طِيب الأثر

قال ابن القيم - رحمه الله - : إن طالب الله والدار الآخرة لابد أن يحبس قلبه وجوارحه عن المعاصي ، وأن من لم يصبر على هذا الحبس، وفر منه إلى فضاء الشهوات أعقبه ذلك الحبس الفظيع في الآخرة! فكل خارج من الدنيا إما متخلص من الحبس وإما ذاهب إلى الحبس .

قال ابن القيم - رحمه الله - : وههنا دقيقة قلّ من يتفطّن لها إلا فقيه في هذا الشأن وهي أن كل تائب لا بدّ له في أول توبته من عصرة وضغطة في قلبه من همّ أو غمّ أو ضيق أو حزن، ولو لم يكن إلا تألّم بفراق محبوبه فينضغط لذلك وينعصر قلبه ، ويضيق صدره .. ولكن إذا صبر على هذه العصرة قليلًا أفضت به إلى رياض الأُنس وجنّات الانشراح، وإن لم يصبر لها؛ انقلب على وجهه .

أثقل ما يكون المرء على الناس حين يحتاج إليهم، وأحب ما يكون العبد لله حين يفتقر إليه، فلا تستبدل الاغتناء بالجواد الكريم المحب لسؤالك .. بالافتقار إلى المسكين الضعيف النافر عن حاجتك!

‏لو ناداكَ أبوك مرة بعد مرة، فلم تُجِبه، لقال الناس عنك: ابن عاق غير بار، فماذا يُقال عنك وأنت لا تُجيب رب العالمين وهو يناديك كل ليلة: ‏هل من سائلٍ فأُعطيَه؟ ‏هل من داعي فأستجيبَ له؟ ‏هل من تائبٍ فأتوبَ عليه؟ ‏هل من مستغفِرٍ فأغفرَ له؟ ‏حتى يَطْلُعَ الفجر.

ثم قال في خطبة الوداع : وإني مباهٍ بكم الأمم يوم القيامة. ‏ﷺ

‏قال النبيﷺ: "إن الله ليضحك إلى رجلين: رجل قام فى ليلة باردة من فراشه ولحافه، ودثاره فتوضأ، ثم قام إلى الصلاة، فيقول لملائكته: ما حملَ عبدي هذا علَى ما صنع؟ فيقولون: ربنا رجاء ما عندك، وشفقة مما عندك. ‏فيقول؛ فإنِّي قد أعطيتهُ ما رجا وآمنتهُ ممَّا يخاف"

‏" والاستغفار مِن أكبر الحسنات وبابه واسع . ‏فمن أحس بتقصير في قوله أو عمله أو حاله أو رزقه أو تقلب قلب: فعليه بالتوحيد والاستغفار ففيهما الشفاء إذا كانا بصدق وإخلاص " . ‏⁃ مجموع الفتاوى لـ ابن تيمية

‏"وأعظم الاستغناء بالله: أن تسأله غنى قلبك؛ فإن الملبس والمَطعم والمشرب تُسدّ حاجة المرء فيها، ولكن فقر القلوب وحاجاتها لا يسدّها إلا الإقبال على الله والتضرع إليه، والاشتغال بمحابه ومراضيه فإذا أصاب المرء من هذا حظه غنِيَ قلبه بقدر ما أصاب ". - شرح فتح الرحيم لـ د: صالح العصيمي

" حَريٌ - إن شاء الله - بمن كثُرت سيئاتُه وعلم من نفسه التقصير والإفراط في ماضيه أن يُكثرَ من الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - في ليلة الجمعة ويومها؛ فإن الله عز وجل قال: إن الحسنات يذهبن السيئات. ولا خلاف عند أهل العلم أن الصلاة على النبي من جملة الحسنات في كل وقت وحال، ومن ثم كانت في ليلة الجمعة ويومها آكد حُسنًا وأشد استحبابًا. وإن كانت الصلاة عليه - صلى الله عليه وسلم - تذهب بالسيئة في سائر الأيام والليالي؛ فكيف بها في ليلة الجمعة ويومها وهي حينئذ من أشرف الأعمال في أشرف الأيام والساعات! ومن حسن الفهم أن يستحضر المسرف على نفسه مثل هذه المعاني وينعقد قلبه عليها عند الإتيان بلفظ الصلاة على النبي طمعًا في رحمة الله ورجاء مغفرة ذنبه ببركة الصلاة على رسوله صلى الله عليه وآله وسلم."