دِيــنٌ ودُنيا.

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "وفي قوله "الله أكبر" إثبات عظمته، فإنّ الكبرياء تتضمّن العظمة، ولكن الكبرياء أكمل، ولهذا جاءت الألفاظ المشروعة في الصلاة والأذان بقول: "الله أكبر" فإنّ ذلك أكمل من قول الله أعظم، كما ثبت في الصحيح عن رسول اللهﷺ أنّه قال:

"يقول الله تعالى: الكبرياء ردائي والعظمة إزاري، فمن نازعني واحداً منهما عذّبته."

فجعل العظمة كالإزار والكبرياء كالرداء، ومعلوم أنّ الرداء أشرف، فلمّا كان التكبيرُ أبلغَ من التعظيم صرّح بلفظه، وتضمّن ذلك التعظيم". اهـ. وها هنا أمرٌ ينبغي التنبّه له وعدم إغفاله، وهو أن المسلم إذا اعتقد وآمن بأنّ الله سبحانه وتعالى أكبر من كلِّ شيء، وأنّ كلَّ شيء مهما كبر يصغر عند كبرياء الله وعظمته، علمَ من خلال ذلك علم اليقين أن كبرياءَ الربِّ وعظمتَه وجلالَه وجمالَه وسائرَ أوصافه ونعوته أمرٌ لا يمكن أن تحيط به العقول أو تتصوّره الأفهام أو تدركه الأبصار والأفكار، فالله أعظم وأعظم من ذلك، بل إنّ العقولَ والأفهامَ عاجزةٌ عن أن تدركَ كثيراً من مخلوقات الرب تبارك وتعالى، فكيف بالرب سبحانه.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "التكبير يُراد به أن يكون (الله) عند العبد أكبر من كلِّ شيء، كما قال رسول اللهﷺ لعديِّ بن حاتم:

"يا عديّ ما يُفرُّك؟ أيُفرُّك أن يُقال: لا إله إلا الله؟ فهل تعلم مِن إله إلاّ الله؟ يا عديّ ما يفرُّك. أيُفرُّك أن يقال: الله أكبر؟ فهل من شيء أكبر من الله؟ "

وهذا يُبطل قولَ من جعل أكبر بمعنى كبير". اهـ.

وحديث عديٍّ هذا رواه الإمام أحمد والترمذي وغيرهم بإسناد جيد.

وبه يتبيّن أن معنى الله أكبر أي من كلِّ شيء، فلا شيء أكبرُ ولا أعظمُ منه، ولهذا يُقال إنَّ أبلغ لفظة للعرب في معنى التعظيم والإجلال هي: الله أكبر، أي صِفْهُ بأنّه أكبرُ من كلِّ شيء، قال الشاعر: رأيتُ الله أكبر كلِّ شيء محاولةً وأكثرهم جنوداً.

اللّٰه أكبرُ اللّٰه أكبرُ اللّٰه أكبرُ لا إله إلا اللّٰه اللّٰه أكبرُ اللّٰه أكبرُ اللّٰه أكبرُ وللّٰهِ الحمد.

📍.

-

ألم نسأل أنفسنا: إلى مَتــى؟

تُصلّي ولا تكاد تذكُر عند تسلميك أيُّ السّورِ قرأت!

تُحرّك لسانك بذكره وقلبكَ مُنصرفٌ مُنشغِلٌ بغيره!

تقرأ كلامه وقلبكَ غافلٌ لاهٍ، تمرّ عليكَ آيات العذاب، تمرّ عليكَ آيات الجزاءِ ، تمرّ عليكَ وتمرّ عليكَ عشرات الكلمات، التي لو يحسّ ما حولك لَبكى ولَفرِح ولَتأثّر ورجف ولتشوّق ولَتاب ولَتضرّع وتأمّل!

يمرّ عليكَ كُله ولا يتحرّك فيك شيء ولا تكادُ تُحسّ بعُشر رجفةٍ في قلبك، أتحسبُ هذا هوَ الطبيعيّ يا مسكين؟ لا واللّٰهِ لم ولن يكون الأمر بسيطًا هكذا أبدًا، إنّه كلام ربّنا!!!

قال تعالى: (لَوْ أَنـزلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ)

فلنسأل أنفسنا عتابًا وتوبيخًا، أين نحنُ من هذه الخَشية؟ متى آخر مرة بكينا من القرآن أو تأثّرنا به؟ متى فكّرنا في هذا الأمر أصلا وسألنا اللّٰه أن يرزقنا إياه من فضله؟ قلوبنا حجارة....لا والله بل حتى الحجارة تتصدّع من ذكر الله!.. واللّٰهِ إننا لَقومٌ مساكين، عفى اللّٰه عنّا ورحِمَنا برحمته.

إلزم مِحرابكَ وتمحور بين رفع أكفّك للتبتّل والدعاء، مسك مُصحفك والتلاوة، تحريك لسانك وتجديد قلبك وجليِه بالذّكر. نُريد قلبًا يحيَى ونفسًا تُفيق، ولّى عصرُ إنشغالُ القلبِ بغير اللّٰه وإنصرافه لغيره.

عصرُ جُمعةٍ في يوم من أعظم أيام السنة! كل الفضائل التي ذُكِرت في حقّ هذه الأيام العظيمة، يُضاف إليها فضل يوم الجمعة وعصره بالتحديد! كنز كنز، واللهِ خاب من ضيّع مثل هذه الفُرصة، لا تجعلِ الشيطان يُجرجرك ويُوجّهكَ أينما يُريد، كُن من عبادِ اللهِ المُخلصين الذين لا يقدِرُ عليهم..أم ياترى لا تستطيع🫳🏻؟ (قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ • إِلا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ )

-