شريف محمد

• دروس متن الكافي في العروض راجعت الأعذار التي بلغتني ووجدت بعضها وجيهًا، ولذا سنستكمل شرح المتن بإذن الله في الأربعاء من كل أسبوع في الثامنة والنصف مساءً.

أصل

ستبدأ أولًا في قراءة الشعر، ثم تحتاج إلى شرح عليه فتذهب إليه، ثم ترى أن هذا الشرح مستند إلى علوم اللغة فتذهب إليها، ثم ترى أن هذه العلوم متشابكة مع علوم أخرى فتذهب إليها، ثم ترى أنك تحتاج إلى ما فوق الفهم، وهو التذوق والتحليل، فترى أنهما محتاجان إلى مباحث أدق وأعلى في البلاغة والنقد والجمال والفلسفة، ثم بعد حين ترى نفسك قد طوفت في أوراق وعلوم وثقافات وأفكار لا تعرف لها حدًّا، لماذا؟ لتذوُّق البيان الأعلى..

"ولذلك البلاغة كدا، طَبعٌ يدرك الحسن ثم يأتي علم يبين أسباب الحسن"

ليس هناك في علوم العربية أغمض من تحليل البيان. - الشيخ أبو موسى

دارسُ اللغة دارسٌ للإنسان والعالم معًا، فإن غاب عنه هذا الأصل ووقفَ نفسه على علومها فليس بدارس تامِّ النظر.

هَبيني امرأً إمَّا بريئًا ظلمتِهِ وإمَّا مُسيئًا تاب منه وأَعتبا وكنتُ كذي داءٍ تبغَّى لدائه طبيبًا، فلمَّا لم يجدْهُ تطَبَّبا - ابن الطَّثْرِيَّة

مقصد رئيس من مقاصد قراءة الشعر وفهمه= معرفةُ الجمال والوقوف على أسراره.. ولم يعجبني يومًا قصر فائدة الأدب والشعر على فهم القرآن الكريم والدين الحنيف؛ لأن هناك مقاصد أخرى إن أُهملت ضاع الذوق وغاب الحس، وحسبك بهذا داء.

عندي طالبة كنت أشرح لها بيتًا في وصف الليل وطوله، فقالت: كيف عبر بهذه السهولة؟ كيف وصف الليل هذا الوصف؟ هذا ما كنت أود قوله ولا أعرف! فعرفتُ حينئذٍ أن الشعر بدأ يذيبها، وأنها على أول عتبة في معرفة الجمال..

قال أبو الطيب: صَحِبَ الناسُ قَبلَنا ذا الزمانا، وَعَناهُم مِن شَأنِهِ ما عَنانا وَتَوَلَّوا بِغُصَّةٍ كُلُّهُم مِنهُ، وَإِن سَرَّ بَعضهُم أَحيانا رُبَّما تُحسِنُ الصنيعَ لَياليهِ، وَلَكِنْ تُكَدِّرُ الإِحسانا وَكَأَنّا لَم يَرضَ فينا بِرَيبِ الدهرِ حَتّى أَعانَهُ مَن أَعانا كُلَّما أَنبَتَ الزَمانُ قَناةً رَكَّبَ المَرءُ في القَناةِ سِنانا وَمُرادُ النفوسِ أَصغَرُ مِن أَن نَتَعادى فيهِ وَأَن نَتَفانى..