فوائد حديثيّة، وفرائد أثريّة

قال سيدُنا النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا حاك في نفسك شيءٌ فدَعْه». والمعنى: إذا اختلج في قلبك شيء وحصل عندك اضطراب وقلق ونفور عنه فاتركه. لكن قال الإمام المُناوي رحمه الله في الفيض ٣٢٨/١: «والكلام فيمن شرح الله بنور اليقين صدره، وأعلى في المعارف قدره، بحيث جعل له ملكةً للإدراك القلبي، وقَوِي على التفرقة بين الوارد الرحمني والوسواس الشيطاني {وقليل ما هم}. أما غيره من كل متلطخ بأدناس الذنوب، مدنس بأصناف العيوب، بحيث غلظ طبعه وضعف إدراكه فلا عبرة بصدره ولا بما يخطر فيه، بل هو أجنبي من هذا المقام، وإنما يخاطَب بذلك من وثق بنور قلبه وصفاء لبه».

قال سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا أمّن الإمامُ فأمِّنوا...». قال العلامة المُناوي رحمه الله: وظاهر الحديث أنّ الإمام إذا لم يؤمّن لا يؤمّن المقتدي، وهو غير مراد. ووقع لبعض أعاظم الشافعية من سوء التعبير ما لا يليق بمقامه وهو أنه قال: «قضية الخبر أن الإمام إذا لم يؤمِّن لا يؤمَّن، وهو وجه، والأصح خلافه!». هذه عبارته، ولعله سرى لذهنه أنه تقرر في الفقه، وحاشاه أن يقصد أن الأصح خلاف قضية كلام المصطفى صلى الله عليه وسلم. فيض القدير، ٣٠٣/١.

قال محمد بن بركة الحلبي: سمعت عثمان بن خرزاذ يقول: يحتاج صاحب الحديث إلى خمس، فإن عدمت واحدة فهي نقص، يحتاج إلى: ١- عقل جيد. ٢- ودِين. ٣- وضبط لِما يَقول. ٤- وحذاقة بالصناعة. ٥- مع أمانة تُعرف به. تهذيب الكمال للمزي، ٤٢١/١٩.

قال الإمام أبو الوفاء ابن عَقيل الحَنبلي رضي اللهُ عنه في مُناجاةٍ له: أفٍّ واللهِ مني، اليوم على وجه الأرض، وغدًا تحتها! واللهِ إنَّ نتنَ جسدي بعد ثلاث تحت التراب أقلُّ مِن نتن خلائقي وأنا بين الأصحاب! واللهِ إنّني قد بهرني حِلْم هذا الكريم عني، كيف يَسترني وأنا أتهتك، ويجمعني وأنا أتشتت، وغدًا يقال: «ماتَ الحَبر العالِم الصالح» ولو عرفوني حق معرفتي بنفسي ما دفنوني! واللهِ لأنادينّ على نفسي نداء المكشفين معايب الأعداء، ولأنوحن نوح الثاكلين للأبناء، إذ لا نائح لي ينوح عليَّ هذه المصائب المكتومة، والخلال المغطاة، التي قد سترها مَن خبرها، وغطاها من علمها. صيد الخاطر، ص٤٧٥.

لا تختص رؤية النبي صلى الله عليه وسلم [في المنام] بالصالحين، بل تكون لهم ولغيرهم. شرح الباجوري على الشمائل، ص٦٨١.

نقل ابنُ عَلّان أن الشيطان لا يتمثل بالرؤيا بالله كما لا يتمثل بالأنبياء. وهو قول الجمهور. وقال بعضهم: يتمثّل بالله! فإن قيل: كيف لا يتمثل بالنبي ويتمثل بالله؟ أجيب بأن النبي بشرٌ، فلو تمثّل به لالتبس الأمرُ، والباري منزه عن الجسمية والعَرَضية، فلا يلتبس الأمر بتمثله له كما في «درة الفنون في رؤية قرة العيون». شرح الباجوري على الشمائل، ص٦٨١.

دخل أبو بكر رضي الله عنه على سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم بعد وفاته، فوضع فمَه بين عينيه، ووَضع يديه على ساعدَيه، وقال: واه نبيّاه! واه صفيّاه! واه خليلاه! قال الإمام الباجوري: هذا يدل على جواز عدّ أوصاف الميت بلا نَوح، بل ينبغي أن يُندَب؛ لأنه من سنة الخلفاء الراشدين والأئمة المهتدين، وقد صار ذلك عادة في رثاء العلماء بحضور المحافل العظيمة والمجالس الفخيمة. شرح الباجوري على الشمائل، ص٦٥٤.

الحياء: بالمدّ: خُلُق يَبعث على تجنّب القبيح، ويَحض على ارتكاب الحسن، ومجانية التقصير في حق ذي الحقّ. وأما بالقصر فهو المطر. وكلاهما مأخوذ من الحياة؛ لأنّ الأولَ فيه حياة القلب، والآخرَ فيه حياة الأرض. شرح الباجوري على الشمائل، ص٦٠١.

قال سيّدنا النبي صلى الله عليه وسلم: «إنّ مِن أشراط الساعة ألّا يسلّم الرجلُ إلا على مَن يَعرف». أخرجه ابنُ خزيمةَ من حديث ابن مسعود.

ابن عباس رضي الله عنهما: كان النبي صلى الله عليه وسلم أجودَ الناس بالخير، وكان أجود ما يكون برمضان، فإذا لقيه جبريل وعرض عليه القرآن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجودَ بالخير من الريح المرسلة. قال الباجوري: وفي الحديث: أن صحبة الصالحين تؤثر في دِين الرجل. شرحه على الشمائل، ص٥٩٦.