رُوحَا

عندما نقارب الثلاثين، نجد الأيام تكّر، تجري بسرعة استثنائية لم تكن موجودة في بداية العشرينات.. لما كنت أجلس مع ناس أكبر سنًا في الستينات أو السبعينات، كان واحد من أسئلتي الطفولية دومًا هي إحساسهم بالزمن، والإجابة بتكون واحدة..كأنه امبارح..كل شيء مضى في غمضة عين..الزمن كله، ذكريات الدراسة والعمل والزواج والخلفة والتربية، مركونة في بعد زماني أوحد، الماضي القريب..وهذه حقيقة تكتشفها  كل ما العمر يأخد بك خطوة للأمام.. الحاجات قريبة جدًا من بعض، والزمن سريع التبخر. المشكلة مش إحساسك بضربات الزمن السريعة..خالص..إن دي المرة الأولي التي تشعر فيها أنك واقع في فجوة سحيقة..بين ناس أصغر منك نمط حياتهم شديد السرعة، وناس أكبر منك مستقبلهم ورا ضهرهم..وأنت واقف في النص..نفسك ترجع لقديمك وتنزل تلعب مع الأجيال الصغيرة، ومتقدرش لأن الزمن رمي فوق كتافك مسئوليات مينفعش تملص منها..ونفسك تبقي في راحة الكبار اللي ذاكروا وجاوبوا وحلوا الإمتحان ومنتظرين النتيجة..وأكيد مش هتعرف..هتفضل رقبتك متشعلقة بين دول ودول..والزمن ماض فيك بسرعة الصاروخ. ..فجأة مطلوب منك تبقي أب أو أم، مرمي علي ضهرك حمل تربية وتنشئة، والمجتمع كله بيبص لك أنك لازم تكون قدوة ومثل لأطفالك، وأنت نفسك بتدور علي القدوة من أول عمرك ومش لاقي، أنت نفسك مدرك أن جزء من شخصيتك طفولي نيء ويحتاج للنضج، وأن جزء منك لسه فاكرك وأنت رامي حمل الدنيا ورا ضهرك وماشي في الحياة فرداني  بتجرب وتغلط..ثم فجأة المجتمع كله بيطالبك تكون عملاق بقدر مسئولياتك..طيب ازاي..امبارح كنت فى إعدادى بتبدأ تكتشف جسمك من جديد.. وزي لاعيبة الكورة جسمك بيخونك شوية بشوية..الأكل اللي كنت بتضربه الساعة 12 بالليل بالطن، دلوقتي نفحة منه مطلوب لها علبة فوار..المشوار اللي كنت بتاخده كعابي، دلوقتي عايز تاكسي مرحلة الإنكار العظيمة..لا محصلش..دور دور برد، التكييف عالي، أصل الطريق زحمة، دي أزمة الإنسان المعاصر والحضارة..مش أزمتي أكيد. مرحلة إنعدام الإنبهار..تحس أن كل الطرق مجرّبة ومختبرة..هيجي الأصغر منك طارقًا أبواب مفكرها جديدة، وعنده حماس لا ينتهي..بس أنت جربته، ولسه سايب فيك علامات، وعرفت أن الدنيا مش زي تصوراتك الطفولية عنها..بس هترسم علي وشك ملامح الإعجاب به وتسكت..لأنك عارف أن محدش بيتعلم غير من النار اللي تلسعه..ويصبح شعارك الملازم ‘‘ ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلًا‘‘..وأنت هنا لا تشفق عليه وحده، بل تشفق أيضًا علي ما كنته وما أصبحت عليه..من حالم لا تسع الأرض أقدامه، لواقعي روّضته الدنيا..الدنيا تبهرك في الطفولة وتغريك في الصبا وتفتتنك في العشرينات، وتكسّر جناحاتك بعدها..لعبتها المفضّلة. ..لا أنت قادر تبقي فراشة ولا مكمّل دودة قز..عالق في المنتصف، تبحث عن تعريف جديد لحياتك، ونفسك بس تلاقي جواب ! -منقول بتصرف-

تدبر الوجه ٦٣🩶 افتح مصفحك واستمع 🍃🎧 📿📕 القرآن تدبر وعمل

بحب كل فتره أرجع المنشورات القديمه فى اى مكان عموماً! الموضوع مهم؛

تدبر الوجه ٦٢ 🩶 افتح مصفحك واستمع 🍃🎧 📿📕 القرآن تدبر وعمل