أميرة شُرَّآب 🇵🇸💚)

يا رب.. بارك أيديهم الشريفة، زد نيّاتهم صفاءً وطهرًا، واربط على قلوبهم، أفرغ عليهم صبرًا، ثبّت أقدامهم، بيّض وجوههم، وأكرمنا بأن نسلك سبلًا ناصعة توصلنا إليك مثل سبلهم، واهدنا إلى كامل التوكل عليك، والتعلق بك، كما هديتهم لتوحيدك والاعتصام بك والعمل لوجهك وحدك.

زوجة الشهيد القائد أسامة الزبدة نجل الشهيد القائد جمال الزبدة تنشر تعقيبًا على مشهد بكاء المجاهد: "بكاء هذا الرامي أثار موقفًا نائمًا عشته في منتصف نوفمبر خلال حرب عام 2018!.. ‏هي نفس الحشرجة والبكاء ذاته والدعاء بعينه، حين انطلق لأول مرة صاروخ M75.. ‏حينها احتضن خالي الشهيد البروفيسور د. جمال زوجي الشهيد أسامة، وبكيا حد الصراخ لمّا رأيا نتاج جهد سنواتٍ من التصنيع، وهو يدكّ إسرائيل! ‏ سجدا شكرًا ثمَّ رفعا أكفهما عاليًا، قال الوالد حينها بصوت لأول مرة أسمع علوّه: "تقبّل منّا يا رب، استخدمنا ولا تستبدلنا ياااا رب".. ثم تبعه الولد وهو يبكي بقوله: "اللهمَّ أعز بنا الإسلام والمسلمين".. ‏رحل الوالد والولد، وبقينا نحن نترحّم عليهما كلما لمع في السماء أثر صنيعهم، الذي سنعيش به ومن بعدنا إلى يوم الدين."

في هذه الجمعة المباركة، أقصى ما يرجوه المرء دعوة صادقة، دموع طاهرة، وعمل خالصاً كالتي جمعها هذا المجاهد الصنديد. ‏اللهم إنّ رجال المقاومة في غزّة خير أهل هذا الزّمان، فهم يا ربّ بيننا خير من كبّر، وجاهد باسمك الأعلى كيانًا طغى واستكبر، وأتوك مقبلين ما تردد واحدهم وما أدبر.

"يا رسول الله لا تشفع لهم.." مهما خذلتمونا، وحتى لو نسيتمونا.. فرب الأقصى لن يخذلنا، ولن ينسانا.. فنحن فداءٌ لديننا، وفداءٌ لمقدساتنا.. رغم الحصار، رغم النزوح، رغم الدمار، رغم المجازر اليومية، رغم الجوع، رغم القصف المتواصل بالليل والنهار.. إن خذلتنا أمةُ ال2 مليار، فلن يُضيعنا الله. اللهُمَّ صلِّ وسلِّم على نبيِّ المَلحمةِ والرَّحمة، صلاةً تنصُرُ بها جُندَكَ المُؤمنين، وترحَمُ بها عبادَكَ المُستضعَفين.. يا الله لا تكلنا لأمة خذلتنا، اعنا واغثنا والطف بنا برحمتك يا الله.

ذهبت إلى صلاة الجمعة قبل الأذان بنصف ساعة، فوجدت المسجد قد امتلأ عن آخره بالمصلين، حتى أنه لم يتبق فيه موضع قدم، والناس تصلي على الأبواب من شدة زحامهم !! كل ذلك والسماء ملبدة بالطائرات التي تقصف شرقاً وغرباً، عدا عن الخطر المحدق بما تبقى من مساجد، كل ذلك لم يثنِ الناس عن أداء هذه الفريضة العظيمة ولم يخفهم !! فاللهم بقدر تعظيمنا لدينك، وتعلقنا بمساجدك، وحبنا لقرآنك، فرج عنا ما نحن فيه من بلاء وشدة، وائذن لهذه الحرب أن تنتهي عاجلاً غير آجل يارب العالمين !!

إلى أين وصل الألم.. وماذا فعلت اسرائيل من جرائم لا يتخيلها بشر! اللهم ارحمنا من آلامنا التي تنهشنا، وتأكلُ من طاقتنا، وتُنقصُ من راحتنا كل ليلة.

هذه الحرب استهلكت منا الكثير.. أنهكت أرواحنا، وغيرتنا كلياً.. بعد هذه الحرب لن نكون كما كنا، نظرتنا للحياة، طريقة تفكيرنا، أنفسنا من الداخل، جميعنا يعيش حياةً لا تشبهه، يتقمص شخصاً لا يعرفه، يعيش تفاصيلاً لم يكن يعلم عنها شيئاً.. جميعنا كبرنا بطريقة مختلفة في غضون هذه الأيام العصيبة. ‏اللهمّ أنتَ ربُّ الآمال الجريحة، والأرواح المهيضة، والأنفس التي شجّها الوجع، والقلوب التي كلَمها الفقد.. أنت أرحمُ الراحمين، أعذ حبال الرجاء أن يجُذّها اليأس، واجبُرنا بلطفك ورحماتك ونصرك.. نسألك يا رب هدى القلب وقوة التحمل، والقدرة على الثبات، ومواصلة الطريق بالصبر الجميل والسلامة لهذا الوطن الجريح ولشعبي المرابط الصامد.. اللهم احفظنا من كل سوء وسلمنا من كل شر وثبت قلوبنا على دينك وعوضنا خيرًا مما فقدنا وانصرنا على القوم الكافرين.

‏كل أدبيات الأمومة الحديثة لا وزنَ لها أمام جملةٍ واحدة تخرج من فم أمٍ قدّمت ابنها للتوّ شهيداً، تصبر وتحتسب وتفتخر وتدعو للعزم والثبات.. هذه أمٌ قد أدت مهمتها على أكمل وجه؛ ضمنت شرف ابنها في الدنيا ومكانته في الآخرة.. السلام على أمهاتِ الشهداءِ وفلذاتِ أكبادِهنَّ، السلام للبلاد على هيئة أم؛ للشامخة تلد الجبال، للتي تزرع فؤادها في الأرض، وتروي بدمه البلاد، للثابتات أمام الفقد، ‏اللواتي شهدن عذابات شعبنا، ولم يزلن مؤمنات مباركات. - الصابرة المحتسبة العظيمة أم أسامة أبو هين، خنساء فلسطين المحبة للدين والوطن، راضية بقدر الله، ربت أبناءها على طريق الجهاد وقدمتهم عليه.. ارتقى ابنها القسامي عبادة شهيداً قبل أيام في معركة الشجاعية الثانية، وارتقى أبناؤها القساميين حمزة وأحمد في معركة الشجاعية الأولى في بداية معركة طوفان الاقصى.. أما نجلها البكر القائد أسامة ارتقى في حرب 2014 مع أخته.

أنت فقط يا الله لهذه القلوب الرقيقة، لهذا الرعب الذي لا ينساه صغارنا في الشدة، ولهذه النظرات التي لا حول لها ولا قوة.. أنت لهم يا الله فلم يشاهدوا من حياتهم سوا الصواريخ والقذائف والقنابل والبراميل والمجازر، منذ أن خلقوا وهم في رحلة هروب من الموت!. اللهم لأجل صغار رُضع، وشيوخ رُكع، ونساء عُجز، ارفع عنا البلاء، و ردّ هجوم الأعداء.