أغيد الطباع

في الصدور مراجلٌ من الغضب والغيظ والقهر والعزم والاستغناءِ .. لا يعلم قدر اشتعالها إلا الله اللهم فخذ بأيدينا واجعل غضبتنا برحمتك بنا في ما يرضيك عنا ويصلح حالنا اللهم مكن فينا أقوياء صالحينا وكفَّ عنا شرَّ حمقانا وفاجرينا واجمعنا على أتقى قلبٍ قويٍّ صابرٍ فينا واجعل منا بعد هواننا على الناس أئمةَ هدىً يهدون الحائرين بإذنك إلى الحق ، ويتقدمونهم في مسالك رضاك

أخبرني عابر سبيل ... في رحلتك ميز بين ثلاثة رفاقٍ كي لا تتعب ( معجبٌ ، ومشفقٌ ، و محب ) فأمّا المعجب .. فرفيق ما أعجبه منك ، وليس رفيقك فإن ضعفت عن ما استجلب إعجابه ، ولّاك ظهره ومضى وأمّا المشفق .. فسرعان ما يملّ هو ، أو تبرأ أنت من علّة إشفاقه فيفارقك وأمّا المحب .. فهو الذي يجمع إلى أسباب ( المعجب والمشفق ) روحاً لامست عند روحك ما استوجب الإلفة بينكما فإذا لامس منك عزماً آزرك ونصرك وإذا ركنتَ لبث يشد همتك حتى تنهض وإذا ضعفتَ بذل لك من مهجته حتى تبرأ فيحمد الله على سلامتك وصحبة الأرواح إن صدقت في الله فسمتها التراحمُ حتى تبلغ حضرته وتستظل بظله .. فلا يؤلمك فراق من لا بدّ من فراقه .. واجعل همّك في أداء حقّ من مآل صحبته رضوان الله على ( منابر من نور ) وعظيم عطائه سبحانه ( على سررٍ متقابلين )

وإننا والله من اليوم الأول نؤمن أنه لا حول ولا قوّة لنا إلا بالله وما خرجنا ونحن نعوّل على غيره سبحانه ولو أنّ الكيد والمكر والخذلان الذي عايناه عاينته الجبال لناءت به وإنما نفوض أمرنا وأمر من ظلم ومكر وخذل إلى الله هو حسبنا ونعم الوكيل فهل صُدمنا وتفاجأنا ؟؟؟ لا والله فالمقدمات تخبر عن النتائج فهل نندم ونتحسر ؟؟؟ لا والله ( إن كنا خرجنا في سبيل الله حقاً متلمسين لهداه ) فقد وقع أجرنا عليه وهو ولينا ومولانا وإن كان غير ذلك لا قدر الله فالحسرة لازمةٌ مع كل خطوةٍ لا تبتغي وجهه وعلى كل حال نصير إليه ولكن نحتسب ونمضي باذلين وسعنا .. راضين عن ربنا معترفين بتقصيرنا وتفريطنا راجين منه وحده الرشد والثبات والتوفيق وحسن الخاتمة بيده الخير وهو على كل شيء قدير

قرأت جيداً في التاريخ ولا أعرف زماناً صفا لأهله وفي اعتقادي أنه لن يكون وإنما يرتقي أهلُ زمانٍ بقدر ما يتصدون لآفاته ويهوي أهلُ زمانٍ بقدر ما يرضخون لها ، ويتطبعون بها

ليس سجن طفلٍ أو امرأةٍ .. بل والله سجن الرجل الشديد العفيِّ بغياً وجوراً هو من أشد الظلم وأقبحه وأخسه فما القولُ في سجن الأطفال والنساء والشيوخ والمرضى و غيرهم من ضعاف القوم إن صح وثبت ما تواتر من الأخبار عنه ؟؟؟ سبحان الله أفالظلم دافعنا كل هذه السنين ودفعنا كل هذه الأثمانِ حتى نعود ونجده في ما رجونا أنه تحرر من سطوة الظالمين والجلادين في بلادنا !!! أفليس بين كرامنا ووجهائنا وقضاتنا وأهل الفضل والخير منا في تلك المناطق التي يتواتر فيها وجود هذه المظالم فيها ( في سائر المحرر ومناطق النفوذ فيه ) من يجتمعون ويتعاهدون ويطالبون بالتحقيق الجسور والتفتيش الغيور .. ثم بالمحاكمة الحازمة للجلاوزة والمجرمين من نفذ ومن أمر ؟؟؟؟ لاحول ولا قوة إلا بالله وكيف نرجو صلاح حالنا إن رضينا السكوت والتغافل ؟؟؟؟ اللهم أنت ولينا وخصيمنا في من جار ويجور على أهلنا وإخواننا اللهم يا جبار فانتقم بجبروتك من كل ظالمٍ متجبرٍ على عبادك اللهم وامحق واقهر كل جلادٍ لئيمٍ حقيرٍ يتطاول على خلقك ويهينهم ويقهرهم .. يذل كرامهم ويتطاول على أعراضهم

تظنُّ أن ما مررت به على كثرته وتنوعه قد أنضجك فجعلك أقلَّ ( غيظاً وألماً وخوفاً وحباً وشوقاً ورغبةً و..... ) والحقيقةُ أن هذه المشاعر هي أشدّ دلالةً من نبضك أنك ما زلت حيّاً النضجُ يعني أن تغتاظ .. وتملك عليك غضبك وأن تخاف .. فتثبت ولا تفقد رباطة جأشك وشجاعتك وأن تحب .. ولا تبالغ في رفع سقف توقعاتك وأن تشتاق .. فلا يقعدك شوقك بل يتحول شوقك وقوداً ومحفزاً وأن تندفع .. فلا تطمس خطاك على بصيرتك و أن ....

عيدٌ سعيد للقابضين على خيوط الشمس تولد من جديد للمبحرين إلى جنان الخلد حيث الوعد .. لا عينٌ رأت يوماً ولا قلبٌ شكا أو مثقلٌ بالقهر يصرخ : لا مزيد لعيون طفلٍ فارقت منذ الأصيل رفاقها .. لدموع أمٍّ لم تزل تجري على أحبابها لأنين حرٍّ صابرٍ مثل الجبال تغيظ قامته العبيد لمسافرٍ ملَّ الرحيل رحيله ولعاشقٍ يرنو إلى الأطلال يرقب من بعيد ولخائفٍ ما زال يسأل نفسه حتى متى ؟؟؟ عيدٌ سعيد ...

اللهم في هذا الوقت الفضيل نسألك أن تؤنس غربة كل غريبٍ مستوحشٍ بين الخلق من حوله في سبيلك وأن تستعمل كل مقهورٍ متحرقٍ على حال المسلمين والإسلام يحار صادقاً سبيلاً يدفع به عن المستضعفين وسعه في سبيلك وأن تُثبّت وتجبر كسر كل ممتحنٍ مبتلىً تداعت على الكيد له شياطين الإنس والجن ما هالهم منه إلا حسن ظنه بك وحرصه على رضاك وتمنُّعه جهده عن حبائل مكرهم من الشهوات والشبهات في سبيلك وأن تقهر وتمحق وتذلّ وتزلزل الأرض من تحت أقدام المجرمين المجترئين على عبادك المظلومين الجائرين إليك بمظلمتهم طواغيتُ الأرض وأوليائهم من حكام السوء والجورِ والخور في بلادنا وأتباعهم من علماء السلاطين والجنود والجلادين والجلاوزة اللهم اجعلهم ومن وراءهم عبرةً لكل ظالمٍ وشفاءً لصدور المظلومين

وكيف تشهدُ تمايز الصفوف ثمَّ لا يكون همّك المؤرق في كل لحظةٍ مراجعتك لمكانك بينها .

اجتماع ( المنامة ) مثالٌ أحدث يكشفُ بوقاحةٍ تزداد تباعاً عن حقيقةِ الحلف الذي نواجهه وامتداده اللهم لا تزد المجتمعين ومن وراءهم إلا ذلاً وخبالاً وأصلح حال المسلمين وأعزهم بدينهم