قناة متَفرقات عقديَّة

فرغتُ من قراءة هذا البحث النَّافع، وهو جديرٌ بالقراءة؛ لأنَّه لا يكشف لك عن معنى عبارة الإمام أحمد فحسب، بل يكشف لك الطريقةَ المنهجيَّة والإجراءَ البحثي الصحيح للكشف عن معنى كلامه، وذلك من خلال النَّظَر في كلام الإمام نفسه، والنَّظَر في تنوُّع عباراته، فإنَّنا نجد في كلام المتكلِّم نفسه كشْفًا عن معنى كلامه، فيُرَدُّ غامض العبارة إلى واضحِها، ويُرَدُّ مجمَلُها إلى مُبَيَّنِها. وكذلك من خلال النَّظَر في كلام طبقة شيوخه، وذلك أنَّ أهل الحديث مدرسة واحدة ممتدة، يكشفُ المتأخِّرُ مقصودَ المتقدِّم، ويشرحُ اللَّاحقُ مراد السَّابق. وأيضًا: من خلال النَّظَر في كلام طبقة تلاميذه، وذلك أنَّ التلاميذ عايشوا الإمام، ووقع لهم من أحوال إمامهم وكلامه ما يجعلهم أفهم لمراده. وأيضًا: من خلال النَّظَر في كلام أئمة المدرسة نفسها، فإنَّ منهج أهل الحديث في أبواب الاعتقاد واحدٌ، ومن نظَر في كلامهم في الصِّفات، وما نُقِلَ عنهم من عبارات، فإنَّه يقطع بأنَّهم ما عَنوا بالنفي في قولهم: «ولا معنى»، نفي العلم بمعنى الصِّفة، فيَؤول قولهم إلى التفويض! بل عنوا بذلك ما هو أعم من معنى اللَّفظة بمفردها، وذلك أنَّهم يُقِرُّون جميعًا بأنَّ معنى المفردة…

"الفتوى الحموية الكبرى وأهميتها في الدرس العقدي الحنبلي وثناء الحنابلة عليها" الحمد لله وحده والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله، وبعد.. فمن أشهر كتب ابن تيمية كتاب الفتوى الحموية، وهذا الكتاب كان مقدمة لأحداث عظيمة، بل ونقلة نوعية في حياة ابن تيمية، سواء من جهة المحن التي تعرض لها وقيام أهل البدع عليه بسببها، أو من جهة ما ترتب على ذلك من تفجر بحر العلوم النقلية والعقلية في التأليف في نصرة مذهب السلف، وقد تفرع عنها بعض كتبه الكبار كبيان التلبيس، وكتابه الفخم في الدفاع عنها والذي سماه: جواب الاعتراضات المصرية على الفتوى الحموية، وقد طبع منه جزء يسير يدل على قدر هذا الكتاب. ويصف الحافظ ابن عبد الهادي الحنبلي هذه الحالة بقوله: "ثم انفتح له بعد ذلك من الرد على الفلاسفة والجهمية  وسائر أهل الأهواء والبدع ما لا يوصف ولا يعبّر عنه". وذكر هذا الكلام بحروفه أيضًا الشيخ مرعي الكرمي في الكواكب الدرية (ص112). •  وهذا طرف من ثناء الحنابلة على الفتوى الحموية، ومن المعلوم أن الحموية من أشهر كتب الشيخ التي قرر فيها إثبات معاني الصفات الخبرية، وردَّ على طريقة المفوضة، وقد أثنى على هذه العقيدة جماعة من كبار الحنابلة ونقلوا عنها،…

#الإمام_مالك رحمه الله لا يرى #علم_الكلام علما ينتفع به؛ لكون الصحابة لم يتكلموا به، ولكونه باطلا يدل على باطل. ولذا ذمه... عن عبد الرحمن بن عوف قال دخلت على مالك وعنده رجل يسأله عن القرآن فقال من أصحاب عمرو بن عبيد، لعن الله عمرا؛ فإنه ابتدع هذه البدع من الكلام، ولو كان الكلام علما لتكلم فيه الصحابة والتابعون كما تكلموا في الأحكام والشرائع، ولكنه باطل يدل على باطل) وسئل مالك عن الكلام في التوحيد؟ قال: محال أن يظن بالنبي صلى الله عليه وسلم أنه علم أمته الاستنجاء ولم يعلمهم التوحيد. وباتفاق أن #علم_الكلام خارج عن الوحيين؛ لإثبات صحة الوحيين زعموا، فلم يعلمه النبي صلى الله عليه وسلم صحابته، ولا دلهم على دليل الأعراض والاختصاص والتركيب... وليس التعليل عند الإمام مالك أن الحاجة لم تدع إليه في زمنه، بل الحاجة دعت؛ لوجود فرق ضالة، ومع ذلك لم يستعمله... والغريب أن علم الكلام الذي استعملته #المعتزلة هو الذي استعمله متأخرو #الأشاعرة...!! فما استعمله المعتزلة من أصول كلامية توصلوا بها إلى نفي الصفات هي بعينها استعملها الأشاعرة للتوصل بها إلى نفي الصفات... خاطرة كتبها د. أحمد محمد الصادق النجار

اعتراف: "إنني لما منّ الله علي بطلب العلم، هجرت له الوطن والوسن، وكنت أُبكّر فيه بكور الغراب، وأطوف المعاهد لتحصيله، وأذهب فيه كل مذهب... ثم أجول في ميادين العلوم مدة كعدد السبع البقرات العجاف، فارتد إليّ الطرف خاسئاً وهو حسير، ولم أحصل من معرفة الله جل جلاله إلا على أوهام وخطرات وساوس، وإشكال نشأ من البحث والتدقيق، فأدفعه بما أقنع نفسي بنفسي، فلما همت في تلك البيداء… ناداني منادي الهدى الحقيقي: هلمّ إلى الشرف والكمال، ودع نجاة ابن سينا الموهومة إلى النجاة الحقيقية، وما ذلك إلا بأن تكون على ما كان عليه السلف الكرام من الصحابة التابعين، والتابعين لهم بإحسان، فإن الأمر ليس على ما تتوهم، وحقيقة الرب لا يمكن أن يدركها المربوب، وما السلامة إلا بالتسليم، وكتاب الله حق، وليس بعد الحق إلا الضلال. فهنالك هدأ روعي، وجعلت عقيدتي كتاب الله، أكِلُ علم صفاته إليه بلا تجسيم ولا تأويل ولا تشبيه ولا تعطيل، وانجلى ما كان على قلبي من رين أورثته قواعد أرسطو طاليس، وقلت: ما كان إلا من النظر في تلك الوساوس والبدع والدسائس، فمن أين لعبّاد الكواكب أن يرشدونا إلى الصراط المستقيم وما كانوا مهتدين؟! ومن أين لأصحاب المقالات أن يعلموا حقيقة…

#سؤال_وجواب مما هو معلوم أن ”شيخنا أبو حامد بلع الفلاسفة وأراد أن يتقيأهم فما استطاع“ السؤال: لماذا تأثر بهم الغزالي ولم يفعل ابن تيمية؟ ما سر حفاظ ابن تيمية على منهجه وعقيدته دونما تأثر بمنهج الفلاسفة في حين فشل في هذا الغزالي؟ الجواب: في البداية لابد من توضيح أن هذه العبارة ذكرها ابن العربي المالكي عن شيخه أبي حامد، وابن تيمية مجرد ناقل لها من جملة الناقلين. وأيضاً؛ هذا السؤال لا يختص بالغزالي وابن تيمية، بل هو سؤال عن (نموذج) ابن تيمية والغزالي، الذي نراه يتكرر دوماً، على تفاوت في قوته وضعفه. ثانياً: جواب هذا السؤال ليس معلومة صرفة من جنس المعلومات المنقولة، وإنما هو ناتج عن نظر المجيب وتأمله، وباختلاف النظر يختلف الجواب، والذي يظهر لي أن هذا يعود لثلاثة أمور أساسية: أولها: أن الهداية بيد الله سبحانه، يهدي من يشاء ويضل من يشاء، وإن اتحدت الأسباب والمؤثرات فقد تختلف النتائج، فكيف إذا كانت الأسباب المؤثرة على الرجلين مختلفة؟ وربك لا يظلم أحداً، فمن اجتهد في طلب الهداية كما أمر الله عن طريق اتباع الرسول؛ يسرها الله له، ومن اتخذ طريقاً بغير ما شرع عن طريق بحث العقول؛ ولاه الله ما تولى. وقد تنبّه ونبّه ابن…