُّ عَنْهُ كَمَا أَطْلَقُوا الْقَعِيدَ عَلَى الْحَافِظِ لِأَنَّهُ يُلَازِمُ الشَّيْءَ الْمُوَكَّلَ بِحِفْظِهِ. وَجُمْلَةُ مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَخ مبينَة لجملة يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيانِ فَلِذَلِكَ فُصِلَتْ. وَمَا نَافِيَةٌ وَضَمِيرُ يَلْفِظُ عَائِدٌ لِلْإِنْسَانِ. إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ (17) مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ (18)
إظهار الكل...
اختر خطة مختلفة

تسمح خطتك الحالية بتحليلات لما لا يزيد عن 5 قنوات. للحصول على المزيد، يُرجى اختيار خطة مختلفة.