كَرْبَل

زينبٌ عَباءتُها خَيمةُ الحَيارى تحتمي في كنَفِها إذ تَمسح على الأفئدة وكيف لا تُسْقِي الرُوح وتَرويها والعباسُ كافِلها وما بين حاء الحُسين وحاؤها حنانًا سرمديَا .

سَيّدي .. إن رأيتني يوماً أسيرُ لغيرك فعذبني ، آلمني ، حطّمني ولا تجعلني أصلُ لِسواك إن رأيت يدي تطرق غيرَ بابك فاقطعها ولا تُبقيني على أعتابِ غيرك ... إن رأيت عيناي تبحث عن ما هو دونك فخُذ بصري وألقِ عليّ العمىٰ كي لا أرىٰ سواك عذّبني لتؤدبني على كلِ مرةٍ ما كنتَ أنت المقصود في كلِ خطوة.

خَرَجُوا.. خَرَجْنَا كُلُّنَا كُنَّا وَرَاءَ ظِلَالِهم نَمْحُو الخُطَى والأَسْئِلَه وهُنَاكَ حَيْثُ يَقُودُهم اِبنُ السَّمَاءِ وَحَوْلَهُ الأسْمَاءُ تَبدُو مُعوِلَه سَهْمٌ.. تَسلَّلَ مِنْ جِدارِ الغَيْبِ وأختَرَقَ الطَّرِيقَ كأَنّهُ مِنْ حَرْمَلَه فَأَصَابَ نَحْرَ المَاءِ واختَلَّ الوُجُودُ وَأصْبَحَتْ تِلْكَ النَّوَافِذُ مُقْفَلَة خُروج ركب الإمام الحُسَيْن عَليه السَّلام إلى كَربلاء.

‏خرجَ وآذانُ التُرابِ تسمعُ تسبيحَهُ وتكبيرهُ وتهليله، وتمتمةً كأنّها: لبّيكَ ببَدَني حتّى وإنْ جُرِّحَ أوْ طُحِنَ أو قُطّع، لبّيكَ بأهلي حتّى وإنْ جُزِّروا كالأضاحي، لبّيكَ بنِسائي وعِيالي حتّى وإنْ أُحْرِقوا وضُرِبوا وشِتِموا وأُخِذوا سَبايا كالعَبيدِ والإماء، لبّيكّ.

‏ودُعاؤنا في يومِ شهادةِ باقرِ العلم (عليه السّلام): اللهمّ نَوِّر بصائرنا بالعلمِ والمعرفةِ الحّقة، واجعَلْ مظاهِرنا الإيمانية الخارجيّة من لبسٍ وهيئةٍ وحَديثِ لسانٍ وسُلوكٍ ترجمةً لمعاني التّقوى، وأنْ لا يكونُ الدّين فينا محدوداً بالظّواهر، إنْ كانَ في العِباداتِ أو التّعامُلات.

‏خرجَ وآذانُ التُرابِ تسمعُ تسبيحَهُ وتكبيرهُ وتهليله، وتمتمةً كأنّها: لبّيكَ ببَدَني حتّى وإنْ جُرِّحَ أوْ طُحِنَ أو قُطّع، لبّيكَ بأهلي حتّى وإنْ جُزِّروا كالأضاحي، لبّيكَ بنِسائي وعِيالي حتّى وإنْ أُحْرِقوا وضُرِبوا وشِتِموا وأُخِذوا سَبايا كالعَبيدِ والإماء، لبّيكّ.

‏(ودَع أذَاهُم وتَوَكَّلْ عَلَىٰ اللهِ) يحميك الله من العلاقات السّامّة بطريقته، يحميك الله ويذكّرك أن تعود إليه؛ فهو الرّفيق لمن لا رفيق له، هو الرّفيق الّذي سيظلّ يرعاك ويرزقك ويأمّنك.

في حُضن دَمعة تغفو الذكريات، نطوف في أزقّة كربلاء، نجتّر الوجع من ساحة الوريد، نرتّل آهات عاشوراء نغرسها في شرايين الحياة، حُسَين.. حُطام مليء بالهزائم حياتنا دونك، قطرات كلماتنا لا تَروي العطش، صدى أصواتنا سراب، أبجدياتنا منقوصة، لا شيء يُشبه كربلاء، أسأل من الله أن نُكتب جميعًا من زوّار أربعينية الإمام الحُسَين (عليه السّلام) في عامنا هذا وفي كل عام.