الانتصار لأهل الحديث والأثر

قال الإمام ابن قتيبة الدينوري: ولقد آلف الناس (غير مخلوق) وأنسوا به حتى أنه ليخيل إلي أن رجلًا لو ادعى أن العرش غير مخلوق وأن الكرسي غير مخلوق لوجد على ذلك أشياعًا ينتحلون السنة فماذا جر جهم لا رحمه الله على متبعيه بنحلته وعلى مخالفيه ببغضته. وقد بلغني أن قومًا يذهبون إلى أن روح الإنسان غير مخلوقه، وأنهم يستدلون على ذلك بقول الله في آدم: ﴿ونفخت فيه من روحي﴾ وهذا هو النصرانية والقول باللاهوت والناسوت 📚الاختلاف في اللفظ والرد على الجهمية📚

سبحان الله العظيم! الكلام هذا المفروض الجميع يكون عارفه ويكرره لكن لأنها دولة كافرة محاربة للإسلام وأهله لا يقال فيها الحقيقة بحرف واحد!

بالمناسبة بعيداً عن السجال الدائر بين الطرفين المتنازعين أقول أمرا مهما لا بد من التنبيه عليه (فليس من عادتي المداراة والمحاباة في دين الله تعالى) الغلاة الذين لا يعذرون أبدا عالما إن وقع في بدعة بالاعتقاد وإن كانت أصوله سنية كأبي إسماعيل الأنصاري؛ يلزمهم على الأقل تبديعه كيف لا؟! وقد كان صوفيا بل وجبريا!! فيلزمهم على الأقل تبديعه! وهذا لم يقل به عالم واحد! بل نقل غير واحد الإجماع على إمامته في عصره ومن بعده ومن كان في شك من أمري فلينظر ترجمته في «ذيل طبقات الحنابلة» وهو والله من أحب الأئمة إلى قلبي في زمن المتأخرين لكن حتى أهل العلم كانوا يذكرون ما للإمام وما عليه وأنا تبع لهم فهذا الإمام ابن عبد الهادي تلميذ شيخ الإسلام ابن تيمية لما ترجم شيخ الإسلام الأنصاري في «طبقات علماء الحديث» أثنى عليه وقال عنه شيخ الإسلام، الإمام، الحافظ، الزَّاهد، ثم ذكر من فضائله وثناء أهل العلم عليه العجب العجاب وختم ترجمته بأن قال: "وقد أنكر شيخُنا العَلَّامة أبو العَبَّاس وغَيرُه على أبي إسماعيل أشياء في «منازل السَّائرين»، والله ولي التوفيق". فتأمل هذا يا أخي! بعد أثنى عليه وأطال في ذكر مناقبه وثناء أهل العلم عليه ختم ترجمته بالتنبيه على ما علي من ملاحظات!! وهذا لا شك أنه من الحكمة ومن بعد النظر والفقه وتتطلبه المصلحة فالمقصود أن قل عالما في زمن المتأخرين إلا وزل سواء في مسألة مفردة أو باب كامل حتى شيخ الإسلام ابن تيمية بنفسه الذي يعظمونه ويجلونه بل سأقولها بشكل أوضح (وليس من عادتي أن أتكلم بمثل هذه الألفاظ والأسلوب) والبعض يتعاملون مع شيخ الإسلام كأنه لا يخطئ أبداً! حتى هو يخطئ ويصيب وإن كان خطؤه بالنسبة إلى صوابه كنقطة في بحر لجي، لكنه أخطأ شئنا أم أبينا بل البعض من المنتسبين للسنة نسبوا له القول بفناء النار! وهو بريء من ذلك والله أعلم

«شيخ الإسلام الأنصاري حبيبنا ولكن الحق أحب إلينا» كلمة قالها ابن القيم في شرحه لمنازل السائرين ولا ريب أن الأنصاري تكلم عن الفناء وإن لم يرد به "الحلول" إلا أنه -أي الفناء- بدعة وإن لم يصل للقول بالحلول ... وفي هذا المخطوط الذي نقلت منه قال المنبجي الحنبلي رحمه الله: «واعلم رحمك الله أن الذي ظهر لي - والله أعلم - أن الفناء بدعة لم يشرعه الله في كتابه ولم يشرعه الرسول ﷺ، ولم يسنه الخلفاء الراشدين، ولم يُعرف عن الصحابة ولا التابعين ولا تابعيهم في القرون الثلاثة الماضين. بل هذا الفناء أفسد على كثير من أهل الإيمان وخرّب عليهم كثيراً من القواعد والأركان، ولم يُعرف إلا عن متأخري الصوفية».

هذا مخطوط كتاب «منهاج السالكين وعمدة البصراء للسائرين» للعلّامة أبي عبد الله محمد المنبجي الحنبلي ( ت ٧٨٥ه‍) رحمه الله وهو مخطوط من مكتبة شهيد علي باشا، بخط مصنفه قال رحمه الله في هذا الكتاب عن أبي إسماعيل الأنصاري الهروي: «شَرح كتابه [يعني: كتاب منازل السائرين] جماعة من كبار الاتحادية بل من القائلين بالوحدة كالعفيف التلمساني، ورأيته شرحه على منوالهم ونزّله على قواعدهم، وسمعت أنه شرحه في العجم جماعة من الاتحادية، ولكن لولا حسن الظن بشيخ الإسلام الأنصاري ورسوخه في العلم وثبات قدمه في السنة وذبه ونصرته لأهلها، هو سبب جزمنا أنه لم يرد ما قالوه بل لم يخطر بباله. ثم منّ الله الكريم من فضله العظيم أن وفّق من كبار أهل السنة وعلماء أهل الملة المحمدية من الأئمة الراسخين وكبار العارفين الإمام العلامة العماد الواسطي والإمام العلامة ابن القيم رضي الله عنهما وأرضاهما فشرحا المنازل على الكتاب والسنة وأقوال الصحابة والمفسرين وأقوال المشايخ العارفين من أهل الطريقة الناظرين بعين البصيرة في الحقيقة، لكن لم أطلع للواسطي إلا على مجلد واحد وأما ابن القيم فشرحه أربع مجلدات، وكلاهما شفيا القلوب بما يسير به السالك إلى المحبوب».

=

قال الحافظ الذهبي في «تاريخ الإسلام» : يعقوب بن إسحاق، أبو الفضل الهروي الحافظ. سمع: عثمان بن سعيد الدارمي، ومن بعده. وصنف جزءًا في الرد على اللفظية. روى عنه: عبد الرحمن بن أبي حاتم بالإجازة وهو أكبر منه، وأهل بلده. 📚تاريخ الإسلام ج٧ ص٦٦٦ ت بشار📚 وقال الذهبي: هِشَام بن عمار عَالم الشَّام - قَالَ أَبُو الْفضل يَعْقُوب بن إِسْحَاق بن مَحْمُود الْحَافِظ حَدثنَا عبد الله بن مُحَمَّد بن مَنْصُور الْبَزَّار سَمِعت هِشَام بن عمار وبلغه أَن نَاسا ينسبونه إِلَى اللفظية فَغَضب وَقَالَ الْقُرْآن كَلَام الله وَلَيْسَ بمخلوق وَمن قَالَ الْقُرْآن أَو قدرَة الله أَو عزة الله مخلوقة فَهُوَ من الْكَافرين فَقيل لَهُ مَا تَقول فِيمَن قَالَ لَفْظِي بِالْقُرْآنِ مَخْلُوق فَقَالَ ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمد﴾ إِلَى آخرهَا ثمَّ قَالَ هَذَا الَّذِي قَرَأت كَلَام الله. 📚العلو ص١٨١📚