▪︎الناحية الفقهية :- وهو كالآتي .
العلماء الذين قالوا حديث عبد الله بن بسر صحيح قالوا إن النهي الوارد فيه يحمل على الإفراد فقط فإذا ضم إلى غيره او وافق عادة او يوما فاضلا كعرفة وعاشوراء وغيرها انتفت الكراهة وذلك للأدلة الكثيرة الواردة التي تبيح صيامه .
الطائفة الأخرى وايضا صح عندهم الحديث لكن جعلوه هو المقدم على غيره من الأحاديث بإعتباره حاضرا وغيره مبيح وعليه فيحرم صيام السبت مطلقا ومنهم الشيخ الالباني ،
فأي الفريقين أحق أن يتبع لابد من شي تطمئن له النفوس . والجواب :-
أولاً :- ألإعمال خير من الإهمال وهذه قاعدة عظيمة . فكونك تعمل بالدليلين خير من إهمال أحدهما .وقال الحافظ ابن حجر : " الجمع أولى من الترجيح ، باتفاق أهل الأصول ". انتهى من " فتح الباري" لابن حجر (٩/٤٧) . ومن إعمالها بيان ان النهي متعلق بالإفراد ولكن إذا ضم إلى يوم قبله ويوم بعده او وافق يوم فضيلة كعرفة جاز صيامه قال ابن قدامة في المغني :
والمكروه إفراده , فان صام معه غيره لم يكره لحديث ابي هريرة وجويرية , وإن وافق صومه لانسان لم يكره .
قال النووي في المجموع :
والصواب على الجملة ماقدمناه عن اصحابنا انه يكره إفراد السبت بالصيام إذا لم يوافق عادة له لحديث الصماء . انتهى .
وبهذا يجمع بين النصوص وهو الصحيح المتعيين .
ثانيا :- إن القواعد التي استدل بها على حرمة صيام السبت مطلقا يمكن الإستدلال بها على جواز صيامه مضافا الى غيره
وسنناقش ذلك .
١ - القاعدة الأولى وهي
( الاستثناء معيار العموم ) وجه الإستدلال أن اللفظ العام ،(لاتصوموا )و الإستثناء (إلا فيما افترض) دل على أن جميع صور الصوم يعمها النهي إلا صورة واحدة وهي الفريضة ..
والرد عليها بأن يقال .
١- اما صورة الفرض فقد خرجت من عموم النهي بنفس الدليل (الا فيما افترض عليكم) وهذه واضحة.
٢- الصور الاخرى أن يضم إلى غيره من الأيام الفاضلة او يوم قبله او يوم بعده او يوافق عادة ... فما المانع من ان نقول كما اخرجت الصورة الاولى بدليل فكذلك بقية الصور فقد خرجت بالدليل الشرعي أيضا ولكل دليله .
مثل .
-- حديث جويرية
-- أحاديث صيام الأيام البيض .
-- احاديث صيام الست من شوال .
-- احاديث العشر الإول من ذي الحجة .
-- احاديث صيام شهر شعبان.
-- أحاديث صيام شهر المحرم .
فهذه كلها مستثنات بدليل منفصل لكل صورة . قال ابن القيم رحمه الله تعالى في تهذيب السنن كلاما بديعا واضحا هذا نصه :-[ الاستثناء اخرج صورة الفرض من عموم النهي , فصورة الاقتران بما قبله او بما بعده اخرجت بالدليل ,فكلا الصورتين مخرج . اما الفرض بالمخرج المتصل,واما صومه مضافا فبالمخرج المنفصل ,فبقيت صورة الافراد واللفظ متناول لها ولامخرج لها من عمومه فيتعين حمله عليها ]. انتهى . وعلى هذا تبقى القاعدة أصيلة على حالها لم تخالف و لم تخرم .
٢ - القاعدة الثانية وهي من أبرز ما استدل به ، تقول :- ( اذا تعارض حاضر ومبيح يقدم الحاضر )
الحاضر - (لا تصوموا) والمببح - (أحاديث إباحة الصوم) وهنا أن هذه القاعدة مختلف فيها فمن العلماء من يقول يقدم المبيح على الحاضر واستدلوا بادلة . ومن العلماء رجح الحاضر على المبيح وعليه فليست قاعدة مطردة . وانقل لكم أقوال العلماء .
القول الأول : ذهب جمهور العلماء إلى القول بترجيح الحاظر على المبيح .
القول الثاني : ذهب بعض المالكية ومنهم أبوالفرج وبعض الشافعية ومنهم الآمدي وبعض الحنابلة ومنهم ابن حمدان على القول بترجيح المبيح على الحاظر .
القول الثالث : ذهب بعض الحنفية منهم عيسى بن أبان وبعض المالكية منهم الباقلاني والباجي وبعض الشافعية منهم الغزالي ومن المعتزلة ومنهم أبوهاشم إلى أنه لايرجح بينهما ويتعارضان ويرجع إلى غيرهما من الأدله . انتهى .
ومع هذا فنحن نقول بقول الجمهور آنفا وما دام أنه هذه القاعدة مختلف فيها فلا ينبغي العض عليها وذلك لسبب واحد وهو أنه يمكن الجمع بين الأحاديث وهو الأولى والمقدم ، وإنما يصار إلى هذه القاعدة إذا تعارضت الأدلة على وجه لا يمكن الجمع فيه.
٣- القاعدة الثالثة إذا تعارض القول والفعل يقدم القول ..
وكلا القاعديين الثانية والثالثة يقال فيهما أن هذا يصار اليه عندما تتعارض الأدلة على وجه لا يمكن الجمع بينهما عندها نعمّل هذه القواعد وما دام انه قد أمكن الجمع بينهما فلا حاجة الى ذلك ولله الحمد. وطريقة الجمع هي طريقة العلماء وهي
كالاتي : -
١ - يكره صيام السبت مفردا الا في صورة الفرض للحديث الوارد .
٢- تنتفي الكراهه إذا كان يوما قبله او يوما بعده لحديث جويرية رضي الله عنها .
٣- إذا وافق يوما فاضلا مثل عرفة لأنه لم يقصد صوم السبت لذاته وإنما لموافقته غيره وإنما الأعمال بالنيات .