بروج (لنشر الوعي بالسياسة الشرعية)

⭕️ فرح وحزن المجاهدين. يا مجاهدي الأمة، يا مجاهدي الشام، دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة خير بقاع الأرض وأقدسها وهو خافض رأسه تواضعًا لله الذي أكرمه بالفتح، حتى إنّ ذقنه ليكاد يمس واسطة الرحل، وهو يقول: {الملك لله الواحد القهار}، دخل وهو يقرأ سورة الفتح، دخل وهو يستشعر المعية الإلهية يوم الفتح فخضع لله تواضعاً، كما استشعرها يوم غار ثور فامتلأ قلبه بالسكينة والطمأنينة، واستشعرها في غزواته التي لاذ المسلمون به فيها عندما حمي وطيسها من شدة بأسه وشجاعته صلى الله عليه وسلم. يا مجاهدي الأمة، يا مجاهدي الشام، إن المعركة طويلة أيامها دول لكم وعليكم، وصولاتها وجولاتها اختبار بالحسنة والسيئة، والعاقبة للمتقين المقرين بالواقع وأحداثه، الثابتين وإن تغير الواقع وأشخاصه، المعترفين بالفضل الشاكرين لأهله، والله أهل الفضل ومن عنده النصر. فلا تفرحوا فرح المختالين، ولا تحزنوا حزن القانطين، ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة إلقاء القاعدين المتواكلين، وكونوا على قضاء الله -إن كان لكم أو عليكم- من الصابرين. {مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا ۚ إِنَّ ذَٰلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (22) لِّكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَىٰ مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ ۗ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ (23)} [الحديد : 22-23] قال ابن كثير -رحمه الله-: لا تفخروا على الناس بما أنعم الله به عليكم ، فإن ذلك ليس بسعيكم ولا كدكم، وإنما هو عن قدر الله ورزقه لكم، فلا تتخذوا نعم الله أشرا وبطرا، تفخرون بها على الناس; ولهذا قال: { والله لا يحب كل مختال فخور} أي: مختال في نفسه متكبر فخور، أي: على غيره . وروى عكرمة عن ابن عباس: ليس من أحد إلا وهو يحزن ويفرح ، ولكن المؤمن يجعل مصيبته صبرا ، وغنيمته شكرا . زاد القرطبي: والحزن والفرح المنهي عنهما هما اللذان يتعدى فيهما إلى ما لا يجوز . وقال الفضيل بن عياض في هذا المعنى: الدنيا مبيد ومفيد، فما أباد فلا رجعة له، وما أفاد آذن بالرحيل. نسأل الله أن يقر أعيننا بالنصر والتمكين. {إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ} [هود:88] تابعونا على قناة بروج لنشر الوعي بالسياسة الشرعية. t.me/borwj

⭕️ قال ابن تيمية رحمه الله : " ليس العاقل الذي يعلم الخير من الشر وإنما العاقل الذي يعلم خير الخيرين وشر الشرين ". أكثر الناس اليوم لا يفكرون فيما وراء الأخبار من أسباب ونتائج، ومن خير وشر، بل يكتفون بالاستهلاك اليومي منها والانفعال به، حزناً وفرحاً، والغاية أهلها قلة، والله المستعان.

⏪إن الله تكفل بالشام وأهله، وإن مستقبل الثورة السورية إلى خير بإذن الله، يعز فيه الله أهل الجهاد والصدق ويذل فيه أعداءهم، ويستبدل من يشاء، ولا يظلم ربك أحداً، نعوذ بالله من الاستبدال.

⏪إن الخروج من دائرة التصنيف الشرعي والشعبي بالظلم والتفرد والغش وعدم الوفاء بالعهود، لهو أولى من الخروج من دائرة التصنيف الدولي بالارهاب ، ففي الأولى مصلحة إسلامية فيها اجتماع الكلمة وحرية في اتخاذ القرار كحال "طالبان" التي خرجت من التصنيف بانتصار حققه المسلمون الأفغان بفضل الله، وليس طالبان كمجموعة أشخاص متضامنين أو تنظيم، وفي الثانية أي الخروج من التصنيف الدولي قبل الانتصار خطر الاحتواء والالتزام العاجل والآجل بما يقرره النظام الدولي، ولن يقرر ما يصلح شأن الإسلام والمسلمين.

⏪وعلى المجاهدين الصادقين أن يعلموا أن العقوبات الإلهية والفتنة لا تصيب الظالمين خاصة، {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَّا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنكُمْ خَاصَّةً ۖ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} [الأنفال : 25]، وهذه الهزيمة أكبر وأوضح دليل، فالرُّكون في الأيام الماضيات، والسعي في ركاب الظالمين والسكوت عنهم، أدى إلى تراجع الثورة وارتهانها، بعد أن كان ظننا وأملنا أنها تحررت اعتصاماً ووعياً، فتبين العكس، وكأن الله وَكَلَ الظالمين إلى أنفسهم وحرمهم التوفيق ليروا عاقبة ما كان منهم فيما مضى، فاتقوا الله وكونوا مع الصادقين.

⏪وعلى المجاهدين الصادقين أن يعلموا أن السياسة الشرعية مقدمة، فما وافق الشرع ومصلحة المسلمين فيجب العمل به، ولو خالف العدو والصديق، ولو خالف أفهام الناس، فالواجب التوعية به والدعوة إليه بصدقٍ وحكمةٍ وموعظةٍ حسنةٍ، وذلك بإشراك أكبر عدد ممكن من وجوه الناس في الشورى العامة، وذلك يحقق الاجتماع ويُكسب الثقة، على عكس الإقصاء والانتقاء.

⏪كان من الأفضل للثورة السورية ولتركيا ألا يدخل الجنود الأتراك كدروع لمنع العدو من التقدم وألا تقصف المدفعية والطائرات المسيرة التركية العدو في إدلب، فباكستان رغم أن الولايات المتحدة فرضت عليها أن تكون حليفتها في أفغانستان إلا أنها استطاعت دعم طالبان بدهاء، ولم تضطرها طالبان إلى الدفاع عنها علناً، بل استفادوا من المتاح من الأراضي الأفغانية والباكستانية للتدريب والتحرك لتحقيق الانتصار الذي نضجت ثمرته اليوم 29 فبراير 2020م. ( اقرا على مدونات الجزيرة مدونة الدكتور أحمد موفق زيدان: كيف لعبت باكستان دوراً خفياً ومؤثراً في معركة طالبان؟!).

⏪ على المجاهدين الصادقين أن يعلموا أن العلاقة مع تركيا لا بد ولا مهرب منها، فهي الدولة الوحيدة التي تجتمع مصلحتها مع مصلحة الثورة، وهي الدولة الجارة التي لا يجاورنا غيرها إلا العدو، والعلاقة يجب أن تكون علنية واضحة، فالروابط كثيرة وأهمها الشعبين المسلمين اللذين تتحرك فيهما العاطفة الإسلامية وتمتزج الدماء، فالعلاقة السِّرية والتنسيق مع المزايدات المعلنة والتصريحات المخالفة للواقع غش لا يرضاه الله ويعاقب فاعله بالفضيحة والخذلان، والعياذ بالله.

⏪مستقبل سوريا التي تفصِّله الدول بتفاهماتها المصلحية لا يناسب المجاهدين الذين خرجوا في سبيل الله ولتحكيم شرع الله، فما يجب عليهم لتغيير هذا المسار وتحرير الثورة من هذا النير؟.

⏪كل ما سبق لا يمنع من الإقرار بفضل الأتراك فأحد أهدافهم المعلنة حماية المسلمين السنة في سوريا كعمق منسجم، ولو كانت المصلحة القومية تطغى، لكنهم خير من الأعراب الذي حالفوا الشيطان للقضاء على الجهاد، والقادة الأتراك في تصريحاتهم يصْدُقُون أنفسهم وشعبهم، وبالنظر إلى الواقع داخل إدلب يمكن رؤية نتيجة المزايدات، والاقصاء والتفرد وحصر القرار والمقدرات، ثم العجز عن القيام بحق معركة الدفاع والتحرير، وإن المنبت لا أرضاً قطع ولا ظهراً أبقى.