بيان أقوال المذاهب الأربعة في مسألة قراءة القرآن والفاتحة على القبر ووصول ثوابها إلى الميت
1-- الحنفية :
-جاء في كتاب الفتاوى الهندية المعروف بالفتاوى العالمكيرية: الأصل أن الإنسان له أن يجعل ثواب عمله لغيره صلاة كان أو صوما أو صدقة أو غيرها كالحج وقراءة القرآن والأذكار.
-نقل ابن عابدين في كتابه "رد المحتار": يقرأ من القرآن ما تيسر له من الفاتحة وأول البقرة إلى المفلحون وآية الكرسي - وآمن الرسول - وسورة يس وتبارك الملك وسورة التكاثر والإخلاص اثني عشر مرة أو إحدى عشر أو سبعا أو ثلاثا ، ثم يقول : اللهم أوصل ثواب ما قرأناه إلى فلان أو إليهم.
-وفي حاشية الطهطاوي على مراقي الفلاح: يستحب للزائر قراءة سورة "يس" ويستحب أن يقرأ على القبر بعد الدفن أول سورة البقرة وخاتمتها وتستحب القراءة على القبر وهو المذهب المختار.
-قال ابن أبي العز الحنفي في شرح الطحاوية:وأما قراءة القرآن وإهداؤها له أي للميت تطوعاً بغير أجرة فهذا يصل إليه كما يصل إليه ثواب الصوم والحج فإن قيل هذا لم يكن معروفا في السلف فالجواب إنْ كان مُورِد هذا السؤال معترفاً بوصول الحج والصيام والدعاء قيل له: ما الفرق بين بين ذلك وبين وصول ثواب قراءة القرآن؟ وليس كون السلف لم يفعلوه حجة في عدم الوصول ومن أين لنا هذا النفي العام...أما قوله تعالى "وأن ليس للإنسان إلا ما سعى" فالانسان بسعيه اكتسب الاصدقاء والأولاد والأزواج وأسدى الخير للناس فترحموا عليه ودعوا له وأهدوا له ثواب الطاعات فكان ذلك مِن أثر سعيه والقرآن لم ينف ِانتفاع الرجل بسعي غيره بل نفى ملكه لغير سعيه لأن سعي غيره هو ملك لسعي صاحبه فإنْ شاء أن يبذله لغيره وإن شاء منعه.
2-- المالكية :
-قال الدسوقي في حاشيته على الشرح الكبير: كُرِه قراءة بعد موته وعلى قبره لأنه ليس من عمل السلف لكنْ المتاخرون على أنه لا بأس بقراءة القرآن والذكر وجعل ثوابه للميت ويحصل له الأجر إن شاء الله... وذهب ابن حبيب إلى الاستحباب وتأول ما في السماع من الكراهة قائلا إنما كره ذلك مالك إذا فُعل ذلك استناناً نقله عنه ابن رشد وقاله أيضا ابن يونس..وقال الدسوقي ايضا أن في وصول القراءة للميت ثلاثة اقوال: تصل مطلقا ولا تصل مطلقا وتصل إنْ كانت عند القبر ونقل عن ابن رشد قوله: وإنْ قرأ الرجل وأهدى ثواب قراءته للميت جاز ذلك وحصل للميت أجره...وقال ابن هلال في نوازله الذي أفتى به ابن رشد وذهب إليه غير واحد من أئمتنا الأندلسيين أن الميت ينتفع بقراءة القرآن الكريم ويصل إليه نفعه ، ويحصل له أجره إذا وهب القارئ ثوابه له ، وبه جرى عمل المسلمين شرقا وغربا ووقفوا على ذلك أوقافا واستمر عليه الأمر منذ أزمنة سالفة.
- ونقل الخرشي في شرح مختصر خليل عن ابن الحاج المالكي : من أراد وصول ثواب القراءة بلا نزاع فليجعل ذلك دعاء بأن يقول : اللهم صل ثواب ذلك.
-وفي حاشية ابن حسين المالكي على أنوار البروق: وأما القراءة على القبر فقد نص ابن رشد في الأجوبة وابن العربي في أحكام القرآن والقرطبي في التذكرة على أن الميت ينتفع بالقراءة قرئت على القبر أو في البيت أو في بلاد إلى بلاد ووهب الثواب
-قال القرطبي في كتابه "التذكرة": وقد استدل بعض علمائنا على قراءة القرآن على القبر بحديث العسيب الرطب الذي شقَّه النبي صلى الله عليه وآله وسلم باثنين ثم غرسهما على القبرين وقال "لعله أن يخفف عنهما ما لم ييبسا"... قالوا: ويُستفاد من هذا غرس الأشجار وقراءة القرآن على القبور، وإذا خُفِّفَ عنهم بالأشجار فكيف بقراءة الرجل المؤمن القرآن..فكما يصل للميت ثواب الصدقة فكذلك تصل قراءة القرآن والدعاء والاستغفار إذ كل كل ذلك صدقة فإن الضدقة لا تختص بالمال.
3-- الشافعية :
-قال النووي في كتابه "المجموع": قال اصحابنا: ويستحب للزائر أن يسلم على المقابر ، ويدعو لمن يزوره ، ولجميع أهل المقبرة ..ويستحب أن يقرأ من القرآن ما تيسر ويدعو لهم عقبها ، نصَّ عليه الشافعي ، واتفق عليه الأصحاب ويستحب أن يمكث على القبر بعد الدفن ساعة يدعو للميت ويستغفر له نص عليه الشافعي واتفق عليه الأصحاب,قالوا : ويستحب أن يقرأ عنده شيء من القرآن وإنْ ختموا القرآن كان أفضل ..وروى البيهقي بإسناده أن ابن عمر رضي الله عنهما استحب قراءة أول البقرة وآخرها عند القبر ، والله أعلم...وقال في شرحه لصحيح مسلم: وأما قراءة القرآن فالمشهور من مذهب الشافعى أنه لا يصل ثوابها إلى الميت وقال بعض أصحابه يصل ثوابها إلى الميت وذهب جماعات من العلماء إلى أنه يصل إلى الميت ثواب جميع العبادات من الصلاة والصوم والقراءة وغير ذلك.
-قال الدمياطي في كتابه "إعانة الطالبين": اختار القول بوصول ثواب القراءة للميث كثيرون من أئمتنا..ونقل عن السبكي قوله: الذي دل عليه الخبر بالاستنباط أن بعض القرآن إذا قصد به نفع الميت وتخفيف ما هو فيه، نفعه، إذ ثبت أن الفاتحة لما قصد بها القارئ نفع الملدوغ نفعته، وأقره النبي - صلى الله عليه وسلم - بقوله: وما يدريك أنها رقية؟ وإذا نفعت الحي